الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الائتلاف السوريّ والأمن القوميّ لدول الجوار

صلاح الدين مسلم

2016 / 6 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


لقد بات الحديث عن الأمن التركيّ الحديث الرئيس للائتلاف السوريّ، وتحوّل نضال المعارضة من النضال ضدّ الأسد إلى النضال من أجل الحفاظ على أمن الدولة التركيّة، ومحاربة الشعب الكرديّ، فها هو رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية؛ أنس العبدة يقول: إنّ "بروتوكول أضنة المبرم بين تركيا وسوريا عام 1998 يهيّئ الأرضية اللازمة لأنقرة، لإقامة منطقة آمنة في شمال سوريا.
لقد تحوّل كلّ الخطابات ضدّ الأسد إلى خطابات موجّهة ضد الكرد وضدّ قوّات سوريا الديمقراطيّة، وتغيّر مسار الحرب بأكمله، فلم تعد تلك المصطلحات السابقة موجودة، بات الحديث برمّته عن الأمن التركيّ والمنطقة الآمنة، ومنبج والرقّة، ولغباء وشوفينيّة وعنصريّة هذا الخطاب حوّلوا القضية كلّها إلى منبج، المركز الرئيس للمنطقة الفاصلة ما بين كوباني وعفرين، فتحرير منبج يعني انتهاء الحرب المسلّحة الإرهابيّة التي تقوم بها تلك الفصائل غير الإنسانيّة ضدّ الكرد، وضدّ الشعوب الديمقراطيّة المسالمة.
لقد تشتّت رؤى المعارضة السوريّة، فها هو المعارض السوريّ عصام زيتون يحضر مؤتمراً باسم هرتسيليا السادس عشر للأمن القومى في تل أبيب، فالمعارضة السوريّة قد تقاسمت الحفاظ على الأمن القوميّ للدول المجاورة في إسرائيل وتركيا.
إنّها العقليّة والذهنيّة الاستسلاميّة لا محالة، فهؤلاء مَن يدّعون أنّهم سوريّون، ويبحثون عن وحدة الأراضي السوريّة، لا يستطيعون أن يلمّحوا إلى أراضيهم المغتصبة سواء في الجولان السوريّ المحتلّ من قبل إسرائيل، أو لواء إسكندرون المحتلّ من قبل الدولة التركيّة، بل يؤكّدون على ذاك الاحتلال، من خلال الدفاع عن أمن الدولة التركيّة، إلى درجة نسوا أمنهم وحياة شعبهم، وباتوا في إسرائيل يستجدونها من خلال زيارة زيتون إلى إسرائيل تلك البقعة التي كانت محرّمة على أيّ مواطن سوريّ، والتي لم يستطع أن يحلم بالذهاب إليها.
لكن المشكلة لا تكمن هنا، فالمشكلة الكبرى تكمن في أنّ هذا الائتلاف وهذا المعارض الذي يعيش في أروع حال وهو بعيد عن أهله بين المال السياسيّ، يبرز الاتفاقيّات التي تنازل فيها بشار الأسد عن لواء إسكندرون السرّيّة التي لم يكشف محتواها لأحد ما، لكن أردوغان جعل العبدة يضطّلع على البند الذي يلائم عدوانيّة أردوغان، بل سُرّبت الاتّفاقيّة، بعد أن كانت تلك الاتّفاقيّة في طيّ النسيان، فهناك من يستطيع أن يروّج لما يريده السلطان.
لقد استفحلت عادة طأطأة الهام عند هؤلاء، فالعبدة عندما يطالب بتنفيذ اتّفاقيّة أضنة يُرسّخ شرعيّة الأسد، الذي من المفترض أنّه يحاربه، وعوضاً أنّ يحارب اتّفاقيّة لوزان التي فقدت فيها سوريا معظم أراضيها دون اتّفاق مع السوريّين، بل باتّفاق بين الدولة التركيّة وبين فرنسا وإنكلترا، فكيف لا يطالب هذا السوريّ بحدود سوريا التي تصل حتّى جبال طوروس؟ ولا يطالب بالأراضي المغتصبة في لواء إسكندرون أو الجولان، لا بل يختار إسطنبول مرتعاً له، والآن يذهبون إلى تل أبيب.
إنّ إثارة عقد الإذعان السوريّ لتركيا قبل أربعة عشر عاماً الذي وقّعه النظام السوريّ الذي من المفترض أنّ العبدة أحد الثائرين عليه، يريد أن يطبّق هذا القانون الذي كان من نتاج النظام السوريّ الموجود والذي لم يُزل بعد، فلماذا يطالبُ به؟ لطالما أنّ الموقّعَين على هذه المعاهدة التي تصبّ في معاداة الكرد لا يزالان على رأس السلطة، وبإمكان كليهما أنّ يطبّقا هذا القانون بعيداً عن العبدة، ما هذا التناقض الرهيب؟ فمازال العبدة وأتباعه يصرّون على القوانين التي تصبّ في مصلحة الدولة التركيّة، وكأنّهم نسوا قضيّة المواطن السوريّ وقضايا المعذّبين المضطهدين.
من ضمن القوانين التي لم يعترف بها الائتلاف هو قانون إعادة الجنسيّة للأكراد غير المجنّسين، من خلال إصراره على اعتبار السكّان الأصليين في سوريا السكّانَ المجنّسين قبل عام 2016، إذْ لا يحقّ لأيّ شخص حصل على الهويّة السوريّة المقدّسة بعد عام 2011 من الانتخاب أو الترشّح، فمرّة يقبلون معاهدة أضنة التي لا تصبّ في مصلحة الشعب الكرديّ، ومرّة لا يقبلون بقانون لأنّه يصبّ في مصلحة الشعب السوريّ، فلماذا لا يغيّرون تسمية تنظيمهم هذا ويستبدلونه ب (ائتلاف القوى المناهضة للوجود الكرديّ في سوريا)؟
الطامّة الكرديّة في كلّ هذه المعادلة الظالمة هو الوجود الكرديّ الشكليّ لبعض من الأشخاص المحسوبين على القوى الكرديّة الموجودة في روج آفا، فهؤلاء إمّا أنّهم لا يعرفون ما يحيط بهم؛ وهو أمر مستبعد، فقد بات أيّ غبيّ يدرك هذه المعادلة، أو أنّ المال والحقد قد أعماهم، وحطّمَ مسؤولياتهم في هذه المرحلة التاريخيّة.
لقد تنصّل بشار الأسد عن اتّفاقيّة أضنة بعد أن تغيّرت دفّة المعادلة بعد عام 2011 واختار السلطان العثمانيّ دعمَ الإسلام السياسيّ، وكأنّ النظام السوريّ سيقع بعد أيّام وأشهر، وبذلك خسر أردوغان النظامَ السوريّ، بعد أن تورّطَ كلاهما في سياسة المحاور التي افتعلتها أميركا، وبات الندم عنوان السلطان العثمانيّ بعد أن وصل الكرد بين كلّ مناطق روج آفا، فبات يريد العودة إلى تلك الاتّفاقيّات التي عقدت مع النظام السوريّ، ويستطيع أن يتنازل أكثر فأكثر...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا تعلن أسقاط 4 صواريخ -أتاكمس- فوق أراضي القرم


.. تجاذبات سياسية في إسرائيل حول الموقف من صفقة التهدئة واجتياح




.. مصادر دبلوماسية تكشف التوصيات الختامية لقمة دول منظمة التعاو


.. قائد سابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية: النصر في إعادة ا




.. مصطفى البرغوثي: أمريكا تعلم أن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدف حر