الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل هو انفصال بريطانيا أم تشييد لقبر الرأسمالية؟

فؤاد وجاني

2016 / 6 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


في عام 1946 ألقى تشرشل خطابا مشهورا في جامعة زيوريخ داعيا فيه إلى إنشاء " الولايات المتحدة الأوروبية " ، وحث فيه الأوروبيين أن يديروا ظهورهم لأهوال الماضي والتطلع إلى المستقبل، وأن تُبنى الأسرة الأوربية على الرحمة والحرية كي يستعيد مئات الملايين من الكادحين الأفراح ويحققوا "الآمال البسيطة التي تجعل الحياة تستحق أن تُعاش".
لقد علمتنا الكوارث أن الفئران أول من يغادر السفن لاستشعارها خطر الغرق قبل أوانه. وهذا ما فعله البريطانيون المتبصرون، فعرضوا مسألة الانفصال للاستفتاء أمام الشعب، كي يبدو الأمر ديموقراطيا جدا، رغم أن النتيجة معلومة محسومة ولو بفارق ضئيل.
إنها بداية الشتات، فغدا تتبعها العملاقة ألمانيا، لأنها هي وحدة غير متراصة البنيان، أقيمت على الفائدة المادية، متناسية الفرق الكبير في الثقافات والتقاليد والطبائع والأعراق والأمزجة. كيف يجتمع مثلا الإيطاليون الأقرب في الهوى إلى شمال أفريقيا مع الفرنسيين، كيف تتوحد الإنسانية الكامنة في القلوب مع الوحشية والاستغلال والضغينة. غدا قد يعود الإسبان إلى العمالة في المغرب، وتستجدي فرنسا مستعمراتها لأجل البقاء في حضنها كي تستمر هي في الوجود.
الوحدة تقوم على ركيزة التكامل الاقتصادي والتضحية التي يغذيها القاسم الوجداني المشترك، أما منطق السوق فإلى زوال.

نهاية السوق المشتركة، تعني بداية نهاية الرأسمالية، وما حدث اليوم بلندن له وقع في نيويورك والدار البيضاء وسيصل مداه إلى سيول. ونهاية الرأسمالية تعني نهاية الأحلاف العسكرية، ومع سقوط المعسكر الغربي ستسقط رؤوس كثيرة، سيبحث عنها الشعب للقصاص ويلقي عليها اللائمة، رؤوس أفسدت العالم و]دفعته إلى الحروب ستُجر إلى المقصلة. إن ما حدث في المعسكر الأحمر سيتكرر في الغرب. فالتاريخ ساعة كبرى ، عقاربها لا تقف عند قوة واحدة بل لكل منها أجل.
نهاية السوق تعني أيضا بداية الأزمة في الجنوب، وعدم قدرة الغرب على مساندة الأنظمة الاستبدادية والشمولية الملكية والعسكرية منها.
إننا نعيش بداية فصل آخر من فصول التاريخ، كما عاش بَعضُنَا سقوط الاتحاد السوفياتي وملحقاته من الدول، ولعله قيام نظام اقتصادي وسياسي عملاق بديل.
ولَكَمْ هو مؤسف ألا يعيش وينستون تشرتشل لحظتين تاريخيين، حين اجتمعت أوروبا تحت راية واحدة وعملة واحدة، واليوم لمّا خرجت بريطانيا سيدة السياسة من الاتحاد الأوروبي.
لقد قال الداهية وينستون تشرتشل الذي تعلم وارتقى في مناصب السياسة بأموال تجار يهود بريطانيا ذات يوم في منتصف القرن الماضي: "الاشتراكية هي فلسفة الفشل، عقيدة الجهل، إنجيل الحقد، والفضيلة المتأصلة فيها هي المساواة في توزيع البؤس". فهل ستُنزَّل مقولته هذه على الرأسمالية قريبا ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيطاليا: تعاون استراتيجي إقليمي مع تونس وليبيا والجزائر في م


.. رئاسيات موريتانيا: لماذا رشّح حزب تواصل رئيسه؟




.. تونس: وقفة تضامن مع الصحفيين شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب


.. تونس: علامَ يحتجَ المحامون؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو