الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الواقع السياسي بين الإرتداد والطموح !!

صبحي مبارك مال الله

2016 / 6 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


الواقع السياسي بين الإرتداد والطموح !!
بعد التداعيات التي خلفّتها الهجمة الشرسة لداعش في عامي 2014 ، 2015م على المدن والقرى والقصبات وإحتلال محافظات بإكملها وفي مقدمتها الموصل والرمادي وصلاح الدين ومن ثم التمدد إلى كركوك وديالى ، وتأثيرها على أبناء الشعب في تلك المدن المحتلة وما سببه السلوك الهمجي والسادي لتلك العصابات من وضع إجتماعي ونفسي معقد فضلاً عن آلاف الضحايا وموجات النزوح الكبيرة إلى مناطق آمنة . أصبح من المؤكد إن هذه التداعيات سوف تستمر إلى مابعد تحرير هذه المدن من قبضة داعش،وإن المعاناة لايمكن تجاوزها بسهولة .الإنتصارات التي حققتها القوات المسلحة بكافة فصائلها ، ومنها تحرير الفلوجة التي تستحق الثناء والتقدير من قبل الشعب ، وبذلك أصبح النصر النهائي وتحرير الموصل في متناول يد الجيش العراقي وقواته المسلحة.
السؤال المطروح هل الواقع السياسي الحالي الذي يمر به العراق ، بمستوى الجهد العسكرى الذي يتطلب جبهة داخلية قوية من خلال القوى السياسية ؟ وهل يعتبر تحرير المدن من قبضة داعش والإنتصار النهائي نهاية المطاف ؟ والجواب كما مانراه غير ذلك ولا يمكن أن يكون بمستوى المسؤولية ولا يعبر عن داينميكية الطموح بل المؤشرات تشير إلى إرتداد واضح عن أهداف العملية السياسية التي أصبحت بحكم المجمدة ، فالكتل السياسية الحاكمة اصبحت بعيدة عن مايصبوا أليه الشعب وعدم تفاعلها مع واقعه المرير ، او تقف معه في مطالبيه وإحتجاجاته بسبب إنشغالها بالخلافات والصراعات فيما بينها ، وبذلت الجهود لأجل التستر أو تغطية ما حصل من فساد إنتشر بشكل أخطبوطي مخيف أدى إلى فقدان آلاف الملايين والمليارات من العملة الصعبة ولم يتوقف الفساد عند ضياع الأموال بل أمتد إلى الفساد الإداري والفساد السياسي ، وأصبح النفوذ والمناصب والأموال قوة ضخمة ذات تأثير كبير بيد السياسيين الفاسدين حيث إستندوا إلى طبيعة النظام السياسي الذي أخترعه آولئك السياسيين وهو نظام المحاصصة الطائفية والإثنية والقومية مستفيدين من أسلوب لبنان الطائفي، بالضد من الدستور الدائم وبالضد من مفهوم المواطنة الحقيقية .
إن ماجرى هوعبارة عن مسلسل درامي أختلط فيه التآمر الخارجي من دول جوار وإقليمية وتآمر داخلي من خلال قوى لازالت تحن إلى النظام الدكتاتوري السابق ، والتي أصبحت معروفة بعد سقوط الموصل حيث أصبحت قضية أمنية خطيرة وجرى التحقيق فيها وتشخيص المسؤولين عنها فتحول التحقيق إلى القضاء ولكن لم يتخذ أي إجراء لمحاكمة المسؤولين عن سقوط الموصل والرمادي .
وما حصل في مجلس النواب من إنقسام و عرقلة لتشريع القوانين بسبب الخلافات التي ظهرت بعد إحتدام التظاهرات الجماهيرية والشعبية ، حيث ظهرت حالات فريدة ومنها إعتصام قسم النواب ومحاولة تغيير الرئاسات الثلاث بضربة واحدة وفي مقدمتها رئاسة مجلس النواب وكان هذا التحرك نتيجة الضغط الجماهيري الذي أتخذ أسلوب الإقتحام للمنطقة الخضراء ودخول البرلمان والعبث فيه حيث أساء ذلك إلى سلمية التظاهر ، مما سمح للحكومة أن تتخذ إجراءات ضد المواطنين المتظاهرين وإستخدام العنف المفرط وبالنتيجة وتحت غطاء الحرب ضد داعش ، تراجعت الحكومة عن الإصلاحات المزمع العمل بها ، وأستدعت الوزراء المقالين من جديد لمباشرة عملهم من جديد ، وإلغاء فكرة كابينة جديدة للوزارة وبقي كل شيئ على ما هو عليه بسبب ضغط الكتل السياسية التي ترى في الإصلاحات ضربة لمصالحها ، وجرى الإتفاق على وثيقة جديدة تثبت من جديد نظام المحاصصة الطائفية وحكم الكتل السياسية .
الواقع السياسي لايتغير ولا يتبدل إلا بإجراء الإصلاحات والشعب لايريد فقط الإصلاحات بل يريد أيضاً التغيير فبين الإصلاح والتغيير مسافة ، فالإصلاحات لاتمس إلا السطح ولكن التغيير يشمل العمق والبناء البنيوي أي القاعدة التحتية وليس تغيير الوزراء يعتبر الحل إنما في كامل البناء .
فالأزمة السياسية العامة في العراق ، معقدة ومركبة والبقاء على أسلوب ثبت فشله سوف يزيد تعقيدات الأوضاع السياسية والإقتصادية والإجتماعية والخدمات وإن النظام الطائفي المحاصصي لايمكنه تحقيق شيئ . ولغرض معالجة وتحريك الواقع السياسي إلى الأمام لابدّ من مكاشفة الشعب والعمل على إصلاح العملية السياسية ، التمسك بالمنهج الديمقراطي وتعميق الدور الرقابي والتشريعي للبرلمان ، ولابئس من بناء معارضة صحيحة في مجلس النواب ، والعمل على بناء أحزاب عابرة للطائفية والمحاصصة وهذا يتطلب تشريع قانون للأحزاب ، وتشريع قانون إنتخابات جديد يتضمن إتباع أسلوب أعتبار العراق دائرة إنتخابية واحدة وقوائم مفتوحة لكي ينعكس الرأي العام العراقي الحقيقي في نتائج الإنتخابات ، كما أن تشكيل مفوضية مستقلة بعيدة عن التكتلات السياسية والأحزاب وتدخلاتها يعتبر ضمان لسير الإنتخابات . التمسك بالدستور وتعديل المواد التي تشير إلى الطائفية والتمييز من أهم تعديلاته ، كما إن ضمان حرية التعبير في التظاهر ومنع إستخدام العنف ضدها من أولويات الديمقراطية ، أن التمسك بالحقوق الدستورية وبناء مؤسسات الدولة على أسس صحيحة وتأليف وزارة ذات كفاءات مع تغيير شامل لبناء كل وزارة مع ضمان عدم تبعية الوزارة لأي حزب وإنما للشعب يعتبر أساس لإنطلاق بناء الدولة المدنية الديمقراطية التي تكون ملك لكل الشعب العراقي .
أن الخلافات في الرؤى والتطبيق والبعد الستراتيجي لمعالجة الأزمات نتج عنه الكثير من الخلافات والتشضي والتفكك في الكتل السياسية الحاكمة وهي(التحالف الوطني ، إتحاد القوى ، الوطنية ، التحالف الكوردستاني ..الخ )حيث أصبحت في موقف ضعيف ولم تُعد تملك قواعد جماهيرية واسعة كما كانت في السنين الماضية . إن الذي يحقق الديمقراطية الحقيقية هو من يؤمن بها بعيداً عن الموقف الطائفي السياسي ولايلجأ إلى تشكيل مليشيات مسلحة لغرض حمايته حيث تكون سبب مباشر لإشعال حروب أهلية ، إن الإيمان ببناء دولة عصرية ، دولة للقيم والتقدم المعرفي في جميع المجالات يجب أن يجعل الهوية الوطنية والمواطنة فوق كل شيئ وبعيداً عن الأنانية والكسب المرحلي والحزبية الضيقة .
الشعب العراقي يريد الإستقرار والتمتع بالسلام والرفاهية ويستفيد من ثرواته التي نُهبت منذ إكتشاف النفط في العراق ، وينبذ الحروب ويؤسس دولة فدرالية إتحادية صحيحة مثل بقية الشعوب التي تتميز بالتنوع القومي والديني والعرقي .
والآن تواجه السلطات الثلاث مهمة المعالجات السريعة والتحرك نحو إستعادة مجلس النواب مكانته ، ووضع الخطط لمعالجة أوضاع النازحين وخطط مابعد داعش وتحرير المدن .وهناك فارق بين الإرتداد عن منهج التقدم وما يوفر للشعب الحرية والعدالة الإجتماعية ، والعودة إلى نظام الشمولية ومصادرة الحريات ونهب الثروات وبين التمسك بالطموح الذي محوره البناء والوحدة الوطنية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصحافي رامي أبو جاموس من رفح يرصد لنا آخر التطورات الميداني


.. -لا يمكنه المشي ولا أن يجمع جملتين معاً-.. شاهد كيف سخر ترام




.. حزب الله يعلن استهداف موقع الراهب الإسرائيلي بقذائف مدفعية


.. غانتس يهدد بالاستقالة من الحكومة إن لم يقدم نتنياهو خطة واضح




.. فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران تعلن استهداف -هدفاً حيوياً-