الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النزاهة مشروع الحاضر و المستقبل

شلال الشمري

2016 / 6 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


النزاهةُ عالمٌ من " اليوتوبيا " شأنها شأن المرحلة الشيوعيَّـة لكارل ماركس وجمهوريَّة أفلاطون ومدينة الفارابي الفاضلة ودولة الإمام المهدي المنتظر والسيد المسيح عليهما السلام. وهي - على مدى التاريخِ من حيث التطبيق العملي - حالةٌ نادرةٌ لا نلمسُ لها إلا نماذجَ محدودةً على مستوى السلطةِ وبعضِ الأفرادِ, وحتى هذه الشذرات التاريخية غيرُ مُتَّـفقٌ بشكلٍ مطلقٍ على نزاهتِها .
أما من حيث التنظير، فقد نزلت الصحفُ الإلهيَّةُ للأديانِ منذُ آلافِ السنين بمضمونِ الأخلاقِ و النزاهةِ وأدبج الفلاسفةُ والمتكلمون والمُتصوِّفةُ والأدباءُ والشعراءُ والدعاةُ صحائفَ تنوءُ بحملِها الجبالُ تدعو للخيرِ والفضيلةِ والنزاهةِ، وصدحت مساجدُنا ومدارسُنا ودواوينُنا ومجالسُنا وإعلامُنا وأمَّهاتُنا وإباؤنا على مدارِ الساعةِ بالدعوةِ للنزاهةِ, وادِّعاءِ النزاهةِ !!. كلُّ هذا والفسادُ يرتعُ ويسرحُ ويمرحُ في مفاصلِ الدولةِ والمجتمعِ، سواءٌ في العراقِ أو الدولِ الأخرى.
وقد تساوى رجالُ السياسةِ (عندما اجتمع بقبضتِهم المالُ والسلطةُ) في خرابِ الذمَّةِ على اختلافِ مشاربِـهم، فلم نجدْ فيهم من له مناعةٌ ذاتيَّةٌ ضدَّ الفسادِ أو ينفعُ معه انتبايتك نزاهة. وكان لغيابِ تفعيلِ القانونِ وعقوباتِهِ التي لا ترتقي لمستوى الجريمةِ, وشيوعِ مبدأ المحاصصةِ والتحزُّبِ والتكتلاتِ الطائفيَّةِ, و الثقافةِ القرويَّةِ, وأريفة الحواضر, وغياب السلطة المركزيَّة, وضعف الأجهزةِ الأمنيَّة, وهشاشة الوضعِ الأمنيِّ, وانعدام الطبقةِ الوسطى , وغياب الرؤيا الإستراتيجيَّةِ و مشروع بناءِ الدولةِ, واستحواذ مزدوجي الجنسيَّةِ على السلطةِ, و تدخُّل الأجنداتِ الخارجيَّةِ بمقدَّراتِ البلدِ, أثراً كبيراً في تعاظمِ الفسادِ .
وأخيرا فإنَّ بقاءَ الفسادِ مرهونٌ ببقاءِ المجتمعِ في مستنقعِ التخلُّف الذي يشكلُ بيئةً حاضنةً له، فمتى ما خرجنا منه صلحت الأمورُ فـــ( الشعبُ الذي ينتخبُ الفاسدين و الانتهازيِّـين والمحتالين والنهَّابين والخونة لا يُعَدُّ ضحيةً بل شريكاً في الجريمةِ / جورج أورويل ) . وما زلنا نعاني غلبةَ الصنفِ الثالثِ من الناسِ الذي وصفه الإمامُ أميرُ المؤمنين (علي بن أبي طالب) عليه السلام بقولِه: ( همج رعاع أتباع كلِّ ناعق يميلون مع كلِّ ريح لم يستضيؤوا بنورِ العلمِ ولم يلجأوا إلى ركنٍ وثيقٍ) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات دفاعية في أوكرانيا تحسبا لهجوم روسي واسع النطاق


.. مدير وكالة المخابرات الأميركية في القاهرة لتحريك ملف محادثات




.. أمريكا.. مظاهرة خارج جامعة The New School في نيويورك لدعم ال


.. إطلاق نار خلال تمشيط قوات الاحتلال محيط المنزل المحاصر في طو




.. الصحفيون في قطاع غزة.. شهود على الحرب وضحايا لها