الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اضطهاد المسيحيين في العالم الاسلامي

وليد يوسف عطو

2016 / 6 / 27
حقوق الانسان



يثير تعبير (اضطهاد المسيحيين ) تداعيات بالغة القسوة تتمثل بالترحيل والتهجير القسري , والتعذيب والابتزاز والقتل, والاعتداء الجنسي والاغتصاب.انها ظواهريتعرض لها المسيحيون بصورة متزايدة في العالم الاسلامي .

يبلغ عدد المسيحيين الذين يتعرضون للاضطهاد والملاحقة حاليا بحدود (100 ) مليون فرد. وهم يشكلون 80%من ضحايا الاضطهادالديني على النطاق العالمي .تتصدر قائمة الاضطهاد ضد المسييحية النظام الشمولي في كوريا الشمالية والصومال , سوريا , العراق ,افغانستان ,المملكة العربية السعودية, جزر المالديف,باكستان, ايران واليمن.

بين الدول الخمسين الاوائل ترد تقريبا جميع البلدان ذات الاغلبية الاسلامية بما فيها الدول التي تعتبر اكثر ليبرالية مثل تونس والمغرب . اما تركيا فهي الان(فقط )تحت المراقبة مع العلم انه ليس واضحا لماذا حصلت على هذا الامتياز ؟

يحدث اضطهاد المسيحيين من قبل الدولة او بمعرفتها , عندما يستند فهم الدولة لذاتها الى عقيدة تضع المسيحية في دائرة الشرك والكفر, او وضع المسيحية في المرتبة الثانية او حتى العاشرة بالنسبة لحقوق المواطنة وحقوق الانسان وفق المعايير الدولية.وهكذا يزداد اضطهاد المسيحيين مع ازدياد التزمت الديني لدى الدولة.وما قانون ازدراء الاديان الا نموذج على اضطهاد المسيحيين بعنوان يبدو ظاهريا محايدا لكنه ينفث السموم القاتلة ضد المسيحيين باطنيا.

يقول بطريارك الكنيسة الكلدانية في العراق , وفي العالم , مار لويس ساكو :
( لقد كنا هتا قبل مجيء الاسلام الى بلادنا. فنحن لسنا غرباء, انه بلدنا ).وهو يشير الى ان المسيحيين ليسوا اقلية , او غرباء ,او جالية,يجب تقبلهم ودمجهم في المجتمع . وانما هم مواطنون اصلاء , لهم حقوق اصيلة واصلية يمتد عمرها الى الاف السنين .

في واقع الامر هنالك فجوة بين المسلمين والمسيحيين سببها اعتبار ان ماجاء من ايات وتشريعات في القران يعد صالحا لكل زمان ومكان .ان ماكان صالحا من تقاليد وثقافة وتشريعات في مجتمع شبه الجزيرة العربية في القر ن السابع الميلادي لم يعد صالحا في زمننا الحاضر.

ان الدعوة الى علمنة الدولة تجابه دائما بالرفض من المؤسسات الدينية الاسلامية. ان المسيحيين في المجتمعات ذات الاغلبية الاسلامية يشكلون النخبة المثقفة والمتعلمة . ونجدهم اصحاب نفوذ اقتصادي ومستشارين لدى السلطات الحالكمة .لقد جلب المسيحيون اولى المطابع ذات الحروف العربية .

لم تتوقف حملات ابادة المسيحيين وتهجيرهم عند مذابح الارمن والسريان والاشوريين ,بل استمرت الى اليوم في سوريا والعراق , مرورا بخطف فتيات مسيحيات في نيجيريا واجبارهن على اعتناق الاسلام . واعتقال مسيحية سودانية وتعرضها للاعدام , ترى الدولة انها يجب ان تكون مسلمة .

هنالك ايضا التمييز في القانون ضد المسيحيين والعنف السياسي وفرض القيود على ممارسة الشعائر الدينية, والتمييز الاجتماعي في المدرسة وفي المجتمع .وسائل الاعلام في العالم الاسلامي لاتكف عن الحديث عن نظريةالمؤامرة , وتنتقد الارساليات التبشيرية المسيحية, وارتباطها بالغرب وباسرائل وبالصهيونية والماسونيةالعالمية . هذا الكلام يحدث يوميا في مصر مثلا.

لايمكن للمسلمين وهم اقلية دينية على المستوى العالمي , تحويل مليارات البشر الى الاسلام عن طريق قوة الفرض . ان انتقاد الاسلام للمسيحية يمس العقيدة المسيحية في جوهرها . ان الايمان بفكرة تجسد الكلمة على هيئة جسد بشري وعقيدة صلب المسيح وقيامته من الموت من اجل فداء وخلاص البشرية وبالثالوث الاقدس هو جوهر العقيدة المسيحية لدى جميع المذاهب المسيحية.لايمكن لهذه العقائد الراسخة ان تحول المسيحي الى مسلم .فمن يعترف بمحمد نبيا وبالقران كلمة الله الخالصة ,لايمكن ان يبقى مسيحيا

ماهي العلامة المميزة للمسيحي عن غيره من اتباع الديانات الاخرى ؟ انه الفداءوالصلب والقيامة . الصليب رمز للفداء وللقيامة ولخلاص الانسان . عندما يتم انتزاع رموز المسيحية من اساسها لايعود هنالك مسيحيون ولا مسيحية . مثلما لايمكن للمسيحي الذي يمارس الطقوس الاسلامية, سنية , شيعية, طرق صوفية ,ان يبقى مسيحيا . المسيحية هوية ,مثلما الاسلام يمثل هوية ايضا. ومتى فقد المسيحي هويته لم يعد مسيحيا .

ان الشعور بتفوق الاسلام على اصحاب الديانات الاخريشكل الموقف الاساس الذي يوصي به المسلمون اتباعهم على دعوةالناس الى الدخول في الاسلام .يتصور المسلمون ان دينهم خاتمة الديانات وهو الدين الوحيد الصحيح , وغيرمعرض للتحريف . وان على جميع البشرية الدخول في الاسلام . وعلى المسيحيين ان يكونوا مسلمين .

المصدر:

كتاب (باسم الله : اضطهاد المسيحيين في العالم الاسلامي )- تاليف : العالمة الالمانية ريتا بروير- ترجمة محمود كبيبو - ط 1 – 2016-الناشر:شركة بيت الوراق للنشر والتوزيع المحدمدة – بغداد – العرق – شارع المتنبي.


مسك الختام :

مشكلة المسلمين تتمثل في تقديس النصوص وجعل احكام القران صالحة لكل زمان ومكان كتناسين ان الشريعة فهم بشري للوحي الالهي واداة خاضعة للتعديل والتغيير والالغاء بحسب مقتضى ظروف المجتمع . ومن هنا جاء الناسخ والمنسوخ في القران .

ان السلطات الحاكمة لازالت تتشبث بالمؤسسة الدينيةمن اجل الحفاظ على امتيازاتها ومصالحها .
تغيير المجتمع يبدا بتغيير مناهج المؤسسات الدينية ومناهج التربية والتعليم منذ الصغر.












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عفوا استاذ !
ملحد ( 2016 / 6 / 27 - 21:10 )
عفوا استاذ
اقتباس من المقال: ( وسائل الاعلام في العالم الاسلامي لاتكف عن الحديث عن نظريةالمؤامرة ....)
تعقيب: هنا انت تنتقد لجوء وسائل الاعلام في العالم الاسلامي الى نظرية المؤامرة

اقتباس من تعليقك على الفيسبوك: ( مطلب الغرب تهجير المسيحيين المشرقيين وابادتهم او ذوبانهم في مجتمعات الغرب وحتى يستولوا على ثروات ........) ?????!!!!!!

تعقيب: ها انت نفسك تلتجئ الى نظرية المؤامرة??!!

الغرب ليس له علاقة على الاطلاق بما يحدث للمسيحيين في البلاد الاسلامية
وانما السبب واضح جدا وقد ذكرته انت نفسك! في ثنايا مقالك اعلاه

وتقبل انتقادي وتحياتي


2 - لقد آن الاوان لوقف الارهاب
سليم عيسى ( 2016 / 6 / 27 - 21:47 )
تحية استاذ وليد, بالرغم من الاضطهادات التي تعرضت لها المسيحية على مدى التاريخ فانها لازالت باقية. لا اريد ان اتدخل في الشأن الاسلامي, ولكن ليتذكر اخوتنا المسلمين بانهم اول واكثر ضحايا الارهاب, وان الله لن يغضب عليهم ان هم وجدوا طريقا لاعادة تفسير او فهم النصوص الاسلامية. معى التقدير


3 - الاسلام كعقيده
على سالم ( 2016 / 6 / 28 - 02:30 )
الاستاذ وليد انت تتعرض لموضوع هام جدا وخطير , الا وهو ان الاسلام كديانه ارهابيه بربريه لها تاريخ دموى ووحشى منذ ان حضر الذى يسمى نفسه محمد رسول الله وارسى قواعد الغزو والسرقه والقتل والبلطجه والارهاب والاغتصاب , هذه القواعد الاجراميه لبست الثوب المقدس واصبح من العسير ان تتحدث عن وحشيه هذه الديانه البدويه دون ان تكون تحت تهديد السلفيين القتله وغيرهم من جميع الفصائل الاسلاميه المجرمه , اتحدث عن مصر وتحدث فيها كل يوم جرائم اسلاميه للاخوه الاقباط يندى لها الجبين من اضطهاد وخطف بنات واسلمتهم وحرق البيوت والكنائس واعتبار المسيحى مواطن من الدرجه الثالثه او الرابعه , الغريب ان هذا التيار الارهابى مدعوم تماما من القياده السياسيه بل وتباركه , لابد وحتما فضح القيادات السياسيه الاسلاميه فى كل ارجاء العالم لانها اصل البلاء الذى يعيش فيه الاخوه الاقباط


4 - الحل العملي
نضال الربضي ( 2016 / 6 / 28 - 10:27 )
يوما ً طيبا ً لك أخي وليد،

لن نُعيد اختراع العجلة، العلمانية و فصل الدين عن الدولة، و التساوي تحت مبدأ المواطنة، و إعلاء شأن البحث العلمي و زرع الفكر النقدي، و الالتزام بشريعة حقوق الإنسان كما أعلنتها الأمم المتحدة هي الحل الوحيد و لا شئ سواه (و لا أقول الحلول، نظرا ً لأن السابق يشكل وحدة واحدة لا تتجزَّأ).

محاولة إصلاح الدين جهد ٌ عقيم لن يأتي بأي ثمر. فليعتقد كل ٌّ بما شاء طالما أن النظام السياسي علماني و الدستور و القوانين علمانية و نمط الحياة علماني.

نشجع المعتدلين، و القرآت المعتدلة، و المذاهب الليبرالية في التفسير أكيد لا شك َّ في هذا، لكن مهمتنا ليست أن نعيد تفسير الدين لأهل الدين و لا أن ننشغل بنصوصهم، إنَّما أن نفتح العقول و نُنير الأبصار لكي نمضي بالعلمانية نحو الحياة.

مع الاحترام و المودة لكم يا صديقي!


5 - السيد ملحد المحترم
وليد يوسف عطو ( 2016 / 6 / 28 - 12:47 )
رغم انني لست من انصار نظرية المؤامرة لكن هنالك تواطؤ تقوم به سياسات الليبراليين الجدد والمحافظين الجدد والحركات المسيحية - الصهيونية لتدمير تراث الشرق المسيحي وتهجير المسيحيين لانه يشكل ذاكرةوتاريخ منطقة المشرق. هكذا فعل الامريكيون عندما داست سرفات دباباتهم على اثار بابل وتم نهب المتاحف والاثار والدار الوطنية للكتاب وارشيف الاذاعة والتلفزيون ومقالي القادم يتعرض الى هذه النقطة بالذات من قبل عالمة المانية .
ختاما اتمنى لشعوبنا كل الخير والتقدم..


6 - الاخ سليم عيسى المحترم
وليد يوسف عطو ( 2016 / 6 / 28 - 12:48 )
شكرا على مروركم وتعليقكم على مقالتي ..

نلتقيكم على خير دائما..


7 - الاستاذ علي سالم المحترم
وليد يوسف عطو ( 2016 / 6 / 28 - 12:54 )
شكرا لمرورك وتعليقك على مقالتي..

نلتقيك على افضل دائما..


8 - الاستاذ نضال الربضي المحترم
وليد يوسف عطو ( 2016 / 6 / 28 - 12:58 )
مساء الخير اخي وصديقي نضال ..

اتفق معكم بان العلمانية هي الحل ..

ليست العلمانية وحدها تمثل الحل , بل بالارتباط الشرطي مع قيم الديمقراطية وخصوصا القيم الليبرالية الفردية ومع صناعة الحداثة والتنوير..

اصلاح الدين لاياتي من خارج اطار الدين نفسه , بل من داخل المؤسسات الدينية نفسها ..

لكن مجتمعاتنا ليست مجتمعات الغرب الراسمالية ولانملك مفكرين تنويريين مثل الغرب ..قد يسبقنا التاريخ وتنقرض شعوبنا قبل الوصول الى العلمانية والحداثة ..
لكم كل التقدير والمحبة اخي الفاضل نضال الربضي!


9 - حول تعقيبي رقم 1
ملحد ( 2016 / 6 / 28 - 14:37 )
الاخ الكاتب المحترم
حول تعقيبي رقم 1

اِن انا اخطأت فانا اعتذر مسبقا لحضرتكم!
وفي الحالة الاخرى, فانتم مطالبون بتوضيح!

وتقبلوا كامل احترامي لشخصكم الكريم

تحياتي


10 - الاخ ملحد المحترم
وليد يوسف عطو ( 2016 / 6 / 28 - 15:34 )
وعدتك بانني ساكتب مقالا يتعرض لنظرية المؤامرة واليوم انجزت طباعته ..

اتمنى ان يعجبكم ..

لاداعي للاعتذار لان المجال مفتوح للجميع لتداول الافكار بحرية.


11 - المسيحيون السوريون لم يعرفوا الاضطهاد إلا الآن
ليندا كبرييل ( 2016 / 6 / 29 - 06:44 )
الأستاذ وليد يوسف عطو المحترم

تحية طيبة
ورد اسم سوريا بين البلاد التي يتعرض المسيحيون فيها للاضطهاد والتهجير، وأنه يتمّ من قبل الدولة أو بمعرفتها
أرجو التفضل بقبول رأيي وشكرا

أستاذ وليد
إن كان موضوع الاضطهاد يتعلق بالفترة الحالية التي تشهد فيها سوريا حربا همجية مرعبة تديرها الدولة الإسلامية إرهابا،فإني أوافقك على طرحك

أما إذا كنت تقصد فترة ما قبل الحرب،فإني أؤكد لك أنه لم نشعر في فترة حكم الرئيسين الأسد بأي اضطهاد أو تهجير أو غيره
وفي كل فترات حكمهما كان في الوزارات وجود مسيحي،وانطلقت الكنائس في نشاطات وفعاليات اجتماعية واسعة دون عرقلة
بعكس العهد الذي سبق الرئيس الأسد عندما كان تدريس اللغة الآرامية شبه ممنوع ومحصور في الكنيسة فحسب

المسيحيون يدينون للأسدين أنهما أطلقا الحريات الدينية للطوائف المسيحية
أو على الأقل هذا شعوري وشعور من حولي

وفي الظروف الراهنة التي يمر بها الوطن والإرهاب الذي يتعرض له الجميع،يشعر المسيحيون أنهم
في أمان إلى جانب منْ منحهم الأمان والاطمئنان

في هذه الحرب المخيفة أصبح الداعشي لا يفرّق بين مسيحي وعلوي وشيعي
مصيرهم الاضطهاد والتهجير والقتل

احترامي وتقديري


12 - الاستاذة ليندا كبرييل المحترمة
وليد يوسف عطو ( 2016 / 6 / 29 - 08:50 )
اسعدني حضوركم وتعليقكم على مقالتي..

الكتاب الذي استندت اليه مطبوع حديثا في هذا العام ..

اتفق مع تحليلك تماما ..

الخطا الذي ارتكبه النظام السوري بحق المسيحيين هو تشجيعه لبناء المساجد والمؤسسات الاسلامية السلفية والترويج للكتب السلفية وهي كانت الحاضنة للارهاب الحالي . كان هدف النظام اقناع اهل السنة بالولاء للحكومة السورية لكن غسيل الدماغ ادى الى ظهور تيار سلفي متشدد . هذا الامر فيما يخص وجهة نظري التحليلية ولا يخص بما يشعر به الاخرون ..

نلتقيكم على افاق معرفية جديدة..