الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ابنة ستالين : أبي كان معاديًا للسامية

سيلوس العراقي

2016 / 6 / 28
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


من نتائج الحرب العالمية الثانية في العالم الغربي سنّ تشريعات أصبحت تقليدًا في دول الغرب تعتبر فيها معاداة السامية أمرًا غير مقبول وتتم ملاحقة ومحاسبة من يقوم بأيّ طريقة كانت فعلا أو قولا معاديًا للسامية واليهود... الى أن أصبحت معاداة السامية تهمة تضع صاحبها نفسه في موقف حرج ومخجل يسبب له الكثير من الانتقادات والصعوبات ويضع نفسه تحت طائلة المحاسبة ..
ويمكن القول بأن الاحتفال سنويًا بذكرى الهولوكوست أو عمليات الابادة التي قامت بها النازية (الاشتراكية الوطنية والقومية !!) ضد يهود أوربا أصبحت تقليدًا مهمًا بل ضروريًا لعدم نسيان أخطر وأكبر جريمة عالمية اقترفها الغرب ضد اليهود.
وبنفس الوقت يتجاهل الغرب والشرق الاوربيَين إحياء ذكرى أخرى مماثلة لكنها منسية تمامًا، وهي ذكرى أعمال الابادة والتطهير والاضطهاد التي قامت بها المنظومة الشيوعية بقيادة الاتحاد السوفيتي السابق قبل وبعد الحرب العالمية الثانية ضد اليهود السوفيت وغيرهم في الدول التي سميت بالدول الاشتراكية (الاشتراكية الحقيقية الفعلية !!).
وما يثير السخرية والاستهجان أن اليسار الأوربي بفرعيه الشرقي والغربي ينكر معاداة اليسار للسامية، وينكر وجود أي معاداة للسامية ولليهود، في حين أن التاريخ يسجل هذه المعاداة من قبل الحركات والمنظمات التي تدّعي الاشتراكية واليسار واضح بشكل فاقع، ولازال الى يومنا هذا في عدد من دول أوربا، ولو أنه يلبسه قناعًا آخر وتحت مسميات أخرى ليبعد عن نفسه صراحة معاداة السامية، ويعطي معاداته لليهود تسميات أخرى (سخيفة) ، لا يمكن أن يخدع بها المتابعين الحذرين والاذكياء في قراءة خطابات اليسار الاوربي المريضة ومواقفه غير المسؤولة ، مثل (معاداة الصهيونية) أو (معاداة اسرائيل) أو حتى (معاداة نتنياهو).
واقتباسا من رؤية المؤرخ لويس رابوبورت: ألا يُعدّ في الأمر الكثير من المفارقات، ففي حين تم اعطاء الاهتمام والانتباه العالمي للقوانين المعادية للسامية واضطهاد وابادة اليهود في المانيا النازية، في الوقت الذي كان فيه ستالين يضطهد ويبيد اليهود وغير اليهود، فمن بين عشرة ملايين من ضحايا التطهير قام ستالين بابادة بين 500 ألف الى 600ألف يهودي، وربما يكون اليهود من أكبر ضحايا بين الشعوب الأخرى في الاتحاد السوفيتي (السابق) قياسًا الى نسبتهم العددية فيه.
وفي هذا المجال يمكن الاستشهاد بشهادة يمكن اعتبارها حاسمة وغير قابلة للجدل، وهي شهادة سفيتلانا ابنة ستالين في مذكراتها only one year حيث تقول : في سنوات مابعد الحرب العالمية أصبحت معاداة السامية مسألة ايديولوجية، رسمية وعسكرية، بالرغم من أنها بقيت مخفية مقنعة، لكن الأمر كان معروفا في كلّ مكان، من خلال اختيار الطلبة مثلا وتفضيل ذوي العرق الروسي في العمل وتقليل عدد اليهود المقبولين وحرمانهم وتم تحديد نسبة جدًا قليلة لليهود كان من غير المسموح تجاوزها.
في الاتحاد السوفيتي تمّ نسيان معاداة السامية ، فقط لمدة تقدر بعشرة سنوات بعد ثورة اوكتوبر، لكن منذ نفي تروسكي وابعاد وابادة الشيوعيين القدماء في سنوات التطهير purghe وكان من بينهم الكثير من اليهود، تصاعدت معاداة السامية حينها على أسس جديدة وبطرق مختلفة، وقبل كل شيء داخل الحزب الشيوعي السوفيتي.
وتضيف سفيتلانا في مذكراتها بأن أبي ـ ستالين ـ في كثير من النواحي كان ليس فقط مِنَ الداعمين لمعاداة السامية بل كان هو أول من سعى لنشرها في الاتحاد السوفيتي، حيث كان لمعاداة السامية (مثلما لا يخفى على العارفين في تاريخ روسيا )جذورها القديمة في الأوساط الروسية البرجوازية والبيروقراطية، وانتشر (مرض معاداة اليهود والسامية) عموديًا وافقيًا كالطاعون.
علاوة على هذا فهناك الكثير ممّا هو موثق تاريخيًا ومن المستحيل أن يتم عدّها واحصاءها كلها في مقال أو في عشرات المقالات والكتب.
إن كان العالم المعاصر يهتم بأن يكون أفضل وأكثر انسانية، وأن يكون منصفا أو يرغب في أن يكون كذلك، فعليه ليس فقط الاستمرار بالاحتفال السنوي بذكرى إبادة اليهود على أيدي النازية الالمانية، ولكي لا يكرر فعلته الهمجية الوحشية البشعة، عليه أن يذكرأيضًا، حتى لا ينسى العالم، ويتذكر كلّ الابادات التي حصلت ضد اليهود في كل أرجاء العالم.
وأن على المثقفين في كل أنحاء العالم، وعلى الشيوعيين واليساريين بوجه خاص ومحدّد، لأنهم يمثلون عددًا مهمًا بين من يتم اعتبارهم من المثقفين العالميين المهمين، وفي اوربا خاصة، أن يتذكروا كلّ أعمال الاضطهاد والابادات لليهود ومن ضمنها التي تمت في الاتحاد السوفيتي السابق وفي دول المنظومة الاشتراكية التي كانت تدور في فلكه وايديولوجيته وحكمه الفولاذي. لكي يكون اليساريون والشيوعيون (الاوربيون والعرب أيضًا) أكثر مصداقية وأكثر شفافية ونزاهة، ولكي يتمكنوا من أن يروا الخشبة الكبيرة التي في أعينهم ويتخلصوا منها قبل أن يروا القشة التي في عيون الآخرين ويخلصونهم منها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس الوزراء الاسرائيلي يستبق رد حماس على مقترح الهدنة | الأ


.. فرنسا : أي علاقة بين الأطفال والشاشات • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد مقتل -أم فهد-.. جدل حول مصير البلوغرز في العراق | #منصات


.. كيف تصف علاقتك بـمأكولات -الديلفري- وتطبيقات طلبات الطعام؟




.. الصين والولايات المتحدة.. مقارنة بين الجيشين| #التاسعة