الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غياب الثقافة الوطنية احد اسباب ومظاهر الازمة الراهنة

فؤاد الصلاحي
استاذ علم الاجتماع السياسي

(Fuad Alsalahi)

2016 / 6 / 29
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


من المؤكد ان التعليم في الوطن العربي لم ينجح في خلق ثقافة ووعي مدني خلال خمسين عام خاصة السنوات الثلاثين الاخيرة حيث رموز الفساد من العسكرتاريا وحلفائهم من مختلف الجماعات والاحزاب وارتباطاتهم مع رجال المال (البيزنس عبر الاحتيال والتهرب الضريبي) ..ولما كانت الدول العربية لاتمتلك مشروع ثقافي يوجه سياساتها واعلامها وخطابها تركت حقل التعليم للقوى المناهضة للمدنية كما مؤسسات المسجد ..هنا جاء لاعبين جدد استغلوا الفراغ الفكري وتشوه الثقافة السياسية بتوجهاتها الوطنية والحضارية ليعمقوا التشوه وينحرفوا بمسار التعليم نحو المذهبية والجهوية . وللعلم .. العم سام ..عاجبه هذا الامر ..ويدعمه جهارا نهارا ..ولنا في العراق والافغان ثم سوريا وليبيا ولبنان الدروس التي لا تخفى على احد ..فلايمكن بناء دولة مدنية تعليمها يعمق الجهل والتطرف والجهوية ، او تغيب عن المدارس الاجراءات التاسيسة للوعي السياسي الوطني من خلال النشيد الوطني وتحية العلم كرموز ذات دلالة توحد وعي الطلاب نحو الوطن والدولة والمواطنة ..واذا كنا ننتظر نتائج المساومات (لا اقول الحوارات والمفاوضات) التي تستند على منهجية المحاصصة والغنيمة ( المفاوضات غائبة لان اطرافها الحقيقيين غائبون ايضا) فانها لن تأتي بماينتظره الشعب ولا الوطن .. لماذا .؟ لأن المساومات كعملية ، وممثليها كأفراد ، هم نتاج نظام تعليمي وثقافي وسياسي مناهض للوطن والمواطنة يعزز من الجهويات وفق ازعومات تاريخية مفارقة للواقع الفردي والجمعي ومفارقة للمنطق السياسي في زمنيته ضمن سياق حضاري لايعترف الا بالدولة ومظاهرها المدنية ..اخيرا تستمر ادارة اوباما في تجاهل مخاطر الازمات في المنطقة العربية ولاترغب في اقرار معالجات حاسمة عبر مرجعية مجلس الامن وحضور الدور الامريكي المباشر لانها تريد ترك الازمات مشتعلة للرئيس القادم وهنا على الشعوب العربية التي تتعرض لمخاطر وجودية ومعيشية ان تتكيف مع ازماتها او تبتكر لنفسها حلولا من الداخل بكل الممكنات المتاحة او الانتظار طويلا حتى تتوافق الادارات الكولونيالية في خلق تسويات قادمة وفق مصالحها اولا ...؟
كان رموز التنوير والحركة الوطنية منذ اربعينات القرن الماضي يؤكدون على اهمية التعليم والثقافة وجاءت الحكومات بعد ثورتي سبتمبر واكتوبر منحت قدرا من الاهتمام للثقافة والتعليم سرعان ما تراجع هذا الاهتمام ليتحول الى تزايد كمي في اعداد الطلاب والطالبات مع تخلف المضمون العلمي والمعرفي الذي يشكل محتوي الكتاب المدرسي . ومع تزايد الصراع على السلطة تمدد الصراع الى مؤسسات التعليم والثقافة بل والمسجد وهنا ظهرت الجماعات والاحزاب والحكومات لتنشر بؤسها الفكري والمعرفي بغية تحشيد للافراد والجماعات ، وكان النظام والاحزاب معا يرفعون عاليا من قيمة القبيلة وتقاليدها كتكتيك سياسي انتهى الى ضعف الاحزاب وقوة القبيلة ، هنا انتشرت ثقافة العنف وحمل السلاح والاقصاء في سياق مارثون جهوي وقبلي وحزبي نحو مؤسسات الدولة بغية استملاك السلطة والثروة دون مسوغات قانونية لهذا الاستملاك . في هذا السياق فشل التعليم في خلق شخصية وطنية وفي رفع قيمة الوطن وجغرافيته الموحدة كقيمة ذات اولوية في وعي الانسان وقناعاته لان احزاب غير وطنية رفعت شعارات تتجاوز الوطن واخرى ترفع شعارات مادون الوطن ، جميعها تتقاتل اليوم في الداخل وتستجدي الخارج ..وفوق كل هذا تتضاءل الثقافة الوطنية في حضورها العام والخاص ويبقى الافراد والجماعات عرضة لثقافة مناهضة للدولة والمدنية بل وللوطن ايضا .. وكنا ولانزال نؤكد على اهمية التعليم والثقافة كاهم مظاهر ومرتكزات الدولة المدنية ، فنواجه بمراكز القوى ومجموعاتها البائسة حزبيا لتشرع قوانين وتصك سياسات تفرغ الثقافة والتعليم من مضمونه المدني العقلاني مقابل تاسيس كنتونات حزبية وجهوية ومذهبية اظهرت اليوم كل خبايا وفساد المرحلة السابقة والتي لاتزال تدافع عن حضورها بقوة السلاح ..لن يتحقق التغيير بدون دولة مدنية ومشروع ثقافي تنويري يخرج الافراد من اقبيتهم التقليدية الى رحابة الوطن ومن التقليد الى رحابة العقل ودون ذلك تستمر الازمات ويعاد انتاجها لغياب بديل سياسي بروافعه التنظيمية ومشروعه الثقافي الوطني ..؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا.. مظاهرة في ذكرى النكبة الفلسطينية تندد بالحرب الإسرائ


.. مسيرة تجوب شوارع العاصمة البريطانية لندن تطالب بوقف بيع الأس




.. تشييع جثمان مقاوم فلسطيني قتل في غارة إسرائيلية على مخيم جني


.. بثلاث رصاصات.. أخ يقتل شقيقته في جريمة بشعة تهز #العراق #سوش




.. الجيش الإسرائيلي: دخول أول شحنة مساعدات إنسانية عبر الرصيف ا