الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حركة النهضه الإخوانيه وعقدة الفشل في تونس

سالم المرزوقي

2016 / 6 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


يعتقد كثيرون أن الفرع الإخواني في تونس أي النهضه قويه ومتماسكه أكثر من كل الفروع الإخوانيه المنتشره على كامل الجغرافيا الاسلاميه،منبهرون بإنجازاتها الانتخابيه وسرعة تأقلمها مع المتغيرات في المحيط الاقليمي والدولي ما مكنها من التغلغل في الدوله والسيطره على "المجتمع"،بل أن البعض اعتبرها رقما ثابتا لم يعد بإمكان حتى القوى الكبرى المشغله للحركات الدينيه تجاوزه ،وهذا صحيح لحد مَا ،أما إذا تساءلنا بداهة :ما الداعي في ظل هذه النجاحات لتغيير نهج الحركه وفصلها الدعوي عن السياسي ؟ما الداعي لتونستها وهي تحظى بكتله انتخابيه هائله مكنتها من السلطه رغم أنها حزب إخواني أممي يتبرا من التونسه ويعتبرها تجزأة للأمه الاسلاميه؟والأخطر ما الداعي لأقلمة الحركه مع مجتمع اعتبرته جاهليا وعبأت أنصارها لفتحه وإعادته للإيمان الحقيقي حسب زعمها؟أو بأكثر وضوح هل كانت النهضه على ضلال بتكفيرها للمجتمع ،واهتداءها للطريق السوي بعد المؤتمر العاشر ؟ أسئله محرجه إذا أجبنا عليها بموضوعيه سنعرف معنى النجاح "لحد ما" وستقودنا الإجابه الموضوعيه لعكس النجاح أي الفشل العميق لكل فكر الاخوان وانهيار استراتيجيتهم في تأسيس الخلافه الاسلاميه وما المؤتمر العاشر للحركه إلا إعلان هزيمه لمشروع فكري سياسي يعتمد الأخونه إيديولوجيا والخلافه سياسيه كما سنرى لاحقا.
أحزاب الاخوان في السلطه:
من اليوم الأول الذي فازت فيه حركة النهضه بالانتخابات عملت على عدة واجهات أهمها تطويع مؤسسات الدوله لخدمة كل ما من شأنه تعبيد الطريق نحو دولة الخلافه (أكيد يتذكر الجميع خطاب حمادي الجبالي عن الخلافه السادسه وهو ليس زلّــة لسان ولا تصريح عرضي ) والرئيسي من هذه الواجهات هو بناء القوه العسكريه أي الارهاب والميليشيات عوض مؤسسة جيش وأمن الدوله المؤسساتي والقوه الماديه أي المال (قوام الأعمال حسب الغنوشي)،واشتغلت ماكينة الاخوان التي تحولت من حزب على شكل عصابه مغلقه الى مجتمع صغير يتطرّف بعضه ويعتدل بعضه ويزيح جهازه السري العراقيل كاغتيال مناضل خطير ،شكري بالعيد والابراهمي أمثله أومعاقبة منظمة "مارقه" كالاتحاد العام التونسي للشغل او إتحاد المرأه واتحاد الصحفيين (أكيد يذكر الجميع محاصرة مبنى التلفزه وقطع أجور عاملات الاتحاد الوطني للمرأه والهجوم على مقر الاتحاد العام التونسي للشغل ...)، وبعض هذا المجتمع الاخواني يعمل على احتواء بعض المنظمات والشخصيات ووسائل الاعلام بالمراوده والابتزاز والاغراء والترهيب أحيانا،لكن يظل أخطر ما قامت به أحزاب الاخوان في تهيئتها لمناخ ولادة الخلافه هو الشأن العسكري من تخزين للسلاح وتأسيس الخلايا الارهابيه والمشاركه الكثيفه في كل الحروب المتفجره إقليميا بهدف اكتساب الخبره والتدريب لنواة جيش الخلافه علاوة عن الحظوة المتميزه في معسكر القوى الغربية المشغله للفوضى الخلاقه للسيطره على المنطقه وتمتين العلاقه مع أجهزة مخابراتها،ونقصد هنا الحلف الصهيوأطلسي، أما الأخطر الثاني الذي ركزت عليه حركة النهضه فهو الشأن المالي بنهب مدخرات البلاد والتداين باسمها وتوزيع الغنائم على منخرطيها وجمعياتها وتمويل شراء الأسلحه وتخزينها.
كانت أحزاب الاخوان بقيادة النهضه تعتقد أن صعودها للسلطه نهائي ولن تخرج منها مهما كانت الظروف ،حتى لو اقتضى الأمر استعمال القوة ،ولأن الاستيلاء على السلطة في تونس لا يكفي لاستيعاب برنامج حركة الاخوان الأممي الواسع وأن الخلافة الوليده ليست إلا نواة لمشروع أشمل وأوسع ،لكل هذا، اندفعت هذه الحركه الاخوانيه في تثبيت بؤر ارهابيه في جبال الشعانبي وداخل الأحياء الشعبيه وبناء مساجد مدروسة التموقع لتكون مواقع تجميع وانطلاق لكل تحرك سياسي أوعسكري.
هكذا وضعت حركة الاخوان خطتها المرحليه إبان صعودها للحكم متأثرة لا فقط بفكرها المثالي في اعتبار النصر جزاءا إلاهيا لمعانات " إسلامهم الحق" وهي قداسة تمثل حصانه قصوى من السقوط، بل متأثره كذلك بتقييمهم الخاطئ للشعب ونخبه وللدوله التونسيه والسياسه الحديثه لإدارتها ،كانوا يعتقدون أن نتائج الانتخابات الباهره كافيه لخضوع الجميع وامتثالهم لإرادة االنهضه المنتخبه التي سيتضاعف تأييدها وستطوّع موظفي الدوله ومؤسساتها والمنظمات والأحزاب لخدمتها ومحاصرة كل تمرد وقمعه إن اقتضى الأمر،وبناءا على هذا التقييم الغبي انقضت حركة الاخوان على الوزارات والدواوين وكل الوظائف المفصليه ولم تترك لحلقاءها الديكوريين إلا الفتات وانتقلت للهجوم على خصومها، والاعتداء على مسيرة 9 أفريل في شارع محمد الخامس واستعمال الرش ضد المتظاهرين في سليانه وإهانة الأساتذة الجامعيين والصحافيين والشخصيات الوطنيه واغتيال شكري بالعيد ولطفي نقض أمثله عن قمع وإزاحة كل تمرد يشكل عائقا أمام تثبيت السلطه.وما زاد من غرور قيادة الحركه رهان الغرب وتأييده المطلق لها خاصة وهي موزوّد رئيسي بالمقاتلين في سوريا وباقي مناطق الحروب الأطلسيه.
هذا الغلو والتطرف لحركة الاخوان لم يكسر زخمه واندفاعه إلا جنازة شكري بالعيد المهيبه التي كانت زلزالا حرّك وجدان التونسيين ونبّههم للخطر الداهم على بلادهم ودفعهم لجدية التصدي وبدات النضالات اليوميه تتصاعد وجبهة إسقاط حكمهم تتوسّع والتراجعات الاخوانيه تبرز وأولها إسقاط حكومة حمادي الجبالي وتعويضه بعلي العريض وتجيير الوجه الاخواني ببعض الوزراء المستقلين حسب زعمهم واعتبار الفرع العسكري" أنصار الشريعه" تنظيما إرهابيا وتلبيسه كل الأعمال القذره كداعش اليوم ، لكن دون المس من بنيته التنظيميه بل عملت الحركه على حمايته بالأمن والقضاء(للتذكيرهؤلاء كانوا قبل أيام شباب واعد يذكر راشد الغنوشي بشبابه ،وهو تلويح معلن بمواجهة من يقف في طريقهم بالعنف) وهذا في الحقيقة أول عملية اختصاص ولا علاقة لها بمقاومة الارهاب أوالتبرّأ منه بل فصل غير معلن وسري للسياسي عن العسكري،إذن ورغم هذه التراجعات الشكليه والتستروالخداع ،ظلت الحركه وفية للخطه المرحليه وعلى نفس النهج و لم تيأس من إمكانية السيطره وإنهاء التمرد إلا بعد اغتيال الابراهمي وانتفاضة الأتوات، إثر هاتين الحادثتين إستقال علي العريض مجبرا وسقطت الحكومه وسقط دستور الاخوان وهنا نعتقد أن المشغل الأكبر الغربي كان له دور رئيسي لتفادي ما هو أخطر أي السقوط الحر للاخوان عبر ثورة شعبيه وليس بمساعدة الجيش كما الحاله المصريه.
الاخوان بعد السّقوط :
هكذا اصطدمت حركة الاخوان بواقع لم تكن تتوقعه داخليا عبرالصدام مع المجتمع وتطورالنضالات وتوسع رقعة معارضيها عوض انحسارها كما توفعت وخارجيا عبر تلويح مشغليها بالتخلي عنها إن هي تمادت في الغلو والتطرف ،وكانت صدمة السقوط الغير متوقع (بالنسبه للمتطرفين على الأقل) محفزا للقاء باريس بين الغنوشي والباجي برعاية أجهزة مخابرات الغرب، للتحكم في المنظومه وتفادي سقوطها الحر وهو ما أرغم حركة الاخوان بكل فروعها على تغيير خططها وتكتيكاتها ،ومرة أخرى التزمت الحركه بجوهرما يخدم فكرها أي أخونة المجتمع وبناء نواة دولة الخلافه ،لكن ليس كما المرحله الأولى عندما وجهت جهدها الرئيسي للسيطره على الدوله وتطويعها والاستيلاء على أموالها لبناء النواة العسكريه ،لا ، هذه المره حصرت مهمتها الرئيسيه في واجهتين حتى لا تبدد طاقاتها وتشتت جهودها،أي واجهة تفعيل العمل الميداني و العسكري على الأرض وتحرك "وينو بترولنا" لزعزعة وحدة البلاد بين شمال وجنوب والهجوم على الأمنيين والجنود ومحاولة تأسيس إماره في بنقردان أمثله،أما الواجهة الثانيه فهي نخر الدولة من الداخل عبر اختيار أسوأ الموظفين من اللصوص والجواسيس والجهله ودفع سياسة التفليس عبر الاقتراض وحماية الفساد والتهريب ،والهدف من الواجهتين تدمير الدوله وتسريع انهيارها يالافلاس والاستنزاف العسكري حتى تنهك وتسقط لتخلفها إمارات وفوضي وفقر وحروب عروشيه وجهويه وأهليه تنهض على أنقاضها دولة الخلافه كما في أفغانستان والسودان والعراق وسوريا وليبيا وغيرها ،وهو تحول في تكتيك الإخوان من تطويع الدوله الى تدميرها وتخريبها.ونعتقد أن إقرار الرئيس الباجي ومحافظ البنك المركزي بإمكانية إفلاس الدوله هو مؤشر على نجاح خطة الاخوان في واجهتها السياسيه،أما عسكريا فإن سقوط مشروع إمارة بنقردان التي كانت في الأصل استثمارا للمدّخرات الارهابيه سلاحا وأفراد في الشعانبي وليبيا وسوريا ،هذه المدخرات من إرهابيين وأسلحه لم تكن للسيطره على تونس المسيطر عليها انتخابيا بل لمناطق أخرى كالجزائر،إلا أن سقوط حزب النهضه وعدم تمكنه من الحفاظ على السلطه غيّر من استراتيجية الاخوان لينزل من تحصن بالجبال ويعود من هاجر مناصرا لأخوة الجهاد في الخارج، لتأسيس الإمارات وانهاك الجيش والأمن وهو مرحلة مواجهة الدوله العميقه التي تسببت في سقوطهم بعد انتصارهم على كل الفاعلين السياسيين حسب تحليلهم وللتذكير فهذه الجهنميّات وردت في كتاب إدارة التوحش. لكن نجاح الجيش والأمن في إجهاضها وملاحقة إرهابيي الخلافه في كل مكان جعل شبح الفشل يلوح من جديد لدى قيادة الاخوان ،خاصة وأن المواجهه مع الارهابيين تجاوزت العسكريين والأمنيين لتشمل الشعب الذي هبّ لنصرة الدوله متناسيا عمدا صدامات الماضي ، رغم أن تلك المناطق الجنوبيه تعتبرها النهضة معاقلها ومحاضنها .لا شك أن هذا الفشل العسكري انعكس على النجاح السياسي في تخريب مؤسسات الدوله وخيانة بعض القائمين عليها الذي قلنا عنه" الى حين" و يتحوّل نجاح الاخوان النسبي في تخريب مؤسسات الدوله الى ورطه بل فضيحه لأن الجزء الأكبر من الديون والفساد واللصوصيه والارهاب يتحمله حزب النهضه هذا فضلا عن الاغتيالات وإرسال الشباب لتخريب دول أخرى كليبيا وسوريا والعراق واليمن وهي تدخل في جرائم الحرب وهي ورطهة أخرى دوليه هذه المرّه و ربما أدّت بهم لمحكمة لاهاي مستقبلا ،هكذا دخل الاخوان مؤتمرهم محملين بأعباء الفشل في اختراق تونس ومجتمعها.
مؤتمر الإخوان العاشر:
رغم البهرج والبذخ والاسراف لم يخفى على المتابعين عقدة الاخوان من جهلهم وتخلفهم الحضاري وانفصام شخوصهم عن المستوى المدني الذي وصله عموم التونسيين،فرأينا ذكورا حلقت لحاها ولبست البدله الافرنجيه(حسب تعبير الاخوان) ورأينا إناثا في فساتين الأعراس البراقه(soiree)،مظاهر كاراكوزيه مسرحيه تؤشر لغربة هؤلاء عن تونس وعادات أهلها وغباءهم واستخفافهم بشعب تونس الذكي الدّائم التندّر بهم ولعل حملتهم لتونسة الحركه الاخوانيه قبل المؤتمر وبعده ليست إلا فقاعات دلاليّه عن عقدتهم الداخليه للفظ المجتمع لهم.
أما الحدث الأكثر إثاره وسخريه فهو دبلجة الصف الأول للمؤتمرين بأسوأ وجوه التجمع المنحل،هؤلاء التجمعيين الذين ادّعت حركة الاخوان باطلا مواجهتهم ولم تفوّت أية فرصة للتشنيع بهم وتحميلهم خراب الدنيا والدين ،بل قبضت من مال الدولة ورشاوي السفارات ثمن هذه المواجهه المزعومه باسم العفو التشريعي العام.
سوف لن أكرّر ما سبقني له الكثير من المحللين الذين فنّدوا خدعة فصل الدعوي عن السياسي واتفقوا أنه رياء ومغالطه وتمويه عن جوهر فكر الاخوان وتكتيكاتهم التي تضع دائما هدفها أخونة المجتمع وعرقلة تطوره وهو ما يجعلها محتضنه من القوى الدوليه ذات المصالح الاستعماريه للشعوب التي تبحث دائما عن القوى التي لا تعمل لصالح أوطانها ما يسهّل عمالتها لتمرير مشاريعها،قلت لن أكرر هذا بل سأهتم ببعض الجوانب المهمله والتي تعتبر جزئيات لكن أهميتها قصوى في التنبأ بمستقبل حركة الاخوان.
من عادة حزب الاخوان أنّ ما لا يعلن ولاينشر هو الرئيسي والجوهري،أما ما يعلن فهو ثانوي لا قيمة له في ممارستهم وهو ما يسمي في عرفهم التنظيمي الموروث يالتّـقيّــه،وما لم يعلنه المؤتمر وقادته هو أزمة الحكم وأزمة التنظيم ، إذ لا يمكن لحزب سقط من السلطة مرتين،مرة باعتصام الرحيل ومرة بالانتخابات وفي فتره وجيزه،ألاّ تأخذ هذه القضايا،قضايا السلطه وأسباب السقوط الحيز الأهم من مؤتمره ومن الطبيعي أن تشمل النقاشات أزمة التنظيم وإخفاقاته وكيفية تفادي ثغراته،وهوما تجلّى بعد أيّــــام على اختتام المؤتمر فظهرت أولى الإشارات الدالّة عن المحاور التي نوقشت و القرارت التي أتّخذت،وأولها الاعلان عن الأزمه الاقتصاديه وإمكانية إفلاس الدوله ،ليتحوّل نجاح الوفاق الحاكم الى فشل معلن والدفاع عنه ومنحه الفرصه الى التسريع في تغيير آلية الجكم،لتظهربلا مقدمات دعوة الرئيس لحكومة وحده وطنيه مباشرة بعد إقتراحها من رئيس مجلس النواب وهو حبك مسرحي سخبف لتبادل الأدوار وهو كذلك استخفاف بعقول التونسيين والتونسيات بلغ حدّه عندما صرّح راشد الغنوشي بألاّ علم له بالمقترح الطبخة ولكنه يدعمه ،هكذا بلا مقدمات وقبل حتى تعيين مجلس الشورى الذي يبت في هكذا قرارات حسب إدعاءهم ولم نسمع من الاخوان أي صوت معارض او حتى مستغرب لما يحدث بعد مؤتمرهم الضخم .إذن فأزمة السلطه كانت محورا رئيسيا وجوهرهذا المحور تورّط أغلب أعضاء النهضه في اللصوصيه والفساد والاغتيالات ودعم الارهاب وهي قضايا خطيره لا على الأفراد وحركة النهضه فقط بل على التنظيم الدولي للاخوان عموما خاصة بعد نكبة المركز أي إخوان مصر والتحولات التي تجري عسكريا على الأرض في سوريا والعراق واليمن ،فاية نهايه لهذه الحروب بدون نصر كامل لحليفهم المحور الصهيوأطلسي،أية نهايه حتى لو كانت تسويه سياسيه،ستكون على حسابهم (أي الاخوان)أفرادا أمام المحاكم سواءا المحليه كلصوص ومرتكبي جرائم اغتيال و دوليا كمجرمي حرب،وعلى حسابهم كذلك كأحزاب ومنظمات انتهى دورها لدى المشغّل ،و سيقدم الجميع قربانا على طاولات التسويات. أدرك الكل بما فيهم الحلف الصهيوأطلسي استحالة النصر بعد خمس سنوات من الحرب ولا بد من حل سياسي وما حربهم الآن إلاّ استنزاف وإنهاك لتحسين شروط التفاوض.
إذن فحزب الاخوان ركّز في مؤتمره على تحصين ذاته من المخاطر القادمه أكثر من العمل على الوصول للسلطة كما ذهب البعض في تحليلهم،هذا لا يعني استبعاد هذه الفرضية ولكن بعد سقوطهم مرتين لا أعتقد أن محاولتهم العودة للسلطه(إن فكروا فيها) ستكون بحكومة وحده وطنيه،بل بالانقلاب الحربي الدموي وقلب المشهد برمّته ويجب أن يكون هذا مشروط بدعم خارجي وهو مالا يتوفر حاليا بهكذا ظروف داخليه ودوليه.
هكذا هندس الاخوان مؤتمرهم وهم في أزمات حادّه تنذر بنهايتهم وسيتجلّى هذا مستقبلا بقبولهم بأية حكومه وأيّ جاكم يقبل بردم ملفات الخمس سنوات الماضيه من لصوصيه وفساد واغتيالات وإرهاب وحمايتهم من الاندثار والمحاكم الدوليه وهم على استعداد للتنازل حتى عن العقيده باسم السياسي وهو ما سنراه في الأزمه التنظيميه.
الأزمه التنظيميه :
بعيدا عن الدعاية المظلله والتسميات الغير دقيقه ،فإن صدمة الاخوان بلفظهم من المجتمع وحدّة تصدي القوى السياسيه ومنظمات المجتمع المدني لمشروعهم,جعلتهم يعيدون حساباتهم التعبويه والتنظيميه ،فلا الكتله الانتخابيه الهائله أنقذتهم من السقوط رغم ما بذلوه من مال وتعبئه لمواجهة اعتصام الرحيل باعتصام القصبه ولا الانتحابات أعادتهم للسلطة رغم الحمله الضخمه والسيطره على الاعلام، ولا الارهاب استطاع إنجادهم بفوضى الإمارات وانهاك الأمن والجيش،بهكذا نتائج نستطيع أن نتحدث عن الفشل ولا شيئ غيره ،ومن هنا جاءت خرافة فصل الدعوي عن السياسي وتونسة الحركه وتطورها وهو في الحقيقة مغالطه لإخفاء الفشل من جهة ومن جهة أخرى هو برنامج تنظيمي متكامل متستّر عليه لاصلاح ما أفسده اندفاعهم وغرورهم ،وكما رأينا سابقا أن فصل المهام ليس جديد على فروع حركة الاخوان فقد سبقه فصل العسكري عن السياسي إبان إدراج أنصار الشريعه على قائمة الارهاب،من هنا يمكن اعتبار المخطط التنظيمي الجديد ليس فصل السياسي عن الدعوي بل الأدق فصل الاستراتيجي عن التكتيكي ،ما يمكن السياسي من المناوره وممارسة ما يريد وما تتطلبه الأحداث دون قيد حتى لو كان من صلب العقيده ،ويمكّن الاستراتيجي من العمل بأريحية لأخونة المجتمع دون أن يحاسب على رجس السياسه.وقد رأينا أن المؤتمر انفض بسلام وباتفاق وبتراضي بين الشقين المزعومين،ورضي كل بمهمته دعويا كان أو سياسي ومن المفارقات ألاّ أحد عرف الى الآن من هم الدعويون ومن هم السياسيون كفرق باستثناء فرد او إثنين صرحا في وسائل الاعلام،ولا أحد عرف من سيوزعهم ويكلّفهم،مجلس الشورى أم رئيس الحركه أم أن العمليه اختياريه ما يمكّن العضو سهولة التنقل من ضفة الى أخرى دون ضوابط تنظيميه وهو يدلّل أنها خدعة متفق عليها مسبقا داخل المؤتمر وخارجه.
إن الأهداف المعلنه من تونسة الحركه وتصالحها مع الدوله والمجتمع،ليست إلا تغطيه عن الأهداف الحقيقيه للمناوره التنظيميه المدروسه وأهمها حماية الحركه من داخل الدوله بدفن الملفات الخطيره مثل السرقه والفساد والاغتيالات وتفريخ الارهاب ورعايته ،وتسويقها خارجيا كقوه ديمقراطيه معتدله كل هذا لضمان البقاء في المشهد السياسي وهو دور كل سياسي،أما الدعوي الاستراتيجي فهو زرع الفكر الاخواني واختراق المجتمع وهو الضمانه الاستراتيجيه لبقاء الحركه حتى لو تعرض السياسي للانهياروالانتكاسه ورصيد انتخابي كامن.
الاخوان وحسابات البيدر:
طوال تاريخ الاسلام السياسي لم تشهد أية حركه إسلاميه تطورا أو حتى تغيير جزئي بدون دماء،سواءا باغتيالات قاده وبالتالي قتل برامجهم السياسيه،أو قتالا وحربا وانقلابات بين الفرق والأجنحه لحسم معاركهم السياسيه،ولنا في دموية الصراع إبان الثوره الإيرانيه وتصفية برلمان كامل بأعضاءه الأربع مائه بتفجير مروّع،أكبر دليل وأوضح مثال على تأثير الفكر القروسطي العنيف في حسم الخلافات والتناقضات لدى كل التيارات الدينيه،مثال ثاني قي لبنان بين حزب الله وحركة أمل وبين التيارات المسيحيه إبان الحرب الأهليه ويتجلى اليوم أكثر في سوريا والعراق واليمن وليبيا ،لذلك تصبح مسرحية التطوّربل حتى التحوّل الجزئي في مؤتمرمهرجاني لعبة سمجه لا علاقة لها بالواقع وإن حصل تطوّرذو أهميه فلن يكون إلا فرديّا لأشخاص أدركوا خطورة التنظيم الديني على عقولهم ووطنهم،لنصل الى السؤال المفصلي هل الاخوان في تونس موحّدين ولا تناقضات بينهم ؟المظاهر والاعلام المأجور وافتخار بعض قادتهم الأغبياء بالوحدة الصّماء تظلّل بعض المتابعين لأن الحقيقه عكسيه تماما فأحداث الخمس سنوات الماضيه بلورت أجنحه وعمّقت تناقضات ،خاصة بعد أن استثرى البعض وأصبح من الخاصّة بعد أن كان يقطن حيّا شعبيا وبعد أن تورّط بعضهم في الدماء والاغتيالات والفساد وبعد أن ذاق البعض الآخر متعة السلطة والجاه،هذا علاوة على التناقض بين من له جنسيه أجنبيه وأموال وممتلكات في الخارجوحظوه لدى السفارات وبين من سيدفع ثمن أية صدمات داخليه ،فباستثناء القواعد الاخوانيه المغرّر بها باسم الدين،أغلب القيادات الاخوانيه المتنفذه تعدّ العدّة للدفاع عن نفسها ولن تسمح بأي مس من مصالحها وستعمل بقاعدة "تغدى به قبل ما يتعشى بك"،خاصة الشق المتطرف الذي دفع ثمن الوصول للسلطه سجونا وتعذيبا،بالنسبة لهؤلاء لن يتكرّر سيناريو التسعينات من هروب البعض نحو النعيم الأوروبي وزجّ البقيه في سجن برج الرومي،هذا السيناريو ماثل بقوه في الأذهان.
إذن وبحكم لا ديمقراطية التنظيم الديني والتحوّل الطبقي والسياسي الحاصل ولا حل للتناقضات إلا بالقوة والعنف والمؤامرات وهو الخطر المؤجل بمؤتمر الدعوي ـ السياسي لحزب الاخوان الذي أخفى فيه كل طرف شيطانه أملا في نجاح مشروع السيطره على الدوله والمجتمع بهذه المناورات (وهو ما سيخفي التناقضات الى حين)، فالصدام قادم لا محالة وسيكون أشد وأقصى على تونس ،ففي لبنان مثلا كان لوجود الاحتلال الاسرائيلي كتناقض رئيسي دورا هاما في تطوّر الأحزاب الدينيه نحو الجبهه الوطنيه ـ جبهة المقاومه ـ حزب الله ،حركة أمل،تيار المرده المسيحي بقيادة فرنجيه وجناح ميشال عون وغيرهم ـ أما في تونس فإن انتشار أجنحة الاخوان يعتبر قنبله موقوته في أعماق بلادنا،فكل جناح إخواني متوسّد لجغرافيا مناطقيه ـ آل الغنوشي في الجنوب والوسط ،آل العريض في الجنوب الشرقي ،آل شورو في صفاقس وهكذا....إضافة لحزب التحرير والإدريسي وأنصار الشريعه .....وغيرهم كثير ـ وكلها مشاريع وفتائل حرب أهليه وكل الأجنحه تخزّن السلاح لحسابها الخاص باسم التحالف الاخواني العام ولا علاقه لأي طرف منها لا بمصلحة تونس ولا بمصلحة الحزب والعقيدة ولذلك لا نجد لهذه الأجنحه أي أثرموثق لاسياسي ولا ثقافي أو فكري يميزها عن بعضها،بل كلها تدور في فلك الربح والخساره والمصالح وحساب البيدر بعد الحصاد.
قبل أن أنهي مقالي أودّ الاشارة الى إهمالي المتعمّد لعلاقة الاخوان بالأجنبي المشغّل وهو موضوع جوهري في ظهور الحركات الدينيه تاريخيا وهو حاضر بقوّه في كل برامجهم ومؤتمراتهم ومخططاتهم كقوى وجودها مرتيط عضويا بالعماله ،وقد تعمّدت هذا الاهمال كي لا أشتّت جهد القارئ في تاريخ الحركه وعلاقاتها الخارجيه.
في النهاية أتمنى أن أكون قد وفّقت في استفزاز(بالمعنى الايجابي للكلمه) مثفقي تونس بأسئله قلقه وخطيره حاولت فيها أن أخرج عن المألوف من سرد لتاريخ الاخوان وجرائمهم ، ولي أمل كبير في الذكاء التونسي لمزيد تشخيص وتحليل ظاهرة هذه العصابه واقتراح الحلول وأساليب المواجهه لإنقاذ تونس والمنطقه من شرورها...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون يعلن البدء ببناء ميناء مؤقت في غزة لإستقبال المساع


.. أم تعثر على جثة نجلها في مقبرة جماعية بمجمع ناصر | إذاعة بي




.. جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ


.. ما تأثير حراك طلاب الجامعات الأمريكية المناهض لحرب غزة؟ | بي




.. ريادة الأعمال مغامرة محسوبة | #جلستنا