الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمريكا و الحرب للخروج من المأزق!

نادية محمود

2003 / 2 / 1
اخر الاخبار, المقالات والبيانات



 

لابد ان يغلق "ملف العراق"، فالطرق ليست سالكة أمام أمريكا، ذلك الملف المفتوح منذ اثني عشرعاما. الاجتياح العراقي للكويت، انتهى. شنت حرب و"حررت الكويت" وأعيد الجيش المحتل على أعقابه. عقوبة الحصار المستمرة لـ12 عاما، أيضا فقدت مبرراتها ليس لدى جماهير العراق فحسب- التي عوقبت على قضية  لم ترتكبها- بل فقدت مبرراتها حتى لدى الدول التي فرضتها بذريعة تطبيق المواثيق الدولية.
 ليس بالامكان الاستمرار بفرض الحصار إلى ما لا نهاية، مع رؤية الكوارث الإنسانية التي سببها بحق الملايين والذين يدفعون حياتهم ثمنا لها. لم يعد الحصار  مبررا و لا مقبولا، لا على صعيد محلي أو إقليمي، و لا على صعيد دولي. الإدارة الأمريكية عجزت عن تمرير "العقوبات الذكية" على مجلس الأمن. مرغمة استمرت على العمل باتفاقية النفط مقابل الغذاء. حتى جاءها الغيث من بن لادن، بضرب أبراج نيويورك. الآن و بعد عام و نصف على أحداث سبتمبر، تمكن بوش من تحويل الدفة بأكملها من "الحرب على الإرهاب"، و التحول و بشكل مكثف إلى ملف العراق. بدأت الدعاية الحربية تصوير النظام وكأنه يشكل خطرا على العالم -إذا ما توفرت له الإمكانات المطلوبة و الكادر المطلوب- لتطوير أسلحة الدمار الشامل، و الخوف من احتمال وقوع هذه الأسلحة بيد الإسلاميين الإرهابيين..
إن الإدارة الأمريكية الآن تبحث عن سبب للخروج من المأزق، سبيل الحرب يجد مقاومة و رفض عالميين و واسعين، و لا يمكن لهذه الإدارة تجاهل رد الفعل العالمي الواسع ليس على صعيد الاعتراضات الجماهيرية، بل حتى على صعيد الحكومات أيضا. ليس بيد المفتشين الدوليين حيلة لنزع فتيل ذريعة أمريكا بشن الحرب و باول يحذر The time running out! (الوقت ينفد!) ما سر الاستعجال على الحرب؟  لماذا لا يعطى مفتشو الأسلحة وقتهم أن كان فعلا الخوف من وجود أسلحة- و هي الحجة الباطلة على كل حال-، لماذا يعملون و قرقعة نقل الأسلحة على قدم و ساق و الاستعدادات دائبة على مدار الساعة. بليكس يقول لا رائحة بارود موجودة لشن الحرب او الدعاية لها.
إن أمريكا تدرك إنها إن فوتت هذه الفرصة التي منحتها 11 سبتمبر، فلا احد يعلم متى ستأتي الفرصة من جديد (هذا إن توفرت!) لإنهاء هذا الملف لصالح أمريكا. أمريكا تعلن عن تخليص العالم من خطر زعيم أهوج في متناول أيديه أسلحة دمار شامل، انضم إليه توني بلير ليتحدث عن المخاطر التي يسببها النظام العراقي على الأمن الوطني البريطاني، و عن دعمه لشبكة الإرهاب العالمية التي تزرع الخطر أينما وطئت أقدامها. لماذا أصبح الخطر الإسلامي الآن فقط "خطرا"؟ الم يموله الغرب نفسه؟
 الآن بدأوا يعلنون: بامكان صدام تلافي الحرب إذا غادر صدام و زمرته العراق، وبالمقابل عدم ملاحقته قضائيا‍. بأي حق يتكلمون باسم الجماهير في العراق؟ فأما الحرب والحصار، وأما مغادرة صدام، و بكلا الحالتين، ستفرض القوات العسكرية الأمريكية وجودها في العراق، من اجل تثبيت وجودها في البلاد والمنطقة، فالحلقة الثانية في المسلسل الأمريكي بعد الحرب و الدمار، و بعد أن يدفن مئات الآلاف من الضحايا تحت الأنقاض، وبعد أن يدمروا المنشآت و الطرق و الجسور و المرافق و كامل البنية التحتية، يبدأون بإعادة الأعمار. لا اقل من سنة و نصف حسب مخططاتهم، السيطرة على آبار النفط لتامين بيع النفط مقابل الغذاء. تامين تنفيذ الاتفاقية المذكورة. ستدفع تكاليف الحرب من نفط العراق، أليس هو ثمن تخليصنا من نظام صدام الذي فرضوه علينا بقوة المال و السلاح، فللخلاص منه، يجب أن ندفع الثمن.
من هنا، يجب أن نقف ضد الحرب و ضد الحصار، وضد التدخل الأمريكي و ضد المعارضة العراقية التي تعبد الطرق أمام دخولهم من اجل مصالحهم الشخصية. إن نضالنا بعد صدام سيتصاعد و سيزداد حدة، الآن يعزف الجميع أنشودة إسقاط النظام، بعد إسقاطه سيعرف الجميع ماهية حقيقة المعارضة - لإسقاط النظام- إن كانت لازالت خافية على احد لحد الآن! بعد إسقاط النظام سيصبح الوضع بأكمله أكثر  شفافية.
و سنذكر مرة أخرى بما نقوله اليوم و ما قلناه  منذ عشر سنوات إن القوميين العرب والأكراد و الأحزاب الإسلامية، و ضباط النظام هم جزء من السيناريو الأسود المرسوم لجماهير العراق. إنهم يوقعون للأمريكان على شيكات فارغة، فقط لإخراجهم هم من أزمتهم، و إعادتهم إلى بغداد بقطار أمريكي من جديد، هؤلاء الذين وقعوا بعد صدام على إبقاء اتفاقية النفط مقابل الغذاء. هؤلاء الذين ليس لديهم مشكلة في ابقاء الجوع و الحصار مادام صدام سيذهب ويأتون هم بدلاً عنه كما يتصورون. إن أمريكا ولشدة استهتارها برأي الجماهير، و نيابة عن الجماهير في العراق، تقول: نضمن عدم ملاحقة صدام رغم كل الجرائم التي ارتكبها!!  ليست أمريكا من يجب أن تقرر ملاحقة صدام أم لا.
الاستنتاج الرئيسي هو انه لا يمكن فقط الاكتفاء بتنظيم حملة ضد الحرب. يجب إنهاء هذا الكابوس من حياة البشرية. على البشرية التحررية أن تصوغ تاريخا جديدا تتمثل أول مفرداته بإعادة الولايات المتحدة إلىمكانها و إنهاء التدخل الأمريكي في مصير الجماهير، إنهاء دور عملائها المأجورين و موظفيها المحليين و العالميين. إن وقوفنا ضد سياسات أمريكا، يتطلب معه و بنفس الدرجة إن لم يكن اشد، وقوفنا ضد هذه الأحزاب، إسلامية كانت أو قومية أو شيوخ عشائر التي تسعى إلى صياغة بعث جديد.
إن صداما أهوج و ديكتاتور، و هو لا يقل خطورة عن شارون و بوش الأب و الابن. إذا كان العراق لا يلتزم بتنفيذ المواثيق الدولية، فأمريكا نفسها هي أكثر القوى خروجاً عن "الإرادة الدولية" بإعلان إنها ستشن الحرب حتى لوحدها إن اقتضت الضرورة. و بالقدر الذي يشدد و يصعد الحزب من نضاله ضد الأمريكان، بدرجات اكبر و مضاعفة ضد التيارات القومية و الإسلامية و تلامذة النظام البعثي و ضباطه وشيوخ عشائره.

25-1-2003









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ممزق الأحشاء وفاقد البصر.. الشاب الغزاوي رامي ضحية جديدة للا


.. فيضانات ودمار خلفه إعصار خلال مروره بجزيرة بربادوس في البحر




.. إعصار كارثي محتمل يضرب الولايات المتحدة


.. خارطة بالقواعد الأميركية المنتشرة في الدول الأوروبية.. وعدد




.. الخارجية التركية: جهود تركيا ومواقفها الراسخة من أجل الشعب ا