الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فتاة المنافي

ناهدة جابر جاسم
(Nahda Jaber Jassem)

2016 / 7 / 1
الادب والفن


لم يمر شهر على عودتها من فرنسا وأملي في ان تبدأ حياة جديدة متخلصة من هاجس عقدة لون جلدها وبشرتها المعجونة بشمس الفرات.
تخلقت في رحمي حين كنت سجينة وأبوها في مخيم للاجئين في مدينة ارومية الايرانية  الواقعة في اقصى الشمال الايراني. صرختها الاولى في بلاد الشام / دمشق/. 
 أكملت عامها الأول في موسكو.
خلقت وبشرتها معجونة بشمس الديوانية مدينتي الفراتية. سمراء وكأنها رغيف خبز حار وشهي وللتو خرج من التنور. 
جاءت في ساعة متأخرة من الليل. كان يومها طويلا مابين المدرسة والعمل. سلمتها رسالة كانت معنونة لها. تلقفت الرسالة ودون أن تنطق بحرف أسرعت صاعدة إلى غرفتها في الطابق الثاني.
 وبعدَ لحظات جاءتني مخذولة وخائفة ورعب في عينيها لم أدركه في تلك اللحظة قائلة!
- ماما أحتاج مساعدتك!
- بماذا؟
- ماما أنا في ورطة!
- ماذا؟
- ماما أريدك أن تذهبي معي إلى المستشفى
- لماذا يا روحي؟ هل تشكين من سوء؟
- ....!.
-طيب ليش حبيبتي!
- ماما أرجوك لا تكثري من الأسئلة!
- طيب …
 هل تريدين الذهاب الآن ؟ ولكن الوقت متأخر من الليل؟
- اي ماما في المستشفى قسم للحالات الطارئة والمستعجلة والدوام 24 ساعة كما تعرفين! 
أخذتني الهواجس إلى ظلام لحظات الخوف وهاجس الاعتقال أيام النضال السري زمن الدكتاتور، صرت صغيرة، طفلة مسكينة، قلقة. لم أستطع الجلوس لحظة، جعلت أدور بين الغرف، أشغل نفسي في المطبخ، أعيد ترتيب الأشياء، وأخشى إعادة الأسئلة، إذ اعرف بنتي جيدا، كلمتها واحدة لا تريد البوح هذه اللحظات بطبيعة المشكلة وعليّ الصمت والأنتظار.
صارَ الوقت أخرساً وثقيلاً !
  أخذتني الهواجس الى اقسى حالات الخوف ولحظات أخباري ..انني حامل بها… وأنا التي عصية كوخ وجدت مرتعا ملائماً لها في رئتيَ!
قالها الطبيب الايراني وبلغته الفارسية التي لها ايقاع يشبه مقطوعة مونامور الموسيقية.
وأنا ادور بين الحديقة والبيت والغرف ذهبت بعيدا إلى تلك الأيام، ففي لحظة علمي بأني حامل أصابني الفزع مثلما حالي الآن وأنا بانتظار أصطحابها الى المستشفى، كنت قد طلبت من لاجئة كردية وتجيد اللغة الفارسية الذهاب معي كي تترجم لي، كانت شابة جميلة لديها روح مرحة تعرفت عليها في معسكر اللجوء. فأصطحبتني إلى مستشفى في أرومية، ودخلنا على الطبيب فأجرى التحاليل اللازمة ليخبرني باسما بلهجة حانية ونغمة الفارسية التي أحببتها:
- خانم أنت حامل.. مبروك!.وفي الشهر الرابع
- ماذا تقول! انا مريضة بالسل الرئوي وفي مرحلة العلاج! مستحيل
قلتها فوراً وبدون تفكير، ثم صحوت من هول الصدمة وقلت:
- دكتور هذا مستحيل
- لماذا مستحيل يابنتي؟
- دكتور انا مصابة بالسل واتعالج كما انني اتبع طريقة للوقاية من حدوث الحمل!

اخ ياربي! ماذا فعلت لكي تعاقبني! أنا انثى لم احترم جسدي! ما الحل؟ هلوسات وحوارات كنت اجلد نفسي بها! أفكر عميقا بمستقبلي المجهول وانا اعيش بصحبة زوجي ورفاقي في معسكر للاجئىن والتي كان ثكنة عسكرية وتحت رحمة جهاز الاطلاعات (المخابرات) الأيراني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا


.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط




.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية


.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس




.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل