الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النّسيان :جوهر الأزمة الإنسانيّة

رضا كارم
باحث

2016 / 7 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


الدولة حولت الإنسان الى شيء قابل للتعليب و السلعنة و الاتجار و التجريب .
الناس الكل تفيق في وقت واحد. يمشو لنفس المحطات . يركبو في نفس الحافلات او عربات الميترو او سيارات الاجرة او النقل الريفي المكتضة بيهم. كلهم يوصلو تعبانين من سهرية البارح و الطلبات متاع الابناء و الدزان
متاع بقية الاشياء اللي كيفهم ماشية تخدم.
الناس الكل يسكنو في مباني متشابهة ضيقة مافيهاش هواء ، مافيهاش طبيعة. بلوكات اسمنيتة معبية بالغضب مسطحة عنيفة و تتحول مع اول غضب للطبيعة الى ادوات قتل...
الناس الكل يبدو قبل الثامنة صباحا في الخدمة متاعهم مستعدين باش ينفجرو ضد بقية الناس اللي جايين طالبين خدمة.
رعب عايشين فيه البشر. قوانين زجرية موضوعة موش باش تتفهم آلام الناس و تسمعهم بل باش تعاقبهم رغم تلك الآلام الفضيعة. مراة حامل عوض ترتاح انطلاقا من فترة محددة من الحمل، لا هي،
تبقى في الهم و الدزان و العايط و القلق ل7شهور كاملين او اكثر.
علاش هذا الكل؟ مقابل شنوة هذا يصير؟
مقابل هاك الشهرية اللي باش يشرو منها حاجاتهم و يخلصو الكراء و الماء و الضو و التليفون و الانترنت و مصروف الصغار او لمجاتهم.
الدولة في بالي من مهامها حماية البقاء متاع الانسان، موش متاع الشيء. حماية البقاء هذي ماهيش مربوطة بالاهانة ، و لا بالتفرقة و لا باللاعدالة و اللاعدل.
بوليس يضرب مراة في منزلو و يهددها و يتوعدها و التحيقي يقومو بيه زملاؤو المناضلين.
بوليس ضرب مراة : شنوة التحقيق اللي ننجمم نعملوه توة؟
باش نثبتو انو المراة المسكينة هي اللي اعتدت على بوليس في تونس؟
يعني باش تصدقنا الناس؟
هذي ماهيش مدخل باش البشر يتحرك؟
لا أبدا . يا اما اهلها يتحركو و يجندو وسائلهم ، او ما فمة حتى حساب.
الدولة متاعنا هي فقط ممارسات عنصرية استبدادية ضد الناس.
فمة مافيات مستفيدة متحلقة حولها اوباش خالية من الشرف يصنعو في القيم و القوانين و الجماليات و الإرهاب زادة. و فمة اغلبية ما توثقش في بعضها، متشتتة ، متهرسلة ، مصابة بالفردانية الطبيعية المقيتة ، فردانية الغابة ،
فردانية حيوان جاع يوكل هو فقط و ما على بالوش ببقية الحيوانات ابدا. نحن في مستوى غريزي . نجوعو نوكلو، كيفاش باية وسيلة؟ هذا ما عندو حتى اهمية.
لانو اللي يقري الايتيد و اللي يوخذ رشوة في الطريق و اللي يقضي بالظلم و القهر مقابل عمولات، و اللي يخرب في فلوس دافعي الضرائب باش يعمل مشاريع فاسدة من نهارها الاول، و اللي يوخذ قضية و يبيع المتهم فيها بتنسيق مع المدعي ...
هذي ناس مهتمة فقط بالاكل و المسكن و الراحة. يعني حيوانات بالفعل .
لما البشر يفقد سيطرتو على ذاتو ، سواء السيطرة على مخاوفو او السيطرة على مفاسدو، يفقد تماما انسانيتو و يكون حيوان ناطق يبرر وسخو باي كلام و باي تخلويض يجيه على بالو.
الناس الكل تفيق الثامنة صباحا تمشي للخدمة في نفس الوقت و يمارسو ممارسات تناقض قوانين الشغل اللي هوماموافقين عليها و اللي ما قاوموهاش ابدا مع بعضهم.
الاحتجاج الفردي راهو ما يساوي حتى شي. الاحتجاج الفردي ما يدلش على الروح المقاومة، ربما يدل على العكس بالضبط. لانو القطوس لما تتكلو قطعة لحم ينجم يحل حرب كاملة حتى لو يخسرها.
يعني تصرف غريزي ما عنجدو حتى علاقة بالشجاعة و الايمان بالحق ....
اللي بالفعل يحتج هو اللي يحب يغير. و التغيير ما يكونش فردي ابدا. راهو لما تغير في محيطك الصغير فقط انت يا سيدي حليت مشكلة ظرفية مؤقتة بسيطة و ما حليتش المشكلة.
يعني موش صحيح انو لو كل واحد يقوم بدورو من موقعو توة كل شي يتصلح.
علاش هي المواقع لما نجمعوها مع بعضها نتحصلو على الوجود؟؟؟؟
لاااااا. التغيير يصير جماعي و انطلاقا من مشروع جماعي عقلاني. التشاركية هنا هي اساس اول . شنوة تعين التشاركية؟
موش كل واحد يعطي رايو . موش اي راي يتمسى حرية. لانو فمة آراء لازم اصحابها يتعلمو يسمعو و يتعلمو قبل ما يتقيؤوها. التشاركية هي انو نؤسسو مع
بعضنا مشروع يفهم مصالحنا المشتركة و يحط اداوت تامينها و سلامتها و ديمومتها. و لذلك هو عقد مفتوح على التعديل اللي تثبتو الخيارات الخاطئة.
لانو نحن ما نملكوش تجربة كاملة مطلقة و فهم نهائي مكتمل للتاريخ. نحن نتعلمو اثناء الحركة و التعديلات هذي قد تحتاج الفورية و السرعة الناجعة ،
و هذا يتطلب تكوين فرق من داخل الحقول المشتركة للانجاز الفوري و لتحمل مسؤولية الاتجاز ان كان خاطئا.
بمعنى، علاش نمشو الناس الكل الثامنة للخدمة؟
شنوة الكارثة اللي تصير لما نتقسمو لمجموعات عديدة كل مجموعة تمشي في وقت مختلف على اللي قبلها؟
يظهرلي الدولة الوحيدة في العالم اللي ما عندهاش باصات توصل التلامذة لمدارسهم . راهو نسبة مائوية عالية من الهرسلة اليومية و الضغط النفسي هو توصيل الاولاد للمدرسة.
كيفاش تخلص ورقة الماء و انت تخدم مع البريدي في نفس التوقيت؟
كيفا توخذ شهريتك وانت و البنكاجي تخجمو في نفس الوقت؟
الدولة عملت كل شي باش تصنع الضغط النفسي و الازمة اليومية لماحقة المجهول اللي اسمو الوقت.
الوقت كالسيف ، الوقت ثمين، الوقت ، الوقت . المقت ايضا.
علاش مزروبين برشة؟
ما ننجمش نفوت الثامنة، المدير او العرف يعملي مشكلة.
هذا منطق الانسان قبل الثامنة بدقائق . منطق بكلو رعب. العللاقة مع القانون هي علاقة رعب. و انتقلت من القانون للي يطبق فيه . و دخلنا في فساد مختلف.
في تحرش جنسي يومي و علني و مفضوح و مقبول و يتحول في حالات الى مسائل معقدة اكثر.
ثم انتقلنا الى الرشوة ، و هاي قهوة او "قبلة" او اي كارثة و اسكت ما تعملش مشكلة.
الدولة صنعت ماكينات و قتلت الملايين من البشر.
ما عادش فمة إحساس كوني بالقيمة متاع الحياة الحرة ، اللي تفهم حريتها في حرية الآخر و حياتو و سعادتو و فرجتو. ماعادش مهم نعرف إحساس الآخر و أزمتو و نعاونو.
موش مهم اني نؤدي وظيفتي الحقيقية في الدنيا و اللي هي الحب و التغيير المبني على الحب.
نحن نسينا شعور الحب. النسيان هذاكة موش مجرد عطل في الذاكرة بل قرار من العقل الحيواني متاعنا. قررنا انو ننسو مسؤولياتنا الاكثر اهمية و هي مسؤولية تشارك الحياة السعيدة مع الآخر.
لما نفهمو احزان اآخر و آلامو و أزمتو، لما نتعلمو نحبو ، توة نعملو التشاركية.
نحن نسينا و بالتالي ما عادش نعرفو نحبو.
نسيان الوجود و تذكر الموجود أدى الى نهاية الميتافيزيقا . و نسيان الحب و تذكر الغريزة أدى الى نهاية الإنسان.
_________________
رضا كارم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون: أنجزنا 50% من الرصيف البحري قبالة ساحل غزة


.. ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟




.. المقاومة الفلسطينية تصعد من استهدافها لمحور نتساريم الفاصل ب


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل لاتفاق وعلى حماس قبول ال




.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منزلا في الخليل