الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جرائم العثمانيين لم تكن بحق الأرمن فقط ...

صادق إطيمش

2016 / 7 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


جرائم العثمانيين لم تكن بحق الأرمن فقط ...

بعد موافقة البرلمان الألماني على اعتبار الجرائم التي قامت بها الدولة العثمانية على انها جرائم ضد الإنسانية عبر عنها البرلمان بمصطلح ( VÖLKERMORD ) اي قتل الشعوب، جن جنون ورثة الدولة العثمانية من العثمانيين الجدد داخل وخارج تركيا التي تبنت هذه الوراثة رسمياً. فحينما اعلنت الدولة الكمالية الجديدة بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى بانها تبني كيانها الجديد على مخلفات الدولة الساقطة، فإنها كانت تعي ما اقترفته هذه الدولة من جرائم بحق الشعوب التي كانت تستعبدها قومياً ودينياً مشرعنة ذلك بقوانين دينها الذي مارسته طيلة فترة تسلطها على مختلف الشعوب والذي فسرته على اساس ان الأمة الإسلامية هي خير امة أخرجت للناس ليحق لها بهذا التوصيف ان تأمر وتنهى ما شاء لها الأمر والنهي والتحكم برقاب الشعوب وابتزاز خيرات اوطانها. لا يبرر اختلاف شدة وطأة هذه الجرائم وحدتها وطريقة ارتكابها وعدد ضحاياها من تخفيف شدة إدانتها التي لا يمكن وصفها بغير القتل الذي يحرمه دين العثمانيين القتلة انفسهم، نفس ذلك الدين الذي وظفه العثمانيون القدامى سابقاً ولا يزال يوظفه العثمانيون الجدد اليوم، يقودهم العنصري الطائفي رجب طيب اردوغان، لقتل الشعوب واستغلالها ونهب ثرواتها والسيطرة على آليات مسيرتها في عالم الحداثة ومحاولة العودة بها إلى عهود السلاطين وقصور الحريم واسواق الإماء والعبيد.
النزعة السلطوية التي برزت بشكل جلي لدى العثمانيين، تجلت منذ استيلاء هؤلاء على مقاليد المجتمعات الإسلامية بعد تفكك الدولة العباسية والدويلات التي نشأت عنها. والإجراء السلطوي الأول الذي اتخذوه في هذا المجال هو تحويل الخلافة إلى سلطنة واستبدال الخليفة الحاكم بالسلطان الحاكم. نعم سلطان يامر وينهى بما يشتهيه ويراه باعتباره المرجع الديني الأعلى الذي يجب ان يُطاع وان مخالفته كفر يقود إلى الجحيم وطاعته عبادة ثوابها الحور العين وجنات النعيم.
لا تختلف المآسي والجرائم التي اقترفها العثمانيون في وطننا العراق عن الجرائم التي ارتكبوها في المناطق الأخرى التي تحكموا برقاب اهلها. فكما كانت الدولة الصفوية تمارس القتل والإرهاب بكل اشكاله ضد الشعب العراقي الذي لا تروق عائديته القومية او طائفته الدينية لحكام هذه الدولة المسلمة ايضاً، وذلك حينما يفرض الصراع العسكري والسياسي مع الدولة العثمانية ان يستولي الصفويون على العراق او على اجزاء منه احياناً، كانت كذلك ايضاً الدولة العثمانية بسلاطينها وجرائمها التي تمارسها ضد القسم الآخر من الشعب العراقي الذي لا ترى اسلامها في اسلامه ولا قوميتها في قوميته.
لم تفرق الدولة العثمانية في تنفيذ جرائمها ضد العراقيين المسلمين من العرب والكورد او من تابعي الأثنيات الأخرى إن وجدت ما يشبع غليل جريمتها في طائفة اسلامية اخرى غير طائفتها او في قومية اخرى غير قوميتها. وشواهد التاريخ كثيرة على ذلك وموثقة توثيقاً علمياً يستطيع كل باحث كشف ما أُخفي منه لحد الآن وأبعد بذلك ورثة الدولة العثمانية عن حساب الشعوب التي اقترفت هذه الدولة الجرائم بحقها بالأمس والجرائم التي يقترفها الورثة تحت نفس الغطاء العثماني الأسود اليوم.
والملفت للنظر ان هذا السكوت عن الجرائم الأخرى لعثمانيي الأمس واليوم بحق كثير من الشعوب استمر ويستمر لعقود طويلة من الزمن دون ان يُثاراي جدل حقيقي جدي حوله. فالجرائم التي اقترفها العثمانيون في العراق ضد المسيحيين كانت البدايات التي قادتهم إلى جريمتهم النكراء ضد الأرمن عام 1915 والتي قتلوا فيها ما يقارب المليون ونصف انسان.
اما الجرائم الكبرى التي ارتكبها العثمانيون في العراق والتي لابد من الإستمرار بالتحري عن أحداثها وسبل تنفيذها وعدد مرات تكرارها وبشاعة وبدائية القائمين بها، فهي تلك الجرائم التي ارتكبتها الدولة العثمانية ضد الطائفة الإيزيدية والتي تكررت في حملات ابادة جماعية قاد معظمها والي الموصل العثماني والمدونة تحت الرابط التالي.
http://www.ekurds.com/arabic/farman.htm
هذه الجرائم لا يمكن السكوت عنها بعد اليوم ويجب التعامل معها على اعتبارها جرائم ضد الإنسانية، تماماً كالجرائم بحق الأرمن، يعاقب عليها مرتكبوها او كل من ورث اولئك المرتكبين لها، والعمل على إقرار التعويضات الأدبية والأخلاقية والمادية التي تترتب على مثل هذه الجرائم وحسب الأعراف والقوانين الدولية وقوانين ولوائح حقوق الإنسان السائدة اليوم.
ولعل هذا العداء الجنوني ضد ألإيزيديين لم يكن مرده دينياً فقط، بل وقومياً ايضاً. ومن خلال المسعى العدائي الذي اتخذته الدولة العثمانية، عانت الشعوب التي وقعت تحت نير التسلط العثماني الأهوج من ويلات سياسة التتريك التي إتبعها هذا النظام ضد الشعوب الغير تركية محاولآ مسح قوميتها وقطع صلتها بتراثها وتاريخها الفكري إستعدادآ لإذابتها في أتون التعصب القومي التركي الذي أراد له العثمانيون أن يكون العلامة المميزة لجبروتهم وتسلطهم على الشعوب المظلومة التي خضعت لمئات من السنين تحت نير هذه الأفكار الشوفينية السوداء . ونظرآ للشعور بالنقص الثقافي والجدب التاريخي الفكري الذي تولد لدى العثمانيين بالأمس تجاه القوميات التي أخضعتها بالقوة لتقبل الفكر العنصري التركي، حاول سلاطين آل عثمان أن يجعلوا من الثقافة العثمانية، التي لا تساوي شيئآ في حساب الزمن، الثقافة السائدة لدى الشعوب التي إستعمرتها باسم ألإسلام والتي أفقرت بلدانها وسخرت كل ما فيها من الموارد والطاقات البشرية والمادية لخدمة الباب العالي العثماني. لذلك لم يفلت الشعب الكوردي ايضاً من هذا التوجه العنصري المقيت الذي إستمر حتى بعد إنهيار الدولة العثمانية الذي مهدت له الحرب العالمية ألأولى والتي قادت نهايتها إلى تحرر بعض الشعوب من ألتسلط العثماني ألأهوج . إلا ان السيطرة التركية الجديدة لدولة أتاتورك إستمرت بالتحكم بمقدرات الشعب الكوردي ألذي وضعته سياسة المحاصصات الدولية آنذاك تحت رحمة القوميات الكبيرة في المنطقة والمتمثلة بالعربية والفارسية والتركية . ومنذ نشوء الدولة الكمالية التي سوقت نفسها كدولة عصرية، ظلت الممارسة العنصرية ضد الشعب الكوردي في تركيا السمة البارزة للعنصرية الشوفينية الرجعية للدولة الجديدة . ولم تتوقف هذه السياسة الرعناء ضد الشعب الكوردي في تركيا حتى بعد أن توالت على الحكم الأحزاب السياسية ذات التوجهات المختلفة في كثير من القضايا التي تواجه الدولة التركية الجديدة، إلا انها متفقة جميعآ على العداء للشعب الكوردي والوقوف ضد التوجهات القومية التحررية والحقوق المشروعة لهذا الشعب، تلك الحقوق التي نصت عليها المواثيق والأعراف الدولية القاضية بحق الأمم والشعوب بتقرير مصيرها والعيش ضمن الكيانات السياسية والوطنية والقومية التي تمثلها حقآ . وظل الشعب الكوردي المقطع الأوصال بين حكومات أنكرت حقوقه القومية وتصدت بالعنف لتوجهاته التحررية، ظل يعاني من ويلات هذه السياسة القمعية التي تمارسها الشوفينية التركية اليوم على أبشع صورها من خلال الحرب الهمجية الوحشية على معظم اجزاء كوردستان والتي سوقتها السياسة العسكرية والقيادات العنصرية التركية على أنها حرب ضد المقاتلين الكورد من حزب العمال الكوردستاني، وليس ضد الشعب الكوردي كما تزعم أبواقهم الدعائية وألأبواق المطبلة لهم إقليميآ وعالميآ .
ما نريد الوصول إليه في هذا الحديث هو محاولة جمع اكبر ما يمكن من اصوات الرأي العام العالمي شعوباً وبرلمانات وحكومات، تتبنى طرح جرائم العثمانيين القدامى والجدد على بساط البحث الدولي لمعالجتها ومناقشتها دولياً وإعداد اللوائح القانونية لتقديمها إلى محكمة العدل الدولية كي تقاضي بها رواد السياسة العثمانية وما ترتب عليها من قتل للشعوب وتحميل الورثة الشرعيين للمسخ العثماني كل تبعات هذه الجرائم التي اقترفها آباؤهم واجدادهم بالأمس إضافة إلى الجرائم التي يقترفها العثمانيون الجدد اليوم بحق مختلف الشعوب. لنسعى جميعاً إلى تفعيل هذه الفكرة ونتبنى آلياتها من خلال ورش عمل محلية واممية تمهد الطريق لذلك.
الدكتور صادق إطيمش








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاحتلال العثماني البشع
امين ( 2016 / 7 / 2 - 01:39 )
إبادة الأرمن والاشوريين والعرب ايضاً من مسلمين وغيرهم ، وفي السادس من أيار هو عيد الشهداء اللذين أعدموا من قبل العثمانيين ،الاحتلال العثماني للدول العربية كانت نتيجته تخلف العرب الف سنة لم يتعلم العرب من العثمانيين سوى الشتائم التي تستعمل الى هذا التاريخ لدى العرب ، وكانوا يلقبون العرب (pis Arab ) اي العرب القذر ، وما زال دول العرب البترولية يرتمون في احضان هذا المحتل الغادر ، في تدمير دول عربية كانت بالامس القريب من الدول الامنة الاولى في العالم .


2 - هذا هو الواقع
الدكتور صادق إطيمش ( 2016 / 7 / 2 - 10:58 )
شكراً استاذ امين على هذه المعلومات التي تعبر عن واقع التخلف الفكري والنزعة الإجرامية لدى عثمانيي الأمس واليوم على حد سواء، تحياتي