الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلمات موجوعة .. نصرخ حين يصمت آخرون!

محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)

2016 / 7 / 2
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


يخرج من المطبعة هذا الأسبوع كتابي التاسع عشر وعلى غلافه هذا العنوان ( كلمات موجوعة .. نصرخ حين يصمت آخرون).
وتلك هي مقدمة الكتاب التي لم تـُـنشر في مكان آخر بعد.

مقدمة و إهداء معاكس للرئيس السيسي!

أظن أنها المرة الأولى التي يهدي فيه كاتب كتابه لشخصية رفيعة المقام والسلطة، ثم يصدر كتابا جديدا ينزع فيه الإهداء الأول ويحذفه و.. يكاد يعتذر عنه!
إن فرض القناعات على النفس نفَسُها قصير، ورغم أنني كتبت الإهداء السابق مشروطا بشروط أغلى من القصرحتى يصبح توقيعي الممهور بأمال وأحلام وتمنيات عهدا لا ينقطع مهما اختلفت معك لاحقا، إلا أن كل يوم كان يتأكد لي أن التأييد المشروط انتهى أجله، وأن التعاطف معك سيجعلني أحمل أوزارًا إلى يوم القيامة.
كل يوم أتعرض فيه للمساءلة الضميرية، والتهكم الذاتي كان ينتهي بتأجيل فضّ العقد الشفوي والتحريري، ولو لم يكن بديلك جماعات دينية مهووسة بالدم، وأحزابا كرتونية تسقط قبل أن تقوم، وتطير مع الرياح قبل أي عاصفة، لكنت الآن في الجانب المناهض لك منذ الشهر الأول لتسلمك مقاليد السلطة.
لم يكن من العقل والرجاحة والمنطق أن أعارضك قبل مرور عامين على الأقل حتى تأخذ معارضتي مصداقية، فمن يقرأني كان سيردد بأنني اختلفت مع السادات وحسني مبارك والمشير طنطاوي ومحمد مرسي، فكيف سيصدقني أحد وهذا أثر فأسي ... أعني قلمي؟

كان من السهل أن أراك وأنت تتكلم، وأسمعك وأحسك وأشمك وألمسك، وأتسلل إلى أحلامك، ساطعها وباهتها، وأدلف لخلجات نفسك، وأقرأ ماضيك وأتأمل في حاضرك وأرى مصرنا في مستقبلك. قلت لنفسي بأن الرئيس السيسي ليس مطالبا بالحديث اللغوي والثقافي والعلمي والأكاديمي والسياسي بتعبيرات يهلل لها فرحا المعجم.
وقلت بأن الرئيس سيطهر القضاء، ويأمر بمشروع لسن قوانين في كل المجالات تتفوق على نظيراتها في الدنيا كلها، وأن الفساد لن يعثر على ثغرة في رأس قاض أوقعه حظه في عهدك. وأن العشوائيات وأطفال الشوارع والأمية والتسول ومكبرات الصوت والتطرف الديني وعالم الفتاوى الفجة ستنتهي إلى غير رجعة.
وأن كرامة المواطن من كرامة الرئيس، والضابط الذي يصفع مواطنا على وجهه كأنه اقتحم قصر الاتحادية ووجه الصفعة للرئيس نفسه. وأن قانون ازدراء الأديان مأخوذ من جماجم داعش الجوفاء، وأن تأجيل المحاكمات مرات عدة هو تحالف مع الشيطان.
وأن تبرئة حسني مبارك وعائلته ورجاله أكبر هزيمة تلحق بمصر في كل العصور. وأن الرئيس سيحاسب قناصة العيون وقتلة الشهداء الشباب وخصوم ثورة يناير.
وأن الحكم بإعدام المئات في دقائق دون مثول وشهود ومحاكمة عادلة لا يختلف عن مقصلة جنكيز خان.
وأن الرئيس سيحتضن ثورة أبنائه الينايريين، فإذا بهم يُحشرون في زنزانات مهينة كأنهم مجرمون أنجاس.

والرئيس سيحترم الدستور، وسيلقى في هامش التاريخ بالأحزاب السلفية والدينية التي تمنح ولاءها لموروثات عبثية متصاغرة بدلا من وطن واحد لا يعرف عدة ولاءات. والرئيس سيصهر المصريين في بوتقة واحدة لا يعرف مسلموها مسيحييها. والرئيس سيقوم بثورة إعلامية تجعل مصر في ركب أمم الأرض المتقدمة، فإعلامنا حالة قرداتية من القفز والرقص والطبل والبدائية. والرئيس سيترك قوى الاستنارة تقود الحركة الفكرية والتعليمية والإعلامية، والرئيس سيختار مساعديه ومعاونيه وناصحيه ومستشاريه من ورثة الأنبياء حتى تكون قراراته سماوية قبل أن تلتصق بالأرض.
والرئيس سيعطي مهلة محددة، كقناة السويس، لجعل كل شوارع مصر تبرق من نظافتها، وكل مستشفياتها قصورا، ومدارسها كأنها في عصر النهضة. والرئيس لن يعطي أذنيه لإعلامي متسلق أو متخلف أو جاهل، وكل ساعة، وكل دقيقة من وقته هي للشعب. وعهد الرئيس هو جنة الطفولة السعيدة وليس الطفولة التي يتم فيها الحُكم على طفل انتهى لتوه من الفطام.
لكل هذا وآلاف الأسباب الأخرى قررت أن أهديك عكسَ ما أهديتك في كتابي الأسبق، فأنا لا أريد أن أخفض رأسي خجلا أمام زوجتي وأولادي وأحفادي، بل أتمنى أنْ يظل هذا الإهداء المعاكس في مكتبتي هنا لتقرأه أجيال من صُلبي ستعرف أن رائحة حبر قلمي أزكى من كل العطور.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نقاش | كيف تنظر الفصائل الفلسطينية للمقترح الذي عرضه بايدن؟


.. نبيل بنعبد الله: انتخابات 2026 ستكون كارثية إذا لم يتم إصلاح




.. بالركل والسحل.. الشرطة تلاحق متظاهرين مع فلسطين في ألمانيا


.. بنعبد الله يدعو لمواجهة الازدواجية والانفصام في المجتمع المغ




.. أنصار ترمب يشبهونه بنيسلون مانديلا أشهر سجين سياسي بالعالم