الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دولة إسلامية ردّا على دولة إرهابيّة

رضا كارم
باحث

2016 / 7 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


إن أزمة الفعل التربوي في تونس جاوزت كلّ مناورة تفيض بها عبقريّة الدّولة .
مرحلة ناجي جلول أثبتت انهيار الحركة التعليمية في تونس و انحدار العلاقات بين المتدخلين التربويين إلى مستويات مفارقة للانتظارات .
ارتدادات هذا العار و انزياحاته ستبدو جليّة مستقبلا في سلوكات مغالية في لامبالاتها بالواقع و القيم و التصورات المجتمعية القائمة.
ستنشأ أجيال تدمّرنا بالكامل و تقضي على فرص حياة رتيبة عاديّة .
أتحدّث عن حرب أهليّة متوقّعة بشدّة نتيجة تواصل العبث السلطوي من تقسيم جهوي حدّي و عودة الفكرة القبلية إلى التموضع في التاريخ ، و انهيار التجربة الليبرالية الديمقراطية لغياب ثقافة الاختلاف بالكامل ، و استثمار الراغبين فيالعمل العام سياسيا و نقابيا في العرش و القبيلة و العائلة لحصد الأصوات الانتخابية اللازمة.
هذه الممارسات التي تبدو صغيرة و معزولة الآن ، هي المحدد الرئيس في كل عمل انتخابي في القرى و الجهات الداخلية أي في مناطق التوتر الاجتماعي التقليدية. و ليس غرياب ان تنتقل الى ضواحي التهميش و الضبط في العاصمة و من ثمة بقية مناطق الساحل.
و مواصلة الضغط سواء عبر العسكر و البوليس او اللامبالاة و الاحتقار كما هو الحال الآن، سيخلق جذور الحرب الأهلية. و عندما يكون لدينا خريجو مدارس فارغون من كل قيمة و عاجزون عن تدبير تواصل مقبول في حدوده الدنيا، عندما تكون صناعة الراي مسالة متاحة لمافيات يديرها نبيل القروي او سامي الفهري فإننا نحصل على مجتمع ممزق بالكامل و متسعد الآن لممارسة القتل دون هوادة.
وجود تونسيين عديدين في تنظيمات قصصوية و متطرفة جدا و مرتبطة بالدم أساسا، ليس فقط تعبيرا عن فراغ ديني ، بل لعله لليس كدلك ابدا.
المسالة أعقد كثيرا من ان ترتبط بمجرد تعلق فجئي بالله و نبيه و صحابته. نحن في الحقيقة إزاء نكوص صريح عن مؤسسات الدولة الإرهابية العنيفة ، و انتقال إلى خيارات مختلفة تؤمّن صورة إيجابية للذات عن ذاتها. يحتاج هذا الشّاب المسافر إلى الدولة الإسلامية إلى تبرير خياره لذاته. لذلك يحضر الدّين في مرتبة متأخّرة لإضفاء مسحة جميلة على سلوك متطرّف .
لنتأمّل معا هذه العلاقات : سلطة ، عنف ، ردّ عنف. ثمّ معرفة دينية، قداسة، سلطة مضادّة.
إنها توضّح مشكلة التّطرّف و شروط الارتداد البشريّ نحو فكَر مدمّرة للذات و عازلة لها عن محيطها المصدر.
السلطة تمارس عنفا مطلقا . ينتج عنه قهر متواصل. عمليات السيطرة تلك و التي تحدث بكل بلادة و دون قدرة على الإخفاء، سهّلت إيضاح مواقع العدوّ. فهم الإنسان أن صراعه ضدّ الدّولة .و لذلك بدأ بردّ الفعل . ظهر ذلك في رفضه للمؤسّسة التعليمية و نقده المثالي لها. ثم في اختيار شكل مناقض للعرف السائد، يظهر ذلك في اعتزال الغالب من الناس و السّكن الى المساجد و الانترنت لتلقّي معرفة مرفوضة من السلطة و نخبها و إعلامها. و ذلك الاستعداد القويّ للرّفض يولّد انغلاقا على الذات و تصوّراتها و ينتج قطيعة كاملة مع السلطة و المجتمع .
و في هذا المرحلة تنشأ علاقات جديدة. المعرفة الدينية التي تلقاها الانسان من المسجد و من الانمترنت خاصّة، مكّنته من الإساك بدلالة المقدّس الإلاهي و هو التكليف الشرعي بخلافة الله على الأرض و توضيح رسائلهو منها خاتمتها إلى خلقه أجمعين. تحضر سورة السّيف و سياقات العداء المسيحي و اليهودي ، و تزداد الذات تشبّعا بأزمة وجودها و فلسطين تمرّ يوميّا بعواصف التدمير دون هوادة. تبدو الهويّة الجديدة مستهدفة دون مواربة . و ينقل الإعلام بقايا أجساد محترقة و بيوت منهارة و مدن مخرّبة نتيجة القصف الأمريكي للفلوجة..
المقدّس يفضي مباشرة إلى تأسيس سلطة مضادّة. و تكون الدولة الإسلامية في هذه الحالة أعلى عقدة من شبكة التّطرّف و مظهرا نهائيا للقطيعة الكاملة مع الطبيعة الاولى للذات الهاربة من ذاتها.
إنّ المدرسة لم تعلّم الإنسان و لم تدرّبه و لم تمنحه أدوات الوعي و العقلنة.
ماذا عن سؤال جامعي يطلب من الطّلبة أن ينسخوا الدرس العامّ نسخا بليدا لتحصيل عدد سخيف بلا معنى؟
ماذا عن مصحّح يمنح أعدادا من خياله في مناظرة الباكالوريا؟
أيّ انهيار هذا الذي نعيشه؟
كيف يكون الفيلسوف مثل أبي يعرب المرزوقي؟
و خلافه.
كلّ ذلك و غيره ناجم عن أزمة المدرسة التّونسيّة. أزمة العقل التونسي و ازمة الثقافة السماعية الفاسدة. ماركسيون بالسماع . قوميون بالسماع. ليبراليون بالممارسة، و سياسات كالخراب.
هي المدرسة الفاشلة . مدرسة بورقيبة الذي عجز عن التغيير . و ظل منجزه مقتصرا على الاستثمار في تربية لم تنتج غير أزمات اجتماعية عميقة. يدرس لسنوات يفرنسا و امريكا و يعود ليفهم ان الحكومة لا يكون على رأسها إلا واحد من ساكنة السّاحل.
كلّهم يعودون لتبنّي العقل البورقيبي ذاته.
و هم اليوم يريدون وضع تماثيله في كل مكان لأنهم بالقوة بورقيبيون. كلهم دون استثناء بورقيبيون. مدرسته الجهية الفاشية البغيضة ربّتهم على التعالي و الكراهية. فهل يكونون غير طبيعتهم؟
و ناجي جلول اليساري البورقيبي الإخواني التخريفي التخريبي على راس التربية في تونس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يتمنى خراب المدرسة التونسية
salah amine ( 2016 / 7 / 3 - 12:23 )
إنك لا تبشر بمبادئ في التربية أفضل مما حققته المدرسة التونسية، بل إنك تتمنى سقوط المدرسة التونسية لكي تحل محلها المدرسة الإسلامية الإرهابية، والدليل على ذلك أنك لم تأتينا ببرنامج ومبادئ جديدة في الميدان التربوي أفضل مما هو كائن. إن المدرسة التونسية أثبتت نجاعتها بدليل فشل المدرسة الجزائرية التي اتخذت من الفكر الديني أهم أساس في برنامجا التعليمي.

اخر الافلام

.. -تشاسيف يار-.. مدينة أوكرانية تدفع فاتورة سياسة الأرض المحرو


.. ناشط كويتي يوثق آثار تدمير الاحتلال الإسرائيلي مستشفى ناصر ب




.. مرسل الجزيرة: فشل المفاوضات بين إدارة معهد ماساتشوستس للتقني


.. الرئيس الكولومبي يعلن قطع بلاده العلاقات الدبلوماسية مع إسرا




.. فيديو: صور جوية تظهر مدى الدمار المرعب في تشاسيف يار بأوكران