الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضياع هيبة السلطة والثقة بها !

عماد صلاح الدين

2016 / 7 / 3
القضية الفلسطينية


ضياع هيبة السلطة والثقة بها !
أنس صلاحات

إن أخطر ظاهرة قد تقع على المجتمعات، وهي بداية انهيار لهذا المجتمع؛ بدولته، ومؤسساته، وكافة شرائحه. انعدام الثقة بين السلطة الحاكمة وشخوصها مع أفراد الشعب سيستدرج بالتأكيد حالة من الفوضى، وبشكل تدريجي، تؤدي إلى ضياع هيبة السلطة بالكامل، وإحلال سلطة الغاب والقوة لمن يمتلكها.
ضياع الثقة هذه لها مؤشرات خطيرة، في قناعة المجتمع؛ بتطبيق القرارات أو القوانين التي تتخذها الجهات المسئولة، وأيضا في عدم الثقة باللجوء إليها لحل خلافاتهم أو قضاياهم.
إن أهم الأسباب التي تؤدي إلى انعدام الثقة هو الفساد، بكافة أشكاله سواء كان سياسيا أو وظيفيا أو ماليا أو أمنيا أو أخلاقيا ...الخ؛ خاصة إن كان منفذو هذا الفساد هم حملة الأمانة، وهم من وجب عليهم المحافظة عليها، وأيضاً في عدم تطبيق القانون على الجميع، وإتباع سياسة المحسوبية والشللية، وسياسة الجماعات، وغيرها.
كيف لك وقتها أن تطبق القانون على المواطن، وأنت نفسك لا تطبقه على الكثيرين من جماعاتك ! كيف لك أن تعمل على حملة لجمع السلاح مثلاً؛ وأنت نفسك تدعم مجموعات من المسلحين وتفرغهم وتصرف لهم المكافئات من تحت الطاولة ولا تقرب سلاحهم ! كيف لك أن تمنع البضائع الإسرائيلية؛ وأنت نفسك لا تقاطعها ، كيف لك أن تأمر بسلوك لا تنفذه أنت ! كيف لك أن تطلب من الناس أن لا يأخذوا حقوقهم بأيديهم؛ وأنت لا تنفذ القانون ولا تطبقه على الجميع، ولا تعطي كل ذي حقٍ حقه ! كيف لك بعد كل ذلك وأكثر، أن تكون هناك ثقة فيك ؟ كيف لك بعد انهيار الثقة فيك، أن تكون لك هيبة، وتسمع منك الناس، وتطبق قراراتك؟!
مع اندلاع الانتفاضة الثانية بداية العام 2000، كان هناك استهداف إسرائيلي للسلطة الوطنية ومقراتها الأمنية على وجه الخصوص، وقامت سلطات الاحتلال بتدمير غالبية المقرات الأمنية في الضفة وغزة. وأصبحت السلطة في حينه، وخاصة قواتها الأمنية، من أضعف ما يكون؛ بسبب قلة الحيلة، وحصارها، وتدمير مقراتها، ومصادرة الكثير من أسلحتها، واعتقال واستشهاد المئات والآلاف من خيرة شبابها وقادتها؛ مع كل هذا الضعف الذي آلت إليه وقتها وكانت عليه، إلا أن هيبتها لم تتأثر، والثقة بها كانت في تزايد؛ وذلك لأن سبب دمارها كان الاحتلال، وكان المجتمع بأكمله مساندا لها، وحاضنا لها، بكافة الظروف والأزمات .
في وقتنا الحالي، هناك ناقوس خطر يدق علينا بشكل جماعي؛ وهو الأخطر علينا، حسب ما أراه، بسبب حالة الضعف التي نراها في السلطة، وعدم قدرتها على فرض السيطرة الحقيقية على مدن الضفة أو على أجزاء منها. الأخطر هنا، هو أن حالة الضعف التي أصابت السلطة في الانتفاضة الثانية، كان سببها وطنيا وكانت بسبب ممارسات الاحتلال؛ أما في وقتنا الحالي، فإن حالة الضعف سببها الفساد والمحسوبية واللامبالاة في الشؤون العامة، والالتهاء في الأمور الخاصة والشخصية، وإتباع سياسة الشللية والمحسوبية والجماعات، في تطبيق القانون، وفرض الأمن، الذي لا يُطبق وينفذ على الجميع، وإنما بانتقائية بحسب الشخص وقوته وعلاقته مع جماعات صنع القرار، أو علاقته مع منفذي القانون وفارضي الأمن.. !
المواطن يرى كل هذا ويسمع عنه، ولا يرى ولا يسمع أي تحرك حقيقي من الجهات المسؤولة؛ لوقف هذا التدهور الخطير، بل يرى أن بعض من هم على رأس الهرم، هم من يساندون ويدعمون من يجب أن يُطبق بحقهم القانون، ومن هم على رأس الانفلات والفوضى التي نرى. هذا سبّب في ضياع وتيه المواطن الذي سيلجأ بعد ذلك للتمرد على واقعه أو ظلمه ومن أخذ حقه بيده؛ ومن هنا أخذ موقفه من عدم الثقة بمؤسسات السلطة الفلسطينية أو موقفه السلبي في عدم مساندة عموم السلطة نفسها. هذا، مع العلم، أن المواطن بأمس الحاجة للسلطة، وهو أكبر داعم لها، إن هو وثق بها، وبتنفيذها للقانون والأحكام، وبتطبيقه- أي القانون- من الأساس على الجميع، دون استثناءات أو صفقات مشبوهة، على حساب المواطن وأمنه وسلمه الأهلي.
سمعنا، قبل عدة أسابيع، مصادرة سيارة وزير التمنية بالقوة، من قبل مسلحين بالقرب من رام الله، وسمعنا – كذلك- عن مواطن قام بشتم رئيس الوزراء في إحدى بيوت العزاء الخاصة بشهيد في نابلس، ونسمع ونرى يوميا العشرات من الاهانات لرجال الأمن وبزيهم الرسمي أمام الجميع، ونرى جميعنا تجار المخدرات، وأصحاب القضايا والسوابق، والنصابين والخارجين عن القانون، يصولون ويجولون، دون حسيب أو رقيب. ونرى مئات البنادق التي تكاد لا تتوقف عن إطلاق النار ليلا ونهارا في مدننا، من جهات يعلمها الجميع، ونرى ضعف القوات الأمنية في فرض الأمن، في حالة حدوث أحداث أو مشاكل، لأي سبب تافه، كما حصل ورأينا في الأيام الماضية في نابلس مثلاً، والكثير من التصرفات التي نعيشها ونراها يوميا، ولا احد يتحرك لوقف هذا كله بشكل عملي، ونكتفي بسماع التصريحات بأن القانون سينفذ، ولن نسمح، ولن نساوم، ولن نتراجع ....الخ، وفي اليوم التالي تستمر الممارسات في الشارع والحي والمدينة في الحالة التي كانت عليه وأكثر؛ من حالات انفلات دون رادع قانوني أو حتى أخلاقي! والأدهى من ذلك كله؛ أن أغلب من يقومون بذلك، هم من المحسوبين على س أو ص من أصحاب القرار في المؤسسة الرسمية !!!
هذا مؤشر خطير، لحالة انهيار قد تكون شاملة، وعلى الجميع وعلى السلم الأهلي بأكمله، إن لم تفيقوا وتصححوا المسار، قبل فوات الأوان .
مع العلم، أن المواطن متعطش للاستقرار، وللأمن، والأمان، و لفرض حالة القانون، وإنهاء كافة ملفات الفساد والفوضى والمحسوبية والواسطة؛ بشرط أن تشمل الجميع، ودون استثناءات، وأن تشمل المسؤول قبل المواطن والعسكري والضابط قبل غيره؛ أن تشمل الوزير واللواء والمستشار والعطوفة والسعادة، قبل المواطن والفلاح والبائع، وان تكون هناك مساواة بين الجميع في كافة الأمور سواء الحياتية أو الوظيفية أو التعليمية أو غيرها. و عندها سيكون هذا المواطن، هو السند الأكبر والأقوى للسلطة وقواها الأمنية، في إنهاء جميع حالات الفوضى والفساد، وسيكون هو السند الأكبر لكافة المؤسسات وللبلد جميعها، وسيحمي المشروع الوطني بدمه وروحه، وسيفديه بأبنائه وعمله، وكل ما يملك؛ من أجل تحقيق حلمنا، في إقامة دولتنا المستقلة؛ دولة القانون، والعدل، والأمن، والأمان؛ هذه الدولة التي ضحى من أجل إقامتها الآلاف من الشهداء والأسرى، وتعرض الشعب بأكمله، لكافة أشكال الاعتداءات والقهر والحصار من الاحتلال، لن تقوم إلا إذا كنا على قلب رجل واحد، وبمشروع واحد، يهدف إلى تحقيق المصالح الوطنية العليا لا المصالح الضيقة والشخصية، التي إن بقيت، ستؤدي إلى انهيار شامل، لمشروعنا بأكمله، لا سمح الله .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتخابات رئاسية في تشاد بعد 3 سنوات من استيلاء الجيش على الس


.. الرئيس الصيني في زيارة دولة إلى فرنسا والملف الأوكراني والتج




.. بلحظات.. إعصار يمحو مبنى شركة في نبراسكا


.. هل بات اجتياح مدينة رفح قريبا؟




.. قوات الاحتلال تقتحم مخيم طولكرم بعدد من الآليات العسكرية