الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو شرط اجتماع سياسي سوداني حديث ، الحداثة السياسية في خطاب الحركة السودانية للتغيير

معمر موسي محمد

2016 / 7 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


اذا اردنا تأسيس دولة حديثة علي اي نوع من العلاقات يجب ان يتأسس اجتماعنا السياسي؟

كثيرا مايتبني الفاعلين في مجالنا العام السوداني شعارات تنطوي علي قدر من الانسنة والتقدمية وتنادي بتأسيس دولة وطنية قائمة علي شروط الحداثة السياسية والاجتماعية ، الا انهم يتهيبون دفع استحقاق ترجمة هذه الشعارات لوقائع تنتظم وتنظم مجالنا العام ، ربما تهيبهم هذا ناتج عن خوفهم من ممايترتب علي ذلك من خسائر سياسية ، الامر الذي دفعنا لتقديم مقاربات واقتراحات ، لعلها تكون مرشدآ لنا ولرفاقنا في طريقنا للدولة الوطنية الحديثة.

وبالعودة لمرد هذا التنازع الذي تعيشه نخبنا التقليدية وموقفهم الموارب من الحداثة وقيمها ، وخطاباتهم التي تنطوي علي قدر ليس بالهين من مظاهر التلفيق النظري يمكننا ملاحظته بوضوح في خطابات الحركات القومية العروبية والحركات ذات التوجه الافريقاني التي ترفع شعارات الحداثة السياسية من ديمقراطية ومواطنة وغيرها الا انها تتاسس علي علاقات العرق والقرابة وتستخدم لغة الهويات والثقافة لنقد وضعيات سياسية بدلا من لغة علم الاجتماع والحقوق ، كما يمكننا تملس نزعة التلفيق بوضح عند الحركات الاسلامية التي تتمظهر الحداثة في بنيتها التنظيمية وادوات عملها الا انها تتاسس علي علاقة اخوة دينية وهذه ايضا علاقة تنتمي لازمنة (القدامة الاجتماعية) وبامكاننا تعميم هذا التوصيف علي باقي القوي الطائفية ، وقوي اليسار التي تاسست علي شروط الحداثة الكلاسيكية ذات العقلانيات الاحادية القائمة علي احتكار الحقيقة وحرمان الاخرين منها ، كل هذه الاشكاليات النظرية انعكست علي فعالية هذه التكوينات في المجال الاجتماعي والسياسي ، ولقد تبين لنا بالتجربة والملاحظة أن اغلب منظوماتنا الناشطة في المجال العام السوداني بطبيعة تصوراتها الذهنية والفكرية وبنيتها التكوينية مناهضة لقيام دولة حديثة ومناهضة للديمقراطية، وليست سوى نسق لتوليد الاستبداد ، لايمكن لنا ان نتحدث عن دولة حديثة ونؤسس احزابنا علي لبوس طائفي وديني ، ولايجوز لنا الحديث عن دولة وطنية ونشيد حركاتنا علي اساس عرقي (قبلي) ، وليس بامكاننا تاسيس دولة وطنية حديثة تسمح بالتعدد وقبول الاخر علي تصورات ذهنية ذات طابع احادي قائم علي احتكار الحقيقة وادعاء العلموية مثل تصورات الشيوعيين والمراكسة.
يجب الاعتراف أن ثقافتنا التقليدية وبنياتنا الماقبل مدنية ومؤسساتنا السياسية التقليدية التي تاسست عليها لا يقدمان لنا أي عون في قضية الدولة الوطنية الحديثة أو قضية المجتمع المدني أو قضية الديمقراطية والقضايا المتعلقة بها جميعاً ، ويجب الاعتراف، بالمقابل، بأن الدولة الوطنية الديمقراطية تنتمي إلى نسق متكامل من المبادئ والمفاهيم تقوم بينها علاقات ضرورية، بحيث لا تقوم أي منها بغير الأخريات. ، كالمواطنة، باركانها الثلاثة المساواة والحرية والمشاركة، وسيادة القانون وسيادة الشعب والشرعية الدستورية وفصل السلطات واستقلال القضاء وتداول السلطة سلماً .. إلخ.
لقد تجلت الحداثة واقعياً في وحدة المجتمع المدني والدولة السياسية، أي الدولة الوطنية الحديثة، على نحو يستحيل معه قيام دولة ديمقراطية على أرضية تقليدية، أي على أرضية مجتمع منقسم على نفسه انقسامات عمودية، إثنيات وقبائل وأدياناً وطوائف متنافرة ومتاسس علي علاقات تنتمي لازمنة القدامة السياسية، وفي مناخ ثقافي وأخلاقي تقليدي هو نسق لتوليد الاستبداد، على الصعيدين السياسي والديني. فإذا كانت الديمقراطية حكم الشعب نفسه بنفسه، وفق التعريف البسيط المستمد من الدلالة اللغوية للمفهوم، فإن الشعب مفهوم سياسي يرمز إلى مواطنين أحرار ومواطنات حرائر بالطبع، لا إلى مسلمين ومسيحيين ويهود، على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم ولا إلى عرب وزنوج وبجا ونوبيين وما شئت من إثنيات، ولا إلى قبائل وعائلات ممتدة. ومن ثم فإن جمعاً حسابياً لإثنيات وقبائل وأديان ومذاهب لا يساوي شعباً، ولا يساوي أمة حديثة، فكيف ستبنى الدولة الحديثة، ومن أين ستأتي الديمقراطية، اللهم إلا إذا كان المقصود "ديمقراطية (توافقية) قائمة علي التسويات والمساومات ، لذلك انهارت تجربتنا الديمقراطية الاولي (1958) الهشة القائمة علي التسوية بين احزاب تاسست علي بني تقليدية (طائفتي الختمية والانصار) وتبعتها في الانهيار تجربتنا الثانية (1969) لنفس الاسباب اضافة لتدخل عامل اخر هو اعداء المجتمعات المفتوحه من شيوعيين وقوميين عرب ، ومن ثم ديمقراطيتنا الثالثة التي انهارت لاسباب التنازع بين نفس القوي اضافة لدخول لاعب جديد هو الحركة الاسلامية التي هي بدورها تنظيم ذو بنية تقليدية دينية ، ومن الملاحظ ان العامل المشترك والسبب الاساسي في افشال تجاربنا الديمقراطية هو ان احزابنا ومؤسساتنا السياسية قائمة علي اسس تقليدية اما ايدلوجيات شمولية (شيوعيين) او عرقية (القوميين العروبيين وقوي السودان الجديد ) او طائفية دينية (الامة الاتحادي الحركة الاسلامية) ، اذا اردنا تشييد دولة وطنية حديثة حقيقية يتوجب علينا تجاوز وتفكيك هذه المؤسسات التقليدية وتاسيس مؤسسات قائمة علي شروط وقيم الحداثة والمدنية وملتزمة بها.
خلاصة القول في الامر اذا اردنا فعلآ تأسيس دولة سودانية حديثة يتوجب علينا تجاوز بنى وعلاقات الاجتماع السياسي التقليدي (الماقبل حديث ) وعلاقاته وثقافته التي كانت ولا تزال تكبل حركة مجتمعنا نحو التحديث وتغذي الاستبداد وتسهم في إعادة إنتاجه من جهة أخرى.
أن قيام دولة وطنية حديثة يتطلب تفكيك البنى والعلاقات التقليدية التي تنتمي لازمنة ماقبل الحداثة والمدنية او تلك التي تنتمي لشروط الحداثة الكلاسيكية ،وتحرر الأفراد من ربقتها، والحيلولة دون تاسيس منظومات اجتماعية وسياسية عليها ، هذه العلاقات في حقيقة الامر علاقات وهمية تخفي خلفها العلاقات المادية والاخلاقية الواقعية وتحجمها والسبيل الي تفكيك هذه البني والعلاقات هو ان ياسس الافراد انتماتهم علي علاقات حديثة مهنية ونقابية وحزبية وتكوينات مدنية مختلفة ذات مضامين اجتماعية واقتصادية وثقافية وسياسية واخلاقية ، وهذا مانشتغل عليه من مشروع الحركة السودانية للتغيير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المجلس الحربي الإسرائيلي يوافق على الاستمرار نحو عملية رفح


.. هل سيقبل نتنياهو وقف إطلاق النار




.. مكتب نتنياهو: مجلس الحرب قرر بالإجماع استمرار عملية رفح بهدف


.. حماس توافق على الاتفاق.. المقترح يتضمن وقفا لإطلاق النار خلا




.. خليل الحية: الوسطاء قالوا إن الرئيس الأمريكي يلتزم التزاما و