الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تداعيات اجتثاث البعث

ادهم ابراهيم
(Adham Ibraheem)

2016 / 7 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


تداعيات اجتثاث البعث
ادهم ابراهيم

كثيرة هي الاخطاء التي صاحبت احتلال العراق من قبل الامريكان عام 2003 ، وتنصيب السفير بريمر حاكما مطلقا فيه . ولا تقتصر الاخطاء على حل الجيش العراقي ، واحلال الميليشيات الحزبية محل الشرطة المحلية ، ولا في تشكيل مجلس الحكم من عناصر هزيلة فقط . وانما كان الخطأ الاكبر في قرار اجتثاث البعث . هذا القرار الذي شق وحدة الصف العراقي ، واحل الانتقام محل العدالة في محاسبة المقصرين والذين اجرموا في حق الشعب من قبل رجالات النظام السابق . فتمت عمليات التصفية والاغتيالات للطيارين العراقيين اولا ثم لضباط الجيش ، وهجرة ما تبقى منهم . وقد ساهمت دول اقليمية في هذه العملية ، وعلى الاخص ايران والكويت اللتان لهما ثارات كبيرة تجاه الجيش العراقي وضباطه . ثم جاء المالكي على رأس السلطة ، وتبدلت تسمية اجتثاث البعث الى هيئة المسائلة والعدالة ، فقام باستثناء الضباط والمدنيين البعثيين من المنافقين الذين توددوا له لمصالح شخصية انانية بعيدة كل البعد عن المصلحة العامة ، او مصلحة العراق كدولة ذات سيادة . وقام المالكي بعملية منهجية في احتضان الاشخاص الذين يدينون بالولاء الشخصي له ، وضرب الاشخاص الذين ابتعدوا عنه . مقلدا في ذلك نظام الحكم السابق ، بل تجاوزه عندما قام بشراء الذمم . فانفق ملايين الدولارات على اشخاص لا يستحقون دولارا واحدا في سوق النخاسة ! . فقام بشق القائمة العراقية المنافسة له والتي قدمت نفسها على انها قائمة العراقيين بمختلف طوائفهم . فانشقت القائمة الى سنة المالكي ، وفصائل متشرذمة اخرى خارج تاثير السلطة الحاكمة . ومن هنا عم الفساد في كل مفصل من مفاصل الحياة السياسية في العراق . وقد فشل حزب الدعوة والمالكي على حد سواء في تاسيس نظام حكم يستند على مفهوم الدولة ، فتشكلت سلطات متعددة الولاءات موزعة على احزاب اسلامية شيعية وسنية واحزاب كوردية .
وتوسعت عمليات الانتقام والتصفية الجسدية والحرمان من الحقوق لتشمل قطاعات واسعة من عرب السنة ، بدعوى انتمائهم لحزب البعث ، فحرموا من الرواتب التقاعدية ، ثم حرموا من التعيين في الوظائف العامة والجيش ، وحتى الشرطة الا القليل منهم . . ولما شعر العرب السنة بحرمانهم من السلطة اولا ، ثم من امتيازاتها ، وعزلهم شيئا فشيئا . ثارت ثائرتهم ، وتمردوا على السلطة الحاكمة ، واستغلت القاعدة هذه الظاهرة فنشرت الفوضى والعمل المسلح تجاه نظام الحكم ، واخذت بالتوسع ، فانتبه الجنرال الامريكي بترايوس لخطورة الوضع . فانشأ الصحوات من نفس عرب السنة لقتال القاعدة . . وقد نجحت هذه العملية الى حد بعيد في القضاء المبرم على القاعدة ، قيادة وقاعدة وحتى فكرا . . وكان الصحوات يتقاضون رواتب ومخصصات مجزية ، سرعان ما جردهم المالكي منها ، على اعتبار ان القاعدة قد تم القضاء عليها ، وليس هنالك من خطر او عدو آخر يهدده ! . فعاد السنة وخصوصا في منطقة الانبار والحويجة بالاحتجاج والتظاهر ، ثم بالاعتصام . وبدلا من تلبية مطالبهم او بعضها ، او حتى الاستماع الي شكاواهم . قام باستخدام القوة ضدهم ، واهما من انهم سوف يرضخون ، ويدينون له بالولاء . وقد دفعه الى ذلك الغرور والشلة المحيطة به ، فقدم نفسه كزعيم اوحد للعراق ، فعاث فسادا فيه لغبائه وقلة خبرته . . وكان هناك عدو لدود على الابواب ينتظر الفرصة السانحة . ذلك هو داعش الارهابي ، الذي انقض على الفلوجة ، ثم الموصل وصلاح الدين ، فاحتل ثلث مساحة العراق خلال ايام قلائل ، فسقطت هيبة الحكم وجنرالاته ، ولا نقول هيبة الدولة ، لانه لم تكن هناك دولة ولا مؤسسات ولا نظام متماسك لا في الدوائر المدنية ولا في الوحدات العسكرية ، حيث كانت الولاءات كما اسلفنا موزعة على الاحزاب المشاركة في الحكم من شيعة السلطة وسنة السلطة ، ولا زالت قائمة الى يومنا هذا ! . ولم يكن هناك من يتكلم بروح المواطنة ، او الولاء للوطن الواحد . كما ان هناك قطاعات واسعة من الشيعة وعرب السنة لا زالوا ناقمين على حكم لم ينصفهم ، واستأثر بالثروة والسلطة له ولاتباعه من الاحزاب المشاركة في نهب المال العام .
ان عمليات تحرير المدن من سطوة تنظيم داعش المتخلف قد تمت تارة بالقوة العسكرية ، وتارة باتفاقات سرية مع قيادات سنية من خارج العملية السياسية . . والا كيف تبرر دخول قطعات الجيش والحشد العشائري الى الفلوجة بوقت قياسي ، مع بقاء اغلب منشات المدينة سليمة . كما ان هناك على ارجح الاقوال ما يقارب السبعمائة سيارة قد تم اجلائها من الفلوجة وقام طيران الجيش بمفرده بضرب اعدادا قليلة منها . ! . ثم تم اطلاق سراح الاف الرجال من الذين كانوا موجودين في الفلوجة قبل تحريرها . . وكذلك سيكون الحال عليه عند تحرير الموصل . هل سيتم قتل كل رجال المدينة بدعوى انتمائهم للتنظيم الارهابي . . ان هناك عناصر مغرر بها ، واخرى وصل بها اليأس الى حد استخدام القوة والتمرد . وقد استغلت داعش هذه النقمة فسيطرت على المدن وعلى المدنيين فيها ايضا ، واستغلتهم ابشع استغلال .
نعود الى موضوع اجتثاث البعث وقانون المسائلة والعدالة ، والمادة 4 ارهاب المسلطة على عرب السنة . ونعود الى موضوع الحرس الوطني الذي علق تشكيله لوجود فيتو من احزاب السلطة وكذلك ايقاف العمل بمناقشة قانون العفو العام . ان قطاعات واسعة من السنة ممن هم خارج السلطة لا زالت تنظر بعين الريبة والشك ازاء ممارسات الاحزاب المتنفذة التي تقود العملية السياسية . كما ان الحزب الاسلامي وبعض الاشخاص ارمحسوبين على السنة ، لم يعودوا يمثلون سوى انفسهم . وان الشقة تتسع بين جماهير السنة والسلطة القائمة على ادارة العملية السياسية ، فكيف يمكن حل هذه المعضلة . ان من قصر النظر ، وضيق الافق التفكير بان الامور ستبقى على ما هي عليه الان . . انني اكاد ارى رؤية عين ، ان هناك مشاريع لا تقل خطورة عن داعش تلوح بالافق بعد القضاء على هذه الجرثومة التي دخلت الجسد العراقي نتيجة التمييز والاقصاء . وقد حذرنا كثيرا من خطورة استمرار الوضع على ما هو عليه . . وقد قال الشاعر قد قلت حقا ولكن ليس يسمعه . !
ان هناك اتفاقات وصفقات سياسية تتم بعلم الحكومة للخروج من هذا المازق . حيث لن يبق هنالك من مخرج سوى انشاء الاقاليم اضافة لاقليم كوردستان الموجود حاليا . . مثل اقليم نينوى الذي سيضم محافظة نينوى وبعض اقضية صلاح الدين . واقليم الوسط الذي سيضم محافظة صلاح الدين والانبار وقسم من ديالى . واقليم الجنوب ، ثم اقليم بغداد .
ان نظام الاقاليم هو من الانظمة الادارية المتقدمة وتحتاج الى وعي حضاري ومدني عالٍ ، وان واقع الحال عندنا في العراق لم يتبلور الى مثل هذه الدرجة من الوعي ، وخصوصا ان ما يحدنا انظمة رجعية متخلفة مثل السعودية وايران والنظام الاخواني في تركيا . . واذا لم نرتق الى مستوى المسؤولية ، فان العاقبة ستكون وخيمة . كان الله في عون العراق والعراقيين .
ادهم ابراهيم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتشال رجل إطفاء مصاب علق بين الجبال أثناء مشاركته في إخماد


.. مبادرة شبابية في غزة لتركيب أطراف بدائية من الخشب لمبتوري ال




.. ابتعدت عن الأضواء.. من هي فيكتوريا ستارمر سيدة بريطانيا الأو


.. علامات خطيرة بعد عمر الـ 60 قد تدل على إصابتك بألزهايمر




.. أسئلة وضعها البيت الأبيض.. استقالة مذيعة أميركية أجرت مقابلة