الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ورقات اقتصادية: -المديونية والخوصصة-

منظمة العمل الشيوعي - تونس

2016 / 7 / 3
الادارة و الاقتصاد


ورقات اقتصادية
------------------------------
"ورقات اقتصادية" هو ركن قار بجريدة الشيوعي الصادرة عن منظمة العمل الشيوعي - تونس. في العدد الرابع خصص الموضوع الاقتصادي على المديونية والخوصصة في تونس
------------------------------

1- المديونية جريمة استعمارية:

تتفرع المديونية إلى مديونية داخلية وأخرى خارجية. إنّ ما يغذينا هنا هو المديونية الخارجية. إنّ ما يعنينا هنا هو المديونية الخارجية بوصفها آلية اقتصادية تلجأ إليها سلطة ما لتمويل خزينتها من الدوائر المالية العالمية. و بالتالي فتحديد الجهة التي تقترض والجهات التي تقرض يقودنا حتما إلى معرفة طبيعة العلاقة القائمة بين الدائن و المدين والشروط المنبنية عليها والنتائج المترتبة عنها.

لقد مثلت المديونية الخارجية تاريخيا مدخلا للإمبريالية الفرنسية لفرض استعمارها المباشر على تونس حيث قاد إفلاس الخزينة إلى إقامة الكوميسيون المالي ثم توقيع اتفاقية الحماية في 1881.

بعد 1956 شكلت المديونية خيارا أساسيا لتمويل الاقتصاد وقد واصلت سلطة بن علي التعويل عليها بشكل فاضح. فقد ارتفعت قيمتها من 5.7 م.د سنة 1987 إلى 23 م.د مع اندلاع الانتفاضة في 17 ديسمبر – 14 جانفي 2011، أي أنها تضاعفت 5 مرات خلال هذه الفترة. بعد 14 جانفي ارتفغت نسبة المديونية إلى أكثر من 50% من الناتج الداخلي بعد أن كانت في حدود 36%. و تبقى هذه الديون مرشحة لمزيد من الارتفاع نتيجة العجز المتواصل في مستوى الميزانية الذي بلغ قرابة 6% في العام الفارط.

لقد أصبح التداين سمة ملازمة للإقتصاد التونسي وليس خيارا طارئا أملته ظروف محددة بانتهائها تنتهي تلك السياسة، فما بين 2011 و 2015 سددت الحكومات المتعاقبة – بعنوان تسديد ديون سلطة بن علي – 22 مليار .د أي ما يفوق مجمل ميزانية 2010 التي كان مقدارها 20.7 مليار.د. وقد انعكس هذا التداين على الميزانية و نفقاتها حيث فاقت الميزانية المخصصة لسداد الديون في ميزانية 2015 مثلا الميزانية المخصصة للتشغيل بـ8 مرات و الميزانية المخصصة للصحة بـ 5 مرات و الميزانية المخصصة للتنمية بـ 12 مرات و الميزانية المخصصة لميزانية الشؤون الاجتماعية بـ 8 مرات ... إنّ هذا التوزع يفضح طبيعة العلاقة القائمة بين السلطة المدينة من جهة و الجهات المانحة من جهة أخرى. فالسلطة التي تقترض تفضل خدمة مصالح رأس المال العالمي و لا تأبه لصحة و بطالة و فقر الجماهير الشعبية وهو ما يضفي عليها طابع العمالة و معاداة الجماهير الشعبية، أما الجهات و الدوائر المالية المانحة فلا هم لهم سوى نهب البلاد و تفقير شعبها متخذة التداين آلية لفرض المزيد من النهب والجرائم.
إنّ ارتفاع نفقات خدمة الدين بشكل مستمر سيجعل كل الموارد تتجه نحو خلاصها وهو سبب كاف للرفع في قيمة الضرائب و التسريع في نسق الخوصصة و تثبيت سياسة التقشف.

هذه الخيارات المتبعة تفضح ادعاءات الامبريالية و مؤسساتها واستشراس وكلائها في القطر في الدفاع عن تلك الادعاءات حيث يتم تقديم عملية الاقتراض كحل سحري لتجاوز العجز الحاصل في مستوى الميزانية بسبب التفاوت بين الموارد والنفقات. فالسلطة لا تكف عن الادعاء أن إقدامها على التداين الخارجي ناتج عن كثرة نفقات القطاع العمومي والأموال التي تضخها لفائدة صندوق الدعم كتمهيد للخوصصة والتخلي نهائيا عن دم المواد الأساسية وتشغيل العاطلين عن العمل.

إنّ فهم آلية التداين يقودنا إلى أن القرض يكبر و يتراكم رغم دفع الفوائد التي قد تفوق أصل الدين نفسه. فالتداين عملية مركبة في مراكمة الأرباح وبالتالي فالديون هي توظيف رأسمالي وليست مساعدة وإعانة للدول، لذلك مقاومتها ضرورية و إسقاطها من جانب واحد ينضوي ضمن خط التحرر من هيمنة الإمبريالية و ضرب لمخططاتها.

لئن تنص اتفاقية فيينا الصادرة لسنة 1986 المتعلقة بالاتفاقيات بين الدول والمنظمات المالية العالمية على أن عقود التداين يمكن أن يشوبها إخلالات تفضي إلى إلغائها و (عيوب الرضا التي تؤدي إلى بطلان العقد لعدم كفاءة المتعاقد أو ارتشائه أو شراء تجهيزات عسكرية أو في حالة المساعدة الشرطية كضرورة تلازم منح العقد بإصلاح هيكلي و إقامة مشاريع غير مبرمجة أو اختلاس للديون بتواطؤ مع الدائن كما لا وجود في القانون الدولي لإلزام مطلق بسداد الديون حيث أن القرار الأحادي لا يعتبر قرار مخالفا للقانون الدولي و يمكن رفعه في وجه الدائر) فإن هذه المنظومة القانونية لا تشتغل خارج أكاذيب الامبريالية وتشدقها الكاذب باحترام حقوق الشعوب وسيادة الدول. فالقول أن الامبريالية ستسقط الديون أو ستقبل حتى التفاوض حولها والتدقيق فيها قول أشبه بالجنون.

فكيف لمن اتخذ الديون آلية لمراكمة الأرباح أن يستجيب طوعيا لحقوق الشعوب وكيف لسلطة عميلة أن تقدم على خطوة التدقيق في الديون؟

كما أن التعويل على برلمان النظام لتشريع قانون يقضي بعملية التدقيق يعد طلبا رومانسيا و ليس أدل على ذلك رفض المجلس التأسيسي مشروع قانون عرض على أنظاره بتاريخ 4 أوت 2012 يقضي بضرورة فتح ملف ديون سلطة بن علي. إنه لا خيار سوى المقاومة الشعبية من أجل إسقاط الديون من جانب واحد و لن يمر ذلك إلا على أنقاض السلطة القائمة.

2- الخوصصة جريمة متواصلة:

شهدت تونس منذ أواخر الثمانينات تسريعا في الإنخراط في الاقتصاد المعولم و قد تجسد ذلك عبر البدء في تطبيق برنامج الإصلاح الهيكلي (1986) الذي فرضته الدوائر المالية العالمية ثم الإنضمام إلى منظمة التجارة العالمية سنة 1994 و توقيع اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي سنة 1995. و قد كان لهذه السياسة تأثيرات كارثية على البلاد و الشعب. حيث تم التفريط في عديد المؤسسات العمومية لصالح الخواص سواء كانوا من لوبيات النظام المتنفذة ماليا واقتصاديا أو لصالح الشركات متعددة الجنسيات.
توزعت الخوصصة بين:
-خوصصة كلية و قد شملت 97 مؤسسة ما بين 1987 و2005.
- خوصصة جزئية شملت 34 مؤسسة في نفس الفترة.
- عمليات تصفية شملت 39 مؤسسة.
- أشكال أخرى للخوصصة و شملت 23 مؤسسة.

لم تتوقف عملية الخوصصة بعد انتفاضة 17 ديسمبر 2011 بل تواصلت بنسق سريع لتطال عديد المؤسسات التجارية والسياحية و قطاعات الصناعة الكهربائية و الميكانيكية. ففي سنة 2011 تم التفويت مثلا في 35% من المعاملات و 35% من شركة اتصالات تونس وهي مؤسسات تحقق أرباحا كبرى و تشغل عددا من العمال و الفنيين.
شملت الخوصصة كافة القطاعات و قد فاق عدد المؤسسات المخوصصة أكثر من 450 مؤسسة عمومية و يمكن أن نذكر بعض الأمثلة فحسب:
- شركة إسمنت النفيضة لصالح شركة إسبانية
- شركة إسمنت جبل الوسط لصالح شركة برتغالية
- شركة إسمنت قابس لصالح شركة برتغالية
- الشركة الوطنية للخفاف بنسبة 60% لصالح شركة برتغالية
- الشركة التونسية لصناعة السيارات سنة 2009
- بنك الجنوب
- البنك التونسي الكويتي
- الشركة التونسية للخميرة سنة 1996
- شركة تنمية الضيعات المنتجة للحليب سنة 2006

أثرت سياسة الخوصصة سلبا على مداخيل الدولة إن إذا ارتفع معدل العجز التجاري كما تسببت في تسريح آلاف العمال حيث ارتفع عدد العمال المسرحين من 6000 عامل في بداية التسعينات إلى أكثر من 10000 عامل سنويا ابتداءً من سنوات 2000 إلى حد الآن. و بالتالي فقد تسارعت وتيرة معدلات البطالة في عديد القطاعات و تراجعت قدرتها التشغيلية فقطاع الصيد البحري مثلا تراجعت قدرته التشغيلية مثلا من 2000 موطن شغل سنة 2001 لتبلغ سنة 2003 650 موطن شغل فحسب أما الصناعات المعملية فقد انخفضت مواطن الشغل فيها في نفس الفترة إلى 18400 سنة 2003 بعد أن كانت في حدود 20400. و بالتالي فقد ارتفعت نسب البطالة ما بين 1994 (تاريخ توقيع اتفاقية الشراكة) إلى 447 ألف سنة 1999 حسب الإحصاءات الرسمية أي بنسبة 15.8%.

أفرزت كل هذه التحولات واقعا جديدا خلال فترة التسعينات وبداية الألفية إذ أصبحت الفلاحة تشغل 23% فحسب أما الصناعة فأصبحت تشغل 23% فحسب أما قطاع الخدمات فقد ارتفعت طاقة تشغيلية لتصل إلى 55% .

واصلت الحكومات المتعاقبة هذه السياسة بعد 14 جانفي ولعل أهم حلقات هذه السياسة مصادقة البرلمان الحالي على قانون الشراكة بين القطاع الخاص و العام. يهدف هذا القانون إلى مزيد تفكيك القطاع العام و قد قدمت السلطة حججا واهية و مظللة لتمريره. و من بين أهم تلك الحجج الضغط على المديونية العمومية لعدم قدرة الدولة على تعبئة الموارد المالية الكافية للقيام بالاستثمارات العمومية و بالتالي تمكين الخواص من تنفيذ مشاريع بنية تحتية ومشاريع كبرى.

إن ذلك ما هو إلا مدخل للخوصصة و بيع ما تبقى من القطاع العام فمن الخطأ اعتبار أن هذه الشراكة تخفض من الدين العمومي فجميع التمويلات التي يتحصل عليها الشريك الخاص لتمويل المشروع يتم دفعها من طرف الشريك العمومي في شكل إيجار طيلة مدة العقد وهو ما يطرح امكانية أن يطلب الشريك الخاص مراجعة بنود العقد بتعلة تغير الأسعار و ارتفاع التكلفة مما يؤثر سلبا على المالية العمومية. أما الحجة الأخرى و التي تتمثل في القول بأن مشاريع الشراكة أقل تكلفة من المشاريع العمومية حجة فندتها التجارب المقارنة سواء في فرنسا أو كندا أو بريطانيا أو المغرب ...

تقدم السلطة حجة "الجودة" للدفاع عن هذا التوجه. إنّه من غير الصحيح أن الخواص يبحثون عن الجودة لأنهم ببساطة يبحثون عن أقل تكلفة و أكثر ربحا لذلك يقدمون على تسريح العمال. لقد أثبت كارل ماركس أن هدف الإنتاج الرأسمالي هو تحقيق الحد الأقصى من الربح. فالرأسمالية ليست إنتاجا في سبيل الربح فحسب بل هي إنتاج أيضا من أجل تراكم الثروة وهي تستعمل في سبيل تحقيق ذلك وسيلتين رئيسيتين لزيادة حصتها وهما اولا الزيادة في فائض القيمة عبر إطالة يوم العمل (منذ القرن السادس عشر إلى اليوم) و تقليص الأجور الفعلية و تخفيض الحد الأدنى المعيشي وهو ما يسميه زيادة فائض القيمة المطلق. و ثانيا عبر زيادة تكلفة العمل وإنتاجيته في دائرة السلع الإستهلاكية. من المستفيد إذن هذا القانون ؟ إن المستفيدين الوحيدين هم لوبيات النهب الداخلية و الشركات متعددة الجنسيات. لذلك فمقاومة سياسة الخوصصة يستوجب مساندة العمال المطرودين في مطالبتهم بالعودة إلى عملهم و فضح الفساد الجاري داخل المؤسسات العمومية و المطالبة بمحاسبة المتسببين فيه... إن هذه الخطوات تبقى جزئية لذلك من الضروري ربطها بالنضال من أجل سيادة الشعب على ثرواته و السيادة على قراره.

• أرقام و معطيات
- تبلغ قيمة التهرب الجبائي في تونس قرابة 09 مليار دينار.
- يدفع الأجراء في تونس قرابة 5.4 مليار دينار سنويا كضرائب على الدخل .
- يبلغ عدد العاملين في قطاع الفلاحة قرابة 460 ألف عامل يشتغلون بصفة قارة. في حين يبلغ عدد الناشطين في مجال الفلاحة قرابة 1.2 مليون عامل يعمل معظمهم في إطار النشاط العائلي غير خالص الأجر (المصدر: جريدة الشعب العدد 1380)
- تراجعت مساهمة القطاع الفلاحي في الناتج الوطني الخام من 10% سنة 2003 إلى 7.9% سنة 2013 (نفس المصدر)
- تبلغ ديون صغار الفلاحين 350 م.د و رغم مطالبتهم المتواصلة بإسقاط ديونهم لم تستجب السلطة لمطلبهم ذاك.
- خصصت السلطة خلال ميزانية 2016 5400 مليون.د للتنمية الجهوية (منها 2600 م.د كاستثمارات مباشرة) أي بمعدل 100 مليون دينار لكل جهة !!! .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أبو راقية حقق الذهبية.. وحش مصر اللي حدد مصير المنتخب ?? قده


.. مين هو البطل الذهبي عبد الرحمن اللي شرفنا كلنا بالميدالية ال




.. العالم الليلة | -فض الاعتصامات- رفض للعنف واستمتاع بالتفريق.


.. محمد رفعت: الاقتصاد المعرفي بيطلعنا من دايرة العمل التقليدي




.. هل تستثمر في حقيبة -هيرميس- الفاخرة أفضل من الذهب؟