الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل هناك نية لإفساد التعليم في مصر؟

اسلام احمد

2016 / 7 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


ما يحدث في امتحانات الثانوية العامة هذا العام مهزلة بكل المقاييس إذ لأول مرة في تاريخ مصر يتم تسريب الامتحانات بهذا الشكل الذي وصل الى حد تسريب الامتحان قبل أن يبدأ بعدة ساعات وتداوله بين الطلاب على نطاق واسع , ليس هذا فحسب بل لقد طال التسريب نماذج الاجابة نفسها التي من المفترض ألا تقع سوى بين يدي الأساتذة المصححين , والدليل على ذلك ما قاله بعض مدرسي اللغة الألمانية لجريدة المصري اليوم في تحقيقها عن الموضوع أن مجموعات كبيرة من الطلاب أجابت على أسئلة الاختيار من مُتعدد والصواب والخطأ بامتياز فيما تركوا سؤال التعبير فارغا , وأضاف: "لما طالب يجيب ثلاثين من ثلاثين فى أسئلة الاختيار من متعدد والصح والخطأ ويجيب صفر من عشرة فى سؤال التعبير يبقى ده شاف نموذج الإجابة ونقشه بالمللى، وساب التعبير لأن ده ملوش مكان فى نموذج الإجابة" , وبحسب مُدرس لغة عربية فقد حفظ الطلاب نموذج الإجابة حتى إنهم كتبوا الدرجات التى تكتب بجانب كل إجابة، يعنى كمان صححوا لنفسهم.

والحقيقة أن الدولة فشلت تماما في السيطرة على عملية التسريب الذي طال معظم الامتحانات تقريبا , وحين عجزت وبلغ اليأس منتهاه قررت الدولة اعادة امتحان الديناميكا في 2 يوليو بعد أن أداه الطلاب كما قررت تأجيل امتحانات الجيولوجيا والرياضة البحتة والتاريخ الى 4 يوليو , الأمر الذي أثار غضب الطلاب والطالبات فنزلوا لأول مرة في مظاهرات حاشدة احتجاجا على سوء ادارة الدولة للامتحانات واشتبكوا مع قوات الأمن , وحين حدث ذلك تحركت الدولة فألقى الرئيس نفسه خطابا لطمأنة الطلاب كما تم اعلان أن جهة سيادية هي التي ستتولى طباعة الامتحانات!

ولا شك أن تسريب الامتحانات أو اعادتها يهدر تماما مبدأ تكافؤ الفرص الذي نص عليه الدستور , فما ذنب الطالب المتفوق الذي ذاكر طوال العام ثم امتحن وأجاب بشكل جيد ولم يغش أو يتم تسريب الامتحان اليه؟ , وماذا لو أجاب بعض الطلاب بشكل جيد في امتحان الديناميكا ثم لم يوفقوا في امتحان الاعادة؟

والحقيقة أن مشكلة التعليم في مصر قديمة وقد ورثها النظام الحالي من نظام مبارك الذي أفسد العملية التعليمية بالكامل على مدار ثلاثين سنة بشكل متعمد , ومن مظاهر فساد العملية التعليمية ما يلى :

1_ على مدار السنوات الماضية تم إهانة المعلم وإذلاله عن عمد من خلال الهبوط بمستواه المادي باعطائه مرتب هزيل جدا لا يكفي لمعيشة ادمية , ما دفع المعلمين الى الاتجاه للدروس الخصوصية التى أتت بالضرورة على حساب العملية التعليمية ذلك أن الطلاب باتوا يعتمدون بشكل أساسي على الدروس الخصوصية بديلا عن التعليم في المدارس وبالتالي ضاعت هيبة المعلم بعد أن مد يده إلى تلاميذه وأصبحت المدارس مجرد ساحة للهو واللعب والاستهزاء بالمدرسين فضلا عن تدهور مستوي المعلمين العلمي والاعتماد على خريجي كليات الزراعة والآداب بل وبعض خريجي الدبلومات بدلا من خريجي كليات التربية فكانت النتيجة كارثية! , ناهيك عن تخلي المدرسة عن دورها في تربية النشء مما أدى إلى تخريج أجيال سيئة السلوك!

2_الميزانية المخصصة للتعليم ضعيفة للغاية وبالتالي فان المباني والمرافق المدرسية متدهورة بشكل كبير بل تكاد تكون غير آدمية , ومع زيادة عدد السكان وقلة المدارس والأبنية فقد شهدت الفصول تكدسا كبيرا بحيث صار عدد الفصل الواحد خمسين أو ستين طالب , وهو في تصوري وضع يستحيل معه القيام بالتدريس وإيصال المعلومة إلى الطلاب!

3_المناهج الدراسية لم تسلم هي الأخرى من الفساد سواء من حيث الشكل أو المضمون إذ تعتمد في الأساس على الحفظ والتلقين بدلا من المنهج العلمي القائم على التفكير وإعمال العقل! وبالتالي كانت النتيجة تخريج أجيال تعودت على الحفظ الأصم ولا تستطيع استخدام عقلها في التفكير والنقد

ومع إهمال أولياء الأمور تربية أبنائهم فقد كان من الطبيعي أن يفسد الطلاب علميا وأخلاقيا , ولأن التعليم هو أساس تقدم الأمم فيتعين على الدولة الاهتمام به وجعله في مقدمة أولوياتها , ولحل مشكلة التعليم في مصر أقترح ما يلي :

1_زيادة الميزانية المخصصة للتعليم في الموازنة العامة للدولة والتعامل معه باعتباره قضية أمن قومي

2_زيادة مرتبات المدرسين بحيث يكون الحد الأدنى لدخل المعلم 5000 جنيه أسوة بأساتذة الجامعات في مقابل اصدار تشريع بتجريم الدروس الخصوصية تجريما تاما

3_عمل دورات تدريبة مستمرة للمعلمين بهدف الارتقاء بمستواهم العلمي

4_ايفاد طلبة كليات التربية في بعثات علمية الى الخارج كما فعل محمد علي مؤسس مصر الحديثة حين أرسل رفاعة الطهطاوي ورفاقه في بعثة علمية الى فرنسا عام 1826م , على أن يعود هؤلاء الطلاب لنقل خبرتهم وما تعلموه الى مصر

5_التوسع في انشاء مدارس جديدة على الطراز الحديث مجهزة بأفضل الوسائل والأجهزة العلمية الحديثة مع تقليل كثافة الفصول بحيث لا تزيد كثافة الفصل الواحد عن عشرين طالبا

6_تنقية المناهج الدراسية واعادة تحديثها بحيث تكون قائمة على المنهج العلمي وليس الحفظ والتلقين

7_تغيير نظام امتحانات الثانوية العامة العقيم بالاعتماد على التكنولوجيا الحديثة والتعليم الالكتروني

غير أنه لكي يتم تنفيذ تلك الاقتراحات يتعين أن تتوافر ارادة سياسية للاصلاح فهل تلك الارادة موجودة؟
في حوار الرئيس السيسى الأخير للتليفزيون المصري مع الاعلامي أسامة كمال أجاب الرئيس حين سئل عن اصلاح التعليم في مصر قائلا:"لكي نكون واقعيين مش قبل 12 سنة"! , وبالتالي يبدو واضحا أنه ليس هناك نية لاصلاح التعليم في مصر , واذا علمنا أيضا بأن الحكومة خالفت الدستور فيما يتعلق بزيادة الميزانية المخصصة للتعليم في الموازنة العامة الجديدة يتأكد لدينا أنه ثمة نية لافساد التعليم في مصر بابقاء الوضع على ما هو عليه عوض اصلاحه لغرض ما لا نعلمه! , وهو ما يعني أن قضية اصلاح التعليم في مصر ستظل مؤجلة لحين اشعار اخر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ‹تدعم الفساد›
arnab awy ( 2016 / 7 / 4 - 04:01 )
2016‧-;-07‧-;-04‧-;- مشكلة التعليم في مصر محاولات التعليم الأزهري الظهور متساوياً مع التعليم العام ~ التنافُسية و قانون النُدرة في التعامُلات الاستهلاكية و فساد الإدارة في مصر ~ تستورد كمية قمح كافية لاستهلاك مواطنيك من الخُبز ثم تدعم بعض الخُبز لمحدودي الدخل و لكنك تفشل في السيطرة الحازمة على جودة المُنتج كأنك ‹تدعم الفساد› لأن الطابونة تُنتج رغيفين بميزان رغيف واحد و تحاسبك على رغيفين ~ عندما تعرض الخُبز بالميزان و ليس بالعدد تستطيع تسعيره بحيث تحجب الدعم تماماً ~ يحترمُك و يُقدر جُهودك المُواطن المصري عندما تُلزم الطابونة بالتنافس على الجودة المُقنَّنة ~ و تقضي على جزء هام من الغش الذي يستنفذ قوت المصريين حرفياً ~


2 - التعليم
على سالم ( 2016 / 7 / 4 - 05:51 )
من الواضح ان السيسى رئيس فاسد وكان ضمن عصابه مبارك الاثمه المجرمه السارقه , السيسى من المؤكد انه يتبع نفس سياسه المجرم مبارك التعليميه لغرض فى نفس يعقوب


3 - للاسف الشديد
مجدي ميخائيل عبدالله ( 2016 / 10 / 16 - 20:34 )
مقال سطحي تماما يعبر عن ازمة العقل المصري
ذكر كاتب المقال -الحلول السحرية- لمشكلة التعليم و كعادة مثقفينا العظماء وكتابنا النبهاء
لم يذكر كيف يمكن تحقيق هذا عمليا على ارض الواقع
فمثلا يقول -زيادة الميزانية المخصصة للتعليم- لكنه لا يوضح كيف؟؟ هل سيكون هذا على حساب الصحة او الجيش ام ماذا؟
وايضا كيف ندبر 5000 مرتب للمعلم -من اين نحصل هذه الاموال؟
وتتكلم عن منع الدروس الخصوصية - كيف؟ وهل يفعل المعلم اي شئ غير قانوني؟
هو يعلم ويتقاضى اجر مقابل ذلك

مقال معتاد مكرر خال من الواقع والموضوعية لذلك لا نتقدم خطوة واحدة

اخر الافلام

.. دون إجماع على البيان الختامي.. اختتام قمّة السلام في سويسرا


.. بقارب مفخخ.. هجوم حوثي جديد على سفينة يونانية وحراس أمنها يق




.. شاب مُصاب يتلو القرآن خلال نقله للمستشفى


.. قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان: واثقون من عودة الوطن




.. حميدتي: ما حدث في الفاشر تتحمل نتيجته حركات الارتزاق التي تخ