الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في نقد الديمقراطية النيابية ، نحو شرط اجتماع تشاوري ينظم مجالنا السياسي السوداني 1-3

معمر موسي محمد

2016 / 7 / 4
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


من عيوب الديمقراطية النيابية ذات الطابع التمثيلي المطروحة من قبل منظوماتا السياسية السودانية والمعرفة باعتبارها طريقة لتنظيم التدافع السياسي بالمعني (الاجرائي) انها تعمل وفقآ لمبداء راي الاغلبية قد تتحول ل(ديمقراطية شعبوية) ومن ثم تتحول ل(ديكتاتورية شعبوية ) بعد اكتمال دورتها الاجرائية تنتهك وتهضم حقوق الاقليات وتذويب شخصية الفرد التي ينبني عليها مسار العلمية السياسية كوحدة مؤسسة وغاية اخيرة للدولة.
ومن اشكاليات الديمقراطية النيابية ذات الطابع الاجرائي القائم علي التنافس بين التكتلات السياسية المفضي لحكم الاغلبية الفائزة ومن ثم تحكمها في مسار العملية السياسية ومصير المجموعات والاقليات الغير مناصرة لها والافراد الذين لاينتمون لتكتل سياسي الامر الذي يترتب عليه ظلامات لاحظناها في كثير من الانظمة التي تتبني هذا النوع الشكلاني من الديمقراطية خصوصآ في بلد مثل سوداننا اغلب احزابه السياسية قائمة اما علي انحيازات عرقية وهوياتية اواصفافات مذهبية وتحاجزات مناطقية ، يفوض الناخب الواقع تحت تأثيرها سلطاته الي نواب علي اعتبارات قبلية او طائفية واحيانآ علي وعود مصلحية ضيقة وليس بناء علي تعاقد سياسي وبذك يقفد هذا التفويض اي جدوي ومعني سياسي ، حيث يكون النائب المنتخب غير مقيد وغير مبالي بقضايا من انتخبوه ،وعليه فأن هذه العلاقة تفرغ العملية الديمقراطية من وظيفتها ومعناها وفعاليتها ، غير انه حتي لو كانت هذه العملية مبنية علي تعاقد سياسي واضح فأن القرارات تظل فوقية ولاتنبني علي فهم حقيقي لحياة الناس واسئلة حياتهم ومعاشهم ولاتسمح بالتقييم والمحاسبة الا ابعد انتهاء الفترة النيابية.
هذا النمط من انماط الديمقراطية تمخضت عنه مايمكن تسميته ب(الديكتاتوريات الشعبوية) امتطت ظهر الديمقراطية في طريقها للسلطة لكنها سقطت في اول اختبار ديمقراطي بعد وصولها للسلطة ويمكننا ملاحظة هذا الامر عند تفحص ممارسات الانظمة التي حكمت السودان في الفترات الموسومة زورآ بالديمقراطيات ، وملاحظة ممارسات نواب البرلمانات في عهد الحكومة الحالية.
ولتجاوز الاشكالات النظرية والتطبيقية التي صاحبت تبني الديمقراطية النيابية ، نطرح من خلال مشروع الحركة السودانية للتغيير مفهوم غير مطروح في الاوساط الفكرية السودانية وطريقة جديدة علي المجال العام السياسي السوداني وهما الية ومفهوم (الديمقراطية التشاورية) نتجاوز من خلالها اشكالايات الديمقراطية الليبرالية النيابية لصالح شروط جديدة لتنظيم مجالنا العام ، شروط تمنح مواطنيينا امكانية الفعل والقول والنقد والمراقبة والمحاسبة لمن يتحدثون بأسمهم ويمارسون السلطة بناء علي تفويضهم ، شروط تضمن لكل فئات المجتمع القدرة علي ممارسة السياسة بشكلها النظري من خلال مراكز ابحاثها ودراساتها وبشكل عملي من خلال منظمات المجتمع المدني..
فالديمقراطية التشاورية علي عكس الديمقراطية الليبرالية التي تختزل الممارسة السياسية و سلطة الحكم في ايدي فئيات محدودة من احزاب او حركات سياسية حصلت على الأغلبية من أصوات المواطنين، وبالتالي تستأثر لنفسها بأمور تدبير و تسيير الدولة والمجتمع، في تهميش وتغييب شبه كاملين لكل فئيات الشعب الاخري من منظمات مجتمع مدني ومثقفين ومراكز ابحاث ودراسات ومبادرات اجتماعية مختلفة ، فنسقط في ما يسمى (بالديكتاتورية الشعبوية) .
نحن في الحركة السودانية للتغيير ننظر للعمل السياسي و تدبير شؤون المجتمع على انه عمل و تدبير تشاركي تشاوري بين كل الفئات الإثنية و العرقية و اللغوية و الدينية المكونة للشعب وبين كل المنظمات الفئوية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني ، وننظر للمواطن باعتباره فاعل اجتماعي و مؤثر و لاعب أساسي في أغلب القرارات و المشاريع السياسية التي سيتم اتخاذها من طرف كل المؤسسات السياسية والادارية المكلفة بتدبير و تسيير أمور المجتمع
و نتطلع لتوفير الآليات و المنافذ المناسبة لكل المواطنين و الفعاليات و السياسية المدنية و الثقافية...و غيرها، حتي يستطيع كل فرد التعبير عن مواقفه وتصوراته وارائه حول كل مايجري في الدولة التي يعيش فيها باعتباره مواطنا كامل المواطنة..

بما اننا ومن خلال مشروع الحركة السودانية للتغيير نتطلع لبناء دولة وطنية حديثة تقوم فيها السياسة علي تشاور وتوافق وتكامل جهود واراء جميع مكونات المجتمع ، اذآ لابد من تأسيس أركان هذه الدولة من خلال وضع اسس ولبنات وتبني اليات تضمن لهذا التداول والتكامل الفاعلية والاستمرارية وتجنبه الموسمية و الارتجالية في التطبيق و الفعل ، و جعله واقعا معاشا و لحظة سياسية وجودية كائنة. إلا أن النموذج الذي نتطلع اليه ليس هبة تمنح من الدولة والمؤسسات الفوقية ، بل يتأسس من طرف المواطن الواعي بقدرته على الفعل و التأثير و تقديم الاقتراحات و البدائل و الحلول البناءة، بدل الوقوف في حالة السلبية و الانغلاق على الذات والفرجة ، و الاكتفاء فقط بالنقد السلبي الذي لا يطرح أية حلول. بل بانخراط المواطن بشكل إرادي و إيجابي، و بدون شروط أو قيود، في مناقشة كل القضايا و الإشكاليات السياسية الدائرة في مجتمعه، لكن فقط بشرط الالتزام بأخلاقيات المناقشة و الحوار العقلاني و المنفتح، و الابتعاد عن التعصب للرأي، و عدم احتقار الأفكار و التصورات المخالفة التي يتبناها مواطنون اخرون غيره ، وبالتالي تكون هناك فعلآ ديمقراطية تشاروية تنتظم مجالنا العام السياسي فلاتعود الديمقراطية مجرد اجراء تنافسي يفضي لحكم الاكثرية الفائزة للاقلية وتحكمها في مصائر الافراد ، هذا التصور لا مكان له في قاموس الديمقراطية الحديثة بعد ان اصبحت خاضعة لمعايير التمثيل الفعلي لافراد المجتمع وتصوراتهم ومن ثم تصبح الحكومات محل مراقبة دائمة من قبل المجتمع المدني ، ان التمثيل الصحيح لافراد المجتمع والتعبير عن تطلعاتهم اصبح بمثابة المسوغ الشرعي الوحيد لممارسة السلطة ، علي اساس ان المجتمع هو الجهة الوحيدة التي تسبغ المشروعية علي اي جهة رسمية في ممارسة مهامها العامة.
سنقوم بأفراد ورقة مخصصة لمفهوم الديمقراطية التشاورية تحتوي علي تأسيس نظري للمفهوم وتجذير تاريخي له وتبيئة في سياقنا الاجتماعي السوداني ، واليات تطبيق الديمقراطية التشاورية .
خلاصة القول في الامر نقول ان حركتنا تضع على قمة برنامجها للتغيير المنشود الديمقراطية ، و ننظر إليها كركن أساسي لا يمكن التنازل عنه و لا المساومة عليه تحت أي ظروف ، و الديمقراطية بالنسبة لنا ليست مجرد أسلوب للحكم أو تبادل الحكم ، بل هي علاقة يجب أن تتخلل كل خلايا المجتمع السياسي و المدني ، و هي الضامن الوحيد للتنمية و الحقوق الاقتصادية و الثقافية و المدنية لكل المجموعات السودانية ، و هي الآلية الوحيدة الكفيلة بإدارة تنوعنا و تعددنا الاثني و الثقافي و الديني بصورة سلمية و خلاقة .الديمقراطية بالنسبة لنا ليست النظام الكامل المبرأ من كل عيب و لكننا ننظر إليها باعتبارها أنسب أسلوب للحكم و أفضل علاقة لإدارة السلطة توصلت إليه الإنسانية حتى الآن و الأفق لا زال مفتوحاً و لتطويرها و تعميقها و ترسيخها في المجال العام السياسي و الإجتماعي السوداني . لا ننظر للديمقراطية باعتبارها قيمة غريبة عن مجتمعنا السوداني، بل هي قيمة كونية إنسانية لها جذور ثابتة يمكن تلمسها في ثقافاتنا المختلفة، كما أن حركتنا ترفض مبدأ تقسيم القيم الإنسانية إلى ما هو أصيل و دخيل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جيش الاحتلال الإسرائيلي يكثف غاراته على مدينة رفح


.. مظاهرات في القدس وتل أبيب وحيفا عقب إعلان حركة حماس الموافقة




.. مراسل الجزيرة: شهداء ومصابون في قصف إسرائيلي على منازل لعدد


.. اجتياح رفح.. هل هي عملية محدودة؟




.. اعتراض القبة الحديدية صواريخ فوق سديروت بغلاف غزة