الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موروث شعبي , تعنت فقهي واضطراب سياسي

يوسف الصفار

2016 / 7 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


موروث شعبي , تعنت فقهي ,واضطراب سياسي
المأساة التي نعيشها كل يوم بقتل فلذات اكبادنا يجعلنا ذاهلين ازاء هذه الوحشية المتناهية بتطرفها كيف نمت وترعرعت وتكونت . ؟؟ كيف يتسنى لفكر يحمل كل هذا الكم الهائل من الحقد والقسوة ان ينموا ؟؟ فعبر التاريخ الحديث ظهرت حركات متطرفة كثيرة من اليسار واليمين , وظهرت رؤى متشعبة لعنجهية فكرية طافحة بالتزمت ونكران الاخر . لكننا لم نشهد مثل ما اتت به هذه الحركات الاسلامية من رغبة محمومة في القتل و الايغال بالدماء البريئة .. الكل يتعجب ويتسائل والكل يستنكر لكن دائما رد الفعل لايكون بمستوى الفعل .. هناك ردود افعال سياسية واخرى دينية واخرى شعبية تتصف بحماسة للانتقام ولنتسائل على مدى كل هذه السنين السابقة كيف استُثمر الفعل الفكر الديني المتشنج ليوغل بجرائمه .. اذا قلنا حقد طائفي فامامنا ليبيا وتونس وحتى السعودية يعانون من نفس المشكلة واذا قلنا نصوص دينية تحرض على القتل والتمثيل فالماضي السحيق الذي جاء منه الاسلام زاخر بهذه الافعال .لكن الحاضر ليس وليد الماضي فالذبح والتمثيل والسبي والتقتيل وعدم الرحمة بالاسرى وغيرها من اساليب التعذيب انما هي بنات واقع اجتماعي تاريخي وجغرافي يتسق مع طروحات تلك الايام وكل ما نفعله هذه الايام ابتداءً من طقوس دينية وتمسح بالادعية والمناجاة ليس لها وجود في تلك الايام فلو ارجعنا الزمن الى الخلف لمئات السنين حين ظهرت الدعوة الاسلامية لأ دركنا اننا ازاء واقع اجتماعي وفكري لا علاقة له بالله وانما تاكيد لذات صحراوية متشرذمة وصلت الى حالة من التناقض لا يمكن لها ان تستمر .. جوع عري استبداد واقتتال عشائري عنف عائلي تركيبة حكم لوغاركية يتقاسم مغانمها بضعة أفراد . حينها ظهرت الحاجة لتكوين جديد استمد تعاليمه من اليهودية بحكم السيطرة الاقتصادية لليهود وتقدمهم الفكري النوعي والنسبي على اعراب الجزيرة والبادية .
لكننا دائما ما نجد في الاعلام تهويل ومبالغة لهذا التاريخ ساعدت في ذلك وسائل تكنولوجية متطورة وماكنة اعلامية زائفة تظهر حقائق جديدة هي بنات واقع افتراضي لا وجود له مصحوب بتربية دينية موغلة بالتخويف والارهاب انتجت لنا وبحكم واقعنا الاقتصادي المتردي والهوة السحيقة بين السلطة والجماهير نوع من الدهماء يزعقون وراء كل زاعق مستثمرين احقادهم المتراكبة اسوء استغلال .
الى متى سنستمر بدوامة الحزن والحقد هذه ؟؟ ان الحل الامثل هو تكوين تركيبة جديدة لمجتمع وحكومات تبتعد عن موروثاتنا الشعبية او الفلوكلورية لاننا ازاء برمجة عقلية موغلة بالتخلف فاذا كان الاوربي يعتز ببعض قيمه القديمة فالسبب انها تعطيه مبرر لان يعيش بصورة افضل فما الفنون الشعبية واللوحات الجميلة سوى استثمار لعقول متفتحة نفتقدها بواقعنا الحالي .
انضروا الى رمضان كمثل : شهر من التجويع وتحمل العطش والتفاخر بالمأكولات وتاخير لعجلة العمل والاقتصاد وملاحقة المفطرين والتزمت العنيد والهوس الدعائي فلو تسائلنا ماهو المبرر الانساني لهذا العمل الذي يحمل من الكذب والتدليس الشيء الكثير فسوف لانجد سوى اوهام يقتنع بها الفرد نفسيا من اجل احاطة ذاته بنوع من الحصانة المفتعلة .
ان الموروث الشعبي والفراغ النفسي والفكري هو الذي يجعلنا نتماهى بهذه الطقوس فنضيف اليها من بنات الحاضر ونهولها بوسائلنا التكنولوجية ونستثمر حتى الافلام الامريكية بتصوير يوم القيامة لتخويف البسطاء لابتزاز مقوماتهم الفكرية والجسدية لاستغلالها خدمة لحكومات متسلطة وخنوعة لدوائر خارجية هي السبب من تمكينها الحكم .
ان تعذيب الذات بطقوس ماسوشية هي عملية ارضاء للذات لتملكها لنزعات قديمة من الشعور بالذنب ونوع من التعويض النفسي لارضاء مكنوناتها المخفية المغلقة لانه ليس اكثر من تعذيب للذات غير ذاك الشعور المبهم بعدم الاكتمال فبدل من معالجته بالتحصيل العلمي او الادبي نلجأ وبحكم كسلنا الى هذه الوسائل المبهمة لنخلق اجيال اكثر تخلفا وقسوة . ان شعوب تعتبر القراءة نوع من الترف والتحصيل العلمي مضيعة للوقت يسهل تجيرها واستباحتها . لذا يلجأ الحكام بكل الوسائل الى اغناء هذا المماراسات وتأكيدها لابل حتى ممارستها امام الجماهير للايحاء بصدقيتها وهذا ما نراه بطبقتنا السياسية الان ..يمارسون الاعيبهم مع شبابنا بشتى الايحاءات المتخلفة بينما اولادهم ينعمون بترف في سوح المدن الاوربية ومنتجعاتها .
نحن ازاء ازمة ضمائر موغلة بالتعنت وعملية استغباء لشرائح مجتمعية تعي هذه الحقائق وهذا ما نشاهده هذه الايام بعد الفعل الشنيع الذي قامت به داعش بتقتيل ابناءنا وبناتنا وشبابنا وحرقهم حينما ينبري احد البسطاء من ابناء الشعب متسائلا ..الى متى نبقى في هذه الازمة التي نعاني منها لعدة سنين وما من حل لها في افقنا كما يبدوا لنا ؟؟ حتى بعض رجالات السلطة امسوا في حالة من الاسترخاء السياسي ازائها وهذا مانستقيه من ملامح بعض المسئولين وكأن الامر حدث هناك بعيدا في جزر الواق واق ..
ان الفساد والانانية اصبح بحكم المنتهي بالنسبة لنا .. مجموعة متسلطين لهم مواقع معينة في مفاصل الدولة يسحبون ويعينون كل ما يتمكنون عليه من اقربائهم وابناء عشائرهم وبدون حياء متجاوزين الكفوئين والمؤهلين لهذا العمل الامني او ذاك فاذا كان احدهم يحتل منصبا معينا امنيا او مخابراتيا فنرى المحيطين به جلهم من عشائره او مريديه المقربين .. ازاء هكذا وضع لا يمكن لنا ان نخلق دولة لها مقوماتها الحديثة وازاء هذا التعنت بالمحاصصة المغلف بالفساد لايمكن ان نجعل من الشرطي او رجل الامن مخلصا محبا لشعبه ناهيك عن وطنه . سنخلق افراد يمتلكون من الا مبالاة في الحس الوطني ما لا يؤهلهم الى مقاومة هذا التوحش .. يتطلب منا ان لانركن الى اثارة مشاعر المذهبية والتفرقة من اجل ديمومة سلطتنا الهزيلة ومما اثار استغرابي ردت فعل الجماهير العفوية تجاه زيارة رئيس الوزراء ثم الحفاوة التي احاطوا بها قادة هم ليسوا اصحاب قرار لالشي الا لان هؤلاء تحركهم مشاعر معينة تنسجم مع غضب الجماهيرالتي تملكتهم نزعات الغضب . هؤلاء تتناغموا مع متطلبات الشارع الانية ( انه اليأس لاغير ) . الانتوقف قليلا للتسائل ان جماهيرنا وحيرتها بايجاد البديل للخروج من هذا المأزق جعلهم كالمذهولين الذين يبحثون عن حائط يركنون اليه . لايعنيهم من امرهم شي سوى الرغبة بان يعيشوا بامان وسط هذه اللجاجة بالتقتيل . سلطة متكونة من مجاميع عشائرية متناحرة على المناصب وموغلة بايثار افرادها لانفسهم لايمكن ان تقود بلد الى بر الامان .
لاشي يجعلنا نقتنع ازاء هذه المأساة بان في الافق امل ..على كتابنا وادبائنا ان يعوا الخطر ويتصرفوا بمهنية لتحليل الامور ووضع النقاط على الحروف بعيدا عن المغالات والمغالطات ..فمما يحز بالنفس هو ان نجد الماكنة الاعلامية تخضع ايضا لشروط المحاصصة والعشائرية ناهيك عن المذهبية ومما يوغل في نفسي الما وانا اشاهد بعد كل مصيبة من المصائب الذي ابتلى بها شعبنا معلقين ومحللين من اصحاب الحلول المبتورة المتسلقين بفعل احزابهم او عشائرهم او مريديهم من اصحاب القرار يخرجون علينا وهم يتمتعون برؤية طافحة بالتفائل مرتدين افضل الملابس تعتلي رقبهم الاربطة الزاهية الالوان يثيرون البسطاء بتحليلاتهم التي تبتعد عن الحقيقة بقدر اقترابها من رجل الشارع البسيط .
المصيبة كبيرة ولا احد يتسائل لماذا لم نبني منظومة امنية حقيقة تمتلك اجهزة فعالة لاكتشاف حتى العصافير في جحورها لااحد يتسائل اين ذهبت المليارات بموازاة رفع شعارات خيارنا ومختارنا وقائدنا . لاادري ماذا جرى لعقولنا حتى نلوثها بهذا الفساد المستشري في النفوس والعقول والمثل العراقي يقول ( الشق كبير والرقعة صغيرة )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بهجمات متبادلة.. تضرر مصفاة نفط روسية ومنشآت طاقة أوكرانية|


.. الأردن يجدد رفضه محاولات الزج به في الصراع بين إسرائيل وإيرا




.. كيف يعيش ربع سكان -الشرق الأوسط- تحت سيطرة المليشيات المسلحة


.. “قتل في بث مباشر-.. جريمة صادمة لطفل تُثير الجدل والخوف في م




.. تأجيل زيارة أردوغان إلى واشنطن.. ما الأسباب الفعلية لهذه الخ