الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيسي، رئيس للبيع.

عساسي عبدالحميد

2016 / 7 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


موقفان يشدان الانتباه من تصرف الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي؛ وبين الموقفين فترة لا تتعدى خمسة أشهر؛ أولهما عندما عرض نفسه شخصيا للبيع كرئيس لمصر يوم 24/02/ 2016 ؛ كان ذلك على هامش مؤتمر رؤية مصر 2030 عندما خاطب الحاضرين والدموع تنحبس في عينيه ان كان ينفع أتباع هتباع " ..
==========
أما الدراما الثانية هو وقوفه في دار الأوبرا المصرية يوم 3/07/2016 لإحياء الذكرى الثالثة للثورة التي سحب فيها البساط من تحت أرجل أخيه من الرضاعة محمد مرسي؛ وقد ظهر السيسي على خشبة المسرح وهو يلقي أما الحضور أغنية بعنوان " أنا مكاني مش كده ..." وقد لفت الانتباه وجود صورتي الرئيسين الراحلين السادات وعبدالناصر الى جانب صور لرموز أخرى فنية وأدبية وسياسية ؛ومادام النظام يحرص على تعليق صورتي السادات وعبدالناصر فهذا يؤكد أنه ماض على طريق الخراب ....
.
كان الرئيس السيسي وهو بدار الأوبرا يؤدي معزوفته " أنا مكاني مش كده ...أنا مكاني قد كده يبدو متعبا ومنهارا ومرتبكا؛ و قد ظهر ذلك واضحا من خلال نبرته و حركاته وإيماءات وجهه وكأنه على وشك كارثة عظمى...
===========
.
في الموقف الأول عندما عرض السيسي نفسه للبيع في مؤتمر رؤية مصر 2030 فانه في الحقيقة كان يمهد الرأي العام المصري لبيع الجزيرتين الاستراتيجيتين تيران والصنافير الواقعتين على مدخل خليج العقبة؛ وكان يمهد أيضا لفتح المزيد من الأبواب للسعودية على أرض مصر ليس فقط للانقضاض والاستئثار بحصص الأسد من الأراضي والمشاريع؛ وانما للنفخ في شفتي مصر الذابلتين بعضا من أنفاس غول الوهابية لكي يعود قلبها للنبض؛ وفي نفس الوقت لكي تتخلص مصر من فرعونيتها وشركها وصليبيتها وصنميتها ؛ فهي دار اسلام كما يردد السلفيون بمصر؛ وهدم الكنائس التي بنيت بعد دخول عمرو بن العاص واجب شرعي يسأل عليه المسلم يوم لقاء ربه؛ هكذا يصرح غرانيق السلفية و أمام مرأى ومسمع من الدولة دون خوف ودون مراعاة مشاعر شركاء الوطن من الأقباط ...
.
.
تشريع أبواب مصر على مصراعيها للسعودية تجلى في الاستقبال الذي تم تخصيصه للزيارة الرسمية لملك السعودية في أبريل نيسان الماضي؛ والتي وصفها اعلام الدولة بالتاريخية؛ حيث تم استقبال الملك سلمان تحت قبة البرلمان؛ ورفع نواب الأمة أعلام السعودية؛ وفاضت قريحة البرلمان قريضا مادحا وحماسا ناضحا اجلالا واكبارا لطويـــــــــــــل العمر ..وكان ملك السعودية يبتسم بخبث و هو يعلم أنهم ينافقونه بصراخهم ودموعهم ...
.
في شوارع القاهرة وتحت حراسة الأمن المصري حملت الناس رايات السعودية وصور الملك سلمان؛ و رقصت النساء احتفاء بملك السعودية؛ في حين خبطت العصي الأمنية بقوة فوق رؤوس المواطنين المحتجين على التفريط في الأرض ممن رفع شعار " عواد باع الأرض يا فخرية " وتم اقتياد العديد منهم لمخافر وسجون الدولة ؛(( وفخرية نسبة للدكتورة الفخرية التي منحتها جامعة القاهرة للعاهل السعودية تقديرا لدوره واسهاماته وحبه لمصر ...))
.
ومن وسط الجموع الهاتفة للسيسي والملك سلمان ظهرت سيدة مصرية بدينة ومحتجبة لا علاقة لها تماما بتلك الصورة النمطية التي ألفناها للمرأة المصرية الفرعونية على الجداريات والبرديات ؛ وهي صورة جميلة مبهرة بقوامها الممشوق و شعرعا المصفف و عينيها الرائعتين، كانت تلك المواطنة المحتجبة والمكتنزة التي تحمل الجنسية المصرية تحمل العلم السعودي وهي تقول؛ اننا مستعدون لإهداء الملك سلمان الأهرامات وأبي الهول وأم الهول وليس فقط الجزيرتين ..
.
حفل الابتهاج و الترحيب بضيف مصر؛ أعدت له الدولة جيدا كما أعدت للبرامج التلفزيونية؛ التي تزامنت مع الزيارة؛ وكلها كانت تضفي بصمة وهابية على موادها ؛فقد تمحورت خطبة الجمعة أثناء الزيارة حول شخصية عمرو ابن العاص فاتح مصر (( حارق مكتبة الاسكندرية و معلق رؤوس الأقباط على أبواب المساجد بعد تمليحها )) ...و تطرق أحد البرامج أثناء زيارة ملك السعودية الى الحديث النبوي المأثور ((إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جندا كثيفا؛ فذلك خير أجناد الأرض ))
وتطرق الاعلام باسهاب للسيرة الميمونة لملوك آل سعود منذ عبدالعزيز آسعود وصولا للملك سلمان
.
.
في الموقف الثاني بدار الأوبرا التي ظهر فيها السيسي بمظهر الحكواتي "عويس المينياوي " وهو يؤدي أغنية (( أنا مكاني مش كده ...))...وفيه يبدو السيسي منهارا حزينا يترجى الشعب المصري لشد الحزام أكثر والمزيد من الصبر والتضحية؛ فالوطن يواجه صعوبات اقتصادية والمؤامرات تتربص به من كل جهة ..
.
السيسي على دراية بالكارثة الوشيكة وعلى رأسها الأمن المائي والغذائي الذي بدأ يتهدد مصر نظرا لحاجيات المصريين المتنامية للماء أمام التزايد المهول لأعداد السكان؛ خاصة بعد اقتراب اثيوبيا من انجاز سد النهضة العملاق؛ و بعد ان شرعت مؤخرا في تخزين المياه في البحيرة الخلفية للسد حيث تمر مياه النيل الأزرق الذى يمد مصر بحوالي 50 مليار متر مكعب من المياه في السنة .
.
.....
رئيس الوزراء الاسرائيلي "بنيامين نتانياهو" يبدأ بزيارة لعدد من بلدان حوض النيل(( أوغندا- كينيا-رواندا –اثيوبيا ))؛زيارة وصفها الاعلام الاسرائيلي بالتاريخية؛ كما صرح نتانياهو عبر حسابه على تويتر ان هذه الزيارة ستفتح أبواب افريقيا لاسرائيل ؛واضاف بأننا متحمسون لافريقيا وافريقيا متحمسة لاسرائيل أكثر أمنيا وسياسيا واقتصاديا ؛ ومن المرتقب أن يلقي نتانياهو خطابا هاما أمام البرلمان الاثيوبي يوم الخميس المقبل ...(( تماما كما ألقى العاهل السعودي خطابه أمام البرلمان المصري ))
.
.
اننا اليوم نجني ثمار اليوم الملعون 23/07/1952 يوم رهن رفاق عبدالناصر مصر بحضارتها وثقافتها وأصالتها تحت أقدام صنم العروبة فكانت الكارثة ...وصنم العروبة دمر ثلاثة بلدان حضارية ؛ خرب مصر عندما وسوس لعبدالناصر لرمي اسرائيل في البحر والحرب نيابة عن كل العرب ؛ و خرب العراق عندما دفع بصدام حسين للاستئصال شوكة ايران المجوسية الرافضية ..وهو الان يحرق سوريا المعتنقة لعقيدة هذا الصنم باسم الممانعة وعدم الانبطاح.
.
خطأ ثورة يوليوز القاتل هي عندما راهنت على البعد العربي المفلس؛ وتجاهلت البعد الافريقي المتمثل في منابع النيل وثقافة الهرم ..كان على رفاق عبد الناصر بدل من تحويل اقتصاد مصر الى اقتصاد حرب و الدخول في حروب ما زال المواطن المصري يعاني لحد اليوم من تبعاتها ؛ كان عليهم الانخراط في فضاء اقتصادي يضم بلدان حوض النيل تكون مصر واثيوبيا نواته الصلبة ؛ ولو كان حصل هذا لكانت مصر اليوم تقود فضاء اقتصاديا قويا لا مثيل له ...لكن غباء الضباط الأحرار أعمى بصيرتهم و أدخلوا مصر أنفاقا مجهولة المخارج يحاول السيسي اليوم تدبيرها
.
.
كانت اثيوبيا هذه التي تنبع من هضابها 90 في المائة من حصة مصر المائية و التي ستدشن المرحلة الأولى من افتتاح سد النهضة بمناسبة زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو ..كانت في عهد الامبراطور الاثيوبي "هيلاس هيلاسي" تكن حبا جارفا لمصر ..فرجوعا لأرشيفات تلفزيون ماسبيرو القديمة نرى كيف كان الامبراطور الاثيوبي يستقبل بابا الكنيسة المصرية " الباب كيرلس " استقبال الملوك ...كان ينحني أمامه باحترام و يقبل يديه بحماس..و كانت الفرحة تبدو على رجال الدين الاثيوبي وعلى الجموع المحتشدة لاستقبال "البابا كيرلس" ...
.
ما يجمع اثيوبيا بمصر نهر عريق قامت على ضفافه حضارتان رائعتان؛ الفرعونية والأمهرية؛ وكنيسة أصيلة لعبت دورا تواصليا وأغنت الفكر الروحي والانساني؛ لكن ما يحز في النفس هو أن رفاق عبدالناصر لم يستغلوا البعد الافريقي لمصر المتمثل في منابع النيل وثقافة الهرم والتراث القبطي العريق؛ وكذا دور الكنيسة المصرية التي تعتبر الأم الشرعية للكنيسة الأمهرية الحبشية ؛ فارتمى البكباشية بين أحضان العروبة القاتلة؛ وها نحن نؤدي الثمن غاليا؛ وها هو السيسي يرقص اليوم ويغني على مسرح الأوبرا ويعرض نفسه للبيع أمام عدسات الكاميرا ؛ وهاهي مدعشات الخليج تضيق ذرعا بالسيسي ولن تستمر طويلا في الدعم المالي له لأنه لن يعود بامكانها اطعام 90 مليون مصريا كل يوم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمد الصمادي: كمين جباليا سيتم تدريسه في معاهد التدريب والكل


.. متظاهرون يطالبون با?لغاء مباراة للمنتخب الا?سراي?يلي للسيدات




.. ناشطة بيئية تضع ملصقاً أحمر على لوحة لـ-مونيه- في باريس


.. متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين يهتفون -عار عليك- لبايدن أثناء م




.. متظاهرون يفاجئون ماثيو ميلر: كم طفلاً قتلت اليوم؟