الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تركيا وروسيا وإسرائيل ، ثورة دبلوماسية، أم مؤامرة جديدة؟

عبدالجواد سيد
كاتب مصرى

(Abdelgawad Sayed)

2016 / 7 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


تركيا وروسيا وإسرائيل ، ثورة دبلوماسية ، أم مؤامرة جديدة؟
الثورة الدبلوماسية أو الإنقلاب الدبلوماسى هو مصطلح حديث ، يعبر عن تحالف الخصوم المفاجئ ضد خصم ثالث أكثر خطورة ، ورغم أن المصطلح حديث فإن ممارسته أو تطبيقه على أرض الواقع هو فعل قديم، فقد تحالف الخصمان اليونانيان اللدودان أثينا وإسبرطة ضد الخطر الفارسى فى العصور القديمة ، كما تحالفت مصر القديمة مع عدوها الكبير آشور ضد بابل ، وفى العصور الحديثة تحالفت أوربا الرأسمالية مع الإتحاد السوفيتى الشيوعى ، وهكذا نجد أن جذور الفعل السياسى قديمة ، بينما المصطلح فقط هو الجديد ، كذلك يمكن أن نلاحظ ، وبسهولة ، أن الثورات الدبلوماسبة تحدث فى ساعات الضرورة القصوى ، فماذا كان يمكن أن تفعل أثينا وإسبرطة فى مواجهة الفرس ، سوى التحالف ، ومهما كان بينهما من عداء ، وبالمثل ، ماذا كان يمكن أن تفعل فرنسا وإنجلترا فى مواجهة ألمانيا النازية سوى التحالف مع الإتحاد السوفيتى ، مهما كان بينهما من خلاف على جميع المستويات ، وهكذا نجد أن الإنقلاب الدبلوماسى ، يحمل معه دائماً مبرره الأخلاقى ، رغم أنه قد يبدو إنقلاب وخيانة لمواقف قديمة ، وبهذا المفهوم يمكننا أن نجيب على السؤال الذى طرحناه فى العنوان ، هل ماحدث بين تركيا وروسيا وإسرائيل إنقلاب دبلوماسى أم مؤامرة جديدة ؟
أولاً دعنا نحاول تلمس مدى إستفادة كل طرف من هذه الأطراف من هذا التحالف أو هذا الإنقلاب ، فبالنسبة لتركيا ، وبالتحديد تركيا أردوغان ، يمكن لها أن تضمن الحياد الروسى الإسرائيلى فى القضية الكردية ، حيث أنهما من أكبر مؤيدى الأكراد ، كما يمكن لها أن تضمن النفوذ الذى تبحث عنه فى العالم الإسلامى من خلال منح إسرائيل لها مركز الراعى الأكبر للشعب الفلسطينى ، وليس بالضرورة للقضية الفلسطينية ، وكذلك يمكن لها الإستغناء عن حماية الغرب الذى تخلى عنها فى مواجهتها الأخيرة مع روسيا ، وأخيراً وهذا هو الأهم ، يمكن لها أن تصبح قناة سويس الغاز عندما تعتمد روسيا أكبر مصدر للغاز إلى أوربا والعالم خط أنابيب السيل التركى بدلاً من خط البحر الأسود المرتفع التكاليف ، وكذلك إسرائيل أكبر مصدر محتمل لغاز المتوسط ألى أوربا ، مما يحقق لها مكانة إستراتيجية كبيرة فى العالم تفوق حتى المنافع الإقتصادية ، كل ذلك مقابل موقف فى سوريا يحقق أهداف الخصم الروسى الإيرانى السابق ، دون التمسك بتسوية ترضى جميع الأطراف ، وهى مسألة بسيطة؟
أما بالنسبة لروسيا بوتن ، فمن الواضح أن هذا التحالف سوف يمكنها من تحييد قوتى الناتو الرئيسيتين فى الشرق الأوسط ، تركيا وإسرائيل ، وكذلك القوة الإسلامية السنية الرئيسية ، والخصم الرئيسى فى الصراع السورى ، وهى أيضاً تركيا ، مما سيمكنها من فرض رؤيتها على هذا الصراع والسيطرة على شرق المتوسط فى النهاية، الحلم الروسى الدائم، وأخيراً وهو الأهم كالعادة ، ضمان الممر الآمن الرخيص للغاز الروسى إلى أوربا والحفاظ على مركز المصدر الأول للغاز إلى أوربا والعالم ، وذلك مقابل الحياد فى الملف الكردى، وضمان حسن الجوار بين الصديق الإسرائيلى الجديد، والحليف الإيرانى الدائم ، وهى أيضاً مسألة بسيطة؟
أما بالنسبة لإسرائيل نتنياهو، فسوف يجنبها هذا التحالف الإلحاح العربى الدائم على حل القضية الفلسطينية ، كشرط للتطبيع الشامل وفتح أسواقه أمامها وقبولها فى النظام الإقليمى ، وهو الموقف الذى يتبناه أيضاً الشريك الأوربى المشاغب ، كما سوف يمكنها من معالجة الصراع مع إيران بواسطة الصديق الروسى الجديد ، بدلاً من الصديق الغربى الذى خان ووقع الإتفاق النووى رغم عنها ، وأخيراً وهذ ا هو الأهم كالعادة ، سوف يمكنها من أن تكون عضواً رئيسياً فى نادى غاز المتوسط الروسى التركى على حساب مصر واليونان ، المنافس المحتمل فى المستقبل ، وذلك مقابل المخاطرة بتهديد معاهدة السلام مع مصر المنهكة بمشاكلها الكثيرة ، أو بالتخلى عن أسواق الخليج الغنية ، أو الإندماج فى النظام الإقليمى ، وهى أيضا مسألة بسيطة؟
وهكذا فرغم معقولية هذه الملفات، فمن الواضح أنها تترك ملفات أخرى مفتوحة، كما هى الجروح المفتوحة، القضية الفلسطينية، القضية السورية ، القضية الكردية ، خريطة توزيع الغاز فى المتوسط ، بحيث يمكننا أن نقول ، بإرتياح ، أن ماحدث بين تركيا وروسيا وإسرائيل ليس ثورة دبلوماسية ولاإنقلاب دبلوماسى ، إنه مؤامرة جديدة على الشرق الأوسط ، قد تدفعه إلى مزيد من الحروب الجديدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ولي العهد السعودي بحث مع سوليفان الصيغة شبه النهائية لمشروعا


.. سوليفان يبحث في تل أبيب تطورات الحرب في غزة ومواقف حكومة نتن




.. تسيير سفن مساعدات من لارنكا إلى غزة بعد تدشين الرصيف الأميرك


.. تقدم- و -حركة تحرير السودان- توقعان إعلاناً يدعو لوقف الحرب




.. حدة الخلافات تتصاعد داخل حكومة الحرب الإسرائيلية وغانتس يهدد