الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رجال أمن أم رجال قمع

محي الدين عيسو

2005 / 12 / 14
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


سؤال يراود جميع المواطنين في سوريا في الخفاء أو علناً ، لماذا نخشى الأجهزة الأمنية والمخابراتية ، لماذا كل هذا الرعب منهم ، أليسوا شريحة من مجتمعنا يأكلون ويشربون ويفكرون وينجبون ويحبون ويكرهون ويعشقون مثلنا نحن عامة الناس ، ثم هل هم مخيفون إلى هذا الحد ، لماذا نرتجف عند رؤية عنصر أمني ، هل العلة في المواطن أم في رجل الأمن نفسه أم في تربية المواطن السوري الذي تعود منذ نعومة أظافره على الخوف والرعب والاحترام القسري ، حيث يبدأ هذا الخوف من المرحلة الابتدائية عندما يمارس المعلم دوره كمعلم وكجلاد ، والتلميذ يعيش حياة مليئة بالخوف والرعب إلى حين خدمة العلم ومن هنا تبدأ الطامة الكبرى في مسلسل الخوف والرعب بدفن الكرامة وقتل كل ما هو جميل بداخله
الأمن والمخابرات في جميع دول العالم هم في النهاية موظفون لدى الدولة مهمتهم حماية المواطن من كل أنواع الظلم ، والموظف لا يخيف ولا يرعب المواطن ، إذاً لماذا يخاف المواطن السوري من هذا الموظف ، لماذا يقوم بإحناء الرأس أمامه
عند التوقف على هذه الأسئلة يجب علينا التفكير بدلاً من الأجهزة الأمنية ، حيث تعتقد الأجهزة الأمنية في سوريا بأن العنف والترهيب مع المواطن يحقق الأهداف المطلوبة بسرعة كبيرة بعكس المعاملة الحسنة والأساليب الإنسانية التي تأخذ وقتاً طويلاً وهي غير مجدية مع الإنسان الشرقي بشكل عام ومع الإنسان السوري بشكل خاص ، وتعتقد بأن المواطن السوري قد تأقلم مع هذه الأساليب ومن الصعب جداً تدريبه على المعاملة الإنسانية ، والمهم عند هذه الأجهزة أن النتيجة مضمونة والنصر آت بإذن الله ، حيث يشعر العنصر الأمني بإهانة كبيرة وكرامته أصبحت في التراب وأنه لا يستحق الرتبة التي يحملها إذا فشل في انتزاع اعتراف من متهم أو بريء ، والضابط الأمني يعرف بأن المواطن لا حول له ولا قوة ولا قانون يحميه لأنهم فوق القانون وقد زرعتهم الأنظمة الديكتاتورية القمعية شياطناً ليعيشوا بين الملائكة ، وهذا ما حصل في منطقة الدرباسية محافظة الحسكة عندما استدعت الأمن السياسي المواطن الكردي إبراهيم عيسو بتاريخ 22-10 -2005 إثر خلاف شخصي بينه وبين عائلته فتوفي ذلك المواطن بعد مرور ساعتين من وجوده في المفرزة ، وقد أكد الطبيب الشرعي بأن سبب الوفاة نوبة قلبية ؟؟! تصوروا مدى الرعب والخوف الذي ناله هذا المواطن ، هذا هو الأمن الذي يحمي المواطن في وطننا
ربما كان التعذيب في الماضي القريب والبعيد بشكل علني يتم على أشخاص تثبت إدانتهم الكاملة ، أما في الوقت الحالي فيمارس بالشكل السري خوفاً من وسائل الإعلام مع ابتكار وسائل حديثة للتعذيب نذكر منها الدولاب – الخازوق – بساط الريح - نزع الأظافر- كسر العظام – الصعق الكهربائي – الحرق – الضرب – الإهانات ، كل هذه الوسائل يمارسها الإنسان على أخيه الإنسان دون وجود حسيب أو رقيب للحد من هذه الممارسات التي تنعكس سلباً على المواطنين بما لها من آثار نفسية وجسدية واجتماعية خطيرة ، كما تتدخل الأجهزة الأمنية في حياة المواطنين من كافة النواحي وتجد نفسها الوصي الشرعي والأب الروحي لهم . وتقوم بتقييد حرية الفكر وكسر الأقلام المعارضة عبر ممارسات بعيدة عن الأخلاق والقيم الإنسانية والتي تنافي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادته ( 12 ) التي تنص " لا يجوز تعريض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة وفي شؤون أسرته أو مسكنه أو مراسلاته ولا لحملات تمس شرفه وسمعته ، ولكل شخص الحق في أن يحميه القانون من مثل هذا التدخل أو تلك الحملات "
إن الانتقال من مرحلة استخدام الوسائل القمعية والعنفية إلى مرحلة التعامل الإنساني مع المواطن تحتاج فقط إلى مراجعة الذات والإحساس بالمواطن كإنسان من لحم ودم ، فهل يمكن للمواطن السوري أن يتخيل نفسه في وطن حر بلا أجهزة أمنية قمعية ، في وطن لا يكون فيه العنف هواية والاعتقال غاية ، الجميع متساوون أمام القانون والقانون يحمي الجميع وفوق الجميع ، عندما نقول سوريا الوطن لا يجول في خيالنا سوى أجهزة الأمن والمخابرات ، الكل يحاول اصطياد المواطن ، الكل يحاول فرض هيبته على المواطن ، والبعض يتساءل لماذا الحراك السياسي الشعبي في سوريا معدوماً ، لماذا أحزاب المعارضة لا تملك الجماهير حولها ؟ والجواب اعتقد أنه قد وصل إن لم يكن معروفاً سابقاً








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحة وقمر - قمر الطائي تبدع في تجهيز أكلة مقلقل اللحم السعودي


.. حفل زفاف لمؤثرة عراقية في القصر العباسي يثير الجدل بين العرا




.. نتنياهو و-الفخ الأميركي- في صفقة الهدنة..


.. نووي إيران إلى الواجهة.. فهل اقتربت من امتلاك القنبلة النووي




.. أسامة حمدان: الكرة الآن في ملعب نتنياهو أركان حكومته المتطرف