الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عيدٌ بأية حال عدت ياعيدُ.؟

جعفر المهاجر

2016 / 7 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


عيد بأية حال عدت ياعيدُ.؟
جعفر المهاجر.
تستقبل الأمة الإسلامية عيد الفطر المبارك وهي تعاني من جراح كثيرة نازفة. فطاعون الإرهاب ينتشر بين ظهرانيها كانتشار النار في الهشيم، ووطننا العراق الجريح لاتبدو نهاية لأحزانه العميقة وفواجعه الكثيرة. وما زال أصحاب القرار فيه في أوج صراعاتهم والإتهامات المتبادلة بينهم على قدم وساق حتى في أيام المحن لايخجلون من إشغال الشعب بمشاكلهم.
يحل العيد ومئات آلاف البيوت في هذا الوطن الجريح تعج بنواح الثكالى التي نكبها الإرهاب منذ ثلاثة عشر عاما وهي تعيش في حالة عميقة من الحزن .ودم ضحايا الكرادة أوجع قلوب العراقيين وكل الشرفاء في العالم.
يحل العيد والإرهاب الداعشي يزهق يوميا عشرات الأرواح البريئة في لبنان ومصر وليبيا وبنكلاديش وإفغانستان وباكستان وقد وصلت خطورته لتهدد مقدسات المسلمين وهو الحرم النبوي الشريف . ولم يكن هذا الوباء ناتجا عن فراغ بل أظهره للوجود فكر ضلالي يرفض وجود الآخر ومناهج دراسية وخطب وفتاوى لمشايخ السوء والضلالة وعاظ السلاطين من مساجد غذت عقول الناشئة وزقتها زقا بروح الحقد والتكفير وأوصلتها إلى ماوصلت إليه من روح إجرامية بشعة فاقت كل التصورات ، وتخطت كل الخطوط الحمراء. ولا أغالي إذا ذكرت إن أرض نجد والحجاز كانت التربة الخصبة لتنامي هذا الفكر التكفيري المدمر معتمدة على منهج إبن تيمية وتلميذه المخلص محمد بن عبد الوهاب . وهذا الأمر يذكره كل المنصفين المختصين بدراسة هذا الفكر المدمر لكل القيم الأخلاقية والإنسانية التي دعا إليها الإسلام. وحين يقتل المسلم بسيارة داعشية مفخخة أو نرى طائرات آل سعود لايتوقف هديرها فوق سماء اليمن وهي تلقي بصواريخها وحممها على شعب اليمن المسلم في عيد الله وتقتل الأطفال والنساء دون أي رادع أو وازع من دين أو ضمير فإن كلا الوسيلتين لهما هدف واحد هو قتل الإنسان .
يحل العيد وآلاف الأطنان من الأسلحة الفتاكة تدخل إلى بلد إسلامي هو سوريا لتقضي على البشر والشجر والحجر فيه بحجة تغيير النظام. وقد تم الإفراج عن آلاف المجرمين المحكومين بأحكام جنائية في بلاد الحرمين الشريفين وأرسلتهم سلطات آل سعود ليحاربوا الشعب السوري لقاء إطلاق سراحهم. ولا يمكن بأي حال من الأحوال الفصل بين الإجرام الداعشي وإجرام حكام آل سعود اللذان يجتاحان الأمة الإسلامية لأن كلا الطرفين يساهمان مساهمة واضحة في إزهاق الأرواح البشرية عن عمد وإصرار على الأرض الإسلامية. والإسلام حرم قتل النفس البشرية، ودعا إلى الرحمة، وزرع البسمة على شفاه الفقراء والمحرومين ، وطالب بالعطف عليهم خاصة في العيد الذي دعا فيه الإسلام لغسل القلوب من الأدران التي تجمعت فيها، ونشر قيم المحبة والسلام بين أبناء خير أمة أخرجت للناس.
وهاهو الإبن الضال يتمرد على من رباه في حضنه ، ويضرب في عقر دار ولي أمره. ومن غرائب الحكام الأعراب أن يدعي وعاظ آل سعود بأن الدواعش في بلادهم ( خوارج مارقون ليس لهم دين ولا ذمة) وفي العراق (ثوار ومجاهدون يدافعون عن أهل السنة المظلومين.)!!!
من عجائب (علماء) حكام الأعراب اليوم أن يستفيق شيخ الفتنة القرضاوي ومن على شاكلته في إتحادهم المنافق من سباتهم ليعلنوا تضامنهم وتعاطفهم مع حكام آل سعود لفقدانهم إثنين من شرطتهم . ولا تهتز شعرة في أجسادهم اللاهفة إلى دولار البترول لأكثر من 400 ضحية فتك بهم وحش داعشي في منطقة الكرادة الذبيحة في بغداد الحضارة سيدة العرب الباكية على ضحاياها.
تستقبل الأمة الإسلامية عيدها وهي ترى مخابرات السلطان العثماني الإنكشاري الداعشي أردوغان قد فتحت حدود تركيا على مصاريعها لتسلل الآلاف من هؤلاء الشقاة القتلة الدواعش لقتل الشعب السوري وتدمير وطنه وكل الدلائل تشير إلى أن خمسة آلاف داعشي أردوغاني تسللوا إلى هذا الوطن الذي كان يضرب به المثل في الأمان ليعيثوا في ربوعه فسادا وقتلا. وجزء من قواته تدنس أرض العراق بالتواطؤ مع مسعود البارزاني ولعابه يسيل على حلب والموصل لكي يضم هاتين المدينتين العربيتين إلى إمبراطوريته العثمانية ويذكر الشعبين السوري والعراقي بعصر الإستعمار العثماني البغيض ..عصر الظلم والظلام الذي دام أربعة قرون.
يعود عيد الفطر المبارك وغزة محاصرة والقدس على وشك أن يبتلعها الغول الصهيوني، وفلسطين تصبح في خبر كان وآلاف السجناء المناضلين يرزحون في سجونه ولا يخطرون على بال أحد من ملوك وأمراء البترول المتنعمين في قصورهم الفارهة التي بنتها لهم الشركات الأجنبية.
يحل عيد الفطر المبارك والربيع الصهيوني في أوج إزدهاره وأشد الأعراب كفرا ونفاقا من أحفاد أبي لهب وأبي رغال مشغولين بوقف (التمدد الخطر الفارسي الذي يهدد كيان الأمة العربية وحاضرها ومستقبلها.)!!!
يحل العيد ومئات الآلاف من سجناء الضمير يقبعون في سجون الحكام العرب المظلمة لعشرات الأعوام وهم محرومون من أبسط حقوقهم الإنسانية وهم في سجونهم يسقط الحكام عنهم جنسية وطنهم الذي ترعرعوا ونشأوا فيه وقد أدرجوا على قائمة النسيان.
يحل العيد وقد ازدادت الهموم وتراكمت الأحزان على أبناء هذه الأمة إضافة لفقر الملايين وحرمانهم من أبسط متطلبات الحياة وما يرتكبه المجرمون من أعداء الجنس البشري المتعطشين لدماء الأبرياء من جرائم على هذه الأرض.وهناك من يموت من التخمة. والعيد فرصة اختبار لعودة الإنسان الحاكم نحو شعبه بالدرجة الأولى لأنه مسؤول عن حكم الملايين من الناس. وحين يرى فقراء وطنه يعانون من شظف العيش في وطن غني زاخر بالثروات لابد أن يشغل هذا الهم الكبير عقله وتفكيره وعليه أن يبذل كل مافي استطاعته وهو في الحكم لتغيير هذه الصورة البائسة التي دامت عقودا طويلة. فأين حكام المسلمين من عظمة الإسلام ورحمته .؟
وقد قال الله في محكم كتابه العزيز: ( وقفوهم إنهم مسؤولون .)
وقال نبي هذه الأمة محمد ص:
(الراحمون يرحمهم الرحمن ، إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.)
وقال الإمام علي بن أبي طالب ع وهو الخليفة الذي بيده مفاتيح بيت المال:
(هيهات أن يغلبني هواي، ويقودني جشعي إلى تخير الأطعمة، ولعل بالحجاز أو اليمامة من لاطمع له في القرص ولا عهد له بالشبع – أو أبيت مبطانا وحولي بطون غرثى ، وأكباد حرى ،أو أكون كما قال القائل :
وحسبك داءً أن تبيت ببطنة ٍ
وحولُك أكبادٌ تحنُ إلى القٍدٍ
وقولته المشهورة مازالت يرددها ملايين المسلمين :
( لو كان الفقر رجلا لقتلته .). فأين الثرى من الثريا ؟
لقد كان رسول الإنسانية العظيم محمد ص يجالس الفقراء ، ويتفقدهم ، ويجلس على الأرض ، ويأكل على الأرض ويقول ص:
( إنما أنا عبد ، آكل كما يأكل العبد ، وأجلس كما يجلس العبد ) ومع الأسف الشديد حين تذكر الحقيقة المرة ونقول أن الكثير من الحكام في هذا الوطن العربي المنكوب يعيشون بمعزل عن شعوبهم . ولا يملكون ذرة من العدل والإنصاف وقد قال الله في محكم كتابه العزيز:
(وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) النساء -58.
وقد قال الأمام علي ع:
(أأقنع نفسي بأن يقال أمير المؤمنين ، ولا أشاركهم في مكاره الدهر ، أو أكون أسوة لهم في جسوبة العيش (والجسوبة ) هي (الخشونة ). فما خلقت ليشغلني أكل الطيبات ، كالبهيمة المربوطة همها علفها ، وتلهو عما يراد بها أو أترك سدى ، أو أُهمل عابثا ، أو أجر حبل الضلالة ، أو أعتسف طريق المتاهة.)
فكم من حكام الأمة العربية تأملوا هذا الكلام ، والتفتوا إلى ماهم فيه من هوى النفس ورغباتها التي لايحدها حد ؟ أين الذين لأماناتهم راعون ؟ وأين التواصي بالمرحمة في أتون هذا الجحيم الذي يعيشه إنسان هذه الأمه.؟ والمليارات من الدولارات تذهب ألى بطون الفاسدين والمفسدين الذين لاهم لهم سوى الثراء الفاحش على حساب البؤساء.؟
ولماذا تبيت البطون غرثى وهناك متخمون ؟ولماذا يعيش الفقراء في بيوت من الصفيح وفي المقابر في أوطانهم؟ ولماذا يسمع المواطن خطابات طويلة عريضة رنانة طنانة تبشر بأحلام خضراء وتمر السنين ولا يجد الفقراء والمرضى والأرامل والأيتام الذين يزداد عددهم يوما بعد يوم غير العدم والإحباط والوعود الخاوية من أي مضمون حقيقي ؟
إن أ ية حكومة في العالم لاتتحسس عذابات الناس وأوجاعهم ، ولا تشعر بمعاناتهم وتضيع أعواما طويلة من عمر الزمن في صراع مرير على الحصص، وتوزيع المناصب لاتستحق البقاء والتحكم في رقاب الناس حتى ولو كانت منتخبة .
فهل يدرك حكام المسلمين مايرتكبونه بحق شعوبهم المحرومة. ويكون جلال العيد فرصة لتفتح بصائرهم . ويثوبوا إلى رشدهم، ويرحموا شعوبهم المظلومه .؟ إن شكي كبير في ذلك مادام هؤلاء الحكام يتربعون العروش في أمة إبتليت بهم وأثقلوها بالآلام والنكبات ، وأكثروا في جسدها الجراح.
وليس لي إلا أن أكرر كلمات المتنبي والألم يحز نفسي كمواطن مسلم :
عيد بأية حال عدت ياعيدُ.؟
جعفر المهاجر.
6/7/2016








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مؤتمر صحفي لوزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه في لبنان


.. المبادرة المصرية بانتظار رد حماس وسط دعوات سياسية وعسكرية إس




.. هل تعتقل الجنائية الدولية نتنياهو ؟ | #ملف_اليوم


.. اتصال هاتفي مرتقب بين الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائي




.. مراسل الجزيرة يرصد انتشال الجثث من منزل عائلة أبو عبيد في من