الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يستحق نظام البعث السوري كل هؤلاء الضحايا ليبقى شهراً آخر في الحكم؟

عارف علوان

2005 / 12 / 15
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


بكل حزن تابعت المشهد الأليم، مشهد الجثث المبعثرة على السفح الصغير في منطقة الملكلّس، حيث قال مذيع الـ سي أن أن بعد لحظات إن جبران تويني بين الضحايا!
لأنني أعرف هذا الطريق، ومنه أتذكر أجمل ما في لبنان، شدّني خبر الانفجار قبل أن يُكشف عن الضحية، فقد توجست أن بيت تويني سوف يناله مصاب ما، لأنه أبرز سكان بيت مري من الشخصيات المهمة!
لقد تعلمت الكثير من هذا البيت عبر (نهاره) المتميز، الصادق دائماً، الجرئ في فضح الدسائس، ذي اللغة الخاصة من بين كل صحف العرب، والكبير في توجهه الثقافي الحرّ، والعصري النَفَس. يومها لم أكن سوى قارئ معجب بكل حديث وجرئ.
ليس هذا أول ضحية من (النهار) يهتزّ لها قلبي حزناً، سويةً مع غضبي، فقد سقط جميع ضحايا النهار بأيدٍ يعرفها الجميع، ويخشى أن الوقت لم يحن لرفع الأصبع بوجهها!
أول حزن أشعر به تجاه صحفي كان حين اغتالت سوريا كاتب العمود الذي لا ينافسه أحد في الإيجاز واللغة الأنيقة، إنه (ميشيل أبو جودة) الذي كنا نصادفه أحياناً خارجاً من (النهار) بعد منتصف الليل، يقف أمام أحد الأكشاك، يقرأ عناوين الصحف الأخرى، ثم يأخذ قهوة الساعات الأولى من الفجر قبل الذهاب إلى بيته.
ميشيل أبو جودة اختطفته سوريا بواسطة الفصائل الفلسطينية الموالية لها ونقلته الى دمشق لتعذيبه حتى يكشف مصادره الخليجية التي اعتمدها في عموده اليومي ليكشف بعض ألعاب النظام السوري الخفية، للأسف لا أتذكر موضوعها الآن!
وعندما القوا بجثة أبي جودة في البقاع، موقّعاً عليها بآثار التعذيب، شعرتُ بالحزن على موت كاتب كان يمثل إحدى مدارس (النهار) في كتابة العمود.
منذ تلك الفترة كان النظام السوري يرعى لبنان بأنياب ومخالب شقيقة، يتصيّد الأقلام والألسن الحرّة، لأنها لا تريد أن تفهم الدور القومي الذي تقوم به سوريا دفاعاً عن قضايا العرب!
الدور السوري فيما يسمى بالدفاع عن قضايا العرب كان يزعج كل العرب، لأن أي دولة عربية لم تفوّض دمشق بهذا الدور، ولا رضيت به، لأنه يعتمد الخطب الرنانة، وجهاز مخابرات تدعمه فصائل لبنانية وفلسطينية مسلحة تحاور العرب بالديناميت.
هل يستحق نظام البعث السوري كل أؤلئك وهؤلاء الضحايا من أجل أن يبقى شهراً آخر في الحكم؟
كيف يستطيع نظام قائم على القمع والدسائس والغدر القيام بدور يدافع فيه عن قضايا العرب، وهو عاجز عن الدفاع عن قضية واحدة صغيرة تخصّه، أعني تحرير بقية الجولان؟
هذا السؤال قد يطرح على حلفاء سوريا الحاليين في لبنان، لكنه يعني الجميع، لأن الدماء التي سالت في لبنان خلقت هوة كبيرة، ونوع من الكراهية بين الشعبين اللبناني والسوري، بنفس الحجم الذي تركها نظام البعث العراقي السابق بين الكويتيين والعراقيين، وهذه الهوة وحدها تكفي لتحرك عربي، شجاع وسريع، يمنع نظام البعث السوري من التمادي.
إن الحزن الذي كان يسحق وجه ابنة جبران تويني الصبية وهي واقفه بين حطام السيارات والجثث، توّج سياسات نظام البعث السوري بالعهر القومي الذي يدين ليس صمت العرب وحده، وإنما قضاياهم أيضاَ.

عارف علوان
كتب المقال للنشر في الإنترنت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيطاليا: تعاون استراتيجي إقليمي مع تونس وليبيا والجزائر في م


.. رئاسيات موريتانيا: لماذا رشّح حزب تواصل رئيسه؟




.. تونس: وقفة تضامن مع الصحفيين شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب


.. تونس: علامَ يحتجَ المحامون؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو