الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأملات في ثقوب بهو الجادرية

محيي هادي

2005 / 12 / 15
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


"لا تقطعوا خُضرَ الشجرِ
لا تُعذبوا السجين في الأسرِ
لا تلحقوا مَن تركَ الحربَ
و من أطلقَ القدمينِ في الفَّرِ"
يقولُ هذا دائماً قومي
و إن كانوا قد عاشوا قروناً
في ظُلمةِ القهرِ

هذه الفكرة التي قيل لنا أن الامام علي كان يُعطيها دائما لأتباعِهِ. و على هذا الطريق سار السيد علي السيستاني عندما قال: لا تثأروا حتى و لو قُتِلَ نصف الشيعة.
و يستمر السيستاني على هذا المنهج على الرغمِ من استمرار قتل المئات بل الآلا ف من الشيعة و تفجير المساجد و الحسينيات و تهديمها فوق رؤوسهم.
*
لقد لبس البعثيون السنة الدشاديش القصيرة و أطلقوا لحاهم و انضموا تحت هيئات تدعي الإسلام.
و لكن...!!
أتساءل و اسأل الاصدقاء: أين اصبح البعثيين من الشيعة؟
فأسمع الجواب من بعضهم يقول لي: إنهم قد أصبحوا تحت جناحِ علاوي.
و آخرٌ يقول: إنهم في حزبِ قدي الصدري، فخربوا النجف و كملوا عمل صدام الدموي في تهديم كربلاء و المدن الشيعية المقدسة الأخرى.
و ثالث: إن البعض منهم قد و سّّخ وجهه بلحيةٍ و انضم تحت الأحزاب الدينية العديدة التي يزخر فيها العراق اليوم.
و في الحالتين الأخيرتين اصبح الواحد منهم متدينا فاشترى كلٌّ منهم تربةً من أرض الغاضرية ليصلي عليها ركعتين، وقد ظهرت على جبهته زبيبة الصلاة بعد أن أحرقها بباذنجانة محروقة.
و تعلموا البكاء..على القيمة و التمن لا على الحسين.
و احتربوا فيما بينهم، ثم لبسوا الدشاديش السوداء ليقتلوا المنافسين لهم في الإنتخابات.
فهل من يقتل الشيوعيين هم من المتدينين الجدد أم القدامى؟
*
أقربائي و أصدقائي يخبرونني أن الدوائر الحكومية لا تزال مسيّرة بنفس الوجوه و العقلية البعثية السابقة، إذ أنك عندما تذهبُ إلى دائرةٍ حكوميةٍ ما، إن كانت لدينا حكومة، قد تجد بدل صورة صدام كتابا دينيا أو مؤلفا، لهذا الرجل الديني أو ذاك، موضوعا على المنضدة. و ترى معاملة الموظفين كما كانت سابقاً، و الرشوة ما زالت مترعرعة بكثرة على الرغم من قول النبي (ص): " لعن الله الراشي و المرتشي". و لا أقصد بالراشي طحين السمسم أو زيته الذي يسمونه (الأشقاء) في الشام طحينية.
*
علاوي و أمثاله لم يتبرءوا من البعث و لم يقدم واحدٌ منهم توبته. و البعث فكرة عنصرية قد تمَّ تطبيقها في العراق بآليةٍ نازيةٍ إجرامية. لم يكن البعث في عالمنا إلاّ إجراماً و إرهاباً، و لا أستطيع أن أفهم الحكمة في التعاون مع أبناء البعث من قِبلِ مجموعةٍ من المحترقين في نيرانهِ.
*
و تنطلق أصوات شيعية للتعاون مع علماء الإجرام، أحفاد حرب و مفكري الإرهاب، لتكوين القاعدة الإسلاموية للحكم.
اي نوعٍ من الإسلام يُراد تطبيقهُ؟
إن التاريخَ، الذي كتبهُ مؤرخون مسلمون ينتمون إلى طرقٍ متعددة و يفسرون الإسلام بأفكارٍ متباينةٍ، كل حسب مزاجهِ، يؤكد لنا أن الحكام المسلمين لم يكونوا إلاّ أدواتِ قمعٍ و قتلٍ للمسلم قبلَ غيرهِ.
لقد مرَّت على ظهور الإسلام خمسة عشر قرناً لم يشم فيها المسلمون يوما ريحةً للديمقراطية، فهل سنرى اليوم ديمقراطية ما تحت حكم دعاة الإسلام؟
آمل ذلك... ...
و لكن ما أراه اليوم يؤكد لي المثل العربي: من شب على شيء شاب عليهِ.
وستُخبرني الأيام ما لا أعلمه و ما أجهله، و ستذكرني هذه الأيام بما نسيته.
*
في العراق طوائف و أثنيات متعددة.. هذا هو الواقع الذي يتكون منه نسجنا العراقي... المشكلة تأتي عندما يتمزق هذا النسيج، فتقوم طائفة بتفضيل فرد منها على آخر من غير طائفتها، حتى ولو كان الأخير أفضل من الأوّل...
إنها الطائفية.
و يتمزق النسيج العراقي أيضاً عندما تقوم قومية بتقديم عنصر منها قبل عنصر من قومية غيرها، حتى و لو كان الأخير أجود من الأول...
إنها العنصرية المقيتة....
و ما أشنعها عندما تُستعمل القوة و يُطبق العنف من جانب قومية ضد الأخرى!!
ما أجمل هذه الكلمات: "ليس من العصبية أن تحب قومك و لكن من العصبية أن تجعل شرار قومك خيراً من خِيار غيرهم".. كلمات قيل أن الإمام جعفر بن محمد الصادق كان قد قالها في زمانه.
*
من الصعب أن يكون المرء حيادياً، خاصة عندما يتعلق الأمر بقومه، و لكنني من أولئك الذين لا يعتقدون بالمبدأ البدوي القائل: " انصر أخاك ظالماً أو مظلوما"، قول ينسبه داعموه إلى النبي محمد ليأتي من يفسره تفسيراً يحاول الاستهزاء بعقول سامعيه بأنه يعني: انصر أخاك على أن لا يكون ظالماً....
*
لقد تعرض اليهود لاضطهاد النازيين..كان اليهود مظلومين، لكنهم تحولوا إلى ظَلَمة عندما نزحوا إلى فلسطين و طردوا أهلها منها..
و أصبح الفلسطينون مظلومين لكنهم انقلبوا إلى أعوان الاستبداد و الإرهاب و بدأوا السكن في بيوت العراقيين، الشيعة و الأكراد، الذين يتم طردهم...أصبح الفلسطينيين ظلمة...
فهل ستصبح الأحزاب الدينية الشيعية استبدادية، بعدما كانت هذه الطائفة من المظلومين؟
*
العراقيون من الشيعة و الأكراد يُقتلون بالألاف، و الإعلام العربي و غيره يعتبر القتلة و المجرمين أبطالا يقاومون..و قد ينزلق يوما بعض من محترفي السياسة الشيعة و الأكراد إلى نفس قول الإعلام العربي، فيعتبرون الإرهاب مقاومة.
إن نفس الإرهابي عندما يقوم بجريمته خارج العراق فإن نفس الإعلام يعتبره إرهابيا و ليس ببطل مقاوم.
ففي السعودية إرهابيا....و في العراق مقاوماً.
و في القاهرة إرهابا. و في العراق مقاومة.
و في عمان إجراماً... و في الحلة بسالة.
و في مدريد إرهابا بشعا...و في الكاظمية مقاومة و طنية.
و الحبل على الجرار...
*
الكشف عن التعذيب في قبو الجادرية جاء موقوتا مع عقد ما يسمى بمؤتمر المصالحة تحت سقف الجامعة المصرية.. فهل سيكون هذا الكشف عن التعذيب ليغطي عما ستولده قرارات أقبية الجامعة، هذه الجامعة التي لا تريد إلا أن يحكم الشعب العراقي حزب البعث الدموي، باسم طائفة منه؟
و على الرغم من محاولة التعتيم و نكران هذا التعذيب من قبل البعض، فإن الأيام قد أكدت وجوده، و كانت فكرة جيدة من جانب وزير الداخلية و رئيس الوزراء تشكيل لجنة للتحقيق في مسألة التعذيب....إن فكرة تشكيل لجنة للتحقيق في التعذيب هي فكرة جديدة في العراق...
و لكن!!
هل ستكون هذه اللجنة لـ (طمطمة) الموضوع أم لمعرفة الفاعل و محاسبته؟
و هل سيعود إلى الشيمة الشيعية في عدم تعذيب الأسير من أصبح بابويا أكثر من البابا؟
أعتقد جازما بأن العراق يجب أن يعيش تحت حكم يحترم القانون، لا حكما بوليسياً، كل شرطي فيه يقوم بدور الحاكم و القاضي و بدور المحامي... فهل سيكون العراق، عراق القانون؟ أم سيكون عراق المليشيات و المزاجات الشخصية؟ أم عراق استخدام الأماكن المقدسة للتعذيب و إصدار حكم الإعدام، كما فعلها قدي الصدري؟
*
لزمن الحرب قوانينه، و لزمن السلم قوانينه أيضاً.
و لزمن الإرهاب قوانينه كذلك..
و لكن هذا لا يعني أن يكون الحاكم فوق القانون، لا في السراء و لا في الضراء.
فعفا الله عما سلف إسطوانة يجب أن تُكسر، خاصة بما يتعلق بالبعثيين.
و الرحمة فوق القانون كلمات لا يمكن تطبيقها خاصة في زمن الإرهاب، فالمجرم سوف لن يلق عقابه، و من أمن العقاب أساء الأدب... و الإرهابيون لم يسيئوا الأدب فقط بل أجادوا القتل أيضا.
و يجب أن يطبق القانون و يجري الحكم بسرعةٍ، و من يطبق القانون هي الجهات المختصة بذلك، لا أجهزة الشرطة و لا غيرها.
و إذا كان في قانون العراق إعداما فليعدم من يستحقه.....
و المتهم برئ حتى تثبت إدانته..و مستحيل تبرئة الإرهابيين.
*
صعب على أي شخص كظم مناداته بالثأر عندما يُقتل أحد أحبائه.
و يستحيل ذلك عندما يزداد عدد القتلى من أحبائه.
و لكن...!!
هل يمكن لدولة القانون أن تأخذ بالثأر بدون الرجوع إلى قوانينها؟
و هل يكون التعذيب شيمة لدولةٍٍ عصرية تقول أنها تحترم حقوق الإنسان؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المدرجات تُمطر كؤوس بيرة في يورو ألمانيا.. مدرب النمسا يُحرج


.. لبنان يعيش واقعين.. الحرب في الجنوب وحياة طبيعية لا تخلو من




.. السهم الأحمر.. سلاح حماس الجديد لمواجهة دبابات إسرائيل #الق


.. تصريح روسي مقلق.. خطر وقوع صدام نووي أصبح مرتفعا! | #منصات




.. حلف شمال الأطلسي.. أمين عام جديد للناتو في مرحلة حرجة | #الت