الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


احداث الكرادة ونتائج تقرير تشيلكوت

عادل احمد

2016 / 7 / 10
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ان احداث الكرادة المأساوية في هذا الاسبوع والتي تجاوز ضحاياها 200 قتيل وعشرات الجرحى، هي واحدة من الاف المصائب والمعانات التي تواجهها الجماهير في العراق يوميا. عمليات القتل اليومية، البؤس الشديد، انعدام الامان والتفجيرات اليومية، نزوح الملايين من ديارهم، القهر والتعسف والبطالة المليونية وأغتصاب النساء والفتيات القاصرات، واحياء التقاليد الرجعية والدينية و..الخ. ان هذه هي الحياة بعد العملية التي سميت بـ"تحرير العراق". من الاصح ان نرجع قليلا الى السنوات الـ 16 الماضية لكي نمسك بخيوط تكوين الاحداث اليومية.
عندما اعلنت امريكا وبريطانيا الحرب على العراق كانت بحجة وجود اسلحة الدمار الشامل لدى صدام حسين والسلطة العراقية انذاك، وبحجة تهديد نظام صدام حسين لكل من بريطانيا وامريكا وتهديد الشعب العراقي وجيرانه، وان الحرب ستكون خلاص العراق من هذه الاسلحة وتحرير الشعب من قيود الدكتاتورية والقتل والتعذيب الوحشي!! وسموا هذا الحرب بحرب "تحرير العراق". ولكن سرعان ما توضح بأن العراق لم يكن لديه اسلحة دمار شامل ولكنهم اعلنوا بأن الحرب والغزو كانت نتائجها جيدة، لان نظام صدام لم يبقى وسيحل مكانه نظام ديمقراطي وتعددي، وسيتمتع الشعب العراق بهذه الديمقراطية وسيتنفسون الهواء الحر والطليق! ولكن الأمر لم يدم طويلا حتى انكشفت اجندة امريكا والاحزاب الدينية والقومية والطائفية ومعاداتهم للحرية والقيم الانسانية. وتحول العراق الى ميدان للصراع بين الاحزاب القومية العربية والكردية وبين الاحزاب الدينية السنية والشيعية من جهة، وميدان الصراع الايراني والسعودي في العراق والمنطقة من جهة اخرى. الى هنا ملخص واضح للوضع القائم في العراق.
ان نتائج تقرير اللجنة التحقيقية برئاسة تشيلكوت في البرلمان البريطاني قبل عدة ايام حول الحرب على العراق، بينت بوضوح بطلان الحجج والاسباب المعلنة من قبل بريطانيا وامريكا في هذه الحرب. على الرغم من الأحتجاجات المليونية التي أجتاحت دول العالم لوقف هذه الحرب أنذاك، لكن اصرار حكومتي أمريكا وبريطانيا وتمسكهما بسياستهما تجاه العراق والتي أدت الى تدميره وتدمير منطقة الشرق الأوسط، ان هدف امريكا وبمساعدة بريطانيا كان محاولة لفرض الهيمنة على العالم عن طريق العسكرتارية واستخدام انواع الاسلحة الفتاكة وتجربتها على رؤس الفقراء والابرياء، وخلق جو من الرعب والخوف في العالم من قوة امريكا من اجل خضوع دول العالم تحت اجنحة السياسات الامريكية. ان ازاحة نظام صدام حسين لم يكن له اية صلة بما روج له سياسي كل من بريطانيا وامريكا في وقتها وطبقا لنتائج تقرير تشيلكوت. ان كل الحجج التي بنيت من اجل فرض الحرب على العراق حتى من وجهة نظر البرجوازية نفسها كانت كاذبة ولم يقنع احد بتلك السخافات. ان الحرب واحتلال العراق كان الهدف منه السيطرة والهيمنة الامريكية على العالم واظهار القوة العسكرية والمكانة الاقتصادية لامريكا وتقسيم العالم بقيادة امريكا. وهذه العملية سميت بالنظام العالمي الجديد اي نظام الهيمنة الامريكية.
ان هذا النظام العالمي الجديد غير في وقته جميع المعادلات والاصطفافات السياسية والاقتصادية وخاصة في منطقة الشرق الاوسط، وهرولت جميع القوى والاحزاب البرجوازية والاقليمية من اجل ربط مصالحها مع اهداف امريكا، وبالفعل جميع القوى والاحزاب الاسلامية منها والقومية في العراق وقفت مع امريكا وسياساتها وساندوا كل السياسات والاهداف الامريكية، ووقفوا بجانب الحرب واحتلال وتدمير العراق وأعطو لأمريكا مأ اسمته الشرعية لأحتلال العراق. ومن بعد الاحتلال كانوا ينفذون كل السياسات الامريكية حتى وقت استيقاظ الدب الروسي من نومه ليبدأ تأثيره على توازن القوى في المنطقة. ان ربط امال الاحزاب والقوى العراقية بالحلم الامريكي كانت اساس لبروز الوضع الحالي ومعطياته. ان الوضع الحالي ماهو الا امتداد لتلك السياسات التي بنيت على اساس الحرب والاحتلال الامريكي للعراق. لو لم تكن تلك السياسات في وقتها لما وجدت هذه الظروف اليوم. هذا مازرعته امريكا في حينها ونجني مساوئه نحن اليوم.
كان الشيوعيين العماليين والقوى التحررية قد وقفوا بوجه السياسة الامريكية وادانوا سياسات امريكا ووقفوا بالضد من الحرب والاحتلال. الحزب الشيوعي العمالي العراق أعلن في وقتها عن مخاطر هذه الحرب وهذه السياسات الأمريكية في المنطقة وقال بأنها ستجر بالويلات على الجماهير من العمال والكادحين.. واعلن عن كل المخاطر والتبعات التي ستجرها هذه السياسات المناهضة للانسانية والتي ستدمير الارادة الانسانية وستنمو الحركات والقوة الرجعية من رحمها. ان فقدان الأمان والقتل الطائفي والانفجارات وعدم الاستقرار والصراعات القومية والطائفية هي غذائنا اليومي وهي الارضية لتربية اجيالنا في العراق اليوم. وان من وقف مع الحرب بجانب امريكا هو مسؤلا عما يجري الان في العراق. الكل كانت تركض وراء أمريكا من اجل الحصول على قطعة من الكعكة العراقية وحلاوتها ونرى اليوم نتائجها من الدمار والخراب. ان احداث الكرادة اليوم بكل وحشيتها يمكن بحثها فقط ضمن السياسة الامريكية التي تحدثنا عنها. ويمكن تفسيرها فقط بتحليل الوضع القائم ضمن نفس الظروف والسياسات والاهداف الاصلية التي بنيت الحرب عليها.
ان الاحداث المروعة مثل ما حدث في الكرادة ووحشية داعش والحشد الشعبي هي امتداد للظروف التي ربطت فيها مصالح كل القوى في العراق بمصالح امريكا، والتي اعلنوا عنها في حينه بكل وقاحة ودافعت عنها جميع القوى البرجوازية العراقية بكل انواعها. وان ظهور تقرير تشيلكوت اكد مرة اخرى بطلان الحجج السخيفة التي اعلنوا عنها في حربهم المدمرة، واكدت على صحة سياسات الحزب الشيوعي العمالي العراق والتي وقف فيها بالضد من الحرب والاحتلال، ووقف بالضد من ربط سياسات القوى العراقية بمصالح امريكا وفضح الحجج التي طبلوا لها من اجل الحرب والاحتلال، ويقف اليوم بالضد من سياسات كل القوى والاحزاب البرجوازية العراقية بلا استثناء ويتهمهم بخلق الظروف الغير انسانية في العراق. وكان على حق من اليوم الاول وحتى اليوم بمواقفه وسياساته الانسانية، ولازال على حق اذ يقول للطبقة العاملة والجماهير في العراق اذا ارادوا العيش بأمان فعليهم فصل مصالحهم واهدافهم عن مصالح الاحزاب القومية والاسلامية والطائفية، وعليهم ان يوحدوا صفوفهم وان يوجهوا رأس الرمح نحو صدور جميع القوى البرجوازية العراقية، وقطع يدهم من اجل عدم الاستمرار بتعميق معانات الجماهير المحرومة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الدكتور خليل العناني: الخارجية الأمريكية تحاول حفظ ماء الوجه


.. وزارة الداخلية التركية تفرض إجراءات جديدة في ولايات حدودية م




.. حملة بايدن تسعى لتبديد الشكوك بتبرعات مليونية


.. كلمات فتاة غزية تجسد معاناة غزة والسودان من الجوع




.. الخارجية الأمريكي: تمت مشاهدة تقارير مزعجة عن استخدام الجيش