الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وُجوبُ ما يَجيبُ

ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)

2016 / 7 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


إنتشرت في مجتمعنا ثقافة تفسير الأمور بعد حدوثها ، مما أدى إلى غفلة في جميع المرافق الإجتماعية والإدارية ، الرسمية وغير الرسمية ، وإستغلال تلك الغفلة من قبل الأعداء وضمنت سلامتهم أناء الإعداد لجرائمهم وتنفيذها . و لا يُستبعد دور السلطات الرسمية التي تتحكّم في رسم سياستها كُتل سياسية متصارعة ، إستمراؤها في إستدامة هذه الثقافة . بِدءاً من 2003 والعصابات الإرهابية تقوم بأعمالها الإجرامية بمأمن من الملاحقة ، ليس ، كما في الظاهر ، بسبب ضعف العمل الإستخباراتي أو الجهل الإداري ، بل تتوفر الأسباب المقتعة للشك في وجود قصد كامن وراء إستمرار الوضع على حاله ، وجعل المجتمع يدفع الثمن الغالي من أرواح الضحايا والتدمير المتعاظم للبنى التحتية وتعطيل الحياة الطبيعية .

أعوام تمرّ والجرائم تقع مخلفة وراءها الضحايا والدمار ، ثم تأتي عجلات قوات الأمن لتطوّق المنطقة ، ومنع الناس من الإقتراب من موقع الحدث ، وسيارات الإسعاف لتنقل الجرحى وجثامين الشهداء ، ويبدأ التحقيق " الجنائي " ، وتمر الأيام والشهور دون أن يصل التحقيق إلى نتيجة ، مما يدلّ على وجود ضغوط " معيّنة " من " جهات معينة " توقف اللجان التحقيقية عند هذا الحد .

الظاهر أن جهود السلطات التحقيقية حُصرت في تثبيت واقع الحدث في كل مرّة وأن لا تتواصل في البحث في ما وراء الحادث الإجرامي من باعث ، وكيفية حدوثه ، والأساليب التي مهّدت أو سهلت حدوثه ، و الأشخاص أو الجهات التي يمكن توجيه الشبهة إليها ، بقصد التحقيق معها ، أو على الأقل وضع الرقابة عليها لمعرفة أي إشارة إلى تورّطها بالجريمة .

إستسهلت اللجان التحقيقية تسجيل الجرائم ضد داعش دون أن تكلّف نفسها في البحث عن السبب الحقيقي الذي يسهّل على الإرهابيين الوصول إلى أهدافهم بدون عوائق ، رغم وجود الكثير من نقاط السيطرة والتفتيش في شوارع مدننا .

ينشغل " المسؤولون الأمنيون " وكذا المحللون السياسيون والكتاب في تحليل كيفية وقوع فاجعة الكرادة في بغداد ، وكذا في كثير من الحوادث الأخرى التي وقعت في أماكن أخرى ، في وصف السيارة المفخخة , المواد التي أستخدمت ، ثم يدخلون في إستنتاجات على فرضيات يفترضونها ، ويقترحون إقتراحات خديجة ، بل ويذهب آخرون للمطالبة بقيام جهة تحقيقية دولية بمهمة التحقيق في الموضوع ، كإشارة إلى فقدان الثقة باللجان التحقيقية الرسمية العراقية ، بإعتبارها جهات تخضع لضغوط سياسية ، مما يؤدّي إلى فشلها في الوصول إلى نتيجة . وهكذا وكأننا ندور في حلقة مُفرغة .

لا بدّ في هذا المجال ، أن يقدّم شعبنا " التهاني " إلى رئيس الوزراء حيدر العبادي على " جُرأته " بقراره سحب أجهزة السونار الفاشلة في كشف المتفجرات من الشوارع ، بعد أن كان الإعتماد عليها ، منذ سنين ، السبب في وقوع الكثير من الضحايا بين شهداء ومعوقين وجرحى . إن العبادي بإلغائه إستخدام السونار ، يعترف رسميّاً بفشل هذا الجهاز ، وكنتيجة ، ومن باب أولى ، عليه إحالة الجهات المتورّطة في إستيراد هذا الجهاز إلى المحاكم ، وتنفيذ حكم العدالة بحقهم ليس كفاسدين فقط ، بل كمشاركين للإرهابيين في تنفيذ جرائمهم .

إن كان حيدر العبادي قد أصدر قراره بسحب أجهزة السونار من الإستخدام ، فلا بدّ أن تكون هناك وسيلة أمنية جديدة بديلة ، يؤمّل منها تحقيق وضع أفضل ، ولكن مع الأسف ، فإن الدلائل لا تشير إلى وجود فهم حقيقي لأسباب تدهور الوضع الأمني ، ودوامه لأكثر من عقد من الزمان . إن تكثيف القوات الأمنية وزيادة عددها وتوزعها في مساحات واسعة ، أو تطويقها للمدن ، إجراءات لا توصل إلى حلّ جذري ، ما دامت هذه القوات ملغومة بخطوط مائلة لها صلات بالأعداء ، أو بكتل سياسية لها مصالح في إدامة حالة عدم الإستقرار ، غير مبالية بجسامة الثمن الذي يدفعه الشعب .

إن كانت حكومة العبادي جادة ، ومقتدرة ، وراغبة في مكافحة الإرهابيين وإيقاف جرائمهم ، عليها " إلغاء صلاحية كافة بطاقات الهوية والعبور عبر نقاط السيطرة والتفتيش " ، وتكليف لجان التفتيش ، سواء الثابتة أو المتنقلة ، إجراء التفتيش الفعلي لكافة الأفراد ، مهما كانت منزلتهم ومناصبهم ومواقعهم ، وكافة المركبات ، وحمولاتها ، وإعطاءها الصلاحية بمنع عبور أي شخص يستعصي على التفتيش . المنطق المعقول يُشير إلى إستحالة وصول أية وسيلة نقل إلى هدفها إذا لم يكن سائقها أو ركابها يحملون " بطاقات رسمية " ( حقيقية أو مزوّرة ) تمنع لجان التفتيش من إيقافهم أو حرمانهم من العبور بدون إجراء تفتيش عملي عليهم .

كان سبب بداية الحرب التي وقعت على العراقيين تَجبّر وعُنجهية الفئة التي إستحوذت على السلطة من المحتلين ، وإصرارها على الإنفراد بها ، وتكريسها الطائفية ، ومن بعد المحاصصة الطائفية الأثنية التي ولّدت وضعاً سياسياً بعيداً عن أساس المواطنة ، بل وضعَ صراعٍ مستديمٍ ، تحوّل بعد حين إلى صراع دمويّ مدمّر . كان على تلك الفئة ، أن تستفيد من تجارب الشعوب الأخرى التي تمكنت من تجاوز مثل هذا المصير ، كجمهورية جنوب أفريقيا وزعيمها نيلسون مانديلا ، و كذا من أقربها ، إقليم كردستان ، بأن تصدر عفواً عاماً عن جميع الجرائم السياسية ، ما قبل التغيير ، وتقطع الطريق على أعدائها من إستغلال بسطاء الناس في مقاومة الوضع الجديد .

ما زال ثمة مجال لنلتفت إلى حالنا ونتفهم حقيقة وضعنا ، ونخطو خطوات جدية إلى أمام :
1. إصدار عفو عام عن جميع الجرائم السياسية السابقة ، بما يشمل المخدوعين الملتحقين بالدواعش أو البعثيين ، بعد تعهدهم بالولاء للعراق ونبذ العنف .
2. فتح باب الحوار مع جميع الجهات السياسية الراغبة في الدخول بالعملية السياسية سلمياً .
3. تطهير الأجهزة الأمنية ، بكافة صنوفها من الفاسدين ، سواء كان الفساد جرمياً أو مالياً .
4. إعلان كون القوى الأمنية قوة وطنية غير منتمية إلى أية جهة سياسية ، ومنع وجود تشكيلات حزبية سياسية فيها .
5. إصدار قانون الخدمة العسكرية الإلزامية لجميع أبناء الشعب ، من كلا الجنسين .
6. توجيه كافة طاقات الشعب لبناء الوطن الواحد ، ومنع المزايدات الفئوية و الطائفية أو العرقية .
7. التهيئة لإجراء إحصاء حقيقي للنفوس ، وتفعيل قانون الأحزاب ، وإصدار قانون للإنتخابات ، يجعل العراق مركزاً إنتخابياً واحداً ، وإجراء إنتخابات لمجلس جديد للنواب تنبثق عنه حكومة منتخبة جديدة ، بعيدة عن المحاصصة السياسية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون: أنجزنا 50% من الرصيف البحري قبالة ساحل غزة


.. ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟




.. المقاومة الفلسطينية تصعد من استهدافها لمحور نتساريم الفاصل ب


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل لاتفاق وعلى حماس قبول ال




.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منزلا في الخليل