الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دفاعا عن شريعة الغابة

اسماعيل خليل الحسن

2005 / 12 / 16
كتابات ساخرة


يحكم الغابة دستور التوازن الطبيعي فلا تستطيع الحيوانات تدمير البيئة و لا تستطيع الغابة خنق الحياة فلولا القوارض التي تحد من زحف النبات لانعدمت بيئة الحيوان. و القوارض لا تستطيع للنبات هلاكا لأن في الغابة أصنافا كثيرة تفترسها وتحد من تكاثرها, وحتى لا تنقرض القوارض, هنالك من يفترس آكلاتها لكن ليس إلى درجة إبادة الجنس. كل ذلك في تسلسل هرمي مرتب بعناية ليس فيه طغيان إلا في حدود ما يسمح به القانون قانون التوازن الطبيعي.
يأكل القوي فريسته و عندما يشبع يترك ما تبقّى لمن هو أقل منه قوة, إن قوانين اللعبة واضحة و مكشوفة حيث لا يستطيع الضعيف المنفرد البقاء طويلا, لأنه سيكون طعاما مناسبا للأقوى, ولا يستطيع القوي المتجبّر إفناء من هو أقل قوة و استحكاما منه, طالما أن قانون الضرورة يفرض وجوده.
يزهق القوي روح فريسته خدمة لاستمراريته في الحياة, ولا يقتل لأجل القتل وحده, فلا يسرف بل يقتل بحدود الضرورة, ولا يتلذذ بتعذيب الفريسة حيث لا أدوات تعذيب لديه سوى أنيابه الحادة المصممة بدقة لهدف محدد هو الذبح السريع أو الرحيم.
فهل ما يحكم البشر اليوم هو أقل عدالة إن لم يكن أكثر ظلما ؟
إن البشر هم سادة ابادة الجنس حيث إن أصنافا كثيرة من الناس قد انقرضت. فالإنسان الأمين و الإنسان الصادق و الإنسان العادل و الذي يؤثر غيره على نفسه و الوطني و الحليم و الكريم و النبيل و صاحب المروءة, إنّ كل حاملي هذه الصفات أصبح وجودهم نادرا.
لا يشبع القوي و لا يترك لمن هو أقل منه قوّة فضلة من طعام أو شيئا من حقوق. يتسلّط الضعيف بمكره و دهائه و يتحكّم و أقرانه من التافهين برقاب العباد و لا يبقي حلقات وسطى فإما طغاة متجبّرون و إما ضعاف بائسون.
كنا نتحلّق حول مواقد الشتاء فيحدّثنا كبار السنّ عن رجال أشداء امتطوا صهوة المغامرة فيحلم أحدنا أن يكون ذلك الإنسان أو بعضا منه, إنهم رجال عصر الفروسيّة بكل نبالته وعنفوانه. أماّ في عصرنا هذا حيث الاستهلاك الهائل و النوعي, فلا حديث إلا عن ذلك البشري الذي اختلس و أثرى و تسلّط و تجبّر و صعد من أسفل درجات السلّم الاجتماعي بتزلّفه و حذلقته و بيعه لكرامته الإنسانيّة.
البشريّة جنس, لكن الإنسانيّة صفة لها تدلّ على مرحلة خطاها البشر نحو مراقي و سماوات. يطمح البشري لأن يكون إنسانا, ويهبط الإنسان ليستحيل بشريّا, و البشري يتقهقر إلى الحيوانيّة, لكن بدون توازن. إنّه يغادر الشريعة الطبيعيّة ليفرض شريعته هو, فتصبح شريعة الغاب وقتئذ مطمحا يصعب نواله, و مطلبا متقدما على ما هو واقعي, حيث البقاء ليس للأصلح و الأقوى و الأغلب, بل للمستقوي والمتغلّب و الوصولي الذي يهلك الزرع و الضرع خدمة لأغراضه الدونية فيفنى الإنسان ويتلاشى المكان و تمحى الأوطان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهرجان كان السينمائي - عن الفيلم -ألماس خام- للمخرجة الفرنسي


.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية




.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي


.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب




.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?