الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اشكاليات التعدد والتذويت، وصياغة المتن النصي البوليفوني

أ.حمد حاجي

2016 / 7 / 15
الادب والفن


قضايا البوليفونية بالقصة القصيرة جدا
اشكاليات التعدد والتذويت، وصياغة المتن النصي
نص : عبدالكريم الساعدي
النص:
ــــــــــــــــ
فمذ خرجت من جحيم الحروب، وجدتني معاقاً بالعشق، متشرنقاً بذاكرة مجنون، تتسلّقني عيون الموتى :
- مسكين هذا، ما زال ينتظر سحابة صيف لعلّها تمطر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تصدير :
ـــــــــــــ إن " سيطرة أحادية الراوي العالم بكل شيء أصبحت غير محتملة في العصر الحديث مع التطور الثقافي العريض للعقل البشري، بينما أصبحت النسبية المتشبعة في النص القصصي أكثر ملاءمة"[1] -
R.Scholes and R.Kellog: The nature of narrative, Oxford University Press, 1966, P.276.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقدمة:
يبدو المشهد النقدي العربي مندهشا لما آلت اليه صورة اللغة والأسلوب والمنظور السردي. وخاصة التعامل مع بلاغة الصورة السردية الموسعة المتعددة الأصوات داخل الجنس الادبي الحديث للقصة القصيرة جدا..أو ما عبر عنه الناقد الاستاذ أحمد الطنطاوي بالرؤى المتعددة او ايضا ما ذهب اليه بمفهوم الرؤية من زوايا مختلفة ..انه ذلك المفهوم الذي اختصت به الرواية عن غيرها من الاجناس .. البوليفونية ؟..ما هي ؟...ما قضاياها ؟
هل من الممكن اعتبار النص ...هذا النص القصير جدا بوليفوني بامتياز ؟
وهل نقصد بالبوليفونية الادبية ما ذهب اليه باختين ..؟
أنها تنبني [....على الحوارية، والتناص، والتهجين، والتنضيد، والأسلبة، والتعددية على مستوى الأحداث، والمواقف، والشخصيات، والفضاءات، والأزمنة، والسراد، والفضاءات، واللغات، والأساليب، والتصورات الإيديولوجية.~]جميل الحمداوي
ارى ان النص تجاوز البوليفونية الادبية أو ما ذهب اليه باختين من وجود تعددية في النصوص الأدبية واليكم الأمثلة عن الابداع التجاوزي :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ التعددية في الأساليب:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ نجح كاتب النص في الاخذ بتعددية الاسلوب فهو تارة يعمد إلى السرد الاستشرافي الاستباقي الذي يتطلع إلى ما ينبغي أن يكون ليس الى ما هو كائن في قوله:
( ما زال ينتظر سحابة صيف ) ..
وتارة يعمد الى المنحى الاسلوبي الكلاسيكي في حكاية الأفعال بالسرد الخطي المتعاقب الذي لا يعمد فيه إلى تكسير خطية الزمن، فنلاحظ استرسال الأحداث من بداية معلومة إلى نهاية مرسومة دون ارتداد إلى الماضي أو قفز إلى المستقبل، والمثل في ذلك ما ورد في المقطع الاول : ( ..خرجت من جحيم الحروب، وجدتني معاقاً بالعشق، متشرنقاً بذاكرة مجنون، تتسلّقني عيون الموتى..)
وهذا التنوع في الاساليب حقق الثراء والتناسب بين نسق الأحداث وسياق الحديث دون نمطية في القص وتكرار في أشكاله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2 ـ التعددية في اللغات :عمد صاحب النص الى استحداث أشكال من التعدد اللغوي من خلال صوغ لتحققاته النصية والأسلوبية، ومن خلال آليات اشتغال مفهوم الحوارية في متنالنص ، على اعتبار أن التعدد اللغوي، لا يحقق إنتاجيته الجدلية ودوره في التعددية النصية إلا بشرط تشخيصه حواريا..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
3 ـ التعددية في الأصوات : عمد صاحب النص الى التعددية الصوتية وذلك من خلال صوغ علاقات الأسلبة والتهجين والسخرية والباروديا، التي تعمل على تهجين سجلات الخطابات، وبالتالي إنجاز سرد ثنائي الصوت، ووعي مزدوج بين الوعي المؤسلِب والوعي المؤسلَب (بفتح اللام)، وهذا ما لاحظناه ذلك التخلص من السرد الأحادي الصوت والنبرة الى التعدد والتنوع...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( ..._مسكين هذا،)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
4ـ التعدد في الشخصيات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
امتزج في النص هذا الأدبي والمعرفي والسوسيولوجي والنفسي، وقد عمد صاحب النص الى استغلال إيديولوجية الراوي من داخل النص لا من إسقاطات خارجة ليوظفها مع بقية الشخصيات الاخرى ... فالمعرفي بدا ظاهرا في : وجدتني معاقاً بالعشق
السوسيولوجي برز في قوله : ـ مسكين وهو موقف اخلاقي
النفسي ظهر في :ـ ذاكرة مجنون
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
5 ـ التعددية في الرؤى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ تنوعت الرؤى بين التصوير الاجتماعي الجاد الذي يرصد تفاصيل الواقع،والتصوير الهزلي الساخر،والتصويرالكاريكاتوري الطريف، إضافة إلى النمط الرمزي
وهذا ما نفهمه من سياق النص ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
6ـالتعدد المنظورات السردية
ــٍـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عمد صاحب النص الى التميز بين اشكاليات المنظور السردي من خلال اللغة الغيرية، فتعددت اللغة السردية،ووجدنا ما يسميه جيل النقاد الجدد التذويت، والصياغة الشعرية للمتن النصي ، واستحداث مجازية القص .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
7 ـ التعددية في استحضار الضمائر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ لقد تجاوز صاحب النص مفهوم الذاتية السلبية عند الفيلسوف أدورنو، وهو ما ممكنه من تجاوز شبح الثنائية الذي ظل يحوم حول نظرية باختين في تمييزه المعياري بين البوليفونية والمنولوجية (الصوت الأحادي) ..فاحدث ثلاث ضمائر هي :
ضمير المتكلم (انا ): خرجتُ/ وجدتني معاقاً
ضمير الغائبة : هي عيون الموتى....تتسلّقني
ضميرين هو/ هي ما زال ينتظر سحابة صيف لعلّها تمطر..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
8 ـ التعددية في الرؤى الإيديولوجية...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ان انبناء النص على تشكيل لغوي اجتماعي مخصوص ، بعيدا عن الإسقاط الأيديولوجي الفج على اعتباره شكلا سابقا على وجود النص اصلا..
الرؤية الثانية : مع /ــــــــــــــــــــ موقف من جحيم الحروب
الرؤية الثالثة : ضد /ــــــــــــــــــــ العيون الضدية :تتسلّقني عيون الموتى
الرؤية الاولى : لا مع ولا ضد/ ــــــــــــــــــــ الراوي
خاتمة:
ـــــــــــــ
هكذا يبدو ان القضايا الأسلوبية داخل النص القصصي القصير جدا ومستويات التعدد اللغوي و الحوارية القصصية ماهي الا زخم ابداعي ذي شأن عظيم..ترفع مقام النص الى عليين ..
ويعتبر الاستاذ أ. حمد حاجي أول المنظرين للبوليفونية بجنس القصة القصيرة جدا..
دمتم مبدعين..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا