الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع المرير ما بعد التحرير

أسعد تركي سواري
مفكر إستراتيجي

2016 / 7 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


الــصــــراع الــــمــريـــــر
مـــا بــعــد الــتــحــريــر

أســـعـــد تـــركـــي ســـواري
[email protected]
15 / 7 / 2016

لست في وارد التشاؤم أو التبشير والتنظير لصراع داخلي مرير ،
ولكنه إمتثالا ﻷمير الكلمة وينبوع الحكمة علي بن أبي طالب (ع) الذي قال شعرا :
يُمَثِّلُ ذو العَقْلِ في نَفْسِهِ -
مَصَائِبَهُ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلا
فإن نزلت بغتةً لم يُرعِ -
لِمَا كانَ في نِفْسِهِ مَثَّلا
رَأَى الأَمْرَ يُفْضِي إلى -
آخرٍ فَصَيَّرَ آخِرَهُ أَوّلاّ
وَذُو الجَهْلِ يأْمَنُ أَيَّامَهُ -
وَيَنْسى مَصَارِعَ مَنْ قَدْ خَلا

فلما كانت النهاية الحتمية لتنظيم ( داعش) أضحت قاب قوسين وأدنى وذلك أوضح من الشمس في رابعة النهار ، وهي النهاية المنطقية لجميع الحركات المتطرفة التي تخالف نواميس الطبيعة ولا تنسجم مع الفطرة الإنسانية السليمة ،
وﻷن الشواهد التأريخية تؤكد بأن التنظيمات العسكرية لطالما إشرأبت أعناقها للحصول على ما يديم وجودها ويزيد من نفوذها وينمي مكتسباتها ،
حيث عادة ما يكون ذلك بعد العودة من جبهات القتال وبعدما تضع الحرب أوزارها ،
أو بعد رحيل القائد لهذه التنظيمات ،
ومن هذه الشواهد التأريخية هو :
1- ما حصل مع تنظيم القاعدة الذي أسسته الولايات المتحدة لمواجهة الإتحاد السوفيتي عام 1975 م ليكون الضد النوعي الآيديولوجي لمواجهة شراسة الشيوعية ، ولكنها أهملته بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي عام 1991 م رغم تحذير البعض من عواقب إهمال ذلك التنظيم فتنامى التنظيم وأضحى خطرا دولياً .
2- ما حصل من منظمة ( خلق ) الإيرانية المعارضة للنظام السياسي الإسلامي الإيراني بعد أن كانت داعمة له في بداية الثورة الإسلامية ضد الشاه عام 1979 م .
3- الصراع المسلح الذي جرى بين حزب الله اللبناني وحركة أمل مع أنهما من ذات الطائفة الشيعية المسلمة بل من ذات الكيان السياسي في بادئ الأمر حيث تأسست أفواج المقاومة اللبنانية ( أمل ) في لبنان بقيادة مؤسسها السيد موسى الصدر عام 1975 م ولكنه بعد غياب القائد المؤسس في الحادثة المعروفة في ليبيا وإختفائه ، ولمواجهة العدوان الصهيوني الذي إجتاح بيروت عام 1982 م تأسس حزب الله اللبناني معلنا أن مرجعيته الروحية السيد روح الله الموسوي الخميني ( رض ) فيما رجعت حركة أمل إلى النظام السياسي السوري بقيادة حافظ الأسد الذي كان الداعم الأساسي للحركة ، وبسبب إختلاف المرجعيات وتزاحم المساحات والنفوذ حصل الصدام المسلح بين حزب الله وحركة أمل .
ولذا نرى بأن الرسول الأعظم ( صلوات الله عليه وآله المعصومين وأصحابه الأوفياء المخلصين ) قد حذر من هذه النزعة حينما رجع مع أصحابه من إحدى الحروب فقال :
(( عدنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر )) ، وهو جهاد النفس لتحجيم أطماعها ،
أنواع الفصائل العراقية المسلحة :
تنقسم الفصائل المسلحة العراقية بلحاظ مرجعيتها وقيادتها إلى ثلاثة أقسام هي :
1-فصائل ترجع إلى مرجعية دينية .
2- فصائل ترجع إلى تنظيم سياسي .
3- فصائل ترجع إلى تنظيم سياسي يرجع إلى مرجعية دينية .
ولما كانت الفصائل العراقية المسلحة قد تشكلت على نحو طارئ لمجابهة أخطار محدقة أحاطت بالوطن وهددت وجوده وبالتالي لم تخضع هذه الفصائل لمراحل الإعداد الفكري والعقائدي والفني النموذجي ، فتشكلت فصائل متنوعة من حيث المرجعية ،
وﻷن الأجهزة الأمنية والمؤسسة العسكرية الرسمية ذات قدرات محددة وتستلزم مواصفات معينة في أفرادها من حيث التحصيل العلمي والمواصفات البدنية والعمر ،
فلذا سيكون هنالك العديد من الأفراد والجماعات من الفصائل المسلحة لا يجدون لهم موطئا في الأجهزة الأمنية والمؤسسة العسكرية الرسمية ما بعد تحرير كامل الأرض العراقية ،
وﻷن العدو الخارجي لطالما وحد الجبهات الداخلية للمجتمعات ،
فلذا سيكون من المتوقع بعد تحرير الموصل والتخلص من تنظيم (داعش) ما يلي :
1- ظهور صراع بين الفصائل المسلحة يتعلق بمساحة النفوذ السياسي ومكتسبات السلطة مع أنه سيتمظهر على هيئة حرص هذه الفصائل على وحدة الوطن والحيلولة دون تكرار ماحدث من إنهيار أمني وعسكري أدى إلى تسلط الإرهاب على المجتمع و إحتلال مساحات شاسعة من الوطن.
2- ظهور صراع داخل الفصيل المسلح الواحد حيث سيتمرد بعض الأفراد والجماعات على مرجعياتها سواء كانت دينية أو سياسية أو كلاهما ﻷن هذ الأفراد والجماعات ستعتقد بأن الواقع الجديد ما بعد التحرير لا يتلائم مع طموحاتها ولايتناسب مع مستوى تضحياتها .
التوصيات :
1- إحتواء جميع الأفراد والجماعات من الفصائل المسلحة والتي تمتلك الحد الأدنى من المتطلبات العسكرية والأمنية في المنظومة الأمنية والمؤسسة العسكرية الرسمية شريطة إعادة تأهيلهم بما يضمن تنمية القدرات الفنية وتجذير ثقافة الولاء الوطني على حساب الولاءات الثانوية .
2- إحتواء جميع الأفراد والجماعات المتبقية من الفصائل المسلحة والذين لا يمتلكون الحد الأدنى من المتطلبات اللازمة ﻷداء الوظيفة الأمنية والعسكرية ويكون ذلك من خلال إستيعابهم في الأجهزة والمؤسسات المدنية في النظام السياسي بما يتناسب مع قدراتهم ومؤهلاتهم لتقديم بعض الوفاء والمكافأة لتضحياتهم وبما يضمن الحفاظ عليهم من إحتمال إنجرافهم مع تيارات معادية للنظام السياسي كردة فعل على إهمالهم وإنكار تضحياتهم .
أسأل الله تعالى أن يقينا مخاطر الفتن الداخلية التي عادة ما تكون أشد خطراً من العدوان الخارجي ، وأن يحفظ أبناء شعبنا العراقي وأمتنا العربية والإسلامية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصير مفاوضات القاهرة بين حسابات نتنياهو والسنوار | #غرفة_الأ


.. التواجد الإيراني في إفريقيا.. توسع وتأثير متزايد وسط استمرار




.. هاليفي: سنستبدل القوات ونسمح لجنود الاحتياط بالاستراحة ليعود


.. قراءة عسكرية.. عمليات نوعية تستهدف تمركزات ومواقع إسرائيلية




.. خارج الصندوق | اتفاق أمني مرتقب بين الرياض وواشنطن.. وهل تقب