الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تراجيديا الانتخابات البلدية

سامي الاخرس

2016 / 7 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


تتواتر الأخبار حول اجراء الانتخابات البلدية المزمع عقدها في شقي الوطن، حيث إن آخر انتخابات جرت حدث فيها الكثير من القيل والقال، ورفضت بها حركة فتح تسليم بعض البلديات تحت دواعي مختلفة حتى انتزعتها حماس بعد أن قادت حسم عسكري ضد السلطة في أعقاب الانتخابات التشريعية عام 2006، أما في الضفة الغربية فقد جرت انتخابات كان الفوز بها من نصيب الحزب الحاكم (فتح) التي سيطرت على معظم البلديات.
هنا يحب التروي كثيرًا في الحديث عن هذه الانتخابات التي لا يتوقع أن توافق عليها حماس إن لم تضمن نتائج جيدة لها وفق مقاييس الحركة ومؤشرات جهاز الدعوة الخاص بها في غزة، ولكن رغم ذلك يمكن لنا الكتابة عن الصورة التخيلية لنتائج هذه الانتخابات وفرص القوى والأحزاب، والفصائل فيها حيث إن المفصل في نتائج التصويت لا يعتمد على المفاهيم الخدماتية بل يرتكز على الفهم السياسي لها، ومقاييس الثقافة الانتخابية المرتكزة على الانتماء الحزبي بغض النظر عن البحث عن الوسائل والنتائج الخدماتية التي يمكن أن تقدم أو يستفيد منها الناخب.
علينا أن نعترف صراحة أن الناخب العربي لم يصل بدرجة الوعي الانتخابي لإختيار من يقدم له الخدمات ولا يمنح صوته لمن يتحدث بلغة تقديم الخدمة أو المصلحة الاجتماعية، بل لا زال يستند على ركيزة وأساس انتمائه الحزبي الصرف، وربما عزز وساهم في تأكيد وترسيخ هذه الصورة ما جرى في الانتخابات الأخيرة، حيث إن الحزب الفائز يستأسد على الحزب الأخر وعناصره، ويمارس التمييز والتفرقة على أساس حزبي، ويتبارى في منح عناصره كل الامتيازات بما فيها الإمتيازات الإنسانية والقانونية ويتحول العنصر لقوة فوق القانون والنظام، ويتمعن في اقصاء الآخر. رغم تلك الحقيقة القائمة بذاتها إلا أن شعبنا أيضًا يدرك أن من يغرس يحصد، ومن يعمل يأكل.. من هنا فإن التنبؤ بالنتائج أو قراءة النتائج تعتمد على الصورة التخيلية، ويمكن أن تفسر دون تعقيدات من واقع امكانية استمزاج الحالة الجماهيرية.
يسد شطري الوطن حالة من السخط المجتمعي المتبادل وخاصة على القوتين الأكبر( فتح وحماس) ففي غزة هناك قطاع مجتمعي كبير غاضب وناقم على حركة حماس نتيجة ممارستها في غزة، وخاصة في الجوانب الحياتية والخدماتية، والمجتمعية، وعملية التمايز والتمييز التي مارستها، وحالة التسيب التي صدمت توقعات وآمال الشريحة والفئة غير المحزبة التي منحت حماس أصواتها انتقامًا من فساد السلطة وحركة فتح. ففي هذه المرحلة عادت هذه الفئة لتلوم نفسها وتترحم على مفمسدين فتح عملًا بالقول( فاسد يطعمني ولا فاسد يقتلني) كذلك نفس الصورة الناقمة على حركة فتح في الضفة الغربية وحالة القهر المجتمعي من تسلط وفساد السلطة هناك، ولكن في ظل هذه الخيارات هل يوجد بدائل يمكن أن يلجأ إليها المواطن كبدائل تحقق طموحاته، ويحل بها مشاكله؟
الفرضية الأساسية هنا تطرح قوتين أولًا اليسار الفلسطيني، ثانيًا: حركة الجهاد الإسلامي، وباستعراض فرصة هاتين القوتين نجد أن قوى اليسار الفلسطيني عمليًا أوضاعها مأزومة وبالكاد تستطيع التثبت بالوجود، ولا زالت بداخلها متشرذمة، وبالكاد تحافظ على وجودها الصوتي، وتبدوا وكأنها بالرمق الأخير نتيجة أزمتها العميقة سواء على المستوى الجماهيري والمجتمعي، أو المستوى الداخلي الفكري والتنظيمي، وعليه غير قادرة على النهوض بحالتها الداخلية أو بحالتها الجماهيرية وتتخبط في واقع أزماتها، ففشلت في أن تستقطب الجماهير الغاضبة من الحزبين (فتح وحماس) كما فشلت في صياغة برنامج يستقطب الفئات المهمشة أو غير المحزبة، فمن هنا يتوقع أن تتراجع نسبة اليسار التي حصل عليها في الدورة الأخيرة للمجلس التشريعي بشكل محوظ، وتحقيق فشل كبير على مستوى البلديات. أما حركة الجهاد الإسلامي التي أبلت بلاء حسنًا على المستوى العسكري فيبدو أن طموح هذه الحركة أو قيادتها لم يتعدِِبعد حدود الاستمرار والمديح اعلاميًا، فلم تصوغ حتى راهن اللحظة برامج حصد جماهيرية أو سياسات تحضن الجماهير وتساعد في القفز بها لراس سلم النظام السياسي الفلسطيي، ولا زالت تتلكس في رزنامة سياساتها وعقليتها الكلاسيكية، دون أن تطور منهجيتها الجماهيرية والتواصل وفق سياسات ممبرمجة مع الجماهير وإن كانت استطاعت أن تتقدم خطوة سلحفائية على هذا المستوى عن العقود السابقة، وهذا أيضًا يؤكد أن حركة الجهاد الإسلامي تعاني أزمات داخلية.
إذن فإن كل الخيارات الجماهيرية تصب في صالح القوتين الأكبر حركتي( فتح وحماس) اللتان تستحوذان على كل الإمتيازات والمصالح المرتبطة باحتياجات المجتمع والجماهير، رغم تشرذمهما الداخلي، وذلك لغياب البديل الكفؤ ...
د. سامي محمد الأخرس
السادس عشر من يوليو 2016
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع عماد حسن.. دعم صريح للجيش ومساندة خفية للدعم


.. رياض منصور: تغمرنا السعادة بمظاهرات الجامعات الأمريكية.. ماذ




.. استمرار موجة الاحتجاجات الطلابية المؤيدة لفلسطين في الجامعات


.. هدنة غزة.. ما هو مقترح إسرائيل الذي أشاد به بلينكن؟




.. مراسل الجزيرة: استشهاد طفلين بقصف إسرائيلي على مخيم الشابورة