الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما يموت الوطن.. نفكر جميعاً بالانتحار

هبة الله الذهبي

2016 / 7 / 16
كتابات ساخرة


في عصر مليئ بالخفايا الناس تفكر بالانتحار , ولانسمع بهم إلا في النهاية عندما يصبحون أرقاماً , فضمن احصائية ودراسة قام بها صندوق الأمم المتحدة للسكان , تبين أن 41% من الشباب السوري المتواجد في لبنان, فكروا في الانتحار, ولا عيب في أن نصل لهذه الفكرة ,المخيف أن لا نجد من يُعيننا أن نخرج منها , فينشئ الكسر الإجتماعي وتبدأ الأرقام بالتزايد.

يرجعنا هذا إلى وطن ابتلع شبابهُ ثم لفظهم على سواحل الغرب وأراضي الشرق , وطن قُتلَ بأيدي أبناءه وأعدائه سوياً, حتى لم يبقَ من أنفاسه ما يسجله التاريخ لأحفادنا, وحتى لوكتب النصر فإن كل أسرة ابتليت بفقدان أحدٍ فيها, لكن الظاهرة الأغرب أنًّ كل من يعيش في الوطن أو خارجه يفكر بالانتحار ,أو قام بالانتحار ,أو يستعد له.

وكأنه عندما انهار هذا الصرح العظيم ,انهارت الأنفس وراءه بغض النظر عن الفقر والغنى ,كالدومينو وسط ازدحام الحياة يبدأ من أول حجر .. من أول رجل .. من أول امرأة .. من أول طفل .. من أول شاب وشابة ..وهكذا فينتشر الإنهيار النفسي.

ليس لأن الأمل مفقود فالنصر موجود ولابد .. ولكن ينكسر شيئ في داخلنا لا أحد يعرفه ولا أحد يستطيع أن يحلله , ينكسر الإنسان..
وعندما يهبط إلى درجات مخيفة يختفي أمام ذاكرته وماضيه ومستقبله وزمانه , فيقف ناظراً إلى نفسه في المرآة فلا يجد عنواناً له , وتبدأ فكرة الانتحار كشبح أسود يلاحقنا في حِنك الظلام .

مات الوطن ..
مات الإنسان..
من هذا الذي يقف فيه ؟
ومن هو؟
غرباء..
سينشئ وطن آخر وانسان آخر يحمل جينات أجداده وآباءه ,كيف سيكونوا محبطين أم نائمين ؟
فعندما سافروا انتحروا,
وعندما لجئوا في المخيمات انتحروا,
و عندما بقوا في أوطانهم انتحروا,
في الليل يفكرون في الانتحار, في النهار يفكرون في الانتحار , وكأن الانتحار فكرة وطن تنقلهم من وطن ميت إلى وطن حي.

هل يعيشون الصدمة لا يستيقظون منها إلا بالموت , بين البحار وعلى شواطئ الغرب وأرصفة الوطن أو الجوار !
هل يمكن لشعب كامل بغض النظر عن توجهاته وتحالفه مع من وضد من , أن يعيش الصدمة لكثرة ما جرى من سفاسف وطائفية ؟
نعم .. يعيش هذا الجيل هذه الصدمة لأنه مجتمع كان نائماً ومنظماً منذ نعومة أظافره, فكل أيامنا نستيقظ نذهب إلى المدرسة نقوم بتحية العلم نعود من المدرسة نؤدي واجباتنا, أقصى طموحنا الجامعة , وأقصى حاجاتنا شرب الحليب بالموز.

لم يكن في الوطن حلم كبير بأن يكون كل واحد منا غني وكأننا كنا مُسلّمين أن الأغنياء أغنياء والفقراء فقراء , ولا داعي للصعود درجات, والصدمة شكلت كوكتيل اجتماعي مخيف ,وكل من يرضخ لأي ضغط من أي جهة سيقع في فكرة الانتحار.
وأي تبدل وتسمم بيئي يربكنا فنتعرض معه إلى تشويش يفقدنا القدرة على تحديد اتجاهاتنا ومساراتنا عبر رحلتنا الصحيحة في الحياة لتتبعه البقيّة ، ويكون الانتحار و الموت الإنساني حليفهم.
عندما يموت الوطن الرحيل والبقاء انتحار.

كاتبة وحقوقية سورية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال