الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اساليب نشأة النظام الفيدرالي ومظاهره

اسماعيل علوان التميمي

2016 / 7 / 16
دراسات وابحاث قانونية


اساليب نشأة النظام الفيدرالي ومظاهره
اسماعيل علوان التميمي
اولا- اساليب نشأة النظام الفيدرالي :
يراعي الاتحاد الفيدرالي التوفيق بين نزعتين، الأولى نزعة التوحد والرغبة في الانضمام إلى دولة واحدة قوية وهذا ما يدفع الأقاليم إلى التخلي عن سيادتها الخارجية، والثانية نزعة الإستقلال والحفاظ على الخصوصية، وهذا ما يدفع بالأقاليم او الولايات إلى التمسك بجزء من سيادتها الداخلية( ).
يمكن ان ينشأ الاتحاد الفيدرالي بأحدى الطريقتين الآتيتين:
اولا: تفكك دولة موحدة بسيطة إلى عدد من الدول مع رغبتها في الإرتباط معا في شكل إتحاد فيدرالي، وذلك نتيجة لعوامل مختلفة منها : تعدد الأمم والقوميات في تلك الدولة ومن أمثلة ذلك : الاتحاد السوفيتي السابق، والمكسيك، والارجنتين، والبرازيل( ).
ثانيا: وهي الحالة الغالبة، وبها ينشأ الاتحاد المركزي نتيجة انضمام عدة دول مستقلة إلى بعضها البعض لتصدر دستورا واحدا، وتنشأ بذلك دولة جديدة تحل محل الدول الأطراف في المجتمع الدولي، ومثال ذلك نشأة الاتحاد الفيدرالي في أمريكا، وكندا واستراليا والمانيا وسويسرا وغيرها( ).
وينتهي الاتحاد الفيدرالي بالأساليب العامة التي تنتهي بها الدول، كزوال ركن من أركانها او ان ينتهي هذا الاتحاد بأحدى هاتين الوسيلتين( ):
اولا: تحول الدولة الفيدرالية إلى دولة موحدة بسيطة، بحيث تصبح فيها الدويلات مجرد أقسام او وحدات إدارية بعد ان كانت وحدات سياسية متميزة، وهذه هي الوسيلة الطبيعية والغالبة في انقضاء الدول الفيدرالية إتحادا مركزيا، ومثال ذلك ليبيا في العهد الملكي قبل عام 1969م
ثانيا: انفصال الولايات كل عن بعضها وتحولها إلى دول بسيطة مستقلة كل منها عن الأخرى، وهو الامر الذي تحقق في العصر الحديث حيث تحلل الاتحاد السوفيتي عام 1991 الى خمس عشرة دولة، بعضها اخذ صورة الدولة البسيطة الموحدة مثل جمهوريات استونيا واوكرانيا وارمينيا واوزبكستان، وبعضها الاخر استمر في صورة الدولة الفيدرالية مثل جمهورية روسيا الفيدرالية، كما تكررذات الامر بصدد الاتحاد اليوغسلافي الذي تفكك الى دول بسيطة مثل كرواتيا ومقدونيا ودول اخرى اتحادية مثل البوسنة والهرسك وصربيا الكبرى التي تضم ثلاثة اقاليم في صورة اتحاد فيدرالي تحت المسمى القديم نفسه وهو يوغسلافيا الفيدرالية( ).
ثانيا-مظاهر النظام الفيدرالي
هناك عدة مظاهر لنظام الدولة الفيدرالية من أهمها:
اولاً: المظاهر الوحدوية للوحدات الفيدرالية
لا توجد في الاتحاد الفيدرالي الا شخصية دولية وأحدة هي شخصية الدولة الفيدرالية، يكون لها وحدها الدخول في علاقات دولية مع الدول الأخرى او المنظمات الدولية، فللدولة المركزية وحدها حق تبادل التمثيل الدبلوماسي، وحق تقرير الحرب والسلم وابرام المعاهدات( )، غير ان بعض الدساتير الفيدرالية قد خرجت على هذه القاعدة( ).
كما يترتب على تمتع دولة الإتحاد الفيدرالي بشخصية دولية دون غيرها من الدويلات، ان الاتحاد يقدم جنسية مشتركة لجميع مواطني الدويلات، فيتمتع هؤلاء جميعا بجنسية واحدة هي جنسية الدولة الفيدرالية، وذلك بجانب التمتع برعوية الدويلة التي ينتمي إليها دون ان يعتبر ذلك ازدواجا في الجنسية، وعلى هذا النحو يكون عنصر الشعب في دولة الاتحاد، كما يعتبر إقليم الاتحاد وحدة واحدة، بحيث يشمل جميع أقاليم الدولة الداخلة في الاتحاد( ).
ويوجد في الدولة الفيدرالية دستور فيدرالي وهيئات تشريعية وتنفيذية وقضائية اتحادي وهي
1. دستور اتحادي:
يستند الاتحاد الفيدرالي إلى الدستور الفيدرالي، حيث أنه يحدد إختصاصات كل من هيئات الحكومة المركزية وهيئات حكومات الدويلات المتحدة، ومن المتفق عليه أنه لا يمكن تعديل هذا الدستور إلا بإجراءات خاصة ينص عليها ذلك الدستور( ).
وبما ان تعديل الدستور الفيدرالي قد يحاول المساس باستقلال الدويلات فيغير بكيانها او، ينقص من سيادتها، او يؤثر في مركز الدويلات الداخلة في الاتحاد، فأنه يلزم لإجراء التعديل إتباع إجراءات ينص عليها الدستور نفسه، فالدستور الأمريكي مثلا يوجب لنفاذ التعديلات التي يقرها الكونغرس ان تبرمها المجالس التشريعية لثلاثة أرباع الولايات الأمريكية شريطة ألا تحرم اي ولاية من حقها المتساوي بالاقتراع( ).
ويختلف حق الولايات في تعديل الدستور قوة وضعفا باختلاف التنظيم الذي تقره الدساتير الفيدرالية، فأحيانا تشترك الولايات في إقتراح التعديل وإقراره، وذلك عن طريق مندوبي الدويلات الذين يمثلونها في هيئات الدولة المركزية، وقد يضعف الدستور الفيدرالي من مركز المجلس الفيدرالي الأعلى (مجلس الشيوخ)، بحيث يحصل الغلبة للمجلس الفيدرالي الادنى (مجلس النواب) في إجراء التعديل وفي إقراره، وهذا ما أخذ به الدستور الكندي، والاسترالي، ودستور فايمرالالماني( ).
وإلى جانب الدستور الفيدرالي يكون للولاية دستور خاص بها ينظم إدارة شؤونها بما لا يتعارض مع الدستور الفيدرالي.
2.هيئة تشريعية اتحادية:
القاعدة المستقرة في النظام الفيدرالي ان الهيئة التشريعية تقوم من حيث التشكيل على نظام المجلسين، أحدهما يمثل المواطنين بحسب تعداد السكان في كل ولاية، والثاني يمثل الولايات على قدم المساواة، ويهدف هذا التنظيم إلى مراعاة مصالح الدويلات الكبيرة، فتحظى بممثلين أكثر في المجلس الأول، وبمراعاة مصالح الدويلات الصغيرة فتحظى بعدد من الممثلين يساوي العدد الذي تحصل عليه الدويلات الكبيرة، وقد يكون عضوين من كل ولاية كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية، فيتحقق بموجب هذا التنظيم نوع من التوازن بين مصالح الولايات الكبيرة والصغيرة المنضوية في الاتحاد( ).
3. هيئة تنفيذية اتحادية :
تتكون الهيئة التنفيذية في الدولة الفيدرالية من هيئة تنفيذية إتحادية تمثل دولة الاتحاد، كما يوجد في كل دولة من دول الاتحاد جهازها التنفيذي الخاص بها، ولكن يختلف تكوين الهيئة التنفيذية حسب النظام المعتمد، فإذا كان النظام المعتمد هو النظام الرئاسي، فالسلطة التنفيذية تودع بيد رئيس الجمهورية، حيث يتم انتخابه مباشرة من قبل الشعب وينفرد رئيس الدولة بحق تعيين الوزراء وعزلهم وله وحده حق مساءلتهم، كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية، أما في الدول التي تأخذ بنظام الجمعية، فتتكون فيها الهيئة التنفيذية من أعضاء المجلس الفيدرالي، حيث تقوم الجمعية الفيدرالية بانتخابهم لمدة أربع سنوات، ويرأس المجلس الفيدرالي رئيس الاتحاد ويكون له نائب ويتم انتخابهم بصورة دورية ولمدة عام بواسطة الجمعية الفيدرالية من بين أعضاء المجلس كما هو الحال في سويسرا، أما في ألمانيا الفيدرالية، والتي تأخذ بالنظام البرلماني، فتكون الهيئة التنفيذية من المستشار والوزارة الفيدرالية، حيث يشترك كلاهما في ممارسة مهام الهيئة التنفيذية وتختص الهيئة التنفيذية الفيدرالية عادة بتنفيذ القوانين الصادرة عن البرلمان الفيدرالي في جميع دويلات الاتحاد، وكذلك تقوم بإصدار القرارات الفيدرالية التي تخص الدولة، كما توجد إلى جانب الهيئة التنفيذية الفيدرالية، هيئة تنفيذية للدويلة او الولاية، فلا يتعدى نطاق إختصاصاتها التنفيذي حدود هذه الدويلة او الولاية( ).
4.هيئة قضائية اتحادية
تعد الهيئة القضائية هيئة عامة، حيث أنها تؤدي دورا كبيرا بإصدار القرارات في الدولة الفيدرالية وتختص بالامرين الاتيين :
الامر الاول :الفصل في النزاعات التي تنشأ بين الدويلات المتحدة، او بين أحدى الدويلات المتحدة والدولة الفيدرالية، حيث لا يمكن حلها بالوسائل الدبلوماسية، مادامت العلاقات بين هذه الدويلات ليست ذات طبيعة دولية، وانما هي من طبيعة دستورية داخلية، كما لا يمكن حل هذه المشكلات بالطرق الإدارية، وذلك لان الاتحاد الفيدرالي لا يجعل من الدولة الفيدرالية دولة أعلى من دولة الدويلات المتحدة إداريا، وانما يضمن لها الاستقلال الداخلي.
الامر الثاني : تقضي في مدى دستورية إعمال الهيئتين التشريعية والتنفيذية في الدولة الفيدرالية، كما تتولى مراقبة مدى مطابقة قرارات محاكم الدويلات المتحدة للدستور الفيدرالي، إضافة إلى مراقبة مدى دستورية القوانين المحلية( ).
ثانياً- المظاهر الاستقلالية للوحدات الفيدرالية
إذا كانت الدويلات في الاتحاد المركزي قد فقدت مظاهر السيادة الخارجية فأنها لم تفقد مظاهر السيادة الداخلية، وانما تتمتع ببعض هذه المظاهر، وتتمتع الدولة الفيدرالية بالبعض الاخر.
ويترتب على هذا الوضع ان يكون لكل دويلة دستورها الخاص وهيئاتها العامة المتميزة تشريعية، وتنفيذية، و قضائية، ويكون للدولة الفيدرالية ايضا دستورها الفيدرالي تمييزا له عن دساتير الدويلات ولها كذلك هيئاتها العامة الفيدرالية التشريعية، والتنفيذية، والقضائية، وتخضع الهيئات العامة للدويلة إلى الدستور الخاص بها، وتخضع الهيئات العامة الفيدرالية إلى الدستور الفيدرالي( ).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجز أخبار السابعة مساءً - النمسا تعلن إلغاء قرار تجميد تموي


.. النمسا تقرر الإفراج عن تمويل لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفل




.. طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة يعيش حالة رعب ا?ثناء قصف الاحتل


.. النمسا تقرر الإفراج عن أموال -الأونروا- التي تم تعليقها سابق




.. -غوغل مابس- قد يكون خطرا عليك.. الأمم المتحدة تحذر: عطل إعدا