الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اغتيال جبران تويني استهداف لقيم الاستقلال ومعرفةالحقيقة

محمود زعرور

2005 / 12 / 16
الارهاب, الحرب والسلام


لا يمكن فصل العمل الإرهابي الذي أدى إلى استشهاد الكاتب الصحفي البارز، والنائب الجريئ جبران تويني ، عن العملية المستمرة منذ مدة ، والمتمثلة بالرد العنيف والبربري على انتفاضة الاستقلال السلمية ، التي أطلقها الشعب اللبناني ، وقواه الساسية المتعددة ، عبر حركة 14 أذار التي طالبت بمعرفة الحقيقة الكاملة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ، وكذلك بالحرية والاستقلال والسيادة للبنان ضد نظام الوصاية السوري ، الذي اتسم بهيمنة شاملة على لبنان ، أمنية وعسكرية وسياسية ، امتدت أكثر من عقدين .
ومثلما لا يمكن لآحد نسيان شعار انتفاضة الاستقلال ، الذي أطلقه الشهيد سمير قصير ، لا يمكن ، كذلك ، نسيان قسمها أيضا ، الذي دوى بصوت الشهيد جبران تويني، ورددته معه الجموع اللبنانية الصادقة ، من أجل وحدة اللبنانيين ، والدفاع عن سيادة لبنان واستقلاله.
إن مسلسل الآحداث الآليمة منذ أن فرض نظام الهيمنة السوري التمديد غير الشرعي ، وغير الدستوري ، للرئيس اللبناني اميل لحود ، يتتابع على نحو منسق ، من أجل ضرب كل صوت معارض ، يطالب بالسيادة والاستقلال ، من محاولة اغتيال الشهيد الحي ، النائب والوزير مروان حمادة ، إلى جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه ، مرورا باغتيال الكاتب والصحفي سمير قصير ، والمناضل السياسي البارز جورج حاوي ، ومحاولة اغتيال الإعلامية مي شدياق ، وصولا إلى جريمة اغتيال الصحفي والنائب جبران تويني ، وبدون نسيان التفجيرات المختلفة ، وأعمال التخريب المتعددة ، التي طالت ممتلكات لبنانية ، في مناطق مختلفة ، بالإضافة إلى الهجوم المنظم الذي تشنه وسائل الإعلام في النظام السوري ، والآطراف المرتبطة به ، والذي يستهدف النيل من رموز سياسية وإعلامية لبنانية ، تطالب بمعرفة الحقيقة ، وبالتمسك بخيار الاستقلال والسيادة ، وتؤكد حرصها على قيام علاقة طبيعية بين لبنان وسوريا ، تكون بعيدة عن التدخل والهيمنة ، وتقوم على الندية الكاملة .
لقد بلغ النظام السوري حدا فاق كل التوقعات في إصراره على التدخل غير المشروع في الشؤون اللبنانية ، والاستمرار في ضرب الوفاق الوطني اللبناني ، عبر تحريك حلفائه ، في كل مناسبة ، وتهديد سيادة واستقلال لبنان ، وصولا إلى ضرب العلاقة بين سوريا ولبنان ، والإساءة المستمرة إلى خطوات ومحاولات بنائها على أسس صحيحة ، بعيدة عن الهيمنة.
مع الشهيد جبران تويني ، مدير عام صحيفة النهار ، ومع رئيس تحريرها الآستاذ الكبير غسان تويني ، ومع أسرة محرريها وكتابها ، كانت النهار من أولى الصحف اللبنانية التي فتحت قلبها وصفحاتها لآقلام هامة من المثقفين السوريين ، والمعارضين الديمقراطيين ، الذين وجدوا في النهار منبرا حرا وصادقا للتعبير عن أرائهم مقابل إعلام سوري لا يعترف بالرأي الآخر ، ويصر على سماع صوته الآوحد ، في زمن التعدد والاختلاف .
إن هذا الجانب في مسيرة الشهيد جبران تويني ، وفي مسيرة النهار ، المتمثل باحتضان الآصوات السورية المعارضة ، بمختلف توجهاتها ، يعبر عن فهم حضاري وكوني ، لقضية الحرية والديمقراطية ، ويعكس اصطفافا نبيلا في التضامن مع كل معارك الكلمة الحرة ، في زمن مصادرة الرأي الآخر ، وخنق حرية التعبير ، وملاحقة المعارضين ، ومحاكمة نشطاء حقوق الإنسان ، بحجة ( الوحدة الوطنية ) الخرساء ، وأن الوقت ليس وقت ( ترف ) الاستماع إلى صوت قد يعلو على صوت ( المعركة ) المجلجلة ، من أجل الدفاع عن ( الثوابت ) الكبرى .
لكن تبين أن ( الوحدة الوطنية ) لم تكن إلا وحدة القهر المعمم ، و ( المعركة ) هي معركة الآجهزة الآمنية ضد المواطنين من المعارضة الديمقراطية ، و( الثوابت ) ليس إلا ثوابت الحالة السورية في الاستمرار بحالة الطوارئ والآحكام العرفية ، وإدامة عهد الاستبداد .
إن الحالة السورية تشير إلى معضلة حقيقية يعيشها النظام السوري مع شعبه من جهة ، ومع المجتمع الدولي ، عبر القرارات الدولية المتعددة ، وأخرها القرار 1636 ، الذي وضع النظام السوري في دائرة المساءلة ، وضرورة التعاون الجدي والكامل وغير المشروط مع لجنة التحقيق الدولية ، في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري من جهة أخرى .
إن عرقلة النظام السوري للتحقيق ، وأساليب تضليله ، وعدم التعاون الجدي مع اللجنة الدولية ، كل ذلك يعكس سوء فهم مزمن للوضع الدولي ، ولطبيعة الالتزامات المطلوبة منه ، من أجل الوصول إلى الحقيقة الكاملة ، ومن أجل الكف عن التدخل في الشؤون اللبنانية ، واحترام استقلال وسيادة لبنان .
إلا أن التقرير الثاني للمحقق الدولي السيد ميليس الذي أكد صحة استنتاجات التقرير الآول لجهة إشارات وأدلة التورط الآمني اللبناني السوري ، وكذلك انتقاداته الواضحة لبطء التعاون السوري ، وعدم كفايته ، ومحاولات تضليل التحقيق ، يشير إلى استمرار الآزمة مع لجنة التحقيق ، ومع المجتمع الدولي .
كما يعكس طلب الحكومة اللبنانية من مجلس الآمن الدولي إنشاء لجنة تحقيق مستقلة أو توسيع مهام لجنة التحقيق الحالية من أجل النظر في كل جرائم الاغتيال أو محاولات الاغتيال ، بما فيها جريمة اغتيال الشهيد جبران تويني إصرار الشعب اللبناني على التمسك بمعرفة الحقيقة الكاملة ، لآن جريمة اغتيال الشهيد جبران تويني ، التي أتت في سياق متصل من الآحداث تؤشر على نهج لا يزال يحكم سياسات النظام السوري ، بالرغم من وضوح مخاطره على لبنان وسوريا معا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف يتصرف الألمان عندما يمرضون؟ | يوروماكس


.. لمى الدوري: -العراق يذخر بالمواقع الأثرية، وما تم اكتشافه حت




.. الهدنة في غزة على نار حامية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مسلسل المانغا - بون- : وحدة تسافر عبر الزمن وتحي الموتى




.. -طبيب العطور- بدبي.. رجل يُعيد رائحة الأحبة الغائبين في قارو