الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الباخص والتقشف

عدنان جواد

2016 / 7 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


أولا يجب أن نبين معنى كلمة الباخص، فالفعل بخص بمعنى فقأ للمعجم الوسيط، وهي الشحمة في العين أو قطعة اللحم في الرجل، ومعناها عند أهل الجنوب البقرة التي لاتدر حليبا وكثيرة الرفس، ويضرب المثل على المرأة المشاكسة لزوجها.
على الرغم من إن تلك البقرة(الهايشة) تحمل بطفلها بعد أن تجامع احد الثيران ، إثناء نزوتها الحيوانية وهي في عز شبابها ونشاطها وحيويتها ، لكنها لاتستطيع أن تكون أما، فهي مغترة بنفسها كثيرة الشحم واللحم جميلة المنظر (الدنيا زاهيتلها) ، لكن ما باليد حيلة فبعد أن يتكون الجنين في أحشائها، تحمل به وتراعي مسيرها وقفزاتها وغالبا ما تبتعد عن اللعب مع الشباب من الهوش وحتى الكبار في الجري، إلى أن يحين موعد الوضع فيجبرها ظرفها وربما تصرف راعيها أن تستسلم لولادة طفلها، لكنها بمجرد سقوط طفلها تعود لجبروتها ، فتركل وليدها متنكرة له وتمنعه من مضغ حليبها بالرغم من إنها حملت به تسع شهور وعانت ما عانت وهذه هي قصة الباخص في الهوش.
إن ما دعاني لكتابة هذا المقال أوجه التشابه بين حكوماتنا المتعاقبة وبعض أحزابنا، فهي تحتضن بعض إفرادها وتقدم لهم يد العون في البداية وتمنحهم المنح ، وتدخلهم الدورات وترسلهم للبعثات في الخارج، وتظهرهم للإعلام أحيانا، لكنها لاتصبح أما ، ففي نصف الطريق تترك ابنها تائها لايعرف كيف يتصرف، فهو لم يعرك الحياة ويتعلم من مهنها ، وإيمانا منه عندما ولج هذا الجانب الابتعاد عن السب والمدح والشتيمة والتحلي بالأخلاق الفاضلة، حسب الاوامر والتعليمات وان يكون كابن أللبون لأظهر فيركب ولا ظرع فيحلب، والمشكلة انه جلب لسجنه كائن آخر وهي زوجته التي وضعها في قفصه والتي تطبعت بطباعه، وأولاد منعهم من الخروج ومجاملة الناس والتعلم من الناس ما يفيدهم خوفا عليهم، لأنه امن مستقبلهم، وإنهم بالمستقبل أما دكتور (طبيب) أو مهندس، ولكن ينتهي الحلم فيستيقظ ، وقد قطع راتبه أو قلت معونته ، أو يطرد بداعي التقشف الذي عم البلد ، فماذا يفعل لا مهنة تعلمها ولا صنعة أجادها ، ولم يبقى من قوته وشبابه شيئا لكي يعمل حمالا او عامل بناء، وعائلته التي جنى عليها وتركها عمياء في دنيا لاترحم، فيعود متوسلا لحكومته الباخص لكنها ترفسه رفسة تخرجه خارج أبواب دوائرها.
إن الدول والأوطان تتقدم باحترام شعوبها ، بعد الحرب العالمية الثانية وبعد أن دمر البشر والحجر أدركت الدول عبثية الحروب ولا سبيل للنهوض من الخراب الحاصل إلا بالعلم والعمل، فتم بناء الإنسان أولا بدلا من أن يسيطر على فكرها النزعة الانتقامية التسلطية، واليابان مثالا، عدد سكانها 125 مليون نسمة تتربع على عرش الدول الأكثر تطورا وتقدما تكنولوجيا واقتصاديا، فقاموا بإعداد الكوادر العلمية والمهنية بشكل علمي ومدروس، وتعليم مبني على الانضباط والمثابرة وقوي ومتماسك وعلى أساس الكفاءات العلمية المتخصصة، مع تقدير عال للعلم والعلماء.
فأما أن نبقى دولة وأحزاب باخصة تطرد أبنائها أثناء التقشف وهذه ميزة الدول الفاشلة، أو نغير أوضاعنا قبل فوات الأوان فالجوع والفقر وغياب العدالة والأمان تدفع الناس للثورة والانتقام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكبر هيكل عظمي لديناصور في العالم معروض للبيع بمزاد علني.. ب


.. لابيد يحذر نتنياهو من -حكم بالإعدام- بحق المختطفين




.. ضغوط عربية ودولية على نتنياهو وحماس للقبول بمقترحات بايدن بش


.. أردوغان يصف نتائج هيئة الإحصاء بأنها كارثة حقيقية وتهديد وجو




.. هل بإمكان ترامب الترشح للرئاسة بعد إدانته بـ34 تهمة؟