الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
المحاولة الانقلابية زلزال يهز عرش أردوغان
عبدالخالق حسين
2016 / 7 / 17مواضيع وابحاث سياسية
ما حصل مساء الجمعة (15/7/2016)، من محاول انقلابية عسكرية، لم كن حدثاً من فعل فصيل صغير في الجيش التركي، كما أدعى أردوغان وأتباعه، وإعلامه، بل هو زلزال شمل كل تركيا، كاد أن يطيح بحكم أردوغان لو كان قد خطط له باتقان وحرفية. والمحاولة هذه كانت نتيجة حتمية متوقعة بسبب سياسة "السلطان" المغرور رجب طيب أردوغان الذي يحلم بإعادة الإمبراطورية العثمانية عن طريق أسلمة الشعب التركي، والقضاء على علمانية كمال أتاتورك مؤسس الدولة التركية الحديثة.
فقد نجح الإنقلابيون في السيطرة على محطة تلفزيونية حيث أصدروا منها بيانا جاء فيه إن "مجلس السلم" يدير شؤون البلاد، وإنه قاد انقلابا عسكريا من أجل "استعادة النظام الدستوري، والديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات".
لقد كشفت المحاولة عن مدى الشق الذي أحدثه أردوغان في الشعب التركي، مدنيين وعسكريين. إذ سيطر الإنقلابيون على عدة مؤسسات حكومية في العاصمة أنقرة، واسطنبول ومدن أخرى. وهذه المحاولة عبارة عن بركان كان يغلي تحت السطح ينتظر اللحظة المناسبة لينفجر في وجه أردوغان ويطيح بنظامه الإسلاموي. إذ لا يمكن لفصيل صغير أن يقوم بكل ما حصل في مختلف مناطق تركيا الواسعة ما لم يكن له من دعم واسع. فرد الفعل الكبير الذي قام به أنصار أردوغان لم يتناسب مع فعل فصيل صغير، من قتل وإصابات واعتقالات الألوف في صفوف العسكريين والمدنيين وخاصة في صفوف القضاة. فآخر الأرقام التي نشرتها وكالات الأنباء نقلاً عن مكتب رئاسة الجمهورية التركية: "ارتفاع عدد القتلى خلال محاولة الانقلاب إلى 265 شخصا من بينهم 161 مدنيا. كما لقي 141 عسكريا من المتورطين في محاولة الانقلاب حتفهم، وأكثر من 1500 جريح". كذلك أفادت الأنباء عن اعتقال نحو ثلاثة آلاف عسكري بينهم خمسة جنرالات و 29 عقيدا، إضافة إلى اعتقال وإقالة 2745 قاضيا، بينهم أعضاء في المحكمة العليا.
وكالعادة، اتهم أردوغان جهات خارجية "كيانا موازيا" بتدبير محاولة الانقلاب، مشيرا إلى رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة، فتح الله غولن. وطالب الولايات المتحدة بتسليمه. ورفضت أمريكا الطلب ما لم تقدم تركيا الأدلة على تورط غولن بالمحاولة الإنقلابية. وقد نفى غولن أن تكون له أي علاقة بما وقع، وقال إنه يدين "بشدة محاولة الانقلاب في تركيا".
المعروف عن اردوغان أنه اتبع في تسلطه على الحكم خطوات هتلر النازي الألماني الذي استلم السلطة ديمقراطياً عام 1932، ومن ثم بدأ بحصر السلطات بيده واضطهاد معارضيه، إلى أن سيطر تماماً على الشعب الألماني عن طريق البلطجة والترغيب والترهيب، ثم قاد إلى الحرب العالمية الثانية ونتائجها الكارثية المعروفة. كذلك أردوغان، منذ فوز حزبه (حزب العدالة والتنمية) الإسلامي، عام 2003، وتعيينه كرئيس للوزراء، قام بنهضة إقتصادية جيدة وأعلن تمسكه بالعلمانية والديمقراطية مما ساعده على كسب شعبية واسعة، وتحقيق المزيد من الفوز في الانتخابات البرلمانية اللاحقة. وبعد أن ثبَّت أقدامه بدأ تدريجياً بأسلمة الشعب التركي، وتقليص العلمانية، وكشف المزيد من مخالبه الدكتاتورية..
فبعد ثلاث دورات من تسلمه رئاسة الوزراء، و نفاد حقه في تسلم رئاسة الحكومة مرة أخرى، رشح نفسه رئيساً للجمهورية التي هي تشريفاتية بروتوكولية، ولكن لم يكن مثله يقتنع بهكذا منصب بدون صلاحيات تنفيذية، لذلك عمل على تغيير الدستور، وتبني النظام الرئاسي التنفيذي. ولما عارضه رفيقه، ومنظر أيديولوجية حزبه، رئيس الوزراء السابق، أحمد داوود أغلو في ذلك، قام بطرده من منصبه، وعين مكانه بن علي يلدرم، المعروف بطاعته لأردوغان. وهكذا بدأ أردوغان منذ استيلائه على السلطة بحصر السلطات بيده ، وأسلمة المجتمع، وتقليص العلمانية، والتضييق على حرية التعبير، والصحف، و قام باعتقال العشرات من الصحفيين الذين خالفوه، وأغلق بعض الصحف، واستبدل هيئات تحرير صحف أخرى بصحفيين موالين له.
هذا النهج الأردوغاني مخالف لثقافة الشعب التركي الذي اعتاد على حرية التعبير والتفكير والحياة الغربية التي تبناها أتاتورك. والجدير بالذكر أنه منذ تأسيس الدولة التركية الحديثة تعهد الجيش أن يكون حامي حمى المبادئ الأتاتوركية، وعلى رأسها العلمانية. لذلك فما حدث من محاولة انقلابية عسكرية دليل على مدى الغليان والسخط والتذمر في المجتمع التركي ضد سياسة أردوغان الإسلاموي، ونزعته الديكتاتورية.
كذلك قام أردوغان بتوريط تركيا في صراعات إقليمية ودولية لا مبرر لها، ألحقت أضراراً كبيرة بالشعب التركي، مثل دعمه لداعش، وتحالفاته مع أشد دول المنطقة رجعية مثل السعودية وقطر، للإطاحة بحكم بشار الأسد، وتدخلاته الفضَّة في العراق وغيره، وإثارة العداء ضد روسيا. وقد أثبت الزمن فشله في جميع هذه السياسات الرعناء، وخاصة في دعمه لداعش الإرهابية التي انقلبت عليه فيما بعد، مما اضطر أردوغان أخيراً إلى الاعتذار من روسيا، والاتصال ببشار الأسد طالباً الصفح، وطي صفحات الماضي، بعد سنوات عجاف مما جلبه من خراب وعدم الاستقرار على دول المنطقة وبالأخص على سوريا والعراق، وأخيراً على تركيا نفسها.
لماذا فشل الإنقلاب؟
فشل الانقلاب لعدة أسباب منها كما يلي:
1- عدم حرفية التخطيط. إذ كان المفروض بالانقلابيين أن يبدأوا بالقبض على أردوغان، حيث كان يقضي عطلته في منتجع على الساحل الجنوب الغربي من تركيا. فلو كان قد تم إلقاء القبض عليه وعلى أعوانه الكبار لتغير الأمر في صالح الانقلاب.
2- افتقار الإنقلابيين إلى تأييد شعبي واسع، فالمرحلة هي ليست مرحلة الانقلابات العسكرية كما كان الوضع في القرن العشرين، فقد مل الناس من حكم العسكر. لذلك فحتى أحزاب المعارضة وقفت ضد الانقلابيين رغم معارضتهم لأردوغان، إلا إنهم يريدون إزاحته بالوسائل الديمقراطية.
3- فقدان التأييد الدولي لحكم العسكر،
4- كون تركيا عضو في حلف الناتو، ومهمة للغرب، إذ تشكل جسراً بين الغرب والشرق الأوسط، خاصة في هذه المرحلة حيث الإرهاب وعدم الاستقرار، وموجات اللجوء المليونية نحو الغرب.
ما بعد المحاولة الانقلابية
حال سماعه بالمحاولة الإنقلابية نجح أردوغان في إصدار أوامره إلى أنصاره بالخروج إلى الشارع والدفاع عن الديمقراطية، الأمر الذي أطلق العنان للنزعات العدوانية الانتقامية لأنصاره ضد الجنود، فهناك صور بشعة بالفيديو، حيث قام أنصار أردوغان بأعمال وحشية ضد الجنود المشاركين في المحاولة، وتم تجريد أعداد كبيرة منهم من أسلتحهم وحتى من ملابسهم، والاعتداء عليهم بالضرب، وهناك صورة بشعة يقوم فيها أنصار أردوغان بذبح جندي بعد أن سلّم نفسه وسلاحه على جسر البسفور وقطع رأسه تماماً على طريقة الدواعش.
كما قامت السلطة بحملة اعتقالات عشوائية واسعة ضد الألوف من العسكريين والمدنيين ممن يشك بولائهم لأردوغان، الأمر الذي دعى جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي، إلى ضبط النفس وتجنب النزعات الانتقامية. ولوحظ أيضاً نزعة العداء بين الجماهير والجيش، وهذه الحالة لها تأثيرات سلبية على المجتمع التركي.
خلاصة القول، إن المحاولة الانقلابية هي الجزء المرئي من الجبل الجلدي يعكس مدى تذمر الشعب التركي ضد سياسات أردوغان، فإن فشلت المحاولة هذه المرة، فهذا لا يعني نهاية المعركة، بل خكوة كبيرة نحو نهاية أردوغان، خاصة وأنه (أ{دوغان) سيستغل فشل المحاولة لفرض المزيد من قبضته الحديدية على الشعب التركي وأسلمة المجتمع وتقليص العلمانية والديمقراطية، الأمر الذي يزيد من تذمر الشعب التركي، ويعجل بنهايته ديمقراطياً. كذلك لهذه المحاولة تأثير سيئ على سمعة تركيا دولياً، فهكذا بلد مازال مهدداً بالانقلابات العسكرية، أصبح انضمامه للإتحاد الأوربي شبه مستحيل في المستقبل المنظور.
كل هذه المصائب هي نتيجة سياسات المغرور أردوغان، إذ كما قال الشاعر العربي:
إذا كان الغراب دليل قوم ... سيهديهم إلى دار الخراب
[email protected]
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/
ــــــــ
رابط ذو صلة
اعتقالات واسعة في صفوف الجيش التركي بعد فشل محاولة الانقلاب
http://www.bbc.com/arabic/middleeast/2016/07/160715_turkey_military_coup_
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - أسوأ الديمقراطين هم أحسن من أفضل الدكتاتورين
سوري فهمان
(
2016 / 7 / 17 - 11:16
)
السيد الكاتب أحب أن ألفت نظرك إلى أن أسوأ الديمقراطين هم أحسن من أفضل الدكتاتورين
2 - السيد جلبي الغير مؤدب
سوري فهمان
(
2016 / 7 / 17 - 14:26
)
السيد جلبي الغير مؤدب ممكن تقل لي من أي دوله اشتريت الدال التي تسبق اسمك
3 - سوري فهمان
د.قاسم الجلبي
(
2016 / 7 / 17 - 15:17
)
عن اذن الاخ عبد الخالق, للمره الآخيره
ايها السوري الغير فهيم, اسلوبك الردىء والتهجم على الاخرين , يدل على ضحالة تفكيرك , ايها الغير مؤدب.
4 - نحن ضد الانقلاب العسكري وإردوغان في آن
أمين الغريب
(
2016 / 7 / 17 - 16:34
)
حتى اليوم 17 تموز الشؤم مازال إردوغان محتاطا يناشد مواطنيه وفيهم رافض له وللانقلاب، بأن لا يبرحوا الساحات والشوارع لأن الأمر لن ينتهي سريعا على حد تعبيره،
بمناسبة ذكرى انقلاب رئيس العرفاء العراقي حسن سريع الذي تعاطف معه الكثير في ظرفه 3 تموز 1963م، ولم يك متقنا أيضا.
إردوغان لا يحاول أسلمة مواطنيه المسلمين، هذه عقلية خرافة دين الإلحاد المتطرف
في موقع إلكتروني افتراضي، لأن الشعب على
أرض الواقع مسلم من منبع الفراتين حتى الخليج ومنبع الإسلام الأصيل شبه جزيرة العرب، بكل فخر وغر، الذي فقد الإسلام ماذا يجد؟ والذي لم يجد الإسلام ماذا يفقد؟!.
نحن أيضا ضد عسكرية ودكتاتورية وعلمانية أتاتورك وخوف الموقع الافتراضي من رأي الآخر الوجدان العام،
جنحة ازدراء الأديان ونشر الكراهية وتسفيه والتطاول المنحط المأجور على الأنبياء.
5 - دكتور في الكثير من مقالاتك تكرر مفردة: الفضَّة !
أمين الغريب
(
2016 / 7 / 17 - 16:57
)
ولم تأبه ولم تعبأ لتصويباتنا المكرورة المكروهة في هذا الموقع= الفـظـة
في حال الخوف من النشر وافتراض مداخلتنا زورا مخالفة لقواعد النشر!، سوف نفضح مدنية
وتمدن الحوار في مقال ومقام آخر..
6 - نحن ضد الانقلاب وضد إردوغان ونشك!
أمين الغريب
(
2016 / 7 / 17 - 18:18
)
ونشك مع خصم إردوغان، أستاذه السابق “ فتح الله غولن ”؛ بأن الانقلاب من تدبير إردوغان على غرار الشك باستعمال صدام لرفيقه “ ناظم گزار ” لإزاحة الأب القاعد النكر البكر..
7 - قردوغان الارهابي
نور الحرية
(
2016 / 7 / 17 - 21:18
)
بل يحق لكل من تضرر من سياسات قردوغان خاصة السوريين الذي ادخل لهم عبر حدوده الالاف من الدواعش القتلة الوهابيين والاخوان المجرمون لصوص مصانع حلب بأن يبتهجوا ويعبروا عن فرحتهم لسقوط قردوغان ولكن للاسف الشديد الظروف ساعدت سيئ الذكر على استرجاع حكمه. ولكن الايام بيننا ستكون نهايته ابشع من نهاية شاوسيسكو والقذاف
8 - رسالة الداعية رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
أمين الغريب
(
2016 / 7 / 17 - 22:20
)
د. يوسف القرضاوي إلى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان: -الله معك وشعوب العرب والمسلمين معك، وكل الأحرار في العالم معك، ونحن علماء الأمة الإسلامية في المشارق والمغارب معك.. وجبريل وصالح المؤمنين، والملائكة بعد ذلك ظهير. كلنا معك؛ لأنك مع الحق ضد الباطل، ومع العدل ضد الظلم، ومع الشعوب ضد المستبدين، ومع الحرية ضد الجلادين، ومع الشورى والديمقراطية ضد الذين يسوقون الشعوب بالسوط، ويقهرونها بالعنف. أيها الرئيس الكريم.. سر في طريقك المستقيم؛ لتبني تركيا كما تريد، وكما نريد، تقود الناس إلى الحق، وتدعوهم إلى الرشد، وتنصر المستضعفين، وتؤيد المضطهدين، ونحن معك.. نشد أزرك، ونساندك مع حزبك وأنصارك. والله تعالى يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}-.
9 - تقرير جميل ومفيد ورائع
يحيى طالب
(
2016 / 7 / 17 - 23:50
)
شكرا دكتورنا على الشرح الوافي للاحداث اما اوردكان فان مواقفة الدنيئة تجاه سوريا والعراق والتدخل السافل في شؤونهم واحتضانه لداعش المجرمة هو والزبالة التي ايدته فان يومه قريب- وان خطت الاولى فالثانية تصيب - اما عن خدامه اللوكيه فامرهم عجيب - يخونون وطنهم ويؤيدون الناقص الغريب - هؤلاء قال فيهم الشاعر ابو الطيب -- لاتامن بالنذل وتعتبره حبيب -- غدار ويخونك ويطلع ذيب- شكرا لكم دكتور وشكرا لموقع الحوار
10 - المعارضة التركية
د.قاسم الجلبي
(
2016 / 7 / 18 - 09:59
)
بعد فشل الآنقلاب وتبيان اسبايه في تركية , فعلى اوردكان ان يغير من سياسيته اتجاه المعارضه وتوسيع سياسته في مفهوم الحرية والديمقراطية , بعد ان كان يحاول وما زال من فرض الحزب الواحد , حيث ان جميع احزاب المعارضة نددت بالآنقلابين بالرغم من العداء فيما بينهم, حيث رفع اوردكان الحصانه عن 50 نائبا وبالآخص حزب الشعوب الدميقراطية الذي يمثل الآكراد , ان سياسه اوردكان يجب ان تتحول الى الآحسن والآ سيجد سنوات عجاف في المستقبل القريب البعيد, مع التقدير
.. وزير الدفاع الإسرائيلي كاتس يقول إن إسرائيل ألحقت الهزيمة بح
.. وزير الدفاع الإسرائيلي يؤكد هزيمة حزب الله.. ماذا يعني ذلك؟
.. مدير مكتب الإعلام الحكومي في غزة: أكثر من 300 ألف إنسان يعيش
.. أسامة حمدان: جرائم القتل ضد شعبنا ستبقى وصمة عار في وجه الدا
.. حرب وفقر وبطالة.. اللبنانيون يواجهون شقاء النزوح ونقص الدواء