الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشرطة العربية 3 : العرف العشائري أقوى من القانون المدني

سندس القيسي

2016 / 7 / 17
حقوق الانسان


الشرطة العربية 3: العرف العشائري أقوى من القانون المدني

بعض الدول العربية تحتكم إلى العرف العشائري أكثر بكثير من لجوئها للقانون المدني. بل إن القضاء نفسه قد يتسم بالإنحياز ويتسبب في غياب العدالة الكلي، وبالتالي تعتمد أجهزة الأمن العربية على تخويف المواطنين لإخضاعهم للسلطة عوضًا عن تحقيق العدالة من خلال الحوار مع المواطن. وقد تتفاوت التجاوزات بين دولة وأخرى، لكن المطروح هنا أمثلة حية من دولة عربية تدعو لبناء دولة المؤسسات وسيادة القانون والعدالة، بما يثبت أن هذه مجرد شعارات خاوية بالية، لا أساس لها.

والحالة الثانية تتعلق بشخص مستأجر، كان يقضي الليل سهرانًا مع أصدقائه. وفجأةً، أصبح يتلقى تلفونات من زوجته تصرخ من تحرش الجار، صاحب البيت بها وبأطفألها، فتارةً يتمشى أمام بيتها بملابسه الداخلية، وتارةً أخرى يقطع تيار الكهرباء عليها هي والصغار وهكذا. ولم يتحمل هذا المستأجر صراخ زوجته وأطفاله، فهرع مسرعًا إلى البيت، ومن شدة غضبه، كسر باب بيت صاحب البيت وأطاح به ضربًا دون وعيٍ منه. وفي العرف العشائري، لو قتل صاحب البيت هذا المستأجر في تلك اللحظة، فإنه لن يدخل السجن. وهنا أذكر أنه قبل فترة طويلة (1999)، قتل توني مارتن وهو مزارع بريطاني شخصًا تسلل إلى مزرعته، وثارت الدنيا ولم تقعد وحصل جدل عام حيث حوكم هذا المزارع بتهمة القتل، التي تم تخفيفها فيما بعد. المغزى من هذه الحادثة أن قتل أي معتدي لا يجب أن يمر مرور الكرام في المحكمة، بل يجب محاكمته.

وبعد انتهاء الشجار، طلب المستأجر وصاحب البيت الشرطة، إلا أن صاحب البيت تنازل وسامح في حقه، بتدخلٍ من الجيران.

بعد مرور أسبوعين، أرسل صاحب البيت سيارتين مدججتان بالسلاح والرجال وتصاحبهما والدة صاحب البيت إلى منزل أهل المستأجر في الجهة المقابلة للشارع من بيت المستأجر. وترجلوا من من السيارة متجهين إلى باب بيت أهل المستأجر، حيث وجدوا أحد أخوة المستأجر، فسألوه وهم ينهالوا عليه ضربًا؛ هل أنت فلان (أي المستأجر)؟، فرد بلا. فقامت المرأة بحذف الطوب عليه، بينما قام الرجال بضربه وإطلاق النار على ما حواليه.

أما في داخل منزل أهل المستأجر، فكانوا يتناولون طعام الغذاء. لذا لم يكترثوا للضجة في الخارج، لكن مع سماع طلقات النار، خرج أخ ثانٍ للمستأجر، فقام المسلحون بفعل ذات الشيء تجاهه. بعدها خرج الأخ الأصغر، وعاد مسرعًا إلى الداخل لتحذير أخاه المطلوب من قبل هؤلاء المسلحين. وكان المستأجر على أهبة الإستعداد لمواجهتهم، غير أن رجاء أمه وتوسلها جعلاه يهرب من الباب الخلفي للحديقة، حيث قضى أكثر من ستة أشهر مختبئًا منذ ذلك الوقت ولم تعد زوجته إلى بيتها، بل اختبأت هي الأخرى في منزل أهلها.

وتعرض الأخوة الثلاثة للضرب من قبل أهالي صاحب البيت، وتم تهديدهم بالسلاح الحي، ثم ما كان منهم إلا الذهاب إلى المستشفى لتسجيل إصاباتهم عند الطب الشرعي، فما وجدوا إلا بأهالي صاحب البيت وقد سبقوهم إلى تسجيل إصاباتهم المزورة لدى الطب الشرعي، على قدر ما يقول المثل: ضربني وبكى، وسبقني واشتكى.

وأدخل الأخوة الثلاثة السجن ليلة واحدة وهم بريئون من كل ذبب، ذنبهم أن أخاهم، في لحظة غضب، أخطأ في حق أحدهم، إلا أنهم يدفعون الثمن، كونهم أخوته. هذا سوء طالعهم. لقد تم الإنتقام من ثلاثة أخوة أبرياء، فقط لأن القانون العشائري يتيح ذلك!

ثم، في النهاية، تم حل الموضوع عشائريًا. هذه المرة، مثل سابق أخواتها. ولهذا كثرما نسمع جملة: ياما في السجن مظاليم، وَمِمَّا لا شك فيه أن هناك أعراف عشائرية كثيرة لها مظاليم، لها أول ولكن ليس لها آخر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن: لمّ الشمل مع الأسرى في صميم ما نحاول القيام به


.. البيت الأبيض يدرس استقبال أهالي غزة كلاجئين| #الظهيرة




.. إسرائيل تعد منطقة آمنة في وسط غزة وتطالب اللاجئين في رفح بال


.. منظمة هيومن رايتس ووتش تدين مواقف ألمانيا تجاه المسلمين.. ما




.. الخارجية السودانية: المجاعة تنتشر في أنحاء من السودان بسبب ا