الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دروس سريعة من ليلة الانقلاب

خالد قنوت

2016 / 7 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


تركيا دولة علمانية يحكمها حزب اسلامي معتدل و لكن يقوده رجال دولة دون الخوض في شخصية الرئيس التركي و كاريزما رجل الدولة القوي الواثق رجا الطيب أردوغان و لكن ماذا عن الجيش التركي المستقل تاريخياً عن الدولة التركية بعد أكثر من ست و عشرون سنة من آخر انقلاب له في عام 1980؟
الجيش لم يعد ذلك الجيش المقولب و المتطبع بقرار القائد العام و إنما صار ضمن تركيبته من هم موالون لسلطة حزب العدالة و التنمية و ربما يكون هذا أحد اسباب تسريب توقيت الانقلاب لأردوغان, حسب المصادر الاعلامية التي قالت أن المخابرات التركية هي من أخبرت أردوغان و طلبت منه سرعة تغيير موقعه.
الجيش التركي, كأكثر الجيوش التي تعج بها منطقتنا, هو جيش مخترق أمريكياً و أهم ضباطه و كوادره الفنية تتلقى تدريباتها العسكرية العليا في الولايات المتحدة أو بريطانيا و حتى تركيبته الهيكلية و المخابراتية له ارتباطات مع الآجهزة الامريكية التي تهتم بهذا الجيش كثاني جيش في منظومة الناتو العسكرية, لذلك ليس من السذاجة أن نقول بأن أي انقلاب في الجيش التركي لم تكن المؤسسة المخابراتية الامريكية على اطلاع عليه أو قد حصلت على معلومات عنه و في تركيا وحدها 24 قاعدة عسكرية غربية و أمريكية تملك أفضل و أهم أنطمة التجسس و الاستطلاع.
الاجهزة السياسية و الاستخباراتية الامريكية تحديداً, هي مؤسسات علمية قبل أي شيء آخر و هي لا تضع خطة ما لم يكن لها خطة باء و تاء و حاء, لأنها تعمل بقوانين الاحتمالات و بطريقة استيعاب الأحداث لتستفيد منها الاستفادة القصوى بتوازي مع مستوى و شكل الاحتمال.
نسمع بأن الانقلاب العسكري كان أمريكي الجوهر و باتفاق مع الروس و الأوربيين و هذا احتمال ممكن لسيناريو قادم للمنطقة و للحالة السورية, خاصة, بعد سلسلة من التسويقات الدولية لضرورة بقاء نظام الأسد المجرم كضمانة لقتال ما يسمى الارهاب في سورية و العراق و نذكر هنا التقارير الاعلامية عن خطأ الحرب على صدام و تصفيته رغم كل اجرامه و استبداده بحق الشعب العراقي على مدى عقود من الزمن, كونه كان الوحيد القادر على منع خروج عفريت الارهاب من قمقمه, رغم أن عصر العفاريت قد ولى منذ قصة علي بابا و الاربعين حرامي.
رأي آخر يقول أن أروغان هو من صنع الانقلاب بحيث يدبر انقلاباً فاشلاً ليقوم بانقلاب جذري في شكل و هيكلية الدولة التركية و بشكل نهائي لصالح الشكل الاخواني للسلطة, و هذا احتمال آخر ممكن, و له ما يبرره هو غباء الحركة الانقلابية و تواضع ادائها و كأنها تذكرنا بانقلاب الجيش السوفيتي الفاشل على الرئيس غورتبشوف و تصفية كافة القادة العسكريين السوفييت قبل تفتيت الامبراطورية السوفيتية الى دول و جمهوريات.
النقطة المضيئة في ليلة الانقلاب الفائتة, خروج افراد الاتراك بمختلف انتماءاتهم, حاملين علمهم الوطني ضد آلة الجيش العسكرية دفاعاً عن حقوقهم كمواطنيين و ليس دفاعاً عن ادروغان و حزب العدالة و التنمية و عن حزب الاخوان المسلمين الدولي. وقف معظم الاتراك, موالون لأدروغان و معارضون له, اتراك و كرد و غيرهم, ضد عودة البسطار العسكري إلى القصور الجمهورية التركية الذي بالمنطق التجريبي سيقتل الحياة السياسية التركية و يفرض حالة الطوارئ ليسود الحكم في تركيا و ليدفع الجميع ثمناً باهظاً من دماء و حقوق الشعب التركي المدنية و السياسية, و كل الخشية أن يمهد فشل الانقلاب الطريق لبلدوزر اردوغان ليقوم بما كان سيقوم به قادة الانقلاب لو نجح انقلابهم.
بقع ضوء على ليلة الانقلاب البارحة:
- وحده العلم الوطني التركي هو من حمله المواطنين الاتراك, لم يرفعوا رايات صفراء و لا سوداء و لا بيضاء و لا قوس قزح و لم يغيروا الراية الوطنية بأخرى بحجة أن الانقلابيين يحملون نفس العلم و يقتلون الاتراك بظله.
- لم نشاهد صورة واحدة لزعيم حزبهم و رئيسهم القوي, أردوغان.
- لم ينتشر السلاح بين ايدي الاتراك بحجة أن السلاح يقابل بالسلاح و لم نسمع هتافات البعض: (لا سلمية و لا بطيخ, بدنا رصاص و طاخ و طيخ).
- لم نشاهد مسلسل الفطائس و الدهس و الدعس تطال الانقلابيين رغم بعض الاعتداء عليهم بالضرب بالعصي و أحزمة البناطيل, بل كان هناك من يحمي العسكريين الانقلابيين من عناصر الامن الموالية للسطلة الاردوغانية الشرعية.
- لم نرى قوات و ميليشيات تدخل ساحات المعارك دفاعاً عن مقام أو مزار سني أو شيعي أو مسيحي أو يهودي لتنطلق جحافل المتطرفين من اصقاع العالم تلبية لنداء الخليفة البغدادي لاعادة بناء دولة الخلافة العثمانية.
- لم نرى وزير دفاع أمريكي أو روسي أو صيني, ببدلته العسكرية يوقظ أردوغان من نومه ليخبره بضرورة الخروج من البلاد أو بموعد له مع رئيس دولته.
- لم يخرج أردوغان و طبقته الحاكمة أموالهم من الخزائن التركية إلى الخزائن السويسرية أو الاماراتية أو البلاروسية.
- ما استهلكه الموالون الاسديون من رصاص بمختلف عياراته في الاحتفال بأخبار الانقلاب العسكري التركي كان من الممكن أن يحرر الجولان السوري لو كان هناك اصلاً نية لهم في تحرير الجولان بعد أن وجدوا أن آل الأسد قد باعوه سنة 1967 ليصل اسدهم الراحل إلى القصر الجمهوري في المهاجرين.
- ما استهلكه بعض المعارضين السوريين من دعوات و صلوات لفشل الانقلاب العسكري و فرحتهم العارمة بانتصار رجا الطيب أردوغان ربما كان سيحرر الاندلس, حتى أن بعضهم رفع صور أردوغان أكثر بكثير من الاتراك, في استنساخ لعبادة الفرد التي غرسها حافظ الأسد بأعماق كل سوري حتى تشبه المعارضون بالموالين و توحدوا في عبوديتهم.
تركيا, اليوم أمام مفرق طريق مهم في تاريخها و من المتوقع أن يستغل القوي أردوغان الحدث الجلل و يطيح بكل معارضيه أو أخطرهم عليه و هذا خطر كبير على تركيا إذا لم يقف الاتراك ضد صعود استبداد العقيدة الاخوانية في ضمير و عقل رجل تركيا القوي, اليوم.و كلنا أمل أن يحاول عقلاء تركيا, قبل الشعب التركي, أن يكبحوا جماح المنتصرين من نشوة الانتصار الآخير و من فكرهم الاقصائي, و إلا فإن مستقبل تركيا في مهب عاصفة قادمة أكثر قوة مما يتوقعه من يسعى أو يحلم بتفكيك تركيا و السعودية و سورية و العراق.
كل السلامة و الحب للشعب التركي الجار الذي كان أحن على السوريين النازحين من أخوتهم العرب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران :ماذا بعد مقتل الرئيس ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. إيران تعيد ترتيب أوراقها بعد مصرع رئيسها | #التاسعة




.. إسرائيل تستقبل سوليفان بقصف مكثف لغزة وتصر على اجتياح رفح


.. تداعيات مقتل رئيسي على الداخل الإيراني |#غرفة_الأخبار




.. مدير مكتب الجزيرة يروي تفاصيل مراسم تشييع الرئيس الإيراني وم