الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اردوغان بين الحلم العثماني والفشل الذريع!

عادل احمد

2016 / 7 / 18
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


منذ أستلام حزب العدالة والتنمية الاسلامية للسلطة في تركيا، ومنذ توسع نفوذ اردوغان داخل حزبه وداخل طبقة الاغنياء والراسماليين في الدولة التركية، بدأت حلم اردوغان بأحياء الامبراطورية العثمانية من جديد وتوسيع نفوذ الدولة التركية في العالم ما يسمى بالعالم الاسلامي. اول عمل قام به اردوغان لتحقيق حلمه، قام بقطع علاقات تركيا مع اسرائيل لجذب تعاطف الحكومات العربية والاسلامية نحو تركيا، وبدأ تدريجيا بتوسيع النشاطات التجارية والمالية مع هذه الدول، ومن ثم اخذ موقفا سياسيا موحدا مع سياسات عديد من هذه الدول ومساندتها. وكذلك وأنه لم يشترك في حرب احتلال العراق من قبل امريكا ولم يساندها ايضا. واثناء الانتفاضات والتظاهرات في الدول العربية والتي سميت بـ"الربيع العربي" وقف مع الجناح الاسلامي في هذه التظاهرات، وخاصة مع الاخوان المسلمين في مصر وتونس، وشارك بكل قوته في تخريب الدولة السورية وساند المجموعات الارهابية من النصرة وداعش وجند الشام والمجموعات الارهابية والقومية مثل الجبهة التركمانية في سورية. ركز أردوغان محاولاته الاخيرة لتحقيق الحلم العثماني بتوريط تركيا بشكل المباشر في سوريا ومساندة المجموعات الارهابية ماليا ولوجستيكيا وحتى شبه عسكريا.
ان تدخل تركيا في قضية فلسطين وتدخلها في الشؤون السياسية للدول الاسلامية والقيام بتأجيج الصراع الطائفي في العراق وسوريا، والدخول في حلف مع السعودية بالضد من ايران وتأجيج الصراع من جديد مع الاكراد في تركيا وخاصة الحزب العمالي الكوردستاني (ب ك ك) وحزب الشعوب الديمقراطية الكوردية، ومساندة مسعود البارزاني من جميع النواحي في صراعاته مع الحكومة المركزية العراقية الموالية لايران وتدخله في الصراع الارمني - الاذري بالوقوف مع اذرباينجان. كل هذا التدخلات كانت تتطلب امكانية مادية ضخمة وتتطلب ايضا رؤية سياسية واضحة. في الجهة المقابلة كان الأقتصاد التركي يهبط يوم بعد يوم في ظل الازمة الرأسمالية العالمية، وعدم رواج البضائع التركية في الاسواق العالمية نتيجة التنافس الشديد في السوق وانفتاح السياحة في اوروبا الشرقية، كل هذا ادى الى تباطئ الاقتصاد وتوسيع البطالة المليونية. يرافقه التناقض المستمر سياسيا بين الأختيار في التوجه الى السوق الأوربية المشتركة وبين تحقيق الحلم العثماني في الشرق..
ان التدخل المباشر في سوريا ودعم الارهاب الاسلامي من النصرة وداعش بشكل صريح، ادى الى الاحتجاج العالمي ضد هذه اللعبة السياسية، وبدأت الانتقادات لتركيا تظهر الى العلن وقد أحرج داعش اسياده من الاتراك والسعوديين والقطريين امام العالم بوحشيته وارهابه، وعدم وجود اي خوف لقتل الانسان وتدمير حياة ملايين الناس في المناطق تحت سيطرته. بدأ أردوغان يتنصل يوم بعد يوم عن دعم الارهاب في سورية، وخاصة بعد دخول روسيا الى حرب ضد الارهاب الاسلامي وباقي المجموعات السورية المدعومة من قبل الغرب. التدخل الروسي اصبح عائقا امام تحقيق الحلم التركي في سورية الذي سبب في أنزعاج حكومة أردوغان من هذا التدخل والذي وصل الى حد الهستيريا السياسية، وبالنتيجة قامت باسقاط الطائرة الروسية وحرقها وقتل طيارها. والذي أدى الى قطع العلاقات السياسية والأقتصادية والسياحية بين روسيا وتركيا، وبعد عدة اشهر تفاقمت الوضع الاقتصادي التركي والتي كانت تعتمد السوق الروسية بالدرجة الاساس.
ان انحدار الوضع الاقتصادي والمكانة السياسية لتركيا في دعمها للارهاب الاسلامي وتشديد صراعاتها مع الاكراد، ادى الى خسارة جسيمة للدولة التركية اقتصاديا وسياسيا. اصبحت تركيا معزولة سياسيا ولم ترحب اي من دول العالم بسياساتها وحتى بين حلفائها القدامى، اقتصاديا تضررت كثيرا في الجانب السياحي وخاصة عزوف السياح الروس، وهذا ادى الى تفاقم الازمة المالية كون القطاع السياحي هو العمود لبفقري للأقتصاد التركي.. ان هذا الانحدار ادى الى خيبة امل في تحقيق الحلم العثماني وتوسيع نفوذ تركيا في المنطقة. ليس هذا فحسب بل وان دعم أردوغان للارهاب الاسلامي جلب الارهاب الى عقر داره في مدن انقرة واسطتنبول، ومن جهة اخرى التدخل السياسي في سوريا قلب المعادلة بالضد من تركيا عن طريق تقوية الحركة الكوردية ومسلحيها وسيطرتها على الحدود الشمالية والشمال الغربي من سورية وقطع كل الطرق بين تركيا والمنظمات الداعمة لها في سوريا.. ان نفوذ اتحاد الشعب الديمقراطي والجناح العسكري الموالي له (YPG ) والذي ترتبطه صلات وثيقة مع حزب العمال الكردستاني التركي..
كل هذه العوامل ادت الى تفكير الحكومة التركية بالخروج من الوضع المتأزم الذي وقعت به. في البداية كان تغيير رئيس الوزراء ومن ثم أعادة العلاقات التركية الاسرائيلية وتنازل الطرفان من اجل المصالحة بعد أنهاء العناد التركي، ومن ثم اعتذر اردوغان لروسيا عن حادثة اسقاط الطائرة الروسية والأستعداد لتعويض الخسائر.. وتنازل تركيا من المواجهات السياسية مع المصالح الروسية في المنطقة وخاصة في سورية. واخيرا اعلنت تركيا عن نيتها لتحسين علاقتها مع الحكومة السورية وبشار الاسد بحجة القضاء على الارهاب. ان كل هذه التنازلات جاءت بعد ان واجهت سياسة احياء الحلم العثماني الفشل الذريع وخسارة تركيا بتورطها في مشاكل الدول الاقليمية وخاصة بعد بروز الدور الروسي في منطقة الشرق الاوسط.
ان استنتاج من هذا التحليل السياسي للوضع التركي في المنطقة هي ان الطبقة العاملة التركية لا تجني اي شيء من صعود وتقوية البرجوازية الاسلامية المعتدلة، مثل حزب العدالة والتنمية اوالقوميين الفاشيين امثال الحزب القوميين الاتراك، الا الفقر والبطالة وانعدام الامان وازدياد العداء للشعب التركي في المنطقة. ان الطبقة العاملة التركية ليس من مصالحها ان تصبح تركيا دولة غير مستقرة مثل جيرانها العراق وسورية، وليس من مصلحتها الخوض في الاقتتال القومي التركي - الكوردي ونشر التعصب القومي بين صفوفها. ان الوضع الأفضل بالنسبة للطبقة العاملة التركية هي العلاقة الجيدة مع الطبقة العاملة العراقية والسورية وتعزيز التعاون الطبقي بينهما. ان استقرار تركيا يعني نمو الحركة العمالية في هذه الدولة والتي تتمتع بوجود نقابات عمالية ضخمة وذات نفوذ اشتراكي. ان وجود حركات يسارية قوية في تركيا دلالة على وجود حركة عمالية قوية وهذا ما يحتاجه الوضع في العراق وسورية والمنطقة. ان ابراز الطبقة العاملة في تركيا وتقويتها، تؤثر بشكل مباشر على الاوضاع في العراق وخاصة وضع الطبقة لعاملة العراقية..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رياح شديدة وأمواج عاتية.. الإعصار بيريل يضرب الكاريبي


.. الإسكتلنديون غاضبون بسبب تأخر تلقيهم الاستمارات للتصويت في ا




.. الدكتور خليل العناني: الخارجية الأمريكية تحاول حفظ ماء الوجه


.. وزارة الداخلية التركية تفرض إجراءات جديدة في ولايات حدودية م




.. حملة بايدن تسعى لتبديد الشكوك بتبرعات مليونية