الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانقلاب العسكري وصراع -المحاصصة- في تركيا!

نادية محمود

2016 / 7 / 18
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


في مساء يوم الجمعة (15 تموز- يوليو) اعلن الجيش انقلابا على حكومة اردوغان في تركيا لم يحالفه النجاح. كان انقلابا من قبل مؤسسة قرر لها منذ عشرينات القرن الماضي ان يكون لها دورا بحماية الدولة القومية في تركيا والعلمانية الكمالية، على حكومة تحكم باسم "الشرعية الديمقراطية"!
البعض عبر عن فرحه بهذا الانقلاب لتقويض نفوذ الاسلام السياسي لما لحكومة اردوغان الاسلامية من سجل دموي اسود، وهي طرف فاعل في حركة الاسلام السياسي في منطقة الشرق الاوسط قرابة عقد ونصف. لم تكف وسائل الاعلام عن تصوير تلك المحاولة الانقلابية وكأنها جاءت دفاعا عن "الديمقراطية" في تركيا.
والحال ان تلك المحاولة لم تأت لانتهاك اردوغان لقيم العلمانية، او اسلمته للدولة، او انتهاكه للقيم الديمقراطية، واعتقالات الصحافيين. بل لان حكومات الاسلام السياسي في تركيا ارادت "المس بسلطة العسكر" وكأنها سلطة مقدسة. ولان حكومة اردوغان ارادت الانفراد في السلطة وتقويض دور الجيش وتدخله في شؤون السياسة، لتنطلق ايدي هذه الحكومة في التصرف بشؤون الدولة.
فعلى امتداد عقد ونصف اصدرت فيها الحكومات الاسلامية الكثير من التشريعات والتغييرات القانونية والمؤسساتية لتحجيم القوة السياسية للعسكر. احالة الضباط المشاركين في انقلابات سابقة الى محاكمات مدنية في عام 2009، واعتقالهم بتهمة التآمر. ايقاف الترقيات والتعيينات في الجيش في 2010. طرد العسكريين وممثلي المؤسسة العسكرية من قيادة بعض المؤسسات المدنية، مثل المجلس الاعلى للتعليم وهو المسؤول عن التعليم في الجامعات، طرد العسكر من المجلس الاعلى للاذاعة والتلفزيون وهي الهيئة المشرفة على القنوات والبث في تركيا وغيرها الكثير. مراقبة "المدنيين" من حكومة اردوغان لميزانية ومالية العسكر، تصاعد الانتقادات اكثر من اي وقت سابق بوجه العسكر. قيام الدولة "المدنية" بفرض تراجع على دور المؤسسة العسكرية، بحيث مال توازن القوى لصالح الحكومة الاسلامية على حساب العسكر.
من اجل اعادة الميزان الى مكانه السابق، قام ضباط هذه المؤسسة العسكرية بانقلابهم في محاولة لارسال رسالة الى انه صاحب الكلمة الفصل، وصاحب الكلمة الاخيرة. الا ان هذه المحاولة لم تنجح هذه المرة كما في المرات السابقة على امتداد القرن العشرين.
هذا الصراع هو صراع بين مؤسستين في دولة تركيا: العسكر والحكومة. لا شيء له علاقة بالديمقراطية والدفاع عن الديمقراطية. انه الدفاع عن موقع العسكر في الحياة السياسية في تركيا. وان فشلت هذه المحاولة، لاشيء يمنع من ان يقوم العسكر بها مرة اخرى.
لا تكمن مشكلة العسكر في الدفاع عن "علمانية" الدولة التركية، فاجزاء من الجيش التركي لديهم علاقات وثيقة مع القوى الاسلامية منهم فتح الله كولان. انه التنازع على السلطة، انها "المحاصصة" التركية! بين الحكومة والعسكر الذي ارادت حكومات الاسلام السياسي مسه في تركيا.
الدفاع عن حرية التعبير، الدفاع عن حقوق الانسان، انهاء دور الاسلام السياسي، انهاء الرجعية والهمجية في المنطقة، مرهون بارادة الناس، الطبقة العاملة، الشباب، النساء، المتطلعين الى حياة حرة ومرفهة، ومتوقفة على عملهم لانهاء دور كل من الجيش والحكومات الاسلامية في رسم مصير كالح للمجتمع.
الا ان الصراع الدائر بين قطبين احدهما اسوء من الاخر، يركن تلك المطالب جانبا. والجماهير لما تزل تدفع ثمن هذا الصراع. ولازالت لم تظهر قوتها بعد، لتقل ان لا اردوغان، ولا العسكر، هما حماة حرية التعبير عن الرأي. اردوغان، بنى ديكتاتوريته بعد انتخابه بـ "انتخابات ديمقراطية". ان "ديمقراطيتهم المدنية" مصممة للقمع ولمصادرة الحريات ولاعتقال الصحافيين، والسيطرة على موقع الاعلام الاجتماعي، اما عسكرييهم، فهم "السلطة المقدسة" التي لا يجب ان تمس. وهم لا يختلفون قيد انملة عن فرض اسوء الاوضاع الاقتصادية على تركيا، حين تسنى لهم ذلك. ان ماحدث في الاربع وعشرين ساعة الماضية، يؤكد مرة اخرى واخرى ان بديل ثالث امر لا بد منه، للخلاص من هذين القطبين في تركيا: العسكر، وحكومة الاسلام السياسي "المدنية"!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة إسقاط مسيرة إسرائيلية بعد استهدافها في أجواء جنوبي لبنا


.. كيف ستتعامل أمريكا مع إسرائيل حال رفضها مقترح وقف إطلاق النا




.. الشرطة تجر داعمات فلسطين من شعرهن وملابسهن باحتجاجات في ا?مر


.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف فوري لإطلاق النا




.. مظاهرات في أكثر من 20 مدينة بريطانية تطالب بوقف الحرب الإسرا