الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يكون التحدي الأطلسي في وارسو نذير حرب عالمية ثالثة؟

مشعل يسار
كاتب وباحث ومترجم وشاعر

(M.yammine)

2016 / 7 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


في 9 تموز، أنهت أعمالها في وارسو قمة حلف الناتو (28 من الدول الأعضاء في أوروبا وأمريكا الشمالية، ونفس العدد من الشركاء، بينهم دول من آسيا أيضاً هذه المرة)
إن قمة حلف شمال الأطلسي كمنظمة عسكرية عدوانية تابعة للإمبريالية العالمية، وقبل كل شيء، لقوتها الرائدة - الأوليغارشيا المالية العالمية الساعية إلى السيطرة على العالم بلا منازع، قد وسعت هذه المرة جغرافية استراتيجيتها العدوانية لتشمل العالم كله ولا تقتصر على دور أوروبي بحت للحلف المذكور. والحلف إياه خطر للغاية وجيشه، كما بينت التجربة، قادر على إبادة الناس بالجملة، وسحق وتدمير سيادة أي دولة من الدول، حتى أكثرها عصياناً، وقتل قادتها.
وليس العمال والكادحون وحدهم يجدون أنفسهم اليوم في مواجهة النوايا العدوانية والأفعال الوحشية لمنظمة حلف شمال الأطلسي في ظل الوضع الحالي الصعب والعصيب للغاية، ولكن أيضا الرأسماليون المحليون وحتى الأوليغارشيون الكبار مع حكوماتهم، الذين يرغبون في الانضمام إلى خطط الطغمة المالية العالمية والسير في ركابها، ولكنهم يخشون أن يفقدوا استقلالهم وحتى أن يصبحوا ضحايا طمع الطامعين في الهيمنة على العالم الجدد وأنظمتهم الفاشية. ومن هنا تذبذبهم وتأرجحهم بين الرغبة في الانضمام للناتو، أو على الأقل في إقامة شراكة معه لحماية أنفسهم من جماحه التوسعي من جهة، ومواجهته لأجل حماية مصالحهم الخاصة من جهة أخرى.

هذه الازدواجية في الموقف تميز، على سبيل المثال، القلة الأوليغارشية الروسية التي سمحت حكومتها لنفسها في السنوات الأخيرة القيام بتحركات مستقلة نسبيا، من دون أن تقطع شعرة معاوية في مجال الشراكة مع حلف شمال الأطلسي على أمل تسوية الأمور معه حتى في ظل العقوبات الموجهة ضد روسيا.

وقد سبق أن سلمت الأوليغارشا الروسية مواقعها في حينه للطغمة المالية العالمية في يوغوسلافيا وليبيا والعراق الخ. وهي لا ترغب الآن الاستمرار في تسليم المزيد من مواقعها في سوريا وأوكرانيا مثلا. لكن هذه الإجراءات من جانب الحكومة الروسية تخالف إلى حد ما تطلعات الطغمة المالية العالمية في المدى القصير (عودة القرم إلى أحضان روسيا وهي عودة محقة وعادلة، ودعم حركة التحرر الوطني للمواطنين الناطقين بالروسية في أوكرانيا وإن كان هذا الدعم محدوداً للغاية وودعم الحكومة السورية في مكافحة داعش الإرهابية التي هي بالمناسبة من إفرازات الطغمة المالية العالمية).
إن هذه التناقضات الإمبريالية لتمثل تهديدا خطيرا جدا للبشرية، لأنها يمكن أن تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة، ستختلف عن الحرب العالمية الثانية، إذ لن يكون بد من استخدام الأسلحة النووية استخداما مكثفا من شأنه تدمير الحضارة أصلا.
وها هي قمة الناتو الجديدة تُعقد في تحدٍّ ظاهر خصيصا في وارسو - عاصمة بولندا لترمز إلى انتصار الإمبريالية على منظمة معاهدة وارسو التي كانت أنشئت في عام 1955 من قبل الاتحاد السوفياتي والدول الاشتراكية في أوروبا الشرقية لحماية نفسها من الكتلة العدوانية لحلف شمال الاطلسي. المعاهدة التي تم إلغاؤها خيانياً في عام 1990 من قبل زمرة غورباتشوف، ما فسح المجال واسعاً أمام توسع حلف الناتو شرقا.

وعلى الرغم من أن الغرب لم يعد الآن بحاجة إلى حلف شمال الاطلسي، ما دامت قد انتفت الحاجة للدفاع عن نفسه من الاتحاد السوفياتي المدمر، وهو ما طالما زعمه منشئو هذا الحلف العسكري والسياسي، لم تر الطغمة المالية العالمية المشاركة بنشاط في تدمير بنى الدولة السوفياتية من خلال "الطابور الخامس" الذي رعته، من ضرورة لتفكيك حلفها الأمني، بل هي عمدت أيضا إلى تطبيق مفاعيله على العالم كله تقريبا، بدءا من العدوان المسلح والوقح على الدول ذات السيادة بهدف ربطها بسياساتها، وإخضاع جميع الشعوب لإرادتها، والاستيلاء على كل الموارد الطبيعية والبشرية لكوكب الأرض، وعلى طرق مواصلاته المائية والبرية وما إلى ذلك.
ومن أجل تبرير استمرار وجود حلفها العسكري، أطلقت الطغمة المالية العالمية المستخدمة هيمنتها على وسائل الإعلام حملة منافقة على الإرهاب الذي تمارسه هي نفسها، كما ابتدعت الخطر الروسي هذه المرة.

هكذا اتخذت في قمة وارسو قرارات قالوا إنها تهدف إلى ردع الخطر الروسي المزعوم، إلا أنها في الحقيقة ترمي إلى نشر 4 كتائب من قوات حلف شمال الاطلسي على أساس دائم عند حدود روسيا يصل إجمالي تعدادها إلى 4000 عسكري (في لاتفيا وليتوانيا وبولندا واستونيا)، وإلى تنفيذ خطط نشر أنظمة الدفاع الصاروخي في أراضي أوروبا الشرقية لزعزعة التوازن الأمني النووي الهش أصلا، والمزيد من دعم ومساعدة النظام الفاشي المعادي لروسيا وللشعب الأوكراني في أوكرانيا، ومواصلة جر جورجيا وغيرها من الدول الى شباك حلف شمال الاطلسي، وما إلى ذلك.

وهكذا ينشر حلف شمال الأطلسي أجنحته الشريرة شيئا فشيئا ودون هوادة شرقاً، واضعا نصب عينيه روسيا على الرغم من أنهم قدموا في حينه للاتحاد السوفييتي لدى توحيد ألمانيا تأكيدات شفهية بشأن عدم وجود نية لتوسيع رقعة حلف شمال الأطلسي في اتجاه الشرق. على هذه الخلفية التاريخية، بدت كل المزاعم حول الطابع السلمي لحلف شمال الاطلسي في القمة وكأنها قمة النفاق والرياء، إذ هي تهدف، كما كان الأمر من قبل، إلى خداع الناس وتخدير يقظتهم كيلا يقفوا ضد خطر الحرب.
ويبقى على الشعوب والدول المحبة للسلام وحكوماتها المسؤولة أن تبذل كل جهد ممكن لفرض حل وتفكيك حلف شمال الاطلسي العدواني الذي تقوده الأوليغارشيا المالية العالمية، والنخبة السياسية والعسكرية في الولايات المتحدة، قبل أن يبدأ حرباً عالمية ثالثة ساخنة ويدمر البشرية برمتها!

=============================








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - 7 Nov, 1941
ماجد الموسى ( 2016 / 7 / 18 - 05:50 )
كانت موسكو في ذلك اليوم مطوقة بثلاثة ملايين جندي نازي مجهزين بأحدث الأسلحة ومع ذلك خطب ستالين في الذكرى الرابعة والعشرين لثورة أكتوبر من فوق ضريح لينين يطمئن السوفياتيين بألا يخافوا وأن الاتحاد السوفياتي سيسحق قطعان الغزاة وهو ما حدث لدهشة الجميع !!!

لدى تشكيل حلف شمال الأطلسي في العام 49 رد ستالين مؤكدا يقول .. لن نحاربكم وسننتصر عليكم بالمنافسة السلمية في وقت قريب
وهذا لم يحدث
لماذا !؟؟

الإجابة على هذا السؤال الكبير تتحدى مشعل يسار وميدفيديف وبوتين بالإضافة إلى محبي الشعب الروسي فهي التي ستحل كل الألغاز


2 - شكراً للرفيق ماجد!
مشعل يسار ( 2016 / 7 / 18 - 10:34 )
شكراً للرفيق ماجد على التعليق والسؤال. الإجابة ستختلف طبعا بين مشعل يسار من جهة ومدفيديف وبوتين من جهة أخرى! الخوف الآن هو من كون هذين الأخيرين مؤتمنان مع الطبقة الأوليغارشية التي يمثلانها على مصير روسيا، وهما رجلا -تعبئة جيوب- انتهازيان يستندان إلى الأوليغارشيا والبيروقراطية الفاسدة أكثر منهما رجلا دولة كالذي كانه ستالين مستنداً إلى الحزب البلشفي الذي برهن إخلاصه للشعب الكادح واستناده إليه حتى نهاية عهده. هذا علما أن روسيا سبق لها أن انتصرت على الفاتحين قبل أن ينوجد البلاشفة من نابوليون بونابرت إلى شارل 12 رغم جبروتهم وجيوشهم التي ما كانت لتقهر. لكن السؤال الكبير هذا يتطلب حيزا أكبر بكثير من الحيز المخصص للتعليق. باختصار شديد وعد ستالين ولكن المنفذ بعد وفاته كان الجناح الانتهازي المنشفي (التخلي عن دكتاتورية البروليتاريا وحزب كل الشعب ومن ضمنه الوصوليون وإنتاج الصواريخ كالمقانق والتطور اللارأسمالي وغير ذلك) في الحزب والذي طالما حاربه ستالين والبلاشفة ولكنه تخلى عن كل إرث ستالين السياسي والفكري عاد واستمر في قيادة الاتحاد السوفياتي حتى نهايته غير المجيدة.

اخر الافلام

.. -غادرنا القطاع بالدموع-.. طبيب أمريكي يروي لشبكتنا تجربته في


.. مكتب نتنياهو: الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على قدرات حماس ع




.. وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالًا هاتفيًا من نظيره الأميرك


.. حرب غزة: بنود الخطة الإسرائيلية




.. الجيش الأميركي: الحوثيون أطلقوا صاروخين ومسيّرات من اليمن |