الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جذور القضية الأمازيغية

عبد الكريم اوبجا

2016 / 7 / 19
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


إن جذور القضية الأمازيغية لا تعود فقط إلى فترة الاستقلال الشكلي للمغرب في 1956 و خيانة الحركة الوطنية و القضاء على حركة المقاومة و جيش التحرير أو إلى فترة الحماية في 1912 أو الظهير الاستعماري في 16 ماي 1930 ، إنما إلى قرون من الزمن ضاربة في عمق التاريخ المادي لشمال إفريقيا الذي يعتبر تاريخا حافلا بالأطماع الاستعمارية مباشرة و غير مباشرة، و كذلك تاريخا زاخرا بأشكال متعددة من الصمود و المقاومة.
فلقد ساهم تفكيك البنيات الاقتصادية و الاجتماعية التي كانت سائدة في المغرب منذ قرون إلى دفع الأمازيغية إلى دائرة التهميش و النسيان، و المقصود هنا بالبنيات الاقتصادية و الاجتماعية هو نمط الانتاج الجماعي (نمط انتاج ماقبل رأسمالي تتم فيه الملكية الجماعية للأرض كوسيلة للإنتاج) و التجمعات القبلية (إنفلاس) و كونفدراليات القبائل و القوانين العرفية الأمازيغية التي كان يتعامل بها الأمازيغ فيما بينهم، حيث ساهمت الأطماع الاستعمارية الفينيقية و القرطاجية و البيزانطية و الرومانية و الوندالية و العربية و الأوروبية في تفكيك هذه البنيات التي كانت تميز المجتمع الأمازيغي، و لم تدع المجال لتطور موضوعي لقوى الانتاج يفضي إلى مجتمعات أكثر تقدما بشمال إفريقيا.
كانت هنالك بوادر تطور من مجتمعات زراعية إلى مجتمعات تجارية مع المرابطين و الموحدين و المرينيين لكن سرعان ما عادت مرحلة الانحطاط نظرا لعدم استغلال الفائض الذي حققته المعاملات التجارية في تطوير وسائل الانتاج و تم صرفه بالمقابل على طرف السلاطين و بذخهم و بناء القصور، فساد بذلك تطور مركب و غير متكافئ لأنماط الإنتاج (نمط الانتاج الجماعي إلى جانب الفيودالية و التراكم البدائي للرأسمالية و نمط الانتاج "الكولونيالي" و"القايدي").
إن الأطماع الاستعمارية في شمال إفريقيا كانت لأغراض توسعية و كذا من أجل استغلال الثروات الطبيعية و الموقع الجغرافي في الحروب بين القوى الكبرى و إنشاء امبراطوريات على أنقاض امبراطوريات أخرى.
و بالموازاة مع تفكيك البنيات الاقتصادية و الاجتماعية تلك، كان لابد للقوى الاستعمارية من توظيف العامل الإيديولوجي المتمثل في الدين و اللغة و الثقافة، و ذلك عبر تهميش و السعي إلى القضاء على المعتقدات و اللغات و الثقافات المحلية و اعتبارها "بربرية" مقابل تسييد الأجنبية لغرض إحكام السيطرة و استغلال ثروات البلاد و تفادي أية مقاومة من طرف السكان الأصليين أي الأمازيغ.
إنه تاريخ من الصراع الطبقي و الكفاح من أجل التحرر الوطني للسكان الأصليين عبر تمردات الفلاحين (نموذج تاكفاريناس و محمد بن عبد الكريم الخطابي) ضد الاستعمار و القوى المتحالفة معه من أرستقراطيين و كبار الإقطاعيين و أعيان محليين و كذا ضد السلطة المركزية التي تقمعهم و تفرض عليهم الضرائب و الإتاوات و تهمش لغتهم و ثقافتهم.
تلك هي جذور القضية الأمازيغية بإيجاز شديد، و بذلك فهي قضية ديمقراطية و في صلب النضال من أجل تحقيق مهام التحرر الديمقراطي إلى جانب الإصلاح الزراعي و العلمانية و القضاء على الاستبداد، فلا ديمقراطية بدون أمازيغية و لا أمازيغية بدون ديمقراطية. و التبني الصادق و الحقيقي للقضية الأمازيغية لا يندرج في إطار الدفاع عن الأمازيغية كثقافة و لغة مهمشة فقط، و لكن بربط هذا بالنضال العام من أجل الديمقراطية الحقيقية في البلاد و من أجل الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و البيئية، و ضد العولمة الرأسمالية التي تقود هجوما شرسا و متعدد الأوجه، بما في ذلك الواجهة الثقافية، بقيادة المؤسسات المالية الدولية و الدول الكبرى على شعوب العالم عموما و شعوب شمال إفريقيا و الشعب المغربي خصوصا، ثم النضال ضد الامبريالية و الحروب و العسكرة، هذا إلى جانب السعي إلى بناء مجتمعات اشتراكية تفضي إلى فدرالية اشتراكية بشمال إفريقيا. و هذا لن يتأتى إلا بقيادة جذرية، و ذات مصداقية، للنضال الأمازيغي الديمقراطي و التقدمي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حقيقة المأساة الأمازيغية
إيما زيغن ( 2016 / 7 / 23 - 22:50 )
شكرا للكاتب لكن لألخص لكل من سيقرأ تعليقي القصة وليس القضية:الأمازيغ أجدادي وأجداد الكاتب هم سكان شمال أفريقيا الأصليون منذ فجر التاريخ،مصيبتهم موقع أرضهم الإستراتيجي وخيراتها!لذلك إستعمرتهم كل القوى الإستعمارية وبما أنهم أغبياء لم يتّحدوا ولم يفكروا في الهجوم بل أمضوا كل تاريخهم مدافعين عن أرضهم وعن هويتهم وإلى اليوم!تاريخهم كتبه مستعمروهم فزيفوه وجعلوهم أحط الشعوب!المشكلة الرئيسية أن كل المستعمرين خرجوا إلا مستعمرا واحدا:هو الأجرم والأطول على مر تاريخ كل شعوب الأرض:إستعمر عقول الأمازيغ فغيبها تحت خرافة صعلوكية إجرامية إسمها الإسلام وهوية مزيفة مقيتة إسمها عرب وعروبة:صار الأمازيغي يقدس الإيديولوجيا التي تستعمره بل وربما قتلك لو كلمته عنها وصار يدافع عن هوية المستعمرين ويحتقر بل ويعادي هويته الحقيقية:الأمازيغية ليست قضية ديموقراطية أوإنسانية أو ثقافية أو غيرها من المسميات التي تسمعونها في كل مكان!الأمازيغية قصة شعب أمازيغي يعتقد أنه عربي وأرض محتلة تحت أنظمة عروبية عميلة قضت على لغته وزيفت تاريخه وخصوصا علمته أنه عربي وليس أمازيغي!

اخر الافلام

.. إسرائيل تهدد بحرب واسعة في لبنان وحزب الله يصر على مواصلة ال


.. المنطقة الآمنة لنازحي رفح | #غرفة_الأخبار




.. وثيقة تكشف تفاصيل مقتل الناشطة الإيرانية نيكا شكارامي عام 20


.. تقرير إسباني: سحب الدبابة -أبرامز- من المعارك بسبب مخاوف من




.. السعودية تسعى للتوصل لاتفاقيات شراكة أمنية مع الولايات المتح