الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العتبة وتذويت المتن لنص قصصي قصير جدا.نص منارة للاديب محمد الشطوي

أ.حمد حاجي

2016 / 7 / 18
الادب والفن


العتبة وتذويت المتن النص قصصي قصير جدا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ نص الاستاذ محمد الشطوي نموذجا
تصدير :
ــــــــــــــــــــــ
كتب طه حسين إلى زوجته سوزان يقول:
«بدونك اشعر اني اعمى حقا. اما وانا معك، فإني اتوصل إلى الشعور بكل شيء، واني امتزج بكل الاشياء التي تحيط بي».
وعندما رحل ، كتبت هي تقول: «ذراعي لن تمسك بذراعك ابدا، ويداي تبدوان لي بلا فائدة بشكل محزن، فأغرق في اليأس، اريد عبر عيني المخضبتين بالدموع، حيث يقاس مدى الحب، وامام الهاوية المظلمة، حيث يتأرجح كل شيء، اريد ان ارى تحت جفنيك اللذين بقيا محلقين، ابتسامتك المتحفظة، ابتسامتك المبهمة، الباسلة، اريد ان ارى من جديد ابتسامتك الرائعة..»..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقدمة :
ــــــــــــــــــــــــــــــ
العنوان / العتبة علاوة على ما يثيره من اضاءات فيزيائية فان الكاتب يختاره كي تتشظى به اللغة وتبرق العبارة
أن هناك قصدا ايبيستمولوجيا يسبق الاختيار ويحفزه ،
انه يستهدف اي العنوان دلالات محددة متفردة ، ويتم إنتاجه في وسط سوسيو ثقافي محدد ، ويروج بين فئات محددة " على حد تعبير ليو هوك ،
ـــــــــــــــــــــــ
العتبة وتذويت المتن النص:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ان العتبة / العنوان شأنه شأن النور السماوي ، له وهج و سطوع خاص متقلب متواتر متناوب ،
لقد بدا محايدا ثم مر دون أن يثير الانتباه ، وينزاح ليشد بصر القارئ أو أذنه " ،
وذاك ما أحدثه العنوان في نفسي كقارئ ينتمي لوسط القصة القصيرة جدا ،
إذ توقظ كلمة " منارة " كثيرا من رواسب العتمة في حاضرنا ،
كما تثير عبر الاستدعاء ذلك المشهد :
** مشهد التحول على المستوى النوراني إثر تغير نمط الرؤية من العتمة الى النور والضياء والبهاء..
مشهد : ينزاح فيحقق ما يسميه النقاد تذويت المتن :
حيث تعمل العتبة على تسريد التشظي من خلال الالماع إلى " تصدع البنية النصية السردية / تراجع منسوب الحروف والكلمات و تمتين علاقاتها بالمتن النصي روافدا و منابع للمعنى ..
ـــــــــــــــ
1 - انفتاح البنيات على الذات وانفجار الأشكال
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ التحام هذا النص مع السيرة الذاتية نموذج طه حسين
ظهرت القصة القصيرة جدا وتميّزت بانفجارها عن الأشكال والبنيات الاخرى ،
كما تباينت نصا ودلالة ومبنى ومعنى باختراقها الحدود بين الأنواع والأجناس، وتغليب الحداثية فيها عما سواها وتمدد التجريب على التقليد..
وهذا النص تنفتح بنياته على شذريته ومقطعيّته فيخلق قدرة خاصة على اختزال العالم وتكثيف الفهم أنواعا ادبية واجناسا ....
أتى النصّ كالحلم مليئا بالمشاعر والأحاسيس والانفعالات، كأن معينه نابع من الداخل، ومن مناطق غامضة مجهولة وغريبة،
هكذا بدا نص الاستاذ محمد الشطوي نصا مكتنزا بالحلم بكثافة شعرية ورمزية هائلة ، مما جعل منه بنية نصية ملغزة مفتوحة على التأويل والقراءة والتحليل .
انا أجد بهذا النص التحاما مع السيرة الذاتية لطه حسين ..وتذكرني ..بهدفه من السيرة الذاتية
واجد الاستاذ الشطوي يذكرنا بالمكفوفين كأني أقرأ نص طه حسين عنده وبين دفتي القصة القصيرة جدا :
*** حيث يقول طه حسين "أنا أتمنى أن يجد الأصدقاء المكفوفين قي قراءة هذا الحديث تسلية لهم عن أثقال الحياة، كما وجدت في إملائه، وأن يجدوا فيه بعد ذلك تشجيعاً لهم على أن يستقبلوا الحياة مبتسمين لها، كما تبتسم لهم ولغيرهم من الناس".
ــــــــــــــــــــــــ
2- شعرية الايجاز والتكثيف لتصوير الذاتي
ــــــــــــــــــــــــــ
القصة القصيرة جدا من الفنون الصعبة التي تفترض جهدا وكفايات ومهارات فنية خاصة في الشكل والبناء وسبك اللغة وتكثيف المحكي واختزاله. وهذا المحمل جعلني اتحسس المعنى السيرذاتي بنصه القصصي القصير جدا ..فهو نص مخاتل يدعو للتساؤل والحيرة ..
وبنص الاستاذ محمد الشطوي أجد هذا التلميح بالبحث والتساؤل اليس القائل ..؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تجمع الناس هذه الليلة تعلو وجههم الحيرة .
اختفي الأعمى ..
اشرأبَّ الصندوق و الفانوس.
-----------------------------
ولعل النص يستهويني لما اشتمل من البديع من الكلام وما استعمل من جميل الخطاب ابرزها:
*** استعمال آلية بلاغية قديمة: الإيجاز.
والإيجاز بهذا المعنى البليغ هو الاختزال باللغة والاقتصاد بالعبارة والتخفيف الصوت والإشارة بالتلميح واللمحة بالاشارة وجوامع الكلم من لدن اللغة العربية ، بعيدا عن الإطالة والإسهاب والثرثرة.
على اعتبار أن الإيجاز من الخصائص الجوهرية في اللغة العربية وبلاغتها،
وقد حدَّده البلاغيون بأنه البلاغة نفسها،
فالبلاغة هي اللمحة الدالة
والكلمة التي تكشف البقية،
وهي إجاعة اللفظ وإشباع المعنى بالوحي والتلميح والإشارة...
ـــــــــــــــــــــــ
خاتمة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اهكذا اقتحمت هذه القصة القصيرة جدا بعض " الجُدُر " الصامتة والمسكوت عنها والمتمثل في تاكيد علوية العنوان / العتبة في تمتين المتن النص القصصي القصير جدا و تحررت من بعض الترهلات والانثيالات ، و توسلت بأسلوب تمتزج فيه التورية بالمواربة من أجل رسم الذات ، فعلاوة على النقد الضمني للآخر المختلف الحداثي فان النص وتجديد متنه يكون تلك المرآة للبعد الثقافي لكثير من المجتمعات ..وقد وفق النص في بلورة تذويت النص انطلاقا من العتبة
ــــــــــــــــــــ د. أ. حمد حاجي
جامعة باريس

النص المقترح : منارة
الكاتب : محمد الشطوي

منارة
*
يعرفه الجميع في الظلام..مافتئ الأعمى يعلق فانوسه البترولي على سارية بجانبه..
أسفل السارية صندوق مطعم بالصدف له فتحة من أعلى كالحصالة..
تعود الأعمى ألا يتكلم ،وتعود الناس على مساعدته ، يضعون ماتيسر لهم من فتحة الصندوق..
تجمع الناس هذه الليلة تعلو وجههم الحيرة .
اختفي الأعمى ..
اشرأبَّ الصندوق و الفانوس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا