الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقد الشافعي, الحلقة (27 / 29): الحديث ومدى حجيته الجزء 4

انور سلطان

2016 / 7 / 18
ملف 1 ايار - ماي يوم العمال العالمي 2016 - التطور والتغييرات في بنية الطبقة العاملة وأساليب النضال في ظل النظام الرأسمالي والعولمة


نقد الشافعي, الحلقة (27 / 29): الحديث ومدى حجيته الجزء 4

الثالث: مغالطة التسوية بين الرواية المتسلسلة والإخبار عن النبي في حياته.

ساق الشافعي حديثا عن امرأة أرسلها زوجها تسأل النبي عن تقبيل زوجها لها في رمضان، فدخلت على أم سلمه فأخبرتها أم سلمه أن الرسول يفعل ذلك، فرجعت وأخبرت زوجها، فقال قد يكون حلالا للرسول، فأرسلها مرة أخرى، فوجدت الرسول عند أم سلمه، فأخبرته أم سلمه بخبرها فقال النبي (ألا اخبرتيها أني أفعل ذلك) ...الخ.
قال الشافعي إن قول النبي: "ألاأخبرتها أني أفعل ذلك" : (دلالة على أن خبر أم سلمه عنه مما يجوز قبوله، لأنه لا يأمرها بأن تخبر عن النبي إلا وفي خبرها لمن تكون الحجة لمن أخبرته). (الرسالة: 406).

واستدلال الشافعي هنا يقوم على مغالطة وهي التسوية بين من يخبر عن الرسول في حياته، وهو حاضر، ومن يخبر عنه عبر سلسلة من الرواة، وهي أخبار لم يدون أغلبها إلا بعد قرنين من الزمان. فهل يستوي الخبر عن الرسول أثناء حياة الرسول ممن رآه من أصحابه، وحتى بعد وفاته، ومن يخبر عن النبي ممن أتى بعد عدة عقود ناهيك عمن جاء بعد مائتي سنة من وفاة النبي؟

من المستبعد في حياة الرسول أن يكذب أحد من الصحابة على الرسول، ويستبعد أيضا الخطأ، وإن حدث خطأ يمكن التأكد منه من الرسول. هل يمكن أن تكذب أم سلمه؟ أو تخطئ في أن النبي يقبل زوجاته في رمضان؟ إن حدثت القصة فعلا.

وهل يمكن أن يكذب علي بن أبي طالب على الرسول لما بعثه في الحج أو يمكن أن يخطئ فيما نزل به القران من منع المشركين من الحج بعد ذلك العام، وإمهال غير المعاهدين أربعة أشهر، وإمهال أصحاب العهد إلى مدتهم، والمحاربين إلى نهاية محرم؟

هل يشبه هذا نصوصا تحفظ يجب تبليغها كما هي عبر سلسلة من الرواة، ولمدى زمني طويل.

إن احتمال الخطأ قائم في رواية الحديث لأنه تحول إلى نص، ولبعد العهد وطول الفترة الزمنية قبل تدوينه. وليس هذا في حياة النبي، لأن من يبلغ عن الرسول يبلغ خلاصة الأمر والنهي. فتحويل القبلة لم يحتج إلا إلى الإخبار أنها تحولت إلى مكة، والخمر لم يحتج إلا إلى إخبار الناس بالقول أن الخمر حرمت. وكذلك في زيارة القبور وزواج المتعة وغيرها. ولم تكن هذه المرويات موجودة على هذه الشاكلة النصية، إنما وجدت بعد ذلك.

لقد استرسل الشافعي في ذكر أحاديث الآحاد التي ذكرت نقل الخبر ليس فقط عن النبي، بل عما نزل من القران على النبي، من الأوامر والنواهي. فذكر من جاء يخبر الناس بقباء عن تحويل القبلة، واعتبر أن تصديق الناس له تصديق بخبر الواحد. وذكر عمل الناس بما سمعوه عن تحريم الخمر. وذكر بعث النبي علي بن أبي طالب إلى الحج ببعض أوامره ونواهيه، ولم يبعث جماعة، وهذا دليل، عند الشافعي، على حجة خبر الواحد الصادق. ووصف الصادق هنا يريد اتخاذه دليلا على أنه إذا ثبت صدق سلسلة الرواة لزم قبول الحديث. فقال بعد ذلك : (فكان أبو بكر وعلي معروفين عند أهل مكة، بالفضل والدين والصدق. وكان من جهلهما -أو احدهما- من الحاج وجد من يخبره عن صدقهما وفضلهما. ولم يكن رسول الله ليبعث إلا واحدا الحجة قائمة بخبره على من بعثه إليه). (الرسالة: 415).

ثم ساق روايات قبول الصحابة بعد وفاة الرسول لخبر الواحد من الصحابة عن الرسول الذي لم يسمعوا به. وقبول التابعين كسعيد بن المسيب لخبر الصاحبة عن الرسول وعدولهم عن قضائهم أو رأيهم إذا خالف الخبر. وعدها حجة هو استمرار في نفس مغالطة التسوية. وهل خبر الصحابي نفسه مثل خبر من جاء بعد عقود متطاولة؟

يتحدث الشافعي وكأن المشكلة في خبر الصحابي عما سمعه من النبي وشاهده أو حضره، بينما المشكلة في الرواية. وإذا كان خبر الصحابي حجة لأنه رأي الرسول وسمعه ولا يمكن أن يكذب أو يخطئ، فليست الرواية المتسلسلة كذلك إطلاقا.

من كلفهم الرسول بالخبر عنه، ومن بعثهم دعاة ومعلمين من أصحابه أو من أقوامهم، ومن بعثهم رسلا إلى الملوك بكتبه المختومة، كل هؤلاء صادقين، فلن يكلف الرسول إلا صادقا معروفا لمن يخبرهم. وإخبار هؤلاء عن الرسول في حياة الرسول سيكون صحيحا دقيقا لا خطأ فيه، وإن حدث خطأ يمكن استدراكه، كما أن من يبلغ عن النبي يبلغ أمرا واحدا حين سماعه ويمكنه فهمه وضبطه وتبليغه في فترة قصيرة، وليس آلاف الأخبار المحفوظة، وإن شك أحد في من يخبر عن النبي، يمكنه أن يستوثق من النبي.

لم يكن الإخبار عن النبي في حياته يمثل مشكلة. لكن المشكلة نشأت بعد وفاة النبي وتطاول العهد، وتراكم المرويات. ورجال السند ليسوا إطلاقا كمن كلفهم النبي بالإخبار عنه في الصدق والثقة، كما أن ضبط آلاف النصوص ضبطا تاما مسالة افتراضية، ومثلها العدالة التامة.

وأخيرا، هناك مغالطة يعتمد عليها آخرون غير الشافعي في إثبات الاحتجاج بالسنة. يقولون ان معرفة الصلاة ثبتت بالسنة ولو أسقطت السنة، ولم تكن حجة، لما عرفنا الصلاة. والمغالطة تتمثل في الخلط بين الصلاة الثابتة بالتواتر العملي وحديث الآحاد. ولم تعرف كيفية الصلاة بحديث آحاد. لا مشكلة في العبادة التي ثبتت بالتواتر العملي، كل المشكلة في ثبوت حديث الآحاد نفسه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - خطأ في تبويب الموضوع
انور سلطان ( 2016 / 7 / 21 - 18:29 )
الموضوع تحت محور العلمانية ونقد الفكر الديني
إن أمكن تغيير المحور من المحور الحالي الخطأ إلى محور العلمانية فارجوا ان يتم التغيير
ولكم جزيل الشكر

اخر الافلام

.. بلينكن ينهي زيارته إلى الصين، هل من صفقة صينية أمريكية حول ا


.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا




.. انقلاب سيارة وزير الأمن الإسرائيلي بن غفير ونقله إلى المستشف


.. موسكو تؤكد استعدادها لتوسيع تعاونها العسكري مع إيران




.. عملية معقدة داخل المستشفى الميداني الإماراتي في رفح وثقها مو