الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شعرية القصة القصيرة

محمد يوب

2016 / 7 / 18
الادب والفن


شعرية القصة القصيرة
قراءة في(رمانة مغمضة) للقاص عبد السلام عبلة
جميل أن تقرأ مجموعة قصصية بلغة شعرية فيها تجربة إنسانية عميقة؛ تلك هي (رمانة مغمضة) للقاص المغربي عبد السلام عبلة؛ وهي قصص تحت المسمى التجنيسي على ظهر الغلاف.
ومن خلال تتبع القصص الثلاث عشرة المشكلة للمجموعة القصصية نجدها تسبح في عوالم متخيلة تمزج بين الواقعي والمتخيل؛ وبينهما قبسات من وحي الفكر والتجربة؛ إذ إننا ونحن نقرأ السطور تقفز أمام أعيننا مجموعة من الأفكار الإلماعية التي تنور القصص ببريقها وتنير للقارئ الطريق للوصول إلى عتماتها؛ حيث في عمق العتمة تنقشع إضاءات تشد الانتباه وتبعث على مزيد من القراءات.
وعند إعادة القراءة لهذه القصص تجد نفسك متورطا في سيلٍ هائلٍ من التأملات؛ وعدد كبير من الانزياحات وخاصة عندما يتناول القاص مواضيع كونية في علاقة تماس مع مصير الإنسان ومآله؛ مواضيع تبعث على تمزيق جيوب الذاكرة لمعرفة ما تخبئه الحياة.
والقاص لا يقدم منجزه القصصي دفعة واحدة وإنما يقدمه بجرعات متفاوتة؛ منها ما يخص الواقع المعيش إذ إنه يقديمه بشكل محاكاتي مغلف بقناع أدبي؛ ومنها ما يقدمه في شكل صيحات مدوية وكأنه يقدم للقارئ عِبرا يواجه بها الحياة وهمومها؛ يقدمها مرة للرجل ومرة للمرأة وكأنه إنسان خبير بتفاوت الجنسين؛ فمرة يتحدث عن الرجل.
(الرجل
كان هناك؛ يفكر
يحاول أن يمزق كل جيوب الذاكرة
آمن أن الحزن غيمة لا تشتو
والمرأة جنس لا تكسر خلفه القلل)
ومرة يتحدث عن المرأة.
(إن الحزن والمرأة رمانة واحدة؛
لابد من فرقعتها في الوقت المناسب؛
خارج مَدَر حديقة الحي المكلومة؛
بعيدا عن خناجر يافعة؛ تسقي بماء الغد؛
نتوءات الزمن المندحر...)
بوتيرة واحدة يرتب القاص عبد السلام عبلة فضاء قصصه؛ يتحرك بلغته الشعرية الغارقة في الصور والانزياحات لكي يولد الجملة القصصية التي تستطيع التعبير عما يدور في نفسية القاص الذي يحتفظ لنفسه بشخصياته التي يقدمها في شكل ضمائر أو في صورة رموز تاريخية من قبيل توظيفه لشهرزاد وشهريار لكن ليس بشكلهما المعهود؛ وإنما بطريقة مُحينة تلائم العصر وهموم الناس الذين تتجاذبهم نوائب الحياة وهمومها.
(بين شهريار وشهرزاد...
دقات المطرقة رهيبة؛
وعلو السقف يبتلع الأصوات؛
محكمة...إنذار يشيع الصمت)
تلك هي الكتابة القصصية في (رمانة مغمضة) للقاص عبد السلام عبلة؛ تحاور الواقع بلغة أدبية تجاور الشذرة الشعرية؛ فيها عمق فكري وتوظيف محكم للكلمات؛ وتراكيب منحوتة خصيصا لأداء وظيفتها القصصية رغبة في تحقيق المتعة المزدوجة؛ المتعة القرائية والاستمتاع الفكري.
محمد يوب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنانة غادة عبد الرازق العيدية وكحك العيد وحشونى وبحن لذكري


.. خلال مشهد من -نيللى وشريهان-.. ظهور خاص للفنانة هند صبرى واب




.. حزن على مواقع التواصل بعد رحيل الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحس


.. بحضور شيوخ الأزهر والفنانين.. احتفال الكنيسة الإنجيليّة بعيد




.. مهندس الكلمة.. محطات في حياة الأمير الشاعر الراحل بدر بن عبد