الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جيراننا في الريف

عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .

2016 / 7 / 19
الادب والفن



كنت في السابعة من عمري، وبالكاد أصبحت لدي القدرة في اكتشاف المحيط الذي كنت أعيش فيه، ما كنت افارق المنزل الريفي، كان نبات الدوم يلفه لفا، بينما الغابة على مرمى حجر منه، الثعابين والوزغات والسحليات والقنافذ و السلاحف دائمة التردد علينا، ولكي تبتعد عن شرها كانت الوالدة تصنع إناء بلاستكيا وتملؤه بالماء وتضعه على مشارف الغابة . هذه الحيلة لم تمنع الأفاعي من تشييد جحور وسط نبات الصبار، كما لم تمنع القنافذ من التسلل إلى الخم واصطياد الكتاكيت، حتى نباح الكلاب لا يجدي نفعا، كانت الأفاعي تصطاد صغار الأرانب التي يتم تربيتها جوار المنزل، أو تقضي وقتها بحثا عن الفئران. لم تخش يوما الوالدة من الأفاعي، كانت تسحبها من جحورها وتسدد لها ضربة قاتلة بواسطة مذراة، فتسقطها خائرة القوى، طالما تحلت الوالدة بشجاعة منقطعة النظير في مواقف كهذه خصوصا مع الثعابين والافاعي ذات اللسعات الحادة والمميتة، مازلت أذكر أحد الصيادين الذي لسعته أفعى قاتلة، فسقط طريحا، فبعد يوم متعب في الصيد ارتاى ان يضع بندقيته و طرائده جانبا ويستظل تحت دغل ظليل، فإذا بافعى رابضة تغرز سمها في ساقه و تفضي إلى موته . حكت لي الوالدة عن تلك الراعية التي كانت تأخذ قطعانها على ضفاف وادي النفيفيخ، أعطاها والدها فلسا بقيمة عشرة ريالات، فسقطت في جحر أفعى، وضعت يدها في الجحر، فلسعت الراعية الصغيرة، ذهب بها والدها إلى المستوصف، نصحها الطبيب بعدم السباحة، فإذا بها تعوم . مر يومان وماتت.
في سن السابعة، خلال فصل الخريف وبعد أن توشك الشمس على الغروب، كنت اتسلل بين نبات الدوم، والتقط ثمارها المسماة محليا "بالغاز"، كنت اجمعها وسط كيس بلاستيكي، وكلما تسلل الظلام . كان ينتابني الخوف من الخنازير والضباع، قيل لي أنها اختفت من غابتنا، لكن مازال ينتابني الخوف منها، خصوصا حينما ولجت المدرسة وكنت أمر جوار المقبرة و وكنت الاحظ عدة أجداث كانت قد بعثرت بحسب الرواة المحليين . كل شيء كان مخيفا في الريف، المقبرة ذات الأشجار الكثيفة، القبور المنبطحة، الوادي الصامت، والصخور الجرداء التي تخترقها صفرة مميتة، والمطلة بأسى على الوادي .
ع ع / بنسليمان / 19 يوليوز 2016 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بطريقة كوميدية.. الفنان بدر صالح يوضح الفرق بين السواقة في د


.. فايز الدويري: فيديو الأسير يثبت زيف الرواية الإسرائيلية




.. أحمد حلمى من مهرجان روتردام للفيلم العربي: سعيد جدا بتكريمي


.. مقابلة فنية | الممثل والمخرج عصام بوخالد: غزة ستقلب العالم |




.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه