الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إعدام الأردوغانية للإسلام السياسي في تركيا

رابح لونيسي
أكاديمي

(Rabah Lounici)

2016 / 7 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


إعدام الأردوغانية للإسلام السياسي في تركيا

رابح لونيسي
- جامعة وهران-
البريد الإلكتروني:[email protected]



سجلنا بعد فشل الإنقلاب على أٍردوغان في تركيا فرح وإغتباط الكثير من الإسلاميين معتقدين أنه إنتصار للإسلام السياسي على العلمانية في تركيا، كما أغتبط آخرون لأنهم يرون، بأنه إنهاء للإنقلابات العسكرية في المنطقة، وأستغلها الفيس في الجزائر للمقارنة بين ما وقع في تركيا بما وقع في الجزائر في 1992، ونفس الأمر قام به الإخوان المسلمون بتشبيه الإنقلاب، بما وقع في مصر ضد محمد مرسي، وهي تشبيهات ليست في محلها على الإطلاق، وقد كتبنا مقالة في ذلك بعنوان "هل لأردوغان وحزبه علاقة بالإسلاميين؟" )الحوار المتمدن عدد 17 جويلية2016 (.
لكن طرحت تساؤلات عدة حول ما علاقة إنقلاب عسكري بالحملة التطهيرية الأردوغانية في القضاء والإعلام والتعليم وغيرها، والتي هي ممارسات نندد بها طبعا، والتي تبدو أنها محاولة من أردوغان لإعادة تشكيل النظام كله في تركيا، وأغتبط الإسلاميون أيضا بسبب غباوتهم وإنفعالاتهم العاطفية وجهلهم المركب والمقدس، كما كشف ذلك الإغتباط الذي لم يأخذ بعين الإعتبار أي حقوق للإنسان حقيقة الإسلاميين بكل تياراتهم وهدفهم في الإستيلاء على دواليب الدول بعد إستغلالهم للديمقراطية كوسيلة فقط لإقامة ما يرونه "دولة إسلامية"، وهو ما يعطي الحق للذين يقفون ضدهم، ويمنعونهم من الوصول إلى السلطة، كما تساءل آخرون ما السر في ممارسات أردوغان القمعية؟
كي نقرأ ما يحدث في تركيا اليوم، ونفهمه علينا إستحضار التاريخ، فما يقوم به أردوغان هو تفكيك ما يسميها بالدولة الموازية التي شكلها رجل الدين فتح الله كولن في تركيا بالسيطرة على التعليم والإقتصاد والإعلام وغيرها تمهيدا للسيطرة على الدولة كلها، فما وقع في تركيا يشبه تقريبا نفس ما وقع في المنشية في مصر في 1954 عندما أتهم عبدالناصر جماعة الإخوان المسلمين بمحاولة إغتياله، والتي قيل آنذاك أنها مفبركة، كما يقول البعض اليوم عن الإنقلاب في تركيا، وما يقوم به أردوغان هو نفس ما قام به جمال عبدالناصر من تفكيك لجماعة الإخوان المسلمين ومؤسساتها التي تشبه أنذاك إلى حد ما المؤسسات التابعة لفتح الله كولن الذي هو أيضا إسلاميا يشبه في ممارساته وتكتيكاته وإستراتيجياته نفس تكتيكات وإستراتيجيات الإخوان المسلمون بزعامة حسن البنا.
يشبه أردوغان اليوم عبدالناصر الخمسينيات الذي قضى نهائيا على الإسلام السياسي في مصر، وعلق المشانق للأسف الشديد لقياداتها، وطورد الإخوان، وسجنوا بشكل دموي نندد بها إنطلاقا من إيماننا بدولة القانون وحقوق الإنسان، ولم يتمكن الإخوان المسلمون ومعهم كل الإسلام السياسي من العودة إلى الساحة إلا بمجيء السادات الذي وظفهم للتخلص من الناصريين واليساريين، إضافة إلى صعود البترو دولار الخليجي الذي أعطاه دعما ماليا وإعلاميا وسياسيا.
نعتقد أنه نفس الأمر سيتكرر في تركيا أردوغان، خاصة أنه أصبح اليوم رهينة في يد غلاة العلمانية، حيث يعد الجيش الأول الذي أنقذه ذو تركيبة بشرية تضم هؤلاء الغلاة، وجاءت الفرصة لهم لإنهاء الإسلام السياسي في تركيا على يد أردوغان، الذي يعتبره بعض الإسلاميين أنه منهم، لكن في نفس الوقت ستخسر تركيا الكثير، لأنه سينتهي نموذجها الذي مزج ووفق بين ثلاثية "الحداثة والإسلام والديمقراطية"، والتي كان للمدرسة الكمالية دور كبير في ذلك، كما أنها ستنتقل من رسم إستراتيجيات دولية ولعب دور زعاماتي أقليميا إلى مجرد دولة إستبدادية إهتماماتها هو السلطة والحفاظ عليها، إضافة إلى المساس بحقوق الإنسان، وطبعا ممكن سيأتي إسلاميون في المستقبل، وسيتحدثون عن أردوغان، كما يتحدثون عن عبدالناصر الذي قالوا عنه أنه يحارب الإسلام.
أما الحادثة الثانية المشابهة، فقد وقعت في تركيا، فلم يكن أتاتورك من غلاة العلمانية في البداية، كما يروج عنه البعض، بل قاد حرب إستقلال لتحرير آراضي بلاده بعد نهاية الحرب العالمية الثانية مستغلا الدين لتجييش الجماهير، ورفع ا لواء ما يعتبره "جهادا"، لكن أكتشف فيما بعد خيانات مؤسسة الخلافة المتحالفة مع رجال دين، بعد ماربطوا إتصالات ببريطانيا لتقويض وإفشال مجهودات آتاتورك لتحرير بلاده، فدفعه ذلك إلى إلغاء الخلافة والقضاء على كل مؤسساتها، كما تطرف في تعامله مع رجال الدين وكل ما له علاقة بهم غضبا عليهم، فأعلن العلمانية، ونعتقد أن ما يحدث في تركيا اليوم هو أيضا تكرار لما قام به أتاتورك لكن بشكل أعمق، وسيقول الإسلاميون إن عادوا في المستقبل عن أردوغان نفس ماروجوه عن أتاتورك ب"أنه عدو الله والإسلام".

البروفسور رابح لونيسي









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا اتفق معكم!
ملحد ( 2016 / 7 / 20 - 16:06 )
توجهات اردوغان الدينية الاخوانية امر لا يخفى على احد. ومحاولته اسلمة تركيا العلمانية واضحة وضوح الشمس......
حركة فتح الله كولن هي الاخرى حركة دينية اسلامية ولكن يقال عنها صوفية وعلى ذلك فهي قريبة الى حد ما من العلمانية.

هناك في الغرب من ينظر الى حركة كولن على انها حركة دينية اصلاحية انبثقت (انشقت) عن الجناح الرئيسي لحركة الاحوان المسلمين الاصولية بقيادة اردوغان حاليا, وهذا هو الرأي الارجح.....
وهذا ما يفسر انحياز(اشتراك) جزء كبير من القيادات العليا في الجيش العلماني التوه مع الحركة الانقلابية.

بالمناسبة,لعب الحظ والتكنولوجيا واشياء اخرى الى جانب اردوغان
اعتقد ان تركيا مقبلة على حالة من عدم الاستقرار......
ولا احد يستطيع التكهن بالقادم

تحياتي

اخر الافلام

.. الرئيس التونسي قيس سعيد يحدد يوم 6 أكتوبر موعدا للانتخابات ا


.. الجيش الإسرائيلي يواصل قصف قطاع غزة ويعلن تحقيق انتصارات على




.. حادث طعن في مجمع تجاري في #كرمئيل شمالي #إسرائيل حيث جرح 3 أ


.. يائير لابيد: على الجيش احترام قرار المحكمة وتنفيذ قانون التج




.. المبعوث الأميركي آموس هوكستين يعقد محادثات جديدة في باريس بش