الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
حروب ودعدشات:
فلورنس غزلان
2016 / 7 / 21مواضيع وابحاث سياسية
في الحرب تسقط الأقنعة ، تسقط الإنسانية، ثم تسقط الأخلاق، ويذهب العقل في إجازة، يغادره المعقول والمنطق، ولا تتطور عند الفرد إلا لغة واحدة هي لغة السلاح ، ويصبح هاجسه الوحيد كيف يستخدمه وكيف يقارع خصمه ويقتله أو يقتل أكبر عدد منه، وتتمركز حياته على شراء السلاح وامتلاكه...لأنه آلة الحوار آلة القتل ، التي وضعت بين يديه وحولته لآلة تفتك بمن يشبهه ، يكفي المرء أن يضغط على الزناد لأول مرة فيردي آخر حتى يتحول إلى بطل أو إلى قاتل، بطل هنا وقاتل هناك...أما الضحية فهي في معظم الحالات وأكثرها شيوعاً ...الإنسان المسالم ..الرافض للحرب...المتمسك ببيته وأرضه، أو المحايد ...المراقب..المنتظر...الخائف...الإعلامي...ولا بد هنا أن نتوقف أمام من يقاتل عن حق ومن أجل حق..حق لم يُسمح له أن يحصل عليه بالسلم...لكن الحرب ــ خاصة عندما تطول ــ في الغالب تجر هذا المُحِق...نحو حفرة القتل وحفرة اللاأخلاق ...فيغدو نسخة عن الظالم ...نسخة عمن يقتل من أجل استتباب الظلم وسيادته وتسلطه...فتضيع الحقوق ...ويضيع الإنسان وقيمه...لأن طاحونة الحرب قادرة على تدمير ماهو مادي ومعنوي وفكري ..ومن يستسلم لأسلوبها...يخرج بالتأكيد من صفته الإنسانية ...ويتعرى ..لتحتل الوحشية والبربرية كيانه وتركيبته...ويدخل عقله في متاهة التبرير والمقارنة بين البشع والأبشع، بين بربري ، وأكثر بربرية...بين قتل مشروع ، وقتل غير مشروع!ــ مع أن هذه الشرعنه لايضع قوانينها إلا من يمسك بالسلاح ــوفي سوريتنا ..وصل الأمر إلى اختلاط الحسن بالقبيح، والحق بالضلال، ومقارع الظلم أصبح أكثر ظلاماً وظلماً!، وكافة الأطراف توقفت على أماكن محددة تصارع لتبقيها محميات صغيرة ترتعش ، تتقلص هنا وتتمدد هناك...دون منتصر أو ظافر...بل الجميع خاسر والخاسر الأكبر هو من لايحمل سلاحا، واللاعب أو اللاعبين الكثر ..في معظمهم غرباء عن سوريا..سواء من يمارس الحرب ..بالسلاح أو من يمارسها بالسياسة...أو بكليهما معاً ، والدور الأضعف منوط بأبناء سوريا!...فكيف يمكنهم أن يجدوا منفذاً نحو نور السلام ..وهم يخوضون في وحل كهف ونفق مظلم ..تعيش فيه كل قوارض وآفات الكون من أكلة لحوم البشر..؟!
ولو توقف الأمر على الحرب...لوجدنا في معمعة التَعَود درباً أو قناة تؤدي لأمل...لكن الحرب بأطرافها تعددت مشاربها ومآربها ..وتنوعت مكاسبها كذلك ، وهناك من يحرص على بقائها واستمرارها..ولو أن الحرب اقتصرت على طرفي النزاع الأولين ..الأسد ومعارضيه...لما استمرت حتى اليوم..ولوجد السوريون حلاً..لكن حربنا تحولت لحرب عالمية نحن وقودها وأرضنا ساحتها ..ويحرص اللاعبون ألا تخرج من هذه الجغرافيا...كي لاتصيبهم أضرارها أو عواقبها ..
مايظهر منها ..الأسد ، داعش، النصرة، فتح الإسلام ن جيش الإسلام ـــ الخ ...أما الملحقات بكل من هذه الأطراف ...فحدث ولاحرج سواء عن طريق الدعم المادي واللوجستي ...أو القتال المباشر ..من دول كبرى لدول وحركات أصغر...لكل منها أجنداته ومطامعه يوظفها في هذا الجانب أو ذاك..كي يحقق مكاسب أكبر...ذات يوم...وذات يوم هذا، يبدو أنه لن يأتي قبل أن يفتت سوريا ...بل وتمتد نيرانه لتلسع من يعتقد أن دعمه سيكفيه مؤونة البقاء بمأمن!...كيف يأمن ويستمريء وهو ممن أسس وشارك وكَوَّن كل هذا التخلف الفكري ورعاه أو على الأقل حاباه، والجميع هنا يتفق اليوم على قتال داعش باعتبارها البعبع المرعب العابر للحدود والقارات... فخطورة الفكر ...لاتقف هنا ولا تحاصَرفي إطار.. ومحاربتها...مهما تحدت قوى الحرب واتفقت...لن تتمكن من ايقاف هذه الهمجية إلا بوضع خط أحمر تحت الأسماء...أسماء الدول التي ترعى ومازالت بعلمائها ...الدينيين والسياسيين الموظِفين لمعارفهم من أجل استمرار السلاطين ..أصحاب المكانة والحظوة لديها...أو لدى مؤسسات تدعي الحرص...لكنها تخفي الويلات والعجائب من الأمراض التي فتكت بأجيال تدعدشت الآن، وستفتك بأجيال قادمة ستتدعدش بكل سهولة ويسر إن لم نرسم بوضوح خريطة الألم ونشير لصانعيها ومغذيها..في الشرق والغرب..وأهمها في الدول الإسلامية والعربية الكبيرة، ولا أعني بالدعدشة فقط ماهو إسلامي المنتج فقط...فهناك الدعدشة الأسدية أو أي دعدشة استبدادية سلطانية عسكرية السلطة والفكر والممارسة.
ماهو طريق الخلاص إذن؟ ..هل ننتظر زعيما ما ؟ أم أعجوبة ما؟ أم نعول على أنفسنا ..رغم ضيق المساحة...وضعف الحيلة؟ ...لكن التاريخ لم يخذل شعباً تاق للحرية ..إلا وجاء اليوم لينتصر له...فلنبقي شمعة الأمل متقدة على نوافذنا...حتى نصل أو يصل أبناءنا لسوريا الحلم .
ــ باريس 20/07/2016
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. رابعة الزيات تثير الجدل برا?يها الصريح حول الحرية الشخصية لل
.. مقتل هاشم صفي الدين.. هل يعجز حزب الله عن تأمين قياداته؟
.. قراءة عسكرية.. كيف يدير حزب الله معركته بعد سلسلة الاغتيالات
.. نشرة إيجاز - مصدر أمني للجزيرة: فقدان الاتصال بصفي الدين
.. صفارات الإنذار تدوي في حيفا مع إطلاق صواريخ من لبنان